|
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح (Re: عبد الحميد البرنس)
|
وضعت رحالي عصر ذلك اليوم على مقهى يقع على أحد جوانب شارع الشهيد أحمد عصمت بحيّ عين شمس الشرقية في القاهرة. جسد منهك. قلب يضج بالحنين. ورأس مثقلة بالأفكار.
أقبل نحوي جرسون بوجه شاحب وعينين جاحظتين. في مشيته عتب خفيف. سألته عن السيدة "نواعم". مالكة المقهى وسمسارة في مجال العقارات والشقق المفروشة. قال "زمانها جاية في السكة". طلبت "شاي كشري سكر زيادة". وضعه أمامي بعد دقائق وانصرف لخدمة زبون آخر.
كانت عمليات نقل الكتب أكثر ما يشق على نفسي أثناء التجوال بين تلك الشقق. كيف لا وهي متاعي الوحيد تقريبا في هذا العالم. ثمة رفيق من بين أولئك المنفيين أخذ يطلق عليَّ متهكما لقب "ملك الشقق الحقيرة". لست أبالي طالما وجدت لي مركزا في مدينة كبيرة مثل القاهرة أنطلق منه وأعود إليه وقتما أشاء. خاصية التكيف عندي تعمل بمعدل كفاءة لا بأس به. قِلّة من أصحاب تلك الشقق المؤجرة وجدت متسعا في ذاكرتي، لكنَّ الكثيرين منهم أخذت ملامحهم تضمحل في داخلي، وتتلاشى بتعاقب الأيام والشهور والسنوات. كان بعضهم يحرص على تأمين ممتلكاته، قائلا "الحرامي ما تسهلوش المهمة بتاعته".
لمدى ثلاثة أشهر بالتمام، لم أقم بدفع إيجار الشقة السابقة من نواحي الجيزة. لم تكن صناعة تلك الأعذار بالمهمة السهلة. كان ذهني مشوشا إلى الدرجة التي أجريت معها عملية الزائدة الدوديّة أكثر من مرة. قتلت والدي مرتين في ظرف أقلّ من شهرين. كنت قد نسيت في المرة الثانية أيهما رحل أولا إلى رحمة مولاه، هو أم أمّي؟. حتى الآباء لا يسعفون أحيانا. الوغد، قال لي وقتها:
"كم مرة ستقتل أباك حتى تقوم بدفع قيمة ما عليك من إيجار"؟.
كان مالك تلك الشقة عجوزا أمامه وقت ضيق جدا قبل الذهاب إلى دار البقاء الأبدي. لكنه، لحكمة لا يعلمها إلا الله، ظلّ يتشبث بدار الفناء هذه بأظافر قطّ سيئ الطباع. كانت له لعجبي خطط تمتد لعشرين سنة مقبلة. أنا لم أفكر إلى أبعد من حدود يومي. كنت راغبا في العمل على تخليص العجوز من عذاب تأجيل الإيجار المتراكم شهرا بعد شهر. فكرت مرة أنه إذا أنفق ربع الوقت الذي قضاه في ملاحقتي صباح مساء في طلب الدخول إلى الجنة لكان أرحم لي وله. ذات ليلة، تركت له داخل الشقة كتبا كثيرة – كان من بينها كتاب فضائل الجنة- كوصل أمانة، ورحلت من دون أن ألقي عليه تحية الوداع. أنا واثق تمام الثقة أنه ظلّ بعد هروبي المتقن في تلك الليلة يشكوني إلى الله بحقد دفين مرددا بين تسبيحة وأخرى "أخذ الله ذلك النَصَّاب إلى جواره حالا"!.
يتبع (تفاصيل فصل آخر):
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 01:00 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 01:05 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 01:16 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 04:07 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 05:13 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 06:31 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-06-10, 11:05 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-13-10, 10:35 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | محمد يوسف الزين | 11-13-10, 11:07 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | ابو جهينة | 11-13-10, 12:29 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-13-10, 02:25 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-13-10, 06:18 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-13-10, 07:29 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-13-10, 08:40 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-14-10, 00:28 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-15-10, 06:26 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-15-10, 01:06 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-15-10, 11:57 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-16-10, 02:01 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-16-10, 02:40 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-16-10, 08:52 AM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-16-10, 09:23 PM |
Re: حين سعى عمر وراء جيسيكا بخراج روح | عبد الحميد البرنس | 11-17-10, 06:00 AM |
|
|
|