|
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا (Re: هشام عباس)
|
الطريق الى الجحيم يقولون ان الطريق الى الجحيم دائما ما يكون مفروشا بالنوايا الحسنة .... ولاننا احسنا النية حينها فكان طريقنا الى الجحيم سالكا .... بعد ان تم التخريج ووقفنا ساعات وساعات تحت اشعة الشمس الحارقة نستمع لهراءات الخطب المدجنة من افراد يصيبك صوتهم بالغثاء دعك من طرحهم ... بعدها توجهنا الى معسكر الكاسورة لنلملم اشيائنا والفرحة تعلو وجوهنا .. اخيرا انتهت رحلة الاهانة والذل .. ولكن يبدو اننا احسنا النية اكثر واكثر ..... وجدنا فى انتظارنا اكثر من خمسين شاحنة من الشاحنات الكبيرة التى تنقل بها البضائع من والى الخرطوم نيسان وزد واى وكى واى وغيرها ... تبادلنا النظرات وفى عين كل منا الف سؤال والسؤال الاهم كان لماذا ؟؟؟؟ قالوا لنا انه تم تقسيمنا وتعييننا فى الخرطوم فى القيادة العامة والمطار وغيرها من المرافق وانه مطلوب منا الركوب الان لنتحرك الى الخرطوم .... واهلنا الذين لم نراهم لما يقرب الثلاثة اشهر ؟؟؟ والارهاق الذى اصابنا من هذا اليوم الطويل ؟؟؟ وبماذا بشاحنات مهترئة غير مؤهلة لشحن البصل ؟؟؟ كل الاسئلة راحت ادراج رياح الكاسورة المحملة بثقل الغبار ..... كنا مجموعة من كرمة وبينى وبينكم رغم القلق والشك من هذه الرحلة الا ان هناك امر واحد خفف علينا القلق والشك ... رؤية الخرطوم !!! نعم لا تستغربوا معظم مجموعتى وانا منهم لم نكن حتى وقتها رأينا ما يسمى بالعاصمة القومية وقد شكلت لنا هذه العاصمة امنية ان نزورها يوما ما .. لقد كان اترابنا المحظوظون او كما كنا نسميهم المرتاحون ممن زاروا الخرطوم يحكون لنا روايات اغرب من الخيال .. على الاقل وقتها كان خيالا بالنسبة لنا ... لم نكن نصدق امر الكهرباء وانها موصلة الى المنازل دون ان تسمع هدير وابورات او لعلعة جرينيتر والاغرب انهم كانوا يحكون لنا انك اذا ضغط زرا على الحائط تضئ وبضغطة اخرى تنطفأ وتلك حركة سحرية لم نكن نستوعبها ... غير ان اكثر ما كان يشدنى شخصيا امر تلك العمارات .. الا تسقط والطوابق تعلو فوق بعضها ... ثم جنينة الحيوان ..لا وقاعة الصداقة .. ثم اقسم لى صديق زار الخرطوم اقسم لى برأس امه ان الفتيات يقدن السيارة فى الخرطوم !!! كل هذه شكلت لنا حلم زيارة ما يسمى بالخرطوم وانستنا القلق ... وقف مجموعة الضباط وضباط الصف من خلفنا يحملون العصى والسياط لان البعض رفض الصعود الى الشاحنة وبداوا يلوحونها على ظهورنا مما شكل حالة من الهرج والكل يهرع صعودا خوفا من ضربة قد تشكل له اعاقة مدى الحياة ... كان من حظى تلك الشاحنة التى تسمى نيسان صعدت بسرعة هربا من الضرب والقيت بنفسى فى جوفها من على حافتها العلوية ولم انتبه سوى بصوت احدهم يسب العقيدة ويسب امى .. لم اهتم بامر العقيدة فهناك رب يحاسبه ولكن قمت بالرد على سب امى ثم انتبهت فجأة اننى المخطأ ... عرفت اننى سقطت فوق مجموعة كانت قد سبقتنى واخذت مكانها ... المهم اخذنا اماكننا وهى ان نجلس فوق بعضنا البعض فى جوف الشاحنة الفارغة اذ انهم لم يهتموا حتى بفرشها ولو بجوالات فارغة ان لم يكن احتراما لنا فعلى الاقل تقديرا لطول الرحلة ... ثم انهم لم يضعوا اى تقدير لحجم الشاحنة وراحة ركابها بل حملوها قدر ما استطاعوا لذلك كنا مضطرين للجلوس فوق بعضنا ... وقتها لم يكن هناك طرق مسفلتة بل كان الطريق الى الخرطوم جحيما لا يطاق ان كنت مسافرا على متن عربة خاصة وعلى مقعد فاخر فكيف بنا على تلك الحالة ؟؟؟ تحركت الشاحنة وتحركت معها عقارب اسؤ ساعات حياتى .... سائق العربة كانه يحمل شحنة من الزبالة لم ترى قدماه المكابح نهائيا ان صعد تلا او هبط واديا السرعة هى هى فى اقصاها ... ولا تسأل كيف كان حالنا بالخلف .. هل شاهدت من قبل كيف يتم اصطياد اسماك الساردين او التونة ؟؟؟؟ كنا كذلك تحركنا من دنقلا بعد الغروب ... واليل كله ونحن كما الساردين .. لا تسمع سوى اهات الالم من حولك ولو حاولت عيناك ان تغفو قليلا فلا تدعها تفعل لانك لن تنتبه لاحدهم وهو يسقط عليك بكامل ثقله ... اصبح الصبح ولا زلنا على تلك الحالة .. ثم اشتد النهار حرا وعرقا وعفنا .. والعربة مصرة ان لا تقف ربما اوصوهم خوفا من هروب البعض ... قالوا انها ساعة الفطور والعربة تسير القوا لنا بصفيحة طحنية وباغتا ماء .. كانت هناك شاحنة تسير معنا محملة بصفائح الطحنية وباغات الماء ... تخيل وانت تعانى من الحر والشمس وكذلك صفائح الطحنية والماء التى كانت معرضة للشمس .. بدانا ناكل ونشرب ارضية الشاحنة من تحتنا نار موقدة الماء مغلية الطحنية وكانها شويت على جمر .... ثم مرت ساعة على ذلك تقريبا وكانت صواريخ الاسهال التى لا يمكن التحكم عليها مع حركة العربة العنيفة كانت قد بدات تسيطر على الشاحنات ... ولم تمر سوى دقائق كنا وكاننا ناخذ قيلولة فى قلب بالوعة ... بالطبع لم يعطوا لصراخنا بالا ولم يهتموا .. فى العصر وصلنا الى منطقة خلوية قالوا لنا انها تسمى فتاشة ....
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:28 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:31 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:33 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:34 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:36 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:38 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-12-10, 09:41 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | JOK BIONG | 10-12-10, 10:02 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | اشرف عبدالودود | 10-12-10, 10:23 PM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-13-10, 07:32 AM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | هشام عباس | 10-13-10, 07:21 AM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | محمد علي شقدي | 10-13-10, 07:56 AM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | عبدالمجيد الكونت | 10-13-10, 08:42 AM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | Albino Akoon Ibrahim Akoon | 10-13-10, 08:58 AM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | Albino Akoon Ibrahim Akoon | 10-13-10, 09:25 AM |
Re: ذكرياتى فى جنوب السودان ... عندما يصبح القتل منهجا | Medhat Osman | 10-13-10, 11:43 AM |
|
|
|