|
Re: الامام الصادق المهدي يخطب المصلين بمسيد ود عيسى 3 ديسمبر 2010م (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر ولله الحمد
خطبة الجمعة
20 ذو الحجة 1431هـ الموافق 3 ديسمبر 2010م
التي ألقاها الإمام الصادق المهدي بمسجد ود عيسى العتيق بمسيد ود عيسى
اللهُمَّ إنِّي أحْمَدُكَ وأُثْنِي لَكَ الحَمْدَ يَا جَلِيلَ الذَاتِ ويَا عَظِيمَ الكَرَمِ، وأَشْكُرُكَ شُكْرَ عَبْدٍ مُعْتَرِفٍ بِتَقْصِيْرِهِ فِي طَاعَتِكَ يَا ذَا الإِحْسَانِ والنِعَمِ، وأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِحَمْدِكَ القَدِيْمِ أَنْ تُصَلِّيَ وتُسَلِّمَ عَلَى نَبِيِّكَ الكَرِيْمِ وعَلَى آلِهِ ذَوِيْ القَلْبِ السَلِيْمِ، وأَنْ تُعْلِيَ لَنَا فِي رِضَائِكَ الهِمَمَ، وأَنْ تَغْفِرَ لَنَا جَمِيْعَ مَا اقْتَرَفْنَاهُ مِنَ الذَنْبِ والّلمَمِ، آمين، أما بعد-
أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز
(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ).
كثيرون عمروا مساجد للصلوات ولتلاوة القرآن. ولكن المسايد في السودان كانت النسخة السودانية للحرم المدني في عهد النبي "صلى الله عليه وسلم" ففيها تقام الصلوات، ويعلم القرآن، ويكفل الأيتام، ويستشفى المرضى، وتمارس الرعاية الاجتماعية، إنها العرق الحي في مجتمعاتها.
هذه المسايد يرفدها تياران من تعاليم الإسلام، تيار التصوف الذي غرس فيها واجب جهاد النفس وتهذيبها والمحبة بين الرفاق والتكافل الاجتماعي. التصوف هدي إسلامي يمثله قوله تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ). ويرفد المسايد من تعاليم الإسلام واجب التعليم الذي يجسده قوله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ). بموجب هذين الرافدين من تعاليم الإسلام استطاع أهل التصوف والعلم في السودان أن ينشروا الإسلام في السودان سلمياً حتى تفككت أمام قوة دعوتهم مملكتا المقرة وعلوة وتوجه أهل السودان نحو الإسلام في أروع آية من آيات نشر الإسلام. ففي البلدان التي أخضعتها جيوش الفتح الإسلامي بقي كثير من الناس على دين أسلافهم أما دعوة الحسنى كما في السودان فقد كسبت الناس كافة للإسلام.
لقد كان الشيخ الصحابي عيسى بن بشارة الأنصاري من أبطال هذا المشهد فقد أسس مسجده في كترانج مسجداً معهداً كان الثاني في السودان بعد المسجد الذي أسسه عبد الله بن أبي سرح في دنقلا. ومعهد كترانج هذا واصل رسالته عبر كل العهود من فترة قبل السلطنة الزرقاء إلى ما بعدها حتى يومنا هذا. وقد تخرج منه أفذاذ بناة السودان أمثال الشيخ إدريس ود الأرباب والشيخ العبيد ود بدر والإمام المهدي. مسجد معهدي تفرعت منه منارات دينية أخرى من أبرزها مسجدنا هذا الذي أسسه الشيخ إبراهيم حفيد ود عيسى وصار يعرف باسم مسيد ود عيسى منذ قبل ميلاد الإمام المهدي في 1838م.
علماء المسايد في السودان ورجالات الطرق الصوفية مع ما كان بينهم من تنافس حرصوا على جمع الناس حول مسايدهم وبثوا روحاً من التسامح في التعامل مع غيرهم وتأقلموا مع البيئة الثقافية حولهم باستخدام بعض أدواتها فغرسوا في المجتمع ظاهرة التسامح المعروفة في المجتمع السوداني، تسامح تجسده هذه المعاني الممدوح بها الشيخ العبيد ود رية:
الهـــوي والشــــرق بــــي ليمو لمـاهـو
والـزيـــن والفسل بــــي خيـروا عماهو
حفـر العد غريـــــق لامـــن يجيب ماهو
شال سعينات الرجال سواها في سقاهو
هذا هو النهج الديني الذي به أسلم قادة الدين في السودان أهل السودان. ولذلك قال غردون باشا في مذكراته: "إذا سمح بالتواصل والاختلاط فإن مصير كافة أهل السودان أن يسلموا ويستعربوا". ولذلك أقامت دولة الاحتلال حاجزاً منيعاً للحيلولة دون ذلك اللقاح، إنه نهج قرآني يستجيب لقوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) هكذا نشروا الإسلام بالتي هي أحسن وكونوا بيئة ثقافية حافظت على السودان بحجم القارة لمدة قرن من الزمان. ولكن طرأت على السودان سياسة الفصل الثقافي والعنصري ووفدت إليه تيارات إسلامية من بؤر توتر تحمل معها رؤى إقصائية استقطابية، نهج الاحتلال الانقسامي ونهج التيارات الوافدة الاستقطابي أوشكا أن يمزقا السودان ويهدما تراث التسامح والتعايش والتوحد الذي تركه لنا الآباء المؤسسون.
|
|
|
|
|
|
|
|
|