|
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات (Re: عبد الحميد البرنس)
|
بدت لي سمانتا طوال تلك الزيارة اليتيمة مرهقة.. جائعة.. وعلى قدر من خوف غريب ومبهم، وقد أطبق عليها إعياء كوني من قمة رأسها حتى أخمص قدميها. كنت أتمعن في ملامحها، وعلى وجه الخصوص حين تنهمك في حديث عائلي أوآخر مع أماندا، محاولا جهدي كله أن أعثر بلا جدوى على تعبير واحد من تلك التعابير التي يمكن أن تلوح على وجه عاهرة محترفة، قبل أن أترك مجلسي ذاك داخل الصالة مفسحا المجال أمام ذكرياتهما المشتركة كشقيقتين. كانت ملامح سمانتا تبدو لي كلما نظرت إليها مجرد ملامح لطفلة لها جسد أنثوي يغري بالذوبان، وقد استقر في ذهني لسبب أو آخر أن لها هيئة طائر قضى سحابة يومه في حقل أصابته عاصفة رعدية. لم يُخالجني الشعور لحظة أن ما تعايشه سمانتا منذ مدة مسألة تقع خارج نطاق الاحتمال. كان صوتهما يتناهى إلى غرفة المكتب، حيث ظللت أتابع قبالة جهاز الكومبيوتر المحمول كتابة تلك الرسائل المختلقة عن روعة الحياة في براري كندا إلى منفيين لا يزال دليلهم حائرا في منافي وسيطة، ولم أدرك أن الليل يتوغل وراء النافذة الزجاجية، إلى أن تناهى صوتها وهي تحدث شقيقتها، قائلا بنبرة مرتفعة "أنتِ محظوظة، يا أماندا، وليم يحبك".
كنت مرهقا إلى تلك الدرجة التي لم يتح لي معها التفكير في مغزى خروج سمانتا المباغت في مثل تلك الساعة المتأخرة من الليل وفي مثل ذلك الطقس الذي يشعر معه المرء وكأن أعمدة الكهرباء في الخارج تئن متوجعة من برد. كانت أماندا قد تركت سمانتا لتنام في الصالة على تلك الكنبة، التي ظللنا نمارس عليها الحبّ أحيانا. جلبت لها قبيل منتصف الليل وسادة وأفردت فوقها ملاءة من الكتان أهدتنيها مها الخاتم منذ سنوات بعيدة في القاهرة. قبل أن تلحق بي أماندا في غرفة النوم، سمعتهما وهما تتبادلان تلك التحايا الليلية، "ليلة سعيد، ليلة سعيدة"، كان الحنان يتدفق من صوتيهما تدفق الماء فوق حصى جدول صغير في نهار قائظ. ثم وعلى غير العادة تمددتْ أماندا إلى جواري كجسد خال تماما من الرغبة. كما لو أن شيئا جفف ينابيع الحياة في داخلها. بدأت أجفاني تثقل شيئا بعد شيء بينما أحدق شاخصا بعربدة العاصفة الهوجاء المستعرة بعنفوانها المحتدم وراء النافذة، حين تناهي صوت أماندا القريب، مبددا أدنى إمكانية بعد ذلك للنوم، قائلا برنّة أقرب ما تكون إلى رثاء حياة كاملة "مسكينة سمانتا، يا وليم، لم يتبق لها الكثير لتعيشه في هذه الحياة". سألتها وقد كاد قلبي أن ينخلع من هول الصدمة "لماذا". قالت بالنبرة الخافتة المختنقة نفسها "لقد أُصيبتْ العام الماضي بالإيدز".
يتبع:
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 04:31 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 04:55 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | Abdalla Gaafar | 11-28-10, 06:59 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 08:48 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 04:21 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:22 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:39 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:56 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 00:04 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 07:23 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 11:17 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 08:24 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 05:53 PM |
|
|
|