حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-12-2024, 01:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-01-2010, 00:04 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات (Re: عبد الحميد البرنس)

    في وقت متأخر من صباح يوم الثلاثاء الموافق الرابع والعشرين من شهر يوليو من عام 1934، فُجِعَت مدينة وينبيك، عاصمة محافظة منيتوبا، بمصرع سيرجنت جون فيرن، أثناء مكافحة سطو مسلح على صيديلة نوربيردج في العقار رقم 11 من شارع ماري. سيرجت جون فيرن، وهو عملاق يحمل في صدره قلب طفل، كان قد ذهب إلى موقع الحادث، مستجيبا لنداء الواجب، من دون أية تغطية من أحد، أو رفيق مُساند.

    لم يحمل معه وقتذاك حتى مسدسه.

    كان ثالث رجل يلقى مصرعه من قوات البوليس في المدينة. ولما يتجاوز عمره آنذاك تسعة وثلاثين عاما. "يا أبانا، كل شيء ذهب الآن معه، كما لو أن الفرح لم يطرق باب قلبي مرة"!.

    في ساعة مبكرة من الصباح نفسه، وثمة رقائق سحبية متفرقة على صفحة السماء مثل نُذر كارثة على وشك الوقوع، ولم يكن أحد من أولادهما الصغار قد استيقظ بعد، رأته زوجته بهيئته الأليفة لآخر مرة من خلال شرفة المطبخ الزجاجية العارية، وهو يفتح بهدوء باب السياج الخشبي القصير المحيط بالبيت، ويمضي إلى عمله في بزّته الرسمية، من غير حتى وداع "يليق براحل إلى الأبد".

    ثمة قسّ عجوز من كنيسة قريبة تدعى "سان أندروز". زارها خلال تلك الأيام "العصيبة". علل ما حدث كتدبير "رباني". ذلك، "يا سيدتي"، أن الحصَّة المقررة لكما معا من قِبل الربّ في هذه الحياة الزائلة كصيفٍ قطبي قد نفدت في تلك اللحظة تماما. لا تقديم. لا تأخير. لا زيادة. لا نقصان. كل شيء مقدر ومحسوب من قبل الربّ في الأعالي بدقة. لا كلمة، لا همسة، لا إيماءة فوق ما هو مقرر بالفعل في كتاب الأجل. لقد حدد الربّ منذ الأزل قسمة الأفراح والأحزان المشتركة بينكما. وفي مثل تلك الأحوال لا يجوز للمؤمن الحقّ أن يتمادى في ضلال الحسرة. فضلا يا بنيتي أن البشر لا يحسنون غالبا تصريف الزمن الممنوح لهم. عندها فقط بدأت تدرك حقيقة وضعها الجديد كأرملة. وقد شعرت على نحو غامض كما لو أن الوجود برمته رحلة محكومة بالوحدة الأبديّة منذ لحظة الميلاد وحتى ساعة الممات. قالت للقسّ، قد أنسى يا أبانا تفاصيل أول لقاء لنا، قد أنسى حتى معالم ليلة الزفاف، لكنني لن أنسى ما حييت أول ليلة قضيتها في أعقاب وفاته.

    في ذلك الصباح البعيد، ظلّتْ تتابعه، وهو يمضي بتلك الخطى البطيئة المثقلة على غير العادة وحيدا صوب حتفه، كما لو أن قوى غير مرئية ما تنفك تدفع به نحو طريق اللا عودة بلا تأخير.

    خفق قلبها وقتها بشدة، وأحسّت فجأة بالرغبة في الصراخ لتذكيره، عندما لاحظت أنه لم يلتفت كعادته نحوها، ويرسل لها من هناك إيماءة حبّ لم يسبق له وأن تخلى عنها من قبل حتى في ظلّ أكثر أجواء الشتاء القارس سوءا في كندا، طوال تلك السنوات العشر لزواجهما "السعيد".

    قالت للقسّ في بداية ذلك الحوار بينما تحاول منع نفسها جاهدة من البكاء "لعلي قد ناديته بالفعل، يا أبانا". كما لو أن "الصمم قد أصابه". في الواقع، لم يكن يا أبانا "يخرج من فمي لحظتها سوى الصمت". يكشف تاريخ خدمة سيرجنت جون فيرن أنه التحق بقوى صغيرة قوامها عشرة رجال تعمل في ضاحية "سان بونفيس". كان ذلك في العشرين من أغسطس من عام 1920. بعد نحو العامين تقريبا، ترقى "جون فيرن" إلى رتبة "سيرجنت". كان سعيدا وقد خالجه حسب رواية زوجته تلك شعور غامض أن الحظّ يبتسم له "مقارنة بزملائه في أمريكا" لألف سنة قادمة. كان العالم في كندا لا يزال على قدر كبير من الطيبة. لم تذكر أيا من تلك المصادر الصحفية المنحدرة من مجريات تلك الأيام شيئا على وجه الدقة عن أعمار أولئك الأطفال الأربعة الذين تركهم سيرجنت جون فيرن صباح ذلك اليوم في رعاية أرملته المنكوبة. كل ما خرجت به الأرملة وقتذاك: مرتب شهرين، أي حوالي 400 دولار، ومبلغ 40 دولارا تم تقديمها من قبل مؤسسة تعويض العاملين التي خصصت كذلك مبلغا ضئيلا لكل طفل من أولاده الأربعة حتى بلوغ سنّ السادسة عشرة. بالطبع ظلّ بحوزة الأرملة بعد انصراف آخر المعزّين الكثير من تلك الذكريات لتُنفقها بسخاء على ليالي وحدتها "القادمة"، لا محالة.

    مدينة وينبيك التي روَّعها هول ما جرى أطلقت اسمه على أحد شوارعها في وقت لاحق، ولم يغب عنها في بادرة طيبة أن تتكفل كذلك بمصروفات الجنازة، التي كانت "حتى ساعات ذلك الصباح" زوجا وأبا ومواطنا صالحا "يُحتذى"، وفق ما جاء في إحدى خطب التأبين الرسميّة وقتذاك.

    كان ذلك حدثا مؤثرا في الحياة الرتيبة للمدينة. تم تنكيس الأعلام أثناء سير الجنازة. ونظرا لذلك القدر الكبير من الاحترام الذي تكنه المدينة للراحل، أغلقت معظم المؤسسات والمحلات التجارية أبوابها، بينما بدا نحو الثلاثين طفلا من مختلف مدارس وينبيك وهم يمضون مطريقين حاملين الزهور خلف أبنائه الأربعة الصغار ضمن تفاصيل أخرى داخل ذلك الموكب المكلل بالحزن والأسى.

    سيرجنت جون فيرن، حين تلقى في مكتبه تقريرا بالحادث في حوالي الثامنة والربع صباحا، وحتى وهو يخلِّف على مكتبه أحد رجال الإطفاء لنقص في عدد القوى اللازمة من البوليس، لم يدر بذهنه قط أن الشارع الذي سيحمل اسمه بعد حتفه الوشيك سيتحول تدريجا إلى ملتقى دائم تُعقد فيه تلك الصفقات على عجالة ما بين المومسات وأولئك الباحثين عن لذة عابرة. وتلك لم تكن اللعبة الوحيدة من ألاعيب التاريخ التي لا تحصى. ففي عصر السرعة هذا، نسي الناس تقريبا ذلك الاسم الكامل للشارع. وقد اكتفوا مع تقادم العهد بالدلالة عليه بتلك الرتبة، سيرجنت، والتي يمكن أن تحيل ولا شك لآلاف النظاميين في هذا العالم.



    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-28-10, 04:31 PM
  Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-28-10, 04:55 PM
    Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات Abdalla Gaafar11-28-10, 06:59 PM
      Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-28-10, 08:48 PM
        Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 04:21 AM
          Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 09:22 AM
            Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 09:39 AM
              Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 09:56 AM
                Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-01-10, 00:04 AM
                  Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-01-10, 07:23 AM
                    Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-01-10, 11:17 PM
                      Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-02-10, 08:24 AM
                        Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-02-10, 05:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de