|
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه (Re: عبد الحميد البرنس)
|
تواطؤ
غادرت مقر عملي بجريدة (الحياة) في حي جاردن سيتي حيث ارتبطت بموعد في وسط البلد. كانت عربتي الصغيرة تخضع لعملية سمكرة ودوكو من أجل الفحص والتجديد الذي أجريه كل ثلاث سنوات، لذلك وقفت أمام كشك (غريب) بائع المرطبات والدخان في انتظار عربة أجرة تقلني إلي هناك. مرت عدة عربات وأنا أرفع يدي للسائق الذي يراني ولا يتوقف. مشيت قليلا وتوقفت، ورائي كانت عربات شرطة واقفة في ظل الشجرة الكبيرة وبداخلها بعض الضباط، والجنود يتباعدون في ثيابهم العسكرية وأسلحتهم المشرعة حول أسوار السفارة الأمريكية القريبة. بعد فترة، فكرت في احتمال أنهم قد منعوا التوقف في هذه المنطقة الممتلئة بالسفارات بسبب من إجراءات الأمن التي جري تشديدها بعد أحداث واشنطون الأخيرة. كان علي أن أمشي إذن حتي ميدان التحرير لكي أركب. بدأت أتحرك مترددا وأنا أشعر بالضيق من حرارة الجو التي كانت خانقة. ثم عدت وفكرت بأنه لو كانت هناك أوامر جديدة بعدم التوقف هنا فليس معقولا أن كل السائقين قد سمعوا بها. وهذا ما حدث فعلا، لأنني ما أن التفت وأنا عند مدخل السفارة الأمريكية ورأيت عربة قادمة وأشرت للسائق حتي توقف. فتحت الباب وجلست بجواره علي المقعد الذي سقطت حشوته وأغلقت الباب. والسائق قال: 'لأ. إفتحه وإقفله جامد'. فتحت الباب مرة أخري أثناء تحرك العربة وأغلقته بشدة. عندما انتهيت من وضع حزام الأمان علي كتفي دون أن أشبكه في القفل المثبت علي يساري، رأيته يتطلع في المرآة التي أمامه ويقول: 'الله. هو أخد نمرتي ليه؟' كان عجوزا وصوته خافت جدا. سألته: 'هو مين؟'. 'الظابط'. استنكرت ما حدث وقلت: 'مش معقول'. 'والله أخد نمرتي'. كان مستمرا في طريقه وأخبرني أنه لم يفعل شيئا يستحق الغرامة: 'دا احنا لسه ما عملناش حق البنزين'. وعندما توقف في الإشارة القريبة من جامع عمر مكرم قلب كفه علي مقود السيارة وتساءل بهدوء: 'إيه الكلام الفارغ ده؟'. قلت: 'جايز كان بيكتب نمرة واحد تاني؟' وانشغلت بتأمل العربات التي تملأ الميدان، وهو ظل صامتا حتي فتحت الإشارة، وقال: 'جايز'. وبعد بعد فترة رجع قال: 'لكن جايز ازاي؟ ده الشارع كان فاضي ومفيش حد غيرنا؟' أخبرته أن هذا شيء غريب فعلا، وقدمت له سيجارة ولكنه رفض. شعرت بالحرج واقترحت عليه: 'أنا رأيي أنك إذا مريت من هناك، لازم تسأله'. قال: 'أسأل إيه وأنيل إيه؟ هي دي بلد حد يسأل فيها عن حاجه؟' وسكت. وسكت أنا الآخر. بعد فترة، طلبت منه أن ينزلني عند الناصية القادمة. وعندما توقف بجوار الرصيف فتحت الباب وخرجت. مددت يدي بالأجرة وتناولها مني وهو يميل برأسه علي عجلة القيادة حتي يراني من النافذة المفتوحة، ويقول: 'أموت، وأعرف هو أخد نمرتي ليه'. وأنا اندهشت أمامه، وابتعدت.
مارس 2002
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 00:57 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 01:03 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 01:04 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | حيدر حسن ميرغني | 12-02-10, 01:06 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 01:50 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 02:10 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 07:07 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | ابو جهينة | 12-02-10, 07:46 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 11:06 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 02:12 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 06:24 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 10:26 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-03-10, 01:22 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | د.محمد بابكر | 12-03-10, 04:23 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبداللطيف حسن علي | 12-03-10, 06:52 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-03-10, 08:12 PM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | ناظم ابراهيم | 12-04-10, 00:53 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-04-10, 01:21 AM |
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه | عبد الحميد البرنس | 12-04-10, 08:11 AM |
|
|
|