توقعاتكم بعد الانفصال!

Quote: إننا عندما نفتح ملف سودان ما بعد التاسع من يناير, فاننا لا (ننعى) السودان الواحد الموحد. وليس معنى هذا أننا قد كفرنا بالوحدة وبتنا من مؤيدي الانفصال, كلا. وليس معنى هذا أننا نقول إن الوحدة (سيئة) وأن الانفصال هو (عمل صالح). لا هذا ولا ذاك. في واقع الأمر فانه لا أحد البتة قال بإن الوحدة سيئة أو أن الانفصال هو الوضع المثالي للسودان. ولا أعتقد أنه حتى من يسمون بـ (الانفصاليين الشماليين) قالوا ذلك. في فهمي لمواقف هؤلاء أنهم بنوا مواقفهم على نقطتين جوهريتين الأولى هي أنهم يعتقدون أن مسألة الوحدة والانفصال يجب ألا تكون حكراً على الجنوبيين, بل ان أهل الشمال يجب أن يكون لهم رأى في الأمر لأن الأمر في النهاية يهمهم. النقطة الثانية هي ان الوحدة (ليست ممكنة)! نختلف أو نتفق معهم تلك مسألة أخرى ليس هنا مجال نقاشها, لكن هذا هو رأيهم وهو رأى بات عدد كبير من أهل الشمال يرونه ويؤيدونه. إن دعاة وحدة السودان ومعارضي الانفصال لا بد أنهم يعلمون الآن أن عبارة (يا اخي خليهم ينفصلوا) باتت على كل لسان في الشمال!ونحن قد وصلنا إلى نقطة تسمح لنا بل تحتم علينا أن نطرح ذات السؤال دون أن يجرؤ انسان على اتهامنا بـ (معاداة الوحدة) أو أننا (لا سمح الله) صرنا انفصاليين. اننا ببساطة نطرح ذات السؤال, وهو (هل الوحدة ممكنة)؟ ان الحديث الآن لم يعد حول اذا كانت الوحدة صالحة أم سيئة. تلك مسألة قد تخطاها الزمن. المهم الآن أن نحتاط لأسوأ الاحتمالات وهو ببساطة وبكل أسف هو الانفصال. اذن لابد لنا من أن نفتح ملف سودان ما بعد التاسع من يناير. ولنا ألف سبب لفتح هذا الملف. لكن أهم سبب هو أنه من الحكمة (أن نحتاط) للأمر لأن ما سيحدث بعد التاسع من يناير ليس أمراً سهلاً. انه (زلزال) بكل معنى للكلمة. ان احتمال الانفصال حتى ولو كان بنسبة (1) في المائة فإنه يجب الاحتياط له ووضع الخطط لمجابهته, فما بالكم وهو الأرجح بناء على كل المؤشرات والقراءات! بالأمس فتحنا ملف (الجنسية) في سودان ما بعد التاسع من يناير, (السودان الجديد). اليوم نفتح ملف (الحريات). لم نقل ملف (الحرية). الحرية هي فضيلة مطلقة لا يجوز المساس بها أو النقاش حولها. اننا نقصد (الحريات) وهي منظومة القوانين والاجراءات واللوائح التي تنظم (تعاطي) الحرية والتعامل معها والاستفادة من مزاياها وتحمل مسئولياتها. اننا نتكلم عن معنى محدد وهو (اعادة هيكلة) للقوانين التي تنظم حرية العمل السياسي والصحفي والمهني وقوانين الأمن العام وأمن المجتمع وقانون الخيانة العظمى وسحب الجنسية, الخ تلك القضايا. ولابد أن نعترف وكمقدمة لهذا الموضوع أن العديد من القوانين التي تنظم تلك القضايا قد تم اقرارها في ظروف خاصة واستثنائية و (طارئة) مرت على السودان وأن تلك الظروف قد انتهت الآن, أو أنها ستنتهي بعد التاسع من يناير. ولنكن أكثر صراحة وتفصيلاً. مثلاً كلنا نعرف الظروف التي سمح فيها للحزب الشيوعي بالعمل في السودان. الجميع يذكرون حكاية (التوالي) ذلك اللغم الموقوت و تلك البدعة التي اخترعها الأمين العام السابق للحركة الاسلامية وفرضها على أهل السودان. ان الأغلبية الساحقة من أهل الشمال هم مسلمون, وهذه النسبة ستكون هي النسبة الغالبة في سودان ما بعد التاسع من يناير. ومعروف العداء بين الشيوعية كفكرة إلحادية والاسلام كدين توحيدى. اذن لا بد من اعادة النظر في السماح بعمل الحزب الشيوعى. كذلك لا بد من اعادة النظر في قوانين منح الجنسية وسحبها وقانون الخيانة العظمى. ان حمل السلاح في وجه النظام الشرعي القائم يجب أن يحرم ما دام هذا النظام قد أتاح الحرية للناس لمعارضته بالطرق القانونية. ليس هذا فحسب بل لا بد أن يتحمل من يرفع السلاح ضد الوطن تبعة فعله. وتلك التبعة يجب أن تشمل سحب الجنسية وتطبيق قانون الخيانة العظمى بحقه. ان رجلاً مثل علي محمود حسنين يجوب الآفاق ويرتمي في احضان أعداء الدين والوطن ويحيك المؤامرات وهو نائب رئيس حزب شرعي, يجب أن يردع, بل ان حزبه يجب أن يتحمل تبعات تصرفات هذا الرجل وأن يعلن تبرؤه منه بشكل واضح وإلا فإنه يجب أن يحاسب.