هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 05:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-23-2010, 07:49 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ (Re: محمد حسن العمدة)

    وثبة جديدة لبناء الوطن
    مقدمة
    إن لشعبنا حضارة عريقة هي أقدم حضارات الإنسان بدليل الحفريات الجديدة. وكان وطننا علي طول تاريخه ملتقى أديان، وثقافات، وإثنيات، حتى لكأنه عصبة شعوب تلاقحت وتمازجت واتخذت أخلاقيات إنسانية كالكرامة، والنجدة، والتسامح …أخلاقيات حفظت النسيج الاجتماعي رغم الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد.
    حققت بلادنا في تاريخها القديم إنجازات فريدة كالسبق الحضاري، والتعايش السلمي مع الدولة الإسلامية التاريخية الفاتحة، والتمدد السلمي الإسلامي والعربي، والتعايش السلمي بين الأديان والثقافات والإثنيات، وفي مرحلة التكالب الاستعماري علي إفريقيا والشرق حقق شعبنا ثورة قياسية للبعث والتحرير في القرن التاسع عشر الميلادي.
    وفي تاريخنا الحديث حققت بلادنا صحوة الخريجين، والحركة الوطنية التي أعقبتها بقيادة الأحزاب الوطنية حدثين سياسيين
    لا مثيل لهما في إفريقيا والعالم العربي هما: استقلال كامل السيادة، وحكم ديمقراطي كامل الدسم.
    لقد كانت التجربة الاستعمارية في السودان مع ما صاحبها من مظالم عديدة أقل فداحة من التجارب الاستعمارية في إفريقيا والعالم العربي.
    لقد كان السودان في فجر الاستقلال وبفضل الديمقراطية والدولة الحديثة الواعدة مكانا لحالة من الازدهار والتفاؤل العظيم،استمرت حتى ما بعد ثورة أكتوبر التي قال قائلها:
    من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر
    من غيرنا ليغير التاريخ والقيم الجديدة والسير
    من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة
    جيل العطاء المستجيش ضرواة ومصادمة
    المستميت على المبادئ مؤمنا
    المشرئب إلى النجوم لينتقي صدر السماء لشعبنا
    جيلي أنا
    جيل العطاء لعزمنا حتما يذل المستحيل وننتصر
    وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوى
    ونحمل عبء أن نبني الحياة ونبتكر
    ولكن بعد أربعين عاماً من عمر السودان المستقل تردت حالة البلاد بكل المقاييس وعمتها حالة من التردي والقنوط قال قائلها:
    يميع وطن
    كقطعة الثلج وقد شواها لهب الظهيرة
    ونحن حوله على رؤوسنا الطير
    وفي العيون حيرة مطفأة
    ودمعة كسيرة
    نجول بين الحبل والجلاد
    منفيين في البلاد
    هدنا الوهن
    وفي الجوانح الإحن
    نسائل الدمن: هل التي تعممت أرجلنا؟
    أم الرؤوس انتعلت أحذية؟
    هل القميص ما نلبس أم كفن؟
    وطن وطن
    كان لنا وطن
    عوامل التردي في السودان:
    ثلاثة عوامل هي المسؤولة مباشرة عن هذا التردي هي: الأيديولوجيا الواهمة- والدكتاتورية الباغية- والحرب الأهلية.
    الأيديولوجيا الواهمة
    إن النظامين الأكثر إفسادا للحال الوطني –نظام مايو ونظام الإنقاذ- كانت وراءهما قوى أيديولوجية واهمة نظرت للقفز فوق الواقع عبر الانقلاب على الشرعية الديمقراطية.
    في النظام المايوي كانت الأيديولوجيا الماركسية والحزب الشيوعي وراء الانقلاب: كان الكادر العسكري للحزب مشاركا في الانقلاب - وفي مهد الانقلاب قررت اللجنة المركزية للحزب المشاركة في حكومته- وأصبحت واجهات الحزب الشيوعي (اتحاد النساء السوداني- واتحاد الشباب السوداني وغيرهما) المنظمات المدنية المساندة للنظام، وكانت سياسات النظام الجديد الداخلية والخارجية نسخا كربونية من برنامج الحزب الشيوعي- والخبرات المستخدمة في هندسة الدولة الشمولية مجلوبة من مصادر شيوعية على نمط دول شرق أوروبا ومن الناصرية- كما أصبح الراعي السوفيتي هو الأب الروحي للنظام الجديد. لقد كان التحالف بين الحزب الشيوعي وحلفائه في نظام مايو يحمل تناقضا أساسيا انتهى بصدام يوليو 1971م حيث انتهى فشل محاولة الانقلاب الشيوعي إلى مذبحة رهيبة تشبه ما مارسه النظام بمعارضيه من مذابح جرت بيد التحالف في بدايته: الجزيرة أبا وودنوباوي ..
    تلك التجربة الأيديولوجية الواهمة والتي سرعانما لقت حتفها على يد حليفتها الشمولية كانت أول من فتح المسرح الدموي في السودان الحديث، والدولة الشمولية المبنية على أيديولوجية رسمية تنفي الآخر، وحزب متحكم يقمع المخالفين، ودولة بوليسية تحميها آلة أمنية ضخمة تسيس مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية لصالح سياسات النظام الحزبية. دولة أدارت الاقتصاد بصورة غوغائية أورثت البلاد تركات اقتصادية ثقيلة الديون، وقطاع عام مترهل عديم الجدوى، وقيمة للجنيه السوداني تتدنى بعجلة خرافية.. صحيح، لقد غير نظام مايو إهابه شرقا ثم غربا وانتهى في حضن المعسكر الغربي يحمل الشعار الإسلاموي كوسيلة لتخويف المعارضين،ولكن كانت وراءه فكرة أيديولوجية يسارية نظرت للقفز فوق الواقع.
    ومن جديد كانت الأيديولوجية الواهمة-الإسلاموية هذه المرة وبيد الجبهة القومية الإسلامية- وراء إنقلاب الإنقاذ، وقد قاد التناقض -من جديد أيضا- بين قيادات الجبهة الإسلامية إلى قرارات صفر ثم رمضان 1422هـ التي أقصت فريقا لصالح الآخر، ولكن تبقى الأيديولوجيا الواهمة وراء البرنامج الإسلاموي الذي فرض رؤى أحادية باسم الإسلام ونفى الآخرين، وربط الدين بالتفسيرات المنكفئة في الجهاد والعلاقات الخارجية ومسألة المرأة وغيرها من النواحي، كما نشر ثقافة العنف وارتبط بالإرهاب العالمي، وأصاب الاقتصاد السوداني في مقتل ... سياسات وضعت السودان على حافة ألا يكون، صحيح رجع الإنقاذيون –حقا أو مناورة- عن شعارات الوهم بدءا بالعام 1997م، ولكن تبقى الأيدلوجية الواهمة وراء تلك المغامرة غير المحسوبة التي دفعت البلاد ثمنها باهظا.
    الديكتاتورية الباغية:
    لم تكن للنظام الأوتقراطي الأول (نظام عبود 58-1964م) أيديولوجية سياسية معينة فكوّن أوتقراطية عسكرية بسيطة ولكنه لم يكون حزبا للجيش ولم يقم دولة بوليسية. وقد كان الخطأ الأول الذي وقع فيه النظام بالإضافة إلى تعليق الحريات الأساسية وإنكار حقوق الإنسان هو سياسته نحو الجنوب التي أدت للإشتعال الأول للحرب الأهلية في عام 1963م، ذلك أن التمرد حتى عام 1955م لم يكن يشكل حربا أهلية بل كان تعبيرا عن الاحتجاج من القيادة الجنوبية العسكرية.
    الديكتاتورية الثانية (مايو 1969- 1985م) هي التي فتحت صفحة الأنظمة الشمولية. كان الاقتصاد الوطني قبل مايو مجديا فدمرته ومحقت فائض الميزانية، هذا أول تركات مايو التي جعلت التنمية معتمدة على العون الخارجي والذي جاء من الغرب والشرق والخليج فأهدرته وأدخلت البلاد في الدين الخارجي الذي بلغ 8 بلايين من الدولارات ونما مع عدم السداد والفوائد المركبة المتراكمة ليصل إلى 20 بليون دولار.. ومن السخرية المرة أن ما تم الترويج له كأبرز إنجازات النظام المايوي –الأداء الاقتصادي واتفاقية السلام- ارتدت لتشكل أسوأ مخلفات النظام: الكارثة الاقتصادية وكارثة الحرب الأهلية.. إن النظام الذي وقع اتفاقية 1972م التي أنهت حربا أهلية محدودة النطاق لحركة تمرد ضيقة الإمكانيات، هو نفسه الذي نقض اتفاقه وانتهك الاتفاقية بمرسوم لتقسيم للجنوب متغول على صلاحيات مجلس الجنوب التنفيذي، مما تسبب في قيام الحرب بيد الجيش الشعبي لتحرير السودان ذي السند الإقليمي والدولي المتمثل في حلف عدن والمعسكر الشرقي، وهو الذي عمق تلك الحرب عبر قوانين سبتمبر 1983م مما زود حركة الجيش الشعبي بمبررات إضافية وحماسة فائقة.. الديكتاتورية الثانية حطمت جدوى الاقتصاد الوطني وافتتحت حربا أهلية أكثر ضراوة وأطول عمرا ولا يزال أوارها متقدا.
    الديكتاتورية الثالثة (منذ يونيو 1989 وحتى الآن) هي التي فاقمت السوء في كل الملفات التي بدأت مايو خرابها. فمن الناحية الاقتصادية، بدأت الإنقاذ بتركة مايو التي جعلت التنمية معتمدة على العون الخارجي، ولأسباب عديدة راجعة لسياسات الإنقاذ جفت مصادر هذا العون الخارجي في عقد الإنقاذ الأول، وبالرغم من أن النظام استفاد من 1.5 بليون دولار جلبها النظام الديمقراطي السابق، ومن العون الإنساني من مختلف المصادر الأجنبية والذي زاد رغم جحود النظام، فإن سياسات النظام الاقتصادية المتخبطة والمتركزة حول تمويل أمن النظام ومحاسيبه أدت إلى توقف التنمية في حقبة الإنقاذ الأولى، واستمر التضخم في الانطلاق بعجلة رهيبة حتى تقلصت أجور الموظفين لتغطي حوالي 3% من مصروفاتهم الضرورية، وقفزت نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من 95%.. وحتى الإنجاز الاقتصادي الوحيد لحكومة الإنقاذ –- استخراج البترول- فإنه خاضع للمحق عبر سياسات الصرف الخاطئة بالتركيز على الجانب الأمني وعبر السياسات المبهمة التي تصب في جيوب المحاسيب.
    ومن ناحية الحرب ساهم الخطاب الإسلاموي العروبي الأحادي في تنفير كل القوى المعارضة وتحفيزها لحمل السلاح، إذ سمى مجهوده الحربي جهادا، وأعلن عدم الاستماع لأي رأي فالسلاح هو الحاكم، وربط نفسه إقليميا ودوليا بقوى الإسلام الهجومي.. لقد اتسعت الحرب الأهلية على يد هذا النظام فتعددت جبهاتها جنوبا وشرقا وغربا، وتشكل تركته في الحرب الأكبر فداحة من ناحية المرارات والقتلى والرقعة، فهل يكفر عن تلك الفواحش بالإقدام على عمليتي السلام العادل والتحول الديمقراطي بقلب سليم ومراجعة حقيقية لا ظاهرية للخطاب القديم؟.
    وعلى يد هذا النظام شهدت البلاد أسوأ الأوضاع لعلاقاتها الخارجية الإقليمية والدولية. وصار الجواز السوداني هو الأفضل لنيل فرص إعادة التوطين في دول اللجوء الغربية – عطفا على الشعب المقهور- فيتكالب عليه الناس من الجنسيات الأخرى من جيران السودان للإفادة من ذلك العطف، كما صار هو الأسوأ للمواطن السوداني الذي يتهم في المطارات ومختلف المرافق بالإرهاب، فقد كانت حكومة السودان في وقت ما كريمة في إعطائه لكل حلفائها المتشددين عبر العالم.
    ..هذا بعض ما قدمته الديكتاتورية الباغية للسودان.
    الحرب الأهلية
    الحرب الأهلية داء مستفحل الآن في إفريقيا. لقد بدأت إفريقيا بعد الاستقلال بداية خاطئة، وفي واقع الأمر فإن بعض الدول الإفريقية قد انهارت فعلا، والسودان يتهدده هذا المصير المشئوم. الحرب التي بدأت عام 1963 وكانت نزاعا محليا محدودا في عقدها الأول حتى عام 1972م،وأضحت سلاما باردا في عقدها الثاني حتى عام 1982م تحولت إلى نزاع أخذ بعدا إقليميا في عقدها الثالث،ولكن ومنذ أوائل التسعينيات حتى اليوم استفحلت الأمور وتردت إلى درك الحرب الأهلية الشاملة التي تلقي بظلالها على كل القارة..أدرك الموت في هذه الحرب أكثر من مليون نفس، وأعاقت مئات الآلاف من السودانيين شيبا وشبابا ونساء وأطفالا، وشردت 3 ملايين نزحوا إلى مناطق أخرى داخل السودان، ولجأ أكثر من مليون شخص إلى الخارج، ودمرت البني الأساسية المادية والاجتماعية لكثير من أجزاء الوطن المنكوب.
    تضم أفريقيا في أحشائها 5مليون لاجئ أفريقي اليوم، أما عدد النازحين في إفريقيا فيقدر بـ 15 مليون تزيد أو تنقص قليلا.ويقدر عدد اللاجئين السودانيين في إفريقيا والأجزاء الأخرى في العالم بثلاثة ملايين، بينما يقدر عدد النازحين السودانيين بخمسة ملايين.. هذا العدد الضخم من اللاجئين والنازحين في السودان يظهر حجم الكارثة الإنسانية في السودان.
    لقد ساهمت السياسة البريطانية بعدة مواقف في تكوين أو تعقيد مسألة الحرب في الجنوب: سياسة المناطق المقفولة للجنوب منذ عام 1918م، ثم التغير المفاجئ من سياسة المناطق المقفولة والتخطيط لإلحاق الجنوب بشرق ووسط إفريقيا في 1947م، هذا غير مساهمتها في إلقاء الريبة في نفس الشريك المصري تجاه الجنوب وإمكانية عرقلة السودان لحصول مصر على حصتها من ماء النيل، يفسر هذا العامل الأخير موقف مصر غير المتفهم لأي مفاوضات عن تقرير المصير بين السودانيين واعتبار ذلك خيانة لمصر!.
    وساهمت الرؤية الشمالية للسياسات البريطانية وللتنوع الثقافي باعتباره عارض بسبب تلك السياسات يزول معها، ومحاولة الأنظمة الوطنية السودانية المتعاقبة -مع اختلاف في الدرجة- لتوحيد الهوية السودانية حول العروبة والإسلام..ساهمت هذه العوامل في تعميق الخلاف. وكانت إضافات الأنظمة الديكتاتورية لأوار الحرب أوقع كما أشرنا آنفا.
    والنتيجة أن الحرب الأهلية هي النزيف البشري والمالي والمعنوي السوداني الذي يوشك بالبلاد الآن على الانهيار.. على هذه الحرب أن تقف عبر مشاكوس أو غيرها..وبأي ثمن، حتى ولو كان تقرير المصير!. غير أن الوطنيين المخلصين يعملون على ألا يكون الثمن وحدة البلاد ليس برفض تقرير المصير بل بأن يهندس تقرير المصير بصورة تؤدي للوحدة.
    حزب الأمة المتجدد
    الأحزاب هي قنوات المشاركة الشعبية، ومنابر تحديد الخيارات أمام الشعب، وأدوات التنافس الديمقراطي، والجهات المساءلة عن الأداء السياسي، وحوض تفريخ الكوادر القيادية. لذلك لا مشاركة شعبية بدون أحزاب سياسية. ولا ديمقراطية بدون مشاركة.
    كل نزعة لإلغاء الأحزاب السياسية هي نزعة لتكريس القرار السياسي في حزب واحد أو في شخص واحد.. إنها نزعة لإلغاء الآخر.
    الأحزاب يمكن أن تكون قوية أو ضعيفة، صالحة أو فاسدة، ولكنها ضرورة سياسية. وبقدر نجاحها في استقطاب قواعد شعبية تنال الشرعية السياسية.
    لذلك كانت ولا زالت الأحزاب السياسية ذات الشعبية الواسعة هدفا لمغتصبي السلطة من الانقلابيين فإنهم لفقدانهم الشرعية يحاولون خلق شرعية لأنفسهم عن طريق: إدعاء أنهم الأقدر على تحقيق المطالب الشعبية بوسائل ثورية مجسدة في أطروحة أيديولوجية - وإدانة الأحزاب السياسية مستودع الشرعية بأنها عاجزة أو طائفية، أو تقليدية.
    لقد أثبتت الدراسات الموضوعية بما لا يدع مجالا للشك أن أداء الأنظمة الديمقراطية أفضل من أداء الأنظمة الشمولية.
    إن الهجوم على الأحزاب حيلة مكشوفة يلجأ إليها المتسلطون لتبرير تسلطهم.
    لقد لعب حزب الأمة أدوارا مهمة في تاريخ السودان، وكان وراء أهم القرارات التي شكلت تاريخ السودان الحديث ابتداء من قرار السودان للسودانيين، إلى قبول التدرج الدستوري، إلى قرار الاستقلال. وغيرها.
    و استطاع أن يكون الرقم الانتخابي الأول في كل انتخابات عامة حرة أجريت في السودان. كما كان الرقم المعارض الأول لكل النظم غير الديمقراطية التي حكمت السودان فقام بدور هام في هدم شرعيتها والتعبئة الجماهيرية ضدها، وفي كتابة الوثائق الأساسية التي قوضتها: ميثاق أكتوبر، وميثاق رجب/ أبريل، ومواثيق التصدي للنظام الحالي في السودان.
    هذا الثقل التاريخي لم يدفع بالحزب للرضا عن الذات والترهل، بل:
    • نال حزب الأمة في أول انتخابات عامة خاضها (في 1953م) 21 مقعدا بينما نال منافسه الأول الحزب الوطني الاتحادي 42 مقعدا. وبعد ثلث قرن من تلك الانتخابات أجريت انتخابات عامة حرة -هي الأخيرة- في 1986م- نال حزب الأمة فيها 105 مقعدا بينما نال منافسه الأول الحزب الاتحادي الديمقراطي 64 مقعدا.. هذا معناه أن حزب الأمة تطور مع الزمن. فلو كان حزبا معتمدا على الولاء الوراثي لكان تآكل مع الزمن.
    • كانت ثورة أكتوبر 1964م محطة تاريخية فيها انتقلت الراية في كثير من المجالات من جيل إلى جيل. وفيها برز الدور السياسي لأحزاب القوى الحديثة (الحزب الشيوعي، وجبهة الميثاق الإسلامي).. الحزب السياسي الكبير الوحيد الذي جرى فيه أكبر انقلاب سياسي ديمقراطي لصالح جيل جديد هو حزب الأمة. انتخب الحزب قيادة جديدة من جيل جديد بدعم قاعدي عريض رغم تحفظ القيادات التقليدية في الحزب.
    • ومنذ تجديد تأسيسه للمرة الثالثة في عام 1985م وعقد مؤتمره العام في عام 1986م التزم الحزب نهجا واضحا بحيث صارت قياداته كلها منتخبة. كما أن نوابه في الجمعية التأسيسية كانوا جميعا مرشحين من اللجان القاعدية في الدوائر دون تدخل مركزي.
    • منذ قيام نظام "الإنقاذ" قاد حزب الأمة الجهاد المدني في الداخل. وتولى أهم الخطوات في هندسة التجمع الوطني بالخارج وفي تزويده بأفكار هامة لصياغة وثائقه التاريخية.
    • وحزب الأمة هو الذي عقد أوسع المشاورات في الداخل رغم ظروف القمع الشديدة. وعقد أكبر عدد من المؤتمرات بالخارج بلغت أربعة مؤتمرات. وعقد أكبر عدد من ورشات العمل الفكرية –أكثر من 20 ورشة عمل- وكان الحزب الأكثر مشاركة في كل أنشطة منظمات المجتمع المدني السوداني.
    • وحزب الأمة هو الحزب الوحيد الذي دعا للتأصيل الديمقراطي بشكل جاد فرفع الشعار الإسلامي مع تمسك أصيل بالديمقراطية والحريات الأساسية واعتبارهما آليات تنزيل الحرية والشورى والعدل: أهم الفرائض السياسية في الإسلام.
    • وحزب الأمة هو الأكثر أرشفة وتوثيقا من بين القوى السياسية بما في ذلك الأحزاب العقائدية.
    • وفي ظروف المحنة كان حزب الأمة من أكثر القوى السياسية استجابة مبدعة للمستجدات. تجلى ذلك في عدد من المواقف منها:
    * إعلان الجهاد المدني وقيادة أكبر حملة داخلية لتعرية النظام ومشروعه الحضاري والحكم عليه فقهيا.
    * عملية تهتدون التي شكلت صفعة أمنية وسياسية للنظام.
    * تكوين جيش الأمة للتحرير. إن ظروف الشمال مع رفضها في الغالب للنظام الحاكم ليست ثورية مثلما هي ظروف الجنوب، لذلك لم تهرع الجماهير في الشمال لحمل السلاح بل أدرك كل الذين حاولوا استقطاب قوى بشرية في الشمال للقتال مدى الصعوبة في ذلك. مع ذلك استطاع حزب الأمة أن يكون القوة العسكرية الثانية بعد الجيش الشعبي وأن يفوقه من حيث أنه استحدث وسائل تحرك سريع، وشبكة اتصالات لاسلكية حديثة، وقوة نارية متفوقة. وابتدع جيش الأمة أسلوبا فعالا مختلفا عن النمط التقليدي الذي درج عليه الجيش الشعبي.. أسلوب التسرب والتحرك من وراء خطوط العدو.
    • وكون حزب الأمة وحدة للمعلومات والإعلام الإلكتروني في يونيو 1999م. وكان سباقا في اقتحام هذا المجال التحديثي بريادة كوكبة من الشباب النابه. وقبل ذلك كان الحزب أول حزب سوداني يصمم موقعا على الإنترنت وذلك عام 1996م.
    • قراءة المستجدات قراءة مبكرة وتبني الحل السياسي الشامل في الوقت الذي بدا فيه أن المواجهة قد أثمرت انفراجا سياسيا في الداخل مثلما أثمرت خطا ضيق فرص العمل المضاد للنظام في الخارج. رفع الحزب في هذه الفترة شعار "الطريق الثالث" لتجاوز المعارضة الحربية أو الانخراط في النظام، كسبيل لتوحيد الجميع حول الأجندة الوطنية.
    .. لقد تميز حزب الأمة بغزارة ورصانة الإنتاج الفكري وبالمصداقية وبالديمقراطية والحس الوطني والرصيد النضالي وبالقراءة الصحيحة للمواقف وبالحس التاريخي والاستفادة من عبر الماضي وبالقدرة على ممارسة النقد الذاتي ومراعاة آداب الاختلاف الفكري والسياسي وهذه هي المقاييس التي تقاس بها القوى السياسية.
    إن أهمية حزب الأمة لا تكمن فقط في تلك الإنجازات ولكن أيضا في كونه صمام أمان لوحدة واستقرار السودان :
    • فهو يشكل أكبر حلقة وصل بين سودان وادي النيل والسودان الغربي.
    • وأكبر حلقة وصل بين الشمال والجنوب.
    • وهو الذي تتعايش فيه في انسجام القوى التقليدية والقوى الحديثة.
    • وتتعايش فيه في تكامل وانسجام الأجيال المخضرمة والأجيال الشابة.
    • وهو الذي تميزت ممارسته: بعفة اليد، واستقلال القرار الوطني والنهج القومي والمبادرة الوطنية.
    • وهو الذي يشكل الآن رابطا بين سودان الداخل وسودان المهجر لثقل عضويته في كل منهما.
    • وهو الذي يبشر بغرس الفكر العادل نوعيا داخل الثقافة التقليدية وداخل المؤسسات التقليدية.
    حزب الأمة والوثبة الجديدة لبناء الوطن:
    مر ربع قرن من الزمان ما بين تكوين الأحزاب السياسية السودانية في الأربعينيات وثورة أكتوبر 1964 ، وظهرت مستجدات كثيرة لذلك أدت ثورة أكتوبر إلي قيام حركة تجديد واسعة في كثير من الكيانات السياسية. وكالعادة جسد حزب الأمة هذه التطلعات بصورة واضحة:
    أولاً: كان التوجه المحافظ في أوساط حزب الأمة بعد سقوط الديكتاتورية الأولي في أكتوبر 1964 أن يجري تشاور محدود ثم تقوم القيادة بتعيين رئيس حزب الأمة وأمينه العام ومكتبه السياسي. لكن رأياً تجديدياً قام علي دعوة من بقي حياً من مؤسسي الحزب وممثلين لكيان الأنصار وللكيانات القبلية وللقوي الحديثة ليشكلوا اجتماعا تأسيسياً ثم يخاطبهم الإمام الهادي ويكلفهم بتجديد تكوين الحزب علي أساس ديمقراطي بحيث ينتخبون رئيسه وأمينه العام ومكتبه السياسي. وقد كان.
    ثانياً: استوعبت القيادة المنتخبة المستجدات وقدمت مشروع برنامج درسه ثم أجازه المكتب السياسي تحت عنوان "نحو آفاق جديدة".
    نحن الآن في هذا العام 2003 يفصل بيننا وبين المؤتمر العام السابق في 1986 سبعة عشر عاماً ظهرت فيها مستجدات كثيرة داخلية وإقليمية وعالمية.
    المستجدات على الصعيد الداخلي:
    حدثت في هذه الفترة مستجدات داخلية كثيرة أهمها ما جاء نتيجة لسياسات نظام الإنقاذ. وهي:
    ‌أ. اتساع الحرب الأهلية لتشمل أربع جبهات: جنوبية- شرقية شمالية - شرقية جنوبية - غربية. هذه الجبهات مرتبطة ببعضها بعضاً وكذلك بالخارج إقليمياً ودولياً.
    ‌ب. تضخم عدد النازحين داخل البلاد وعدد اللاجئين خارجها فراراً من الحرب الأهلية أو من القهر أو من الفقر مما جعل للسودانيين وجوداً كبيراً في المهجر في أركان الأرض الأربعة.
    ‌ج. حدثت متغيرات ديمغرافية كبيرة تمثلت في:
    • زيادة نسبة الشباب.
    • تمدد الحضور النسوي.
    • النزوح من كثير من الأقاليم بسبب الجفاف أو انهيار الخدمات.
    • تضخم سكان المدن سيما العاصمة بصورة مرضية أدت إلى ترييف العاصمة.
    ‌د. حدة التفرقة الاجتماعية بسبب الخلل في التوازن التنموي، وتصفية دولة الرعاية الإجتماعية، وآثار الخصخصة، وزيادة نسبة العطالة، مما خلق استقطاباً حاداً عزز الآثار الأحادية الثقافية وأدى لتغذية احتجاج المهمشين.
    ‌ه. الحرص علي خطاب إسلاموي حزبي حاد خلق استقطاباً داخل الجسم الإسلامي بين المفاهيم الإسلامية الوافدة والمستوطنة.
    ‌و. الخطاب الإسلاموي الحزبي الحاد خلق مزيداً من الإستقطاب الإسلامي العلماني المعهود.
    ‌ز. الخطاب الإسلاموي الحاد في بيئة قام فيها توازن لطيف بين المسلمين والمسيحيين أدى لظهور إحتجاج كنسي واسع النطاق.
    ‌ح. الخطاب الثقافي الأحادي الإسلامي العربي أثر في العلاقات الإثنية السودانية وادي لإحتجاج إثني إفريقوي واسع النطاق.
    ‌ط. الاحتجاجات الكنسية، والإثنية، وتداعيات الحرب الأهلية، والتعديات علي حقوق الإنسان ولجوء عدد كبير من السودانيين المتظلمين للخارج هي العوامل التي أدت لظهور لوبيات في أكثر بلدان الغرب معنية بالشأن السوداني ومحتضنة تلك الإحتجاجات. لوبيات تمد هؤلاء بدعم معنوي ومادي واسع.
    ‌ي. تداخل التحركات السياسية بين السودان وجيرانه بصورة لم تعهد بهذا النوع والحجم في الماضي خلق واقعاً إقليمياً جديداً يؤكد تأثير السودان وتأثره بما يجري في كثير من دول الجوار.
    ‌ك. إعلان النظام للجهاد وما صحبه من ردود فعل وتعدد آليات العمل العسكري المؤيد للنظام والمعارضة له وسع نطاق التدريب العسكري والتسليح في السودان وبث ثقافة عنف واسعة النطاق.
    المستجدات على الصعيد الإقليمي
    ‌أ. تجربة إفريقيا المريرة مع النظم الإستبدادية أدت في إفريقيا مثلما أدت قبل ذلك في أمريكا اللاتينية إلي تبين قيمة الديمقراطية وحتميتها مما جسدته الشراكة الجديدة من أجل التنمية (النيباد).
    ‌ب. والنقد الحاد لكثير من نظم الحكم في العالم العربي لا سيما النقد الموضوعي الذي جاء في تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية بعنوان التنمية البشرية في العالم العربي في 2002م، أن العالم العربي يحتاج إلى الحكم الصالح القائم علي المشاركة، والمساءلة، والشفافية- أي الديمقراطية.
    المستجدات على الصعيد العالمي
    ‌أ. الحقائق التي تأكدت لكثيرين بأن للإرهاب الدولي جذوراً ومصادر وأن القهر من مصادره الهامة.
    ‌ب. العولمة التي ربطت العالم وصارت معها الحكومات تحت رقابة عالمية مباشرة، وصعبت مهمة كتم صوت الشعوب بالنسبة للديكتاتوريين.
    ‌ج. قيام منابر عالمية تدعو للربط بين الديمقراطية والمساعدات الاقتصادية –مثلا اتفاقية كوتونو مع الاتحاد الأوربي.
    ‌د. تصاعد الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان وبالديمقراطية، وزيادة المنظمات والمؤسسات العاملة في هذا الصدد.
    ‌ه. أحداث 11 سبتمبر وما تلاها والوضع الذي أملته على العالم عامة، والمواجهة بين تيار الاستعلاء في الحضارة الغربية من جهة، وتيار الانكفاء في العالم الإسلامي والحكومات المستبدة من جهة أخرى.. هذه المواجهة التي جعلت العالم العربي والإسلامي أمام ثلاثة خيارات عديمة الكسب: التدخل الأجنبي أو الانكفاء الطالباني أو التسلط الدكتاتوري، مما أبرز ضرورة إيجاد خيار رابع كاسب هو حكم الشعوب لأنفسها.
    هذه العوامل جميعها أدت إلي إعلاء شأن الديمقراطية. القوي السياسية الواعية المواكبة لحركة التاريخ هي التي تستطيع مخاطبة هذه المستجدات بجدية.
    إن حزب الأمة وقد جسد تطلعات شعبه في المراحل الماضية كما أوضحنا يتطلع لتجسيدها في هذه المرحلة التاريخية الحرجة.
    لقد عمل حزبنا في عمل دؤوب امتد إلي أكثر من عام لإعادة تنظيم صفوفه بصورة ديمقراطية قومية واسعة كما عكف عبر لجان وورشات عمل علي دراسة كافة مشاكل البلاد فأدى هذا الجهد المتصل للدعوة لهذا المؤتمر العام الجامع لانتخاب أجهزته وفق الهيكل الجديد الذي سوف يقره بعد دراسته، ولدراسة هذا البرنامج ثمرة الجهد الجماعي الكبير.
    هذه التجربة بهذه الدقة والشمول لم تعهد في الحركة السياسية السودانية لا بل ولا في إفريقيا والعالم العربي.
    هذه التجربة هي ثقافة سياسية غير مسبوقة نخاطب بها المرحلة الجديدة لبناء الوطن. إنها ثقافة سياسية جديدة.
    بعد هذه المقدمة نقول إن البرنامج المطلوب لمخاطبة المرحلة القادمة يتكون من اثني عشر ملفا: البطاقة الفكرية - السلام العادل- الآلية الانتقالية- التنمية المستدامة - الاستثمار البشري: الخدمات - التنمية الاجتماعية - الديمقراطية المستدامة - نظام الحكم - الخدمة المدنية - القوات النظامية - العلاقات الخارجية - والثقافة والإعلام.

    الملف الأول: البطاقة الفكرية
    رؤى الحزب الفكرية منذ تكوينه
    تشكلت أول رؤية فكرية للحزب حول مقولة "السودان للسودانيين" متحدية الاستعمار الثنائي بشقيه: الأطماع البريطانية من جهة ومقولة الاتحاد تحت التاج المصري من جهة أخرى، وتركزت داخل المبادئ الاثني عشر المضمنة في مذكرة الخريجين لعام 1942م والتي كانت تطالب بالحكم الذاتي وبجملة مطالب تنموية وتعليمية وتضاد سياسة المناطق المقفولة في الجنوب.
    وفي 1953 حمل الحزب شعار "إعلان الجمهورية"، وفي 1957م كان شعاره "بناء الوطن"، وكانت القفزة الفكرية الأولى للحزب هي ما بعد ثورة أكتوبر 1964م حيث أصدر برنامجا بعنوان "نحو آفاق جديدة" يستصحب فيه المستجدات ويتبنى مسألة التنمية المتوازنة والوعي بالتنوع الثقافي والديني والمظالم التنموية في المناطق المهمشة. بعد انتفاضة رجب أبريل 1985م أصدر الحزب "نهج الصحوة" كبرنامج انتخابي احتوى على رؤية فكرية تدعو لقراءة معينة للإسلام والقومية والأفريقية وتبشر بصحوات إسلامية وتنموية واجتماعية..
    وقد واصل الحزب عطاءه الفكري في حقبة "الإنقاذ" فشارك في بلورة الرؤية الفكرية التي التفت حولها التنظيمات السياسية السودانية المعارضة "مقررات أسمرا للقضايا المصيرية" كما حاور النظام فكريا ووصل معه لبرنامج حد أدنى " نداء الوطن".. وأثرى الحزب المكتبة الفكرية والسياسية السودانية بالعديد من المطبوعات من كتب لوثائق لمقالات وساهم في حركة تبادل الآراء داخل وخارج البلاد وكان آخر ما سعى له الحزب في هذا الصدد هو تجميع القوى السياسية في الحكم والمعارضة حول مبادرة التعاهد الوطني:
    ملامح فكر حزب الأمة:
     الدعوة لسيادة الشعوب فلا تخضع للوصاية الخارجية -التبعية أو الاستعمار- أو الوصاية الداخلية -الدكتاتورية العسكرية أو المدنية- والاعتراف بالشرعية الديمقراطية كأساس لنظام الحكم.
     القومية، والدعوة لتجميع الآراء حول برنامج حد أدنى يتفق عليه الجميع لبناء الوطن.
     التأصيل والتحديث بشكل يرفض الانكفاء على المعارف التقليدية ويرفض الاستلاب للرؤى الخارجية.
     التكامل والتوازن، والدعوة لمراعاة كافة حاجات الإنسان فلا يغرق في الاهتمام بالجانب الروحي فقط- كما تفعل بعض الجماعات الدينية- أو بالجانب المادي فقط –كما بشرت بعض الفلسفات، أو الجانب الاجتماعي فقط .. فالإنسان له عشر حاجات هي: الروحية، الخلقية، المعرفية، المادية، الاجتماعية، الفنية، العاطفية، البيئية، الرياضية، الترفيهية. ينبغي إشباع تلك الحاجات بصورة متوازنة، وتراعي كل البرامج والسياسات التي تهدف للرقي بالإنسانية هذه الحقيقة.
     العدل: الدعوة للعدل الاجتماعي، والسعي لإنصاف الشرائح المستضعفة، ورفع المظالم عن المناطق المهمشة. والدعوة للعدل الإنساني فلا يظلم الرجل المرأة ولا يظلم البالغ الطفل.
     التطور: تطور الأطروحات السياسية وتجددها تبعا للمتغيرات.
    منطلقات الانتماء الحزبي:
    تنطلق الرؤية الفكرية للحزب من نظرة لدور الإنسان في عمارة الأرض، واعتراف بحاجات الإنسان العشرة -الواردة أعلاه- الواجب إشباعها، وتأمين على ضرورة الانتماء المشترك (للجماعة الحزبية، وللقومية الوطنية، ولحلقات الانتماء الإقليمية، وللإنسانية العريضة) كأساس للالتفاف حول مبادئ معينة والعمل من أجلها.
    إن انتماءات الإنسان التي تلزمه ذاتيا وتفسر تحركاته تقع في ثلاثة محاور: المحور الأول: يتعلق بالولاءات الدينية والإثنية والثقافية الموروثة. المحور الثاني: يتعلق بالأيدلوجية التي يؤمن بها الإنسان. المحور الثالث: يتعلق بالمصالح الفردية أو الطبقية التي يسعى الإنسان لتحقيقها.
    عندما أطلت الثورة الصناعية في أوروبا الغربية ونما النظام الرأسمالي بدا كأنما النظام الجديد سوف يطرد كافة الولاءات الموروثة الدينية والقومية لتصبح انتماءات الإنسان طبقية أو أيدلوجية تحددها أيدلوجيات تخدم المصالح الطبقية.. هذا التصور افترضته الأيدلوجية الماركسية- وبنت عليه تصوراتها لمستقبل الإنسان وسارت بهديه الكتلة الشرقية طيلة الفترة (1919-1991م).
    تصور آخر إن انتماءات الإنسان سوف تهددها يد السوق الرأسمالية الخفية، وليس ببعيدة عنا أطروحة "نهاية التاريخ أو خاتم البشر " التي صكها فرانسيس فوكوياما التي افترضت إن مستقبل الإنسانية قد صب على القالب الرأسمالي الغربي.
    لقد شهد القرن العشرين أضخم صراع عرفته الإنسانية بين المجتمعات الإنسانية الأكثر تملكا للقدرات المادية على أساس أيدلوجي وطبقي. وبعد حمامات دم أودت بملايين الأرواح وحطمت العمران على نطاق واسع في الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) ساد العمران نظام عالمي مستقطب بين النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي فخاض الحرب الباردة (46-1991م) على أساس صراع أيدلوجي ومصلحي كلف الإنسانية من الدموع والدماء والأموال تكاليف غير مسبوقة.
    وبعد الحرب الباردة ظهر واضحا أن انتماءات الإنسان الدينية والقومية والثقافية لم تمت كما كان متوقعا بل برزت أهمية الانتماء الديني كمحرك فكري واجتماعي للبشر وتمددت ظاهرة الأصولية الدينية فعمت كل الأديان. والسبب الدافع لها هو تمسك الجماعات الدينية بعقائدها وقيمها الخلقية في وجه هجمات فكر وثقافة علمانية نافية لها.
    وفي تقرير لجنة الجنوب - أي جنوب الكرة الأرضية - التابعة للأمم المتحدة عن التحدي للجنوب في عام 1990م، جاء ما فحواه أن التنمية في بلدان الجنوب أخفقت لأنها لم تراع الجوانب الثقافية في تكوينات هذه المجتمعات. وفي نوفمبر 1995م جاء تقرير اللجنة العالمية للثقافة والتنمية المعنون " تنوعنا البشري الخلاق" النص الآتي: إن مجهودات التنمية غالبا ما أخفقت لأن العامل البشري: تلك الشبكة من العلاقات، والمعتقدات، والقيم، والدوافع التي تجسدها الثقافة- قد أهمل في التخطيط للمشروعات المختلفة. وجاء في التقرير: إن تقرير لجنة برندلاند قد أشار لأهمية العلاقة بين التنمية والأيكلوجيا، ولأسباب مماثلة ينبغي أن نراعى العلاقة بين الثقافة والتنمية. ولأهمية الجانب الثقافي في حياة الإنسان اقترح التقرير أن يراجع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لإضافة الحق الثقافي إليه.
    جاءت الأحداث التي صحبت انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة فظهر فيها وزن الانتماءات الدينية والاثنية والثقافية فأدى ذلك لتحليلات جسدها الكاتب الأمريكي صمويل هنتتجتون في كتابه "صدام الحضارات، وإعادة تكوين النظام العالمي" خلاصة أطروحته: إن السياسة الدولية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة سوف تدور حول الحضارات وعلاقاتها تنازعا، وتعاونا، وتنافسا، وصداماً".
    لا يوجد مقياس واحد لسلوك الإنسان. نعم سيكون للانتماءات الدينية والثقافية المكونة للحضارات دور في تشكيل العلاقات بين المجموعات البشرية كما سيكون للمصالح والأيدلوجيات دورها.
    وبالنسبة لحزب الأمة فقد قام في منشئه على تحالف بين قطاعات مختلفة جذب بعضها للحزب انتماءه الديني المرتبط بالمهدية أو المصلحي المرتبط ببعض القبائل أو الأيدلوجي الداعي للاستقلال لدى بعض الخريجين.
    الإنتماء لحزب الأمة
    ويفتح الحزب الآن أبوابه على مصراعيها ليشكل بحق "مسار الوسط" السوداني الرابط بين سوداني النيل والغرب، وسوداني الشمال والجنوب، وسوداني التقليد والحداثة، وسوداني الداخل والمهجر وسوداني المرأة والرجل، وسوداني الشباب والمخضرمين.
    فكر حزب الأمة في المولد الجديد:
    بلدان عالم الجنوب تتطلع للنهضة واللحاق بالركب العالمي.. هذه النهضة مربوطة بواقع عالمي معين وآخر إقليمي، ولكنه يبدأ بصحوات ذاتية في تلك البلدان. وفي السودان فإن المولد الجديد مرتبط بصحوة ذاتية للسودانيين تحت ثنائيتين هامتين: ثنائية التحديث والتأصيل. وثنائية الوحدة والتنوع. إن الخريطة الفكرية للحزب في المولد الجديد تحاول الإجابة على الأسئلة التالية: ما هو الواقع العالمي المطلوب؟ وما هو الوضع الإقليمي المنشود؟ وما هي مقومات الصحوة الذاتية؟
    المحور الأول: الواقع العالمي:
    في أعقاب نهاية الحرب الباردة تشكل النظام العالمي الجديد الذي وجدت فيه أطروحة "صدام الحضارات" تربة خصبة مع نهاية الثنائية القطبية والبحث عن منطق عالمي جديد. وتصاعدت الأصوات التي ترشح الصدام المحتمل أن يدور بين حضارتين بالذات هما الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية.. لماذا؟
    أولا: ميزات خاصة بالحضارتين عن غيرهما: أنفردت الحضارتان الإسلامية والغربية بثلاثة أمور هامة هي:
    الأول: الانتشار السريع، والثاني: تجاوز الهوية إلى العالمية. الثالث:إنهما اشتملتا على محتوى سياسي بينما اكتفت الحضارات الأخرى بأن استقرت في الوجدان الروحي والخلقي والثقافة الفنية.. هذه الصفات المشتركة جعلتهما متنافستين وأعطت التنافس بينهما خصوصية، وجعلت مستقبل الصدام والوئام بين الحضارات يدور حول مستقبل العلاقة بينهما.
    ثانيا: تاريخ العلاقة بين الحضارتين: أيضا، تاريخ العلاقة بين الحضارتين يشكل طينة صالحة لمنطق الصدام.. لمدة ألف عام كانت القوة السياسية والعسكرية الإسلامية خطرا مباشرا على وجود واستقلال دول أوروبا الغربية. ومع محافظة دول أوروبا على استقلالها السياسي والعسكري، فإن فكرها وثقافتها وحضارتها استمدت كثيرا من عناصرها ومكوناتها من الحضارة الإسلامية. لهذه الأسباب صارت نظرة الحضارة الغربية للحضارة الإسلامية محملة بأعباء وخصوصيات وآراء ومشاعر مختلفة عن رؤيتها لأية حضارة أخرى. كما شهد تاريخ العلاقة بين الحضارتين أيضا الحروب الصليبية التي ارتكب فيها القادة الأوروبيون أفظع الجرائم بحق العرب والمسلمين، ثم الاستعمار الأوروبي للعالمين العربي والإسلامي وما فيه من مظالم واستغلال.. تاريخ يغذي مشاعر العداء المشتركة. مشاعر تؤججها تيارات الاستعلاء في الغرب وتيارات الانكفاء في العالم الإسلامي.
    إن العالم لا يشكل –في أي من بقاعه- كيانات مقفلة، ففي الغرب تيارات مستنيرة تدرك مصلحة الإنسانية ومصلحتها المستدامة في العدل العالمي والتعاون والحوار، بجاب تيارات الاستعلاء والهيمنة عالية الصوت.
    وفي العالم الإسلامي تيارات مستنيرة تدرك أن مصلحة شعوبها والعالم في سيادة منطق الحوار والتحديث المؤصل، إلى جانب تيارات الانكفاء التقليدية التي تؤجج منطق الصدام، وتيارات الاستلاب التي تدعو للتبعية للغرب وقبوله "بخيره وشره".
    أحداث 11سبتمبر وما بعدها:
    لقد شكلت أحداث 11 سبتمبر الفالقة والفارقة لدى الكثيرين مصداقا لنبوءة "صدام الحضارات" إذ اندفعت الولايات المتحدة الأمريكية في حرب افغانستان (بتاريخ 7أكتوبر 2001م) فلم تكتف برد العدوان وتعقب الجناة بل خرقت قوانين الحرب العالمية وقصفت بدون تمييز للمدنيين. كما أنها وحلفائها تدخلوا –بعد نهاية الحرب- في تشكيل الحكم الأفغاني بحيث تم إقصاء القوى الإسلامية التقليدية ودفعها لمعسكر طالبان، وجيء بنظام حكم لا يعبر عن التركيبة الأفغانية بقدر ما يعبر عن الأماني الغربية.
    وفي الساعات الأولى من صباح الخميس 20مارس 2003م بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها حرب العراق الأخيرة بحجة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وبدون الرجوع للشرعية الدولية، وانقسم الشارع العربي والإسلامي إلى تيار شعبي عارم يرفض الحرب ويقف مدافعا عن النظام العراقي بشكل عاطفي متأجج، يقف أو يتقاطع معه التيار الذي أيد من قبل طالبان وحمل صور بن لادن على الرؤوس، ثم تيار لا يرى بدا من التدخل الأجنبي مهما كان مجردا من الشرعية الدولية طالما أنه سيخلص الشعوب من قهر الحكم الديكتاتوري المستبد.
    إن موقف الحزب الفكري والمبدئي من هذه الحرب هي أن كل الخيارات المتاحة الآن في الشارع الإسلامي والعربي (التدخل الأجنبي-الحكم المستبد - والانكفاء الطالباني) خيارات خاطئة، وأن على المسلمين إيجاد خيار رابع: خيار الشعوب والحكم الديمقراطي الخالي من الانكفاء الماضوي الطالباني، ومن التبعية الأجنبية، في ذات الآن.
    هذه الأحداث تضعنا أمام بيت الداء العالمي الآن: سيادة منطق الصراع. والمطلوب - لتجاوز ذلك المنطق وللعمل من أجل نظام عالمي أعدل وأفضل - عملية معقدة متشابكة يمكن الحديث عنها عبر: إصلاح النظام العالمي الذي تتحكم فيه الحضارة الغربية ثم الحديث عن المطلوب من الحضارة الغربية من جهة، والمطلوب من الحضارة الإسلامية من الجهة الأخرى.
    المطلوب لإصلاح النظام العالمي:
    أولا: تجاوز رواسب الحرب العالمية الثانية نهائيا وحسم كل المسائل المتعلقة بها فالذين كانوا يواجهون بعضا في خنادق الحرب اليوم أصدقاء في نطاق سلام واحد والمطلوب أن تقنن الحدود والحقوق نهائيا بحيث لا يسمح بالعودة لظروف ما قبل الحرب. القوى التي خسرت الحرب كألمانيا، واليابان، ينبغي ألا تعامل من الآن فصاعدا على أساس ماضيها ولكن على أساس وضعها الراهن فأجيالها الحالية لا تقبل أن تعاقب على جنايات أجيال سبقت وأي محاولة لفرض ذلك عليهم ستأتي برد فعل مضر للسلام العالمي.
    ثانيا: النظام الدولي الحالي الذي تجسده الأمم المتحدة نظام أقامه المنتصرون وهو نظام خطا بالعلاقات الدولية في الاتجاه الصحيح. ولكن ينبغي الآن على ضوء تجربة الخمسين عاما الماضية، وعلى ضوء آراء الذين لم يشاركوا فيه مشاركة تأسيسية من الدول التي هزمت ودول العالم الجنوبي، أن يراجع ليصبح بحق برلمانا دوليا. كما يراجع تكوين مجلس الأمن ليصبح أداة للسلام والتعاون الدولي عادلة التمثيل للأسرة الدولية. إن الفكر الليبرالي قد وضع مقاييس لكيفية النيابة والقيادة وهي مقاييس عادلة لا يجوز أن تكون المؤسسة الدولية الأولى نابية في تكوينها عنها. في هذا الصدد فإن العالم محتاج بحق إلى شرطة دولية وهو دور ينبغي ألا تقوم به أية دولة منفردة مهما عظمت قوتها ولكن تقوم به الدول ضمن ضوابط النظام الدولي والقانون الدولي. الدور واجب وإهماله تفريط في السلام الدولي وممارسته بضوابط عادلة ضرورة.
    ثالثا: لقد تطورت المنظمات المتخصصة للأمم المتحدة تطورا صحيا والتزمت بمقاييس التمثيل العادل مثل منظمة الصحة العالمية، منظمة الفاو، اليونسكو، وغيرها ولكن هذه المنظمات أقعدت بها الإمكانات المادية والفنية دون تحقيق درجات أعلى من العطاء. إن مرجعية نظام الأمم المتحدة بحيث يخرج عن كونه ظلا لهيمنة المنتصرين بعد الحرب العالمية الثانية سوف يوظف موارد مادية أوسع لتمويل المنظمات المتخصصة.. هنالك قضايا خطيرة جدا استجدت على الساحة الدولية وزاد خطرها مثل: الحروب الإقليمية –العنف الدولي- الدين الخارجي- المخدرات- تدهور البيئة- التوازن السكاني- الجفاف والتصحر- الفقر- الأمراض الفتاكة لا سيما الإيدز.
    هذه القضايا ينبغي علاجها في إطار دولي ليتعاون الجميع وفق رؤية متفق عليها لمواجهتها بحزم شديد وكفاءة عالية.
    رابعا: لقد لعب البنك الدولي دورا إيجابيا، كذلك صندوق النقد الدولي ومنظمة القات للتجارة العالمية. ولكن المطلوب تطوير هذه المؤسسات على نحو توصيات برانت- وزيادة- لتناول وحل مشاكل ما كانت في حسبان الذين خططوا لهذه المؤسسات. إن ثروة العالم اليوم قائمة على وجود نظام اقتصادي، ومالي، وتجاري، عالمي حر مستقر. إن النظام الحالي الذي يقعد به أنه منحاز لمصالح مخططيه.
    الآن توجد فرصة كما لم تكن في الماضي أبدا للتخطيط لنظام اقتصادي عالمي حر يرتضيه الجميع بعد أن يشاركوا في التخطيط له ويجنبوه مظالم وأخطاء التجربة التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية.
    خامسا: إن في عالم الجنوب في أمريكا الجنوبية، وفي بعض بلاد آسيا، وفي أفريقيا مشاكل تنموية من نوع خاص في كل إقليم منها بحيث أن أسوأها مشاكل أفريقيا جنوب الصحراء. هذه البلاد تعاني من مشاكل هيكلية لا يمكن حلها إلا في إطار تعاهد بين دولها وجهة دولية متخصصة ومؤهلة، ومشاكل استثمارية ينبغي حلها في إطار تفاوض بين الدول الفقيرة والشركات الاستثمارية العالمية للاتفاق على برنامج استثماري تقبل عليه الشركات وترتضيه الدول المعنية. المطلوب في هذا الصدد هو تكليف هيئة متخصصة مؤهلة لوضع أسس تتعاقد عليها الدول المعنية لإحداث حقنة تنموية لتعالج المشاكل المزمنة في العالم الجنوبي وتنتشله من الهاوية وتعده للمساهمة في بناء حضارة الإنسان. إن العالم الغني المستنير المدرك لوحدة مصير الإنسان مطالب بتطوير نظرته لمشاكل العالم الجنوبي على نمط الأسلوب الذي عالج به مظالم الفقر والتظلم الاجتماعي داخل مجتمعاته الوطنية. أي درجة من الاهتمام أقل من ذلك لا تجدي.
    سادسا: إن للقوة العسكرية حدودا في تحقيق الأهداف السياسية، هذا هو الدرس المستفاد من التجربة الأمريكية في فيتنام وروسيا في أفغانستان. ولا جدوى لسباق التسلح لأن ما تحقق من توازن الرعب جعل كل طرف قادرا على تحطيم الآخر ولا يستفيد البادئ بل كلاهما يواجه مصيرا واحدا هو الدمار الشامل النتيجة لن تكون غالبا ومغلوب ولكن مغلوبين.
    هذه الخطة ذات الستة أضلع هي الأرضية التي تمهد للحوار بين الحضارات بإنهاء أوجه الغبن التنموي والاستعلاء الغربي، ولكنها محتاجة لمتطبات ذهنية للغرب في قبول الآخر واحترامه واحترام دوره وطوعية خياراته الحضارية هي:
    المطلوب من الحضارة الغربية:
    أولا: أن يدرك الغرب ويعترف بأن الحضارة الغربية الحديثة مركبة ساهمت كل حضارات الإنسان السابقة لا سيما الحضارة الإسلامية في تكوينها.
    ثانيا: الاعتراف بأن الحضارات الإنسانية والثقافات الأخرى لها دورها في بناء حاضر ومستقبل الإنسانية، ولا يجوز التعامل معها ككائنات منقرضة أو في طريقها للانقراض الوشيك.
    ثالثا: التسليم بأن منجزات الحضارة الغربية الحديثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية التي نضج عودها في الغرب والصالحة لاستصحاب البشر لها في كافة البلدان، سيتم استصحابها برؤية ذاتية لا بالإكراه، والرؤية الذاتية هذه تشتمل على أقلمة ثقافية واجتماعية تحددها الشعوب المعنية باختيارها.
    رابعا: إدراك أن الظلم الاجتماعي على صعيد الدولة الواحدة مثل الظلم الاجتماعي على صعيد العالم. كلاهما يقوض الاستقرار والسلام. إن إزالة الغبن التنموي عن عالم الجنوب والسعي الحثيث لدعم التنمية في عالم الجنوب المتخلف ضرورة لحفظ السلام العالمي.
    خامسا: إقامة علاقة حوار إيجابي بالحضارات الأخرى عن طريق تبادل الآراء و التعليم المتبادل.
    سادسا: التواصل عن طريق حوار متكافئ قدر المستطاع للاتفاق على غايات إنسانية وأيكولوجية مشتركة.
    سابعا: إدراك أن الغرب كان سببا أساسيا في عدد من بؤر النزاع الساخنة مهما كانت مسئولية الأطراف المحلية عن استمرار تلك البؤر الملتهبة فإن اعتراف الغرب بدوره في تكوينها واستعداده للقيام بدور تكفيري في علاجها أمر هام وعتبة نحو علاقات دولية سليمة وسوية.
    ذلك النهج الغربي المطلوب يشكل لنا بيئة خارجية صالحة. ولكن الأهم منها أن يقف جميع أهل الحضارات وقفة صدق مع الذات يحاسبون أنفسهم ويحسبون أخطائهم لأن تجديد دورهم الفاعل في الحياة يبدأ بصحوة ذاتية.



    الواقع الإسلامي المطلوب:
    الواقع الإسلامي يتطلب صحوة ثقافية وعلمية تسفران عن أقلمة لمنجزات الحضارة الحديثة واستصحابها بصورة مؤصلة في العالم الإسلامي.. ويتطلب اتفاق حد أدنى للمسلمين حول أهم القضايا التي يختلفون حولها وتؤجج الصراع بينهم.
    مجالات الصحوة الثقافية:
    الصحوة الثقافية الإسلامية تشمل تغيير المفاهيم في ستة محاور:
    أ‌. مفهوم الإسلام إن اعتراف الإسلام بقيمة دينية للأديان الأخرى يعزز خصوصيته على مستوى أعلى من الفهم ولا يجحدها.
    ب‌. مفهوم المعرفة: الإسلام يذكر ويقر كل وسائل المعرفة الإنسانية: الوحي، الإلهام، العقل، التجربة. النظرة الصحيحة أن نقر وسائل المعرفة الأربع ونقول أن الإنسان يوفق بين نتائج معارفه المتعددة المصادر عن طريق ملكات وهبها الله للإنسان هي: الحكمة والميزان، والقسط. وهي ملكات لا مندوحة عنها للفلاح في الحياة.
    ت‌. مفهوم الأخلاق: الأخلاق هي مراجع النفس الإنسانية وركائز تماسك المجتمعات، الفكر العلماني يقيم الأخلاق على المنافع، والفكر الإسلامي المنكفئ يقيمها على أوامر الشارع ونواهيه فقط. الفهم الصحيح أن للأخلاق أسس موضوعية تبدأ في أدنى حالاتها بالمماثلة، وتتدرج سموا لتقوم على إثبات المعروف ونفي المنكر، وتسمو لتبلغ درجة الإيثار. هذه أسس موضوعية للأخلاق يقرها الشرع الإسلامي ويسبغ عليها قيمة روحية ويترتب على إتيانها جزاءا أخرويا ورضا إلهيا.
    ث‌. مفهوم الجهاد: الفهم الضيق للجهاد يجعله قتالا هجوميا.. الجهاد هو بذل الوسع كله لإعلاء كلمة الله في: نفس الإنسان (الجهاد الأكبر) وفي كل دروب الحياة: الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة، مغالبة الجهل والفقر والمرض، والقتال لاتقاء الفتنة في الدين أو للدفاع عن النفس والأرض والمال والعرض... الجهاد بهذا الفهم الواسع ليس حصة في الحياة إنه كل حياة المسلم، إنه رهبانية الأمة.
    ج‌. مفهوم الدولة في الإسلام: إن في الإسلام مبادئ سياسية وأحكاما ولكن ليس فيه شكل معينا للدولة. الدول التي حكمت المسلمين في الغالب كانت دولا استبدادية غير آبهة بمبادئ الإسلام السياسية - الشورى، والعدالة، والحرية، والوفاء بالعهد - حتى كاد أن يطوي تلك المبادئ النسيان. أما على الصعيد النظري فقد نشأت نظريات حول الدولة الإسلامية أهمها نظريتان: النظرية السنية، والنظرية الشيعية، هاتان النظريتان لا تصلحان أساسا لدولة عصرية. الدولة هي شعب وأرض وسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، بهذا الفهم لا توجد دولة إسلامية ملزمة للمسلمين، ولكن توجد مبادئ سياسية إسلامية.. إن مبادئ الإسلام السياسية تجعل المسلمين مسئولين عن اختيار الحاكم وهم مسئولون عن محاسبته أي أنه حاكم مدني مفوض أمره للجمهور.
    ح‌. مفهوم الاقتصاد الإسلامي: المشكلة الاقتصادية واحدة تتعلق بندرة السلع والخدمات وسعة حاجة الناس لهما. الإنتاج الذي تشترك فيه عوامل عديدة: الخامات، ورؤوس الأموال، والأيدي العاملة يسعى لإنتاج السلع والخدمات لكي تلبي حاجة الناس. عملية الإنتاج تواجه مشكلتين، الأولى: اختيار الاستخدامات البديلة للموارد والثانية: توزيع عائد الإنتاج بين العوامل المساهمة فيه. هنالك مبادئ إسلامية ذات محتوى اقتصادي كالتعمير والملكية والتكافل، وهنالك أحكام إسلامية ذات أثر اقتصادي كالزكاة وتحريم الربا، والمواريث، تحول دون تعطيل المال وتساهم في عدالة توزيع الثروة بين الناس. الكثير من أشكال الأحكام الإسلامية ذات المضمون الاقتصادي تحتاج للاجتهاد الذي يأخذ المستجدات في الحسبان ولكي تتحقق مقاصد الشريعة في ظروف العصر الحديث. مهام الفكر والأداء الاقتصادي الآن هي: تحقيق التنمية بمعدلات عالية – - العدالة الاجتماعية- وقيام علاقات اقتصادية دولية في كل المجالات تحقق مصلحة مشتركة لكل أطرافها. آلية الاقتصاد الحديث ستقوم بالدور الأهم في تحقيق التنمية ولكن التنمية تتوقف على دوافع سلوك العنصر البشري. الانضباط الخلقي والسلوك غير الاستهلاكي – وهما من شروط تحقيق التنمية - يعتمدان على قيم خلقية مستفادة من الإسلام.آليات التنمية تركز على الربح والتنافس ولكن العدالة الاجتماعية مطلوبة في حد ذاتها كقيمة خلقية وإنسانية، ومطلوبة لأنها شرط للسلام الاجتماعي وهي من العوامل الغائية التي يحث عليها الإسلام وتتطلبها النظرة الحكيمة للتنمية.. العلاقات الاقتصادية الدولية ينبغي أن تقوم على أسس مصالح متبادلة ومتكافئة، هذه المعاني تجعل العلاقات الاقتصادية الدولية مستدامة وهي تجد من الإسلام على قاعدة (لا تظلمون ولا تظلمون) سندا روحيا خلقيا.
    اتفاق الحد الأدنى الإسلامي:
    بعد تنفيذ شروط الصحوة أعلاه ينبغي أن تجتمع كافة التنظيمات والحركات والتيارات المستنيرة على اتفاق حد أدنى حول المعاني الآتية:
    أولا: الالتزام بالقطعي ورودا والقطعي دلالة من نصوص الوحي في الكتاب والسنة وتحرير الاجتهاد فيما سوى ذلك.
    ثانيا:الاتفاق مع الآخر المذهبي على القطعيات والتسامح معه حول الاجتهادات.
    ثالثا: الأحكام الإسلامية لا تطبق قهرا ولا ارتجالا بل تقننها مؤسسات منتخبة مستهدية باستشارات فقهية فنية.
    رابعا: ثلث المسلمين يعيشون أقليات في بلدان العالم وفي غالبية الأقطار الإسلامية توجد جماعات وطنية ذات أديان خاصة بها. المواطنون في هذه البلدان أهل عهد مواطنة على نمط صحيفة المدينة التي كتبها النبي (ص). المواطنون سواسية في عهد المواطنة. والتعامل بينهم يقوم على (لا إكراه في الدين) وعلى (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن..الأية)
    خامسا: الجهاد قائم حتى قيام الساعة والجهاد هادف لتكون كلمة الله هي العليا. وهو قائم بكافة وسائل العمل. ولا يصبح قتالا إلا دفاعا عن النفس على أساس: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير).
    سادسا: العلاقات الدولية تقوم على العهد لا التفرقة بين دار سلام ودار حرب. والعهد يقوم على أساس: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)
    سابعا: نهضة العصر الحديث مؤسسة على ثلاث ثورات: ثورة سياسية حققت كفالة حقوق الإنسان والحريات العامة وثورة اقتصادية حققت التنمية وثروة معرفية حققت حرية البحث العلمي والتكنولوجي. هذه المنجزات ينبغي استصحابها في تحديث مؤصل وليس تبعيا..
    ثامنا: العولمة هي المرحلة الحالية لتطور الإنسانية واستصحابها ضروري واحتواء سلبياتها مطلوب.
    تاسعا: هناك حقائق جديدة كالوطنية، والقومية، للوطنية دور إيجابي كأساس لتنظيم الأمن والتنمية والخدمات، كما للقومية دور إيجابي جمعي تنموي وثقافي. ينبغي التعامل الإيجابي مع الوطنية والقومية ورفض ما قد يلحق بهما من سلبيات نتيجة العصبية.
    عاشرا: وحدة المسلمين هدف مطلوب ويمكن أن يتحقق منه ما يتكامل مع المصالح الوطنية، والقومية والدولية.
    حادي عشر: الغرب ليس كومة صماء، على المسلمين إدراك الوضع الحالي بكل تناقضاته والسعي لإقامة العدالة فيه عبر الدعوة بصوت عال لإزالة المظالم الاقتصادية العالمية الاقتصادية التي تلحق بكل عالم الجنوب والسياسية التي تلحق بالمسلمين على وجه الخصوص.. هذه الدعوة يجب أن تتخندق مع كل يقظى الضمير في العالم، وأن تدرك أن في الغرب بؤرا مستنيرة ترفد دعوتها العادلة.
    ثاني عشر: الشريعة الإسلامية واسعة التطبيق علما بأن هامش الالتزام الإسلامي واسع: يمتد من "الجهر بالكفر" لـ "من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" إلى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" ويمتد من "فاتقوا الله ما استطعتم" إلى "اتقوا الله حق تقاته" ويمتد من "كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة" إلى "وجاهدوا في الله حق جهاده" ويمتد من "لكم دينكم ولي دين" إلى " ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه" ويمتد من تعليق أحكام الإسلام في ظروف معينة خوف الفتنة –مثلا رفع الجزية عن نصارى نجران لأسباب سياسية، وتجميد الحدود في عام الرمادة- إلى الالتزام الكامل بها. ويمتد من "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" إلى "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله". ويمتد من تخصيص النص بأسباب النزول أو بظروف معينة، إلى إطلاق النص. التطبيق المطلوب الآن هو ذلك الذي يراعي حقوق المواطنة للآخرين والمغايرة الدينية، ويستصحب مستجدات العصر، ويشرع بوسائل ديمقراطية.
    ثالث عشر: التعامل مع ظاهرة العنف والتطرف الديني يكون بإزالة المؤثرات التي أحدثته، يتم ذلك بالسعي نحو التحول الديمقراطي والعدالة الاجتماعية وأقلمة الحداثة بخطى ثابتة تشيع الحريات وتوفر الشفافية وتشيع العلم، وتقطع دابر القهر والعنف المضاد.


    التمسك بنهج الاستنارة الإسلامية ضروري لتجفيف منابع الشر والضر.. إن غلبة هذا النهج ضرورية لسيادة الحوار والتعايش بين الحضارات محل الصراع والاحتراب.
                  

العنوان الكاتب Date
هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-22-10, 09:36 PM
  Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Elawad12-22-10, 10:12 PM
    Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ معتصم مصطفي الجبلابي12-22-10, 10:16 PM
      Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Sabri Elshareef12-22-10, 10:57 PM
        Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عاطف مكاوى12-22-10, 11:07 PM
          Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Sabri Elshareef12-23-10, 00:12 AM
            Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Sabri Elshareef12-23-10, 00:48 AM
              Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Sabri Elshareef12-23-10, 01:20 AM
                Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Sabri Elshareef12-23-10, 01:22 AM
                  Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-23-10, 07:05 AM
                    Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-23-10, 07:10 AM
                      Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-23-10, 07:22 AM
                        Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ رؤوف جميل12-23-10, 08:58 AM
                          Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عاطف مكاوى12-23-10, 05:25 PM
                            Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 06:24 PM
                              Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-23-10, 07:08 PM
                                Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-23-10, 07:32 PM
                                Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 07:44 PM
                                  Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 07:49 PM
                                    Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 07:53 PM
                                      Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 07:55 PM
                                        Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 07:57 PM
                                          Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 08:00 PM
                                            Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 08:03 PM
                                              Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 08:05 PM
                                                Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-23-10, 08:14 PM
                                                  Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ Elawad12-23-10, 09:50 PM
                                                    Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-24-10, 10:38 AM
                                                      Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ عوض محمد احمد12-24-10, 03:30 PM
                                                        Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ محمد حسن العمدة12-25-10, 05:07 PM
                                                          Re: هل سوف يحكمنا حزبا الامة او الاتحادى بالشريعة الاسلامية اذا وصلا للسلطة؟ ايمان بدر الدين12-25-10, 07:14 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de