|
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات (Re: عبد الحميد البرنس)
|
لم تكن أماندا قد عادت من زيارة صديقتها القديمة جيسيكا بعد.
ثمة شيء غامض لا يزال يربطهما معا. أماندا أخبرتني في مرات عديدة أنها لم تعد تكن لها مشاعر حقيقية منذ فترة. لكنها ظلت دائما في حيرة من أمرها. لا تدري كيف تحسم في قرارة نفسها شيئا وُلِدَ ونما معها عبر سنوات عديدة وصار جزءا لا يتجزأ من نسيجها الروحي. لقد بدا من الصعوبة بمكان على أماندا أن تقول لكل تلك المغامرات العاطفية وجملة المواقف والذكريات المشتركة بينهما "إلى هنا وداعا فقد انتهى كل شيء". ما زاد الأمر تعقيدا أن جيسيكا كانت تعلم جيدا أن أكثر ما يمكن أن يشل إرادة أماندا في هذا العالم:
الدموع.
ظللت أقول في نفسي، في مثل تلك الأحوال، لو أن أماندا عاشت في منفى وسيط مثل القاهرة لما كلفها الأمر كل هذا العناء. هناك ظل معظم الناس يستبدل العلاقات كما يستبدل ملابسه القديمة بأخرى جديدة. لكل مرحلة حساباتها. لا صداقة دائمة. لا عداء دائم. كان مثل ذلك السلوك يؤدي ببعض المثاليين إلى الانتحار أوالجنون أومعاقرة الخمر آناء الليل وأطراف النهار. المنفى تحكمه الحاجة لا القيم. علمتني الخبرة هناك أن أكثر الناس حديثا عن القيم كانوا أكثرهم بعدا عنها. أُطلق أحيانا على تلك الفترة من حياتي اسم الحرباء. كانت كلمات كثيرة، مثل "الاحترام" أو"الأخلاق" أو"الصداقة"، قد شرعت تتحول في ظل شح النقود وانعدام فرص العمل أوندرتها إلى عُملات لا بد منها لشراء الطعام أوتأمين المأوى أوحتى تعمير خرائب الرؤوس التي عصف بها الحنين بخمر رخيصة ولربما لاقصاء منافس تنقصه الخبرة للصراع حول تلك الغنائم المتناثرة من ذلك القدر المتبقي من "الفُتات المتاح". لا لم تكن دواخلي متماسكة إلى تلك الدرجة التي ظننتني عليها قبيل ساعات في أعقاب نوبة البكاء تلك التي داهمتني على احدى درجات البوابة الخلفية لجامعة وينبيك. كما لو أن الانهيار في حاجة دائمة إلى مثل تلك المواقف للإعلان عن هشاشة دواخل المنفيّ المتداعية كركائز بيت قديم.
هكذا، ما إن أخذت أفكر في مآل ياسر كوكو مرة أخرى حتى اندفعت في موجة أخرى طويلة من البكاء. وإن لم يبدل كل ذلك في الأخير من أمر قرار اعتزالي له مرة واحدة وإلى الأبد.
لا، لست في حاجة أخرى لما يشدني نحو هذه الأرض. بي رغبة عميقة في الطيران والتحليق في سماوات بعيدة. وهناك، داخل قلبي، بحيرة كافية من الأسى الراكد. تطفو على سطحها خيبات وجثث كثيرة. ولياسر كوكو قلوب عزيزة في مكان ما داخل الوطن. بها متسع كذلك لجثته ودمع كاف لرثائه.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 04:31 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 04:55 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | Abdalla Gaafar | 11-28-10, 06:59 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 08:48 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 04:21 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:22 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:39 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:56 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 00:04 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 07:23 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 11:17 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 08:24 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 05:53 PM |
|
|
|