مرض السكري ( النوع الثاني): بوست دسم جدا ( بدون سكر)

Quote: فى النقطة التى يكاد فيها طالب الطب على ملامسة البكالوريوس ليبدأ مشوار مرحلة التدريب السريرى (الامتياز)، كان اساتذتنا يتشدّدون معنا فى تكتيكات استقبال الحالات الحرجة فى العيادة الخارجيّة... فكانوا يسألوننا مثلاً، لو كنتَ بالعيادة الخارجيّة لوحدك بلا طبيب آخر وأتتك حالتان لمريضىْ سكّرى فى وقتٍ واحد، الحالة الأولى يعانى صاحبها إرتفاع ملحوظ فى مستوى السُكّر فى الدم، والحالة الثانية يعانى صاحبها إنخفاض ملحوظ فى مستوى السُكر، فبأيّهما تبدأ! مرض السكّرى بنوعيه يفرضان وجودهما على حياتنا، النوع الأول أكثر دراماتيكية لأنّه يصيب صغار السن والأطفال، لكنّ الأكثر شيوعاً وذيوعاً هو النوع الثانى فهو من أهم متلازمات نمط الحياة الحديثة! السكّرى لا يعرف (التمييز) فهو يصيب الطبقات العليا والطبقات الوسطى والأدنى وطبقات ود ضيف الله... يصيب صانعى القرارات والمتأثّرين بهذه القرارات... لذلك تجد السكّرى فى السودان فى مجلس الوزراء والمجلس الوطنى والأحزاب المُعَارِضة والغرفة التجارية والغرفة الصناعية واتحاد المزارعين واتحاد الرعاة واتحاد العمّال واتحاد الفنانين التشكيليين! يُشاع عن السكّرى أنّه مرض صديق، وهو قول مائع فكيف يكون السكّرى صديقاً وهو يطحن فى مرضاه كل يوم، ومَنْ ادّعى هذه الصداقة ربّما يقصد انّه يمكن بالاجتهاد منع مضاعفاته... فليس من شيم الأصدقاء الغدر، والسكّرى مرض غدّار يعرف متى يضرب ضربته فقد تكون أثناء اجتماع مهنى عاصف أو أثناء مضاربة فى البورصة أو فى لحظة تفكير فى الزواج الثانى أو لحظة تشجيع مخلصة للهلال أمام الصفاقسى! يستحق السكّرى فى السودان استراتيجيتين قصيرة وبعيدة، فهو اليوم من بين أبرز أسباب التردد على المؤسّسات العلاجية، وهو بالتضامن مع أمراض حليفة له السبب الأوّل للإستقرار فى احمد شرفى والبكرى وفاروق والسيد المحجوب! يأتى اليوم العالمى للسكّرى هذه المرّة قبل يومين من العيد الكبير ليكشف عن علاقة (ما) بين (السكّرى) و(الضحيّة)... ولمن يهمهم الأمر أو لا يهمهم أُجيب على سؤال اساتذتنا القديم الجديد: قد تأتى على مريض السكّرى لحظة حَرِجَة تصير فيها قارورة محلول جلكوز صافى أغلى لإنقاذ حياته من حُقْنَة انسولين!!