الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: كاد الوحـي أن يجِّف . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(10) كتب الشاعر محمد المكي إبراهيم :
مزرعـــــة فـي الجبــــــــل
قبل أن تولدي وتصيري مزرعة في الجبل كنت مأوى الثعالب هاربة من كلاب السفوح ومأوى العصافير تجدل أعشاشها في الشجر كان ماء السماء يرطب خديك عاما بعام ويبسط شال المراعي على منكبيك وفي الصيف كانوا يجيئون يحتطبونك والموت يسعى إليك بينما أنت صامدة كالعقيدة بالشمس والريح تُجلد الحجارة من فوق نهديك تحمى وتبرد دون أن تفلتي آهة أو تفوهي كفراً كان ذلك من قبل أن نلتقي وتصيري أما ً وحقلاً قبل أن يرحل الصيف صفَّـفـت شعرك والصخر دحرجت عن منكبيك ثم أعليت حولك سوراً وأنهضت سداً وألقيت في الأرض بئراً وأعددت للزرع مهداً وأجريت فيك الجداول طولاً وعرضاً وهيأت متكأً للمقيل كل ذلك والشمس واقفة في عمود السماء وسائلة في الحجر والرياح تحدد أظفارها ثم تضرب وجه الجبل والسماء الكبيرة فارغة والخريف بعيد.
ذلك الصيف أقسمتُ لن يسلبوا شعرةً .. من جدائلك المرسلة لو يجيئون في الفجر يلقونني وإذا استتروا بالظلامْ وجدوا السور حولك والبسملة
رأى السهل .. أنك مجلوّة للزفافِ .. فأدرك أنك موعودة للمطر وأنك أصبحت محسودة من بنات السفوح ومحسودة من بنات الجبل وفي الدغل راحوا يقولون : إن العصافير تجمع أثواب عرسك من كل فج عميق وتنقش حناء كفيك بالورد والسنبلة ويروون أن الغمائم صارت تظللنا طيلة الوقت من غضب الشمس والقائلة وفى الليل تزجي إليك الندى بمظلات وردية اللون يهبط فوق مدارج نهديك أو يتناثر فوق حزام القمر عند ذلك يدخلني وعي أنك عذراء تتكئين على مُخمل الرمل في المنحدر وأنك لاهثة النهد , محلولة الثوب تنتظرين المطر وأنك أم لأطفال حبي ومزرعتي في الجبل فأوقن أنك لو نزل الغيث واكتست الأرض بالخضرة الزائفة ستبدين مثقلة بالثمر وبالشجر السيد المنتظر وتغدين روضاً من الزهر والفاكهة وفى الصيف حين تجف النواحي وترتجف الأرض كالخائفة تظلين خضراء حسناء مثقلة بالثمرْ تظلين مزرعتي في الجبل
*
|
|
|
|
|
|
|
|
|