الرئيس الامريكي ثيودور روزفلت في السودان1909- 1910م فيديو وثائقي .

Quote: رئيس أمريكي فى الخرطوم بدر الدين حامد الهاشمي تقديم: زار السودان فى عامي 1909 و 1910 الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت (27 /10/1858 – 6/10/ 1919) فى رحلة للصيد، و فى الخرطوم ألقى خطابا أمام الإرسالية الأميركية فى السادس عشر من مارس من عام 1910. الخطاب – مثله مثل خطب كل السياسيين منذ أن عرف الإنسان السياسة – حمال أوجه، و يفهم كل من يسمعه أو يقرأه ما يريده منه. بالطبع يجب قراءة الخطاب فى سياق إطاره التاريخي و السياسي الذي قيل فيه. ففى الخطاب إشارات مهمة حول التفكير الغربي تجاه الاستعمار و المستعمرات عموما، و يحمل الخطاب أيضا كثيرا من الأفكار الرأسمالية/ الغربية المحافظة المعروفة حول ضرورة الإنعتاق من ربقة و أغلال العمل الحكومي وإعلاء دور العمل المدني الحر ورفع شأن المبادرة الفردية وغير ذلك. *** قدم القس الدكتور جون غيفن الرئيس الأمريكي ليخاطب المحتفين به: لكم كنت أتوق لزيارة السودان. لا أشك لحظة فى حقيقة أنه ما من منطقة على ظهر هذه البسيطة شهدت تحولا و تطورا سريعا و حقيقيا خلال الإثنى عشر عاما الفائتة مثل ذلك الذي شهده السودان، و ذلك بفعل إحلال المدنية و التحضر محل التوحش و الهمجية. أعتقد أنكم تستشعرون واجبكم الخاص تجاه الحكومة التي تنعمون بالعيش تحت ظلها، و ترجمة هذا الشعور بالواجب نحو الحكومة يجب أن تكون بالعمل - و بإخلاص - لضمان ديمومة هذه الأحوال الحالية الرغدة. ينبغي على كل مواطن سوداني صالح أن يحافظ على الأوضاع السائدة، و أن يعمل على عدم حدوث انتكاس فيها أو نكوص، وعلى أن يتواصل عهد حكم السلام و العدل. وفى ذلك تقع علي عواتقكم المسؤولية، و التي يجب أن تولوها شديد حرصكم ليس كواجب و تكليف ثقيل إنما كشرف نحو ضمان ديمومة الظروف التي جعلت هذا التقدم ممكنا، بفضل الحكومة القائمة الآن، و التي تمثلها هنا يا سلاطين باشا. إنني فى غاية السعادة إذ أرى أمامي هنا ضباطا من الجيش. لقد أديتم بالطبع قسم الولاء. أذكركم فقط بأنكم ملزمون بكل حرف فى هذا القسم للإخلاص فى الميدانين المدني و العسكري لتنفيذ الغايات التي ذكرتها آنفا. و لكنم معشر المدنيين لستم بأقل إلزاما و التزاما بهذا الولاء من نظرائكم العسكريين. بيد أنه لا يجب أن تفهموا مما ذكرته لكم بضرورة الإخلاص و الالتزام بالحكومة أن تعملوا في وظائفها. بل إنني على العكس تماما، أرى أن العمل الذي قمتم به هنا يا دكتور غيفن، أنتم و بقية المؤسسات التعليمية التي ترتبط بكم أو تنتسب لكم سوف يمضى و يكتمل، إذ أن المواطن الأكثر فائدة لحكومته قد يكون شخصا لا يحمل أدنى رغبة فى الالتحاق بأي وظيفة حكومية. إنني أكره أن يكون هدف الكليات التبشيرية الأساس هو تخريج موظفين للعمل فى الحكومة، إذ أنني أتمنى أن يكون مطمح الخريج العادي من مثل هذه الكلية هو أن يؤدى – بصورة من الصور- دورا فى الحياة المدنية العامة دون أي راتب أو عون من الحكومة. وإذا كان الخريج قد تدرب ليصبح مهندسا حاذقا أو ميكانيكا مجيدا أو زراعيا جيدا أو تاجرا ناجحا فسوف يكون – من موقعه الخاص - مواطنا صالحا يعمل لخدمة مواطنيه. إنه من خطل الرأي فى أي دولة، فى أمريكا أو أوروبا أو أفريقيا، أن يظن الخريج أن لا ملجأ له فى مجال التوظيف إلا خدمة الحكومة. لا ضير عندي أن يعمل عدد قليل من خريجي كلياتنا التبشيرية فى الوظائف المدنية و العسكرية الحكومية، بيد أنى أرى أن أمثال هؤلاء ينبغي أن لا يمثلوا إلا شريحة ضئيلة من مجمل الخريجين. إن الهدف الاسمي لهذه الكليات هو تخريج رجال يستطيعون مساعدة أنفسهم و الآخرين بالعمل الحر الخاص المستقل عن كل رابط يقيدهم بالحكومة. إنني شديد الإيمان بهذا الأمر، و أؤمن بضرورته هنا تماما كما أؤمن بضرورته فى أمريكا. و هنالك أمر آخر يا سادتي أود أن أتحدث فيه قليلا و هو أمر يتعلق بالعمل الديني لإرساليتكم. إنني آمل أن يفهم كل عضو فى الكنائس المسيحية أن صراعات و خصومات الكنائس مع بعضها لا يساهم إلا فى تشويه سمعة المسيحية و إضعاف الثقة برجالها أمام العالم. و ينطبق أمر تجنب الخلاف و الصراع على أوساط الفرق المسيحية مثلما يجب أن ينطبق أيضا على سلوكنا تجاه إخواننا من غير المسيحيين، و على الإنسانية جمعاء ( و مضى يسرد مواعظ مطولة فى ضرورة أن يكون الجندي المسيحي و المدني المسيحي مثالا لغيره فى الإخلاص و الشجاعة و الإقدام الخ..المترجم).... يجب أن نتفادى الشجار و الخصومات ما أمكننا ذلك. و يجب أيضا أن نعمل على أن لا يجد الآخر سببا للشجار و الخصومة معنا. و أختم بنصح الشباب من الخريجين: لا تحسبوا أن التعلم قد اكتمل بنيلكم لشهادة التخرج! على العكس تماما. ينبغي أن تدركوا إنكم، عند التخرج، لم تقطعوا نصف مسيرة التعلم بعد! إنني وقد بلغت الخمسين من عمري لا أنقطع عن التعلم، و لو فعلت لانقطع عملي فى مجال خدمة مجتمعي. و أنصحكم بأن لا تركنوا للخمول بعد تخرجكم، بل أود أن يحدث كل امرئ منكم نفسه بأنه قد حصل على أساس متين من التعليم ينبغي أن بتعهده بالتعلم المستمر و اكتساب مزيد من التدريب والمعارف والخبرات. و مع مرور السنين و العقود، وعوضا عن أن أظل جامدا متحجرا، ينبغي على أن أطور مهاراتي و أن أسهر على تجويد عملي أكثر فأكثر. لقد زرت قبل سنوات قليلة كلية بيروت، و لمست أي عمل جليل تقوم به تلك المؤسسة. و لضيق وقتي لن أستطيع آسفا زيارة كلية أسيوط، رغم علمي بعظيم مساهمات تلك الكلية و خريجيها فى إعمار مصر و السودان أيضا. أنني فخور – كأمريكي- بمقابلتي لرجال من أمثالك يا دكتور غيفن، و للرجال الأمريكيين الآخرين و للنساء اللواتي أتين معهم. أنني أقول دوما أن الرجل الأمريكي شخص جيد و رفيق ممتاز، و لكن المرأة الأميركية أكثر امتيازا. إنني أكن بالغ الاحترام للرجل الأمريكي، بيد أن احترامي للمرأة الأمريكية أشد. لقد توقفت قبل أيام فى إرساليتنا بسوباط و ذهلت من حجم ما قدم من عون للأهالي خاصة فى المجال الطبي. يتقاطر على تلك الإرسالية من على بعد نحو 120 ميلا مئات المرضى طلبا للعلاج فى عيادة الإرسالية. و الآن لدى الطبيب الجراح نحوا من ثلاثين مريضا يتعهدهم بالرعاية و العلاج. لا أعلم من هو أفضل من طبيب يأتي لتلك المنطقة و يعطيها كل ما لديه. إنه يقوم بعمل ممتاز من أجل التمدن و التحضر. وإذا اقتنع رجل ما بأنك تقوم بعمل طيب نحو جسده، فلسوف يسهل عليك إقناعه بأنك ستقوم بذات العمل الطيب نحو روحه. لقد كانت يا سادتي فرصة طيبة لي أن التقيكم. وعند أوبتي للولايات المتحدة فلسوف يكون هذا الاجتماع واحدا مما سأحرص على إطلاع شعبي عليه ليعلموا أي عمل عظيم تقومون به فى هذا البلد. أتمنى لكم من كل قلبي كل الخير، و أشكركم على استضافتي اليوم.