|
Re: المسيرية والمطب الاخير. (Re: Mohamad Shamseldin)
|
طيب رأيكم شنو في كلام كمال الجزولي دا
Quote: مع أنه يعزُّ على المرء، حسب قولنا في رزنامة 27/7/2009م، أن (ينعق!) وحده، كما طائر الشؤم، في بيت (الفرح!)، إلا أننا، مع ذلك، توكلنا على الحيّ الذي لا يموت، وذهبنا باتجاه التشكيك في صدق المظاهر (الاحتفائيَّة!) التي استقبل بها قرار التحكيم الدولي حول نزاع أبيي، لسبب بسيط، هو أنه لم يكن ثمَّة، البتة، ما يقنع، مقدار قلامة ظفر، بأن تلك الاحتفاءات (حقيقيَّة)، أو أنها نابعة من (تلقائيَّة شعبيَّة)، فعبَّرنا عن قناعتنا بأن القرار أميَل إلى (التوفيق) منه إلى (التحكيم)، وأن رأي القاضي عون الخصاونة المخالف لرأي الأغلبيَّة، هو الأرجح، حيث وصف القرار بأنه "مدفوع بالرغبة في تحقيق نتيجة ما"، كما حدا بالعمدة عبد الجليل لأن يلخصه، تحت عنوان فاجع، هو: (النفط مقابل الأرض)! واعتبرنا الطرفين الحاضرين في مشهد ذلك (التوفيق)، الحكومة والحركة الشعبيَّة، طرفين افتراضيَّين، أمَّا الطرفان الحقيقيَّان، دينكا نقوك والمسيريَّة الحُمُر، فلم يعبأ أحد بسؤالهما رأيهما، دَعْ سماعه! وبالتالي غابت عن ذلك المشهد حقائق التاريخ والاجتماع وسبل كسب العيش في واقع المجتمع المحلي، وحضرت، فقط، رغبة الظفر السياسي والاقتصادي، في المستوى الفوقي لرؤية المركزين المتقابلين، الخرطوم وجوبا، فحقَّ لـ (المركز الأوَّل) أن يغتبط لنفط هجليج، ولرقعة الأرض التي تساوي مساحة لبنان، وللتأكيد، ولو جزئيَّاً، على صحَّة اتهامه لـ (لجنة الخبراء) بتجاوز صلاحياتها؛ مثلما حقَّ لـ (المركز الآخر) أن يغتبط لنفط دفرة، ورقعة الأرض التي تساوي مساحة بلجيكا، ولضمِّ أبيي، بمشيخاتها التسع، إلى الجنوب، بامتداد جغرافي يصل إلى خط عرض 10.10 شمالاً!
هكذا ترك الطرفان المُغيَّبان للحيرة بشأن المراعي، وحقوقهما عليها! فالعشرة ملايين رأس من أبقار المسيريَّة، مثلاً، والتي تمثل ثلث القطيع القومي، هي التي تجسِّد معنى حياتهم بالمدلول الثقافي، لا النفط، وقد درجوا، في ما مضى، وبموجب أعراف كرَّستها الحكمة الشعبيَّة تحت رعاية الأبوين دينق ماجوك وبابو نمر، على التوغل بها، جنوباً، زهاء الثمانية أشهر كلَّ سنة، إلى ما وراء بحر العرب والرقبة الزرقاء، بل وحتى بانتيو، في أراض قد يبترها الاستفتاء، بضربة سيف، في ما لو جاءت نتيجته لصالح (الانفصال)، فيضحى السودان (سودانين!) يخضعان لقواعد القانون الدولي العام!
صحيح أن هذه القواعد تشدّد، كما نصَّ القرار نفسه، على عدم جواز تأثر الحقوق التقليديَّة للرعاة بترسيم الحدود بين الدَّولتين. لكن هذه العبارة الواحدة قد تستلزمنا، غداً، دهوراً من التفسيرات المتباينة ما بين الاتحاد الأفريقي، ومجلس الأمن، ومحكمة العدل الدوليَّة، والتحكيم الدولي، والمفاوضات الشَّاقة، وربَّما الحرب .. في أسوأ الحالات! وفي نهاية كلمتنا تلك تساءلنا عمَّا عساه يكون مصير الناس وقطعانهم، طوال تلك المدَّة، مع تفاقم الزَّحف الصحراوي، وتآكل الغطاء النباتي، يوماً عن يوم؟!
لم يكن المناخ موات، وقتها، لتلقي إجابة شافية على ذلك السؤال المقلق (شعبيَّاً)، لسببين: أولهما أن الساحة، بأكملها، كانت مشغولة بالتعبير (الشعبي!) عن الفرح (الرسمي!)، وما أدراك ما وسع حيلة (الرسمي)، في بلادنا، لانتحال (الشعبي)، متى وكيف أراد! وثانيهما أن الفصل نفسه كان خريفاً، وتماس المسيريَّة والدينكا، في المرعى، كان ما يزال بعيداً، ممَّا ساعد على إبقاء صوت التعبيرات الشعبيَّة (الحقيقيّة!) خافتاً إلى حدّ كبير!
لكن الآن، مع انقطاع الأمطار، وبدء موسم الجفاف شمالاً، وتهيُّؤ المسيريَّة للارتحال التقليدي مع أبقارهم باتجاه الجنوب، حانت ساعة (الحقيقة!)، وأزف موعد اختبار قدرة قرار لاهاي على الصُّمود في الذهنيَّة (الرَّعويَّة) الشعبيَّة، لا في حسابات (النفط) لدى بعض (مثقفي) القبيلة في طاقم الحكم بالمركز، والذين وصفهم محمد عبد الله ود أبوك، القائد المسيري والنائب البرلماني، بأنهم "يغطون النار بالعويش!" (الأخبار، 11/10/09)، ولاحت نذر انتباه الناس لمصالحهم الحياتيَّة، وما يمثله القرار من تهديد مباشر لهذه المصالح، حيث ما من أحد يستطيع إقناعهم، حتى لو انطبقت السماء مع الأرض، بأن (النفط) المكتسب بلاهاي يمكن أن يعوّضهم عن (المرعى) المفتقد على الأرض!
هكذا، ما كاد ينقضي شهران منذ صدور القرار، حتى وضح، جليَّاً، بُعد الشُّقة، في شأنه، بين الموقفين (الرسمي) و(الشعبي)، وتأكدت شكوكنا، وليتها لم تتأكد، حول ما قيل، وقت صدوره، عن (شعبيَّة) و(تلقائيَّة) احتفاء الطرفين به! فقد نفد، في ما يبدو، صبر المسيريَّة على الاستمرار في "مسك اللجام الجّامح وإيدنا تدفق دم"، كما قال لي الصادق بابو، حرفيَّاً، في محادثة هاتفيَّة، فعقدوا، في الخامس من أكتوبر المنصرم، مؤتمراً للقبيلة، في منطقة ستيب، على بعد ستين كيلو إلى الجنوب من المجلد، بمشاركة أربعة آلاف عضو، خلصوا فيه إلى (رفض!) قرار التحكيم، و(استعدادهم!) لأي (نتائج!) يمكن أن تترتب على هذا الرفض، حسب تعبير ود أبوك (المصدر نفسه)؛ كما وأن مجموعات من الدينكا، حسب رينق دينق كوال، حاكم أبيي، باتت ترى، حتى قبل مؤتمر المسيريَّة، أن القرار ينتقص من حقوق قبيلتهم (الرأي العام، 30/9/09).
ولئن لم يكشف مؤتمر ستيب عن آليَّة لإنفاذ قراره، فإن كلَّ الدلائل ترجّح اندفاع الأمور، في ما لو تركت على حالها الراهن، نحو خيار (المواجهة!)، وعودة المنطقة، في نهاية المطاف، لا للاشتعال، وحدها، بمعارك محدودة (الجزيرة نت، 11/10/09)، وإن كانت كافية، على الأقل، لإعاقة العمل في هجليج لانعدام الأمن، بل ولتمسي بمثابة (الشرارة) التي ستندلع منها الحرب الأهليَّة الشاملة، مجدَّداً، بين الشمال والجنوب، لتقضي، نهائيَّاً، على اتفاقيَّة السلام، خاصَّة وأنها لم تنفذ بالقدر الذي (يضمن) أن تكون (الوحدة) خياراً (جاذباً) في الاستفتاء عام 2011م، وأن ما تبقى من زمن لن يكفي لتنفيذها بهذا المستوى، وأن علاقات شريكيها لا تمضي على الوجه الذي يبشِّر بإمكانيَّة هذا التنفيذ، حتى بافتراض توفر الزَّمن!
عند ذاك، فقط، سندرك أن ما ذهبنا نبحث عنه، بأبهظ التكاليف، في (لاهاي) تركناه وراءنا في (بسطام!)، حيث لم يكن ثمَّة ما هو أكثر يسراً، ولات ساعة مندم، من ترك الأمر ليعالجه كلا المسيريَّة والدينكا في مؤتمر جامع تحت ظلّ أيّ (عرديبة)، تأسّياً بإرث مجوك ونمر! ولا شك، بالطبع، في حقّ من يريد التمسُّك بقرار لاهاي أن يفعل، فهو (قانون) نافذ، ولا يؤثر في نفاذه رأي القاضي الخصاونة المخالف. سوى أنه، وبرغم ما بين (القانون) و(السياسة) من وشائج، إلا أن ثمَّة فرقاً جوهريًّاً بينهما لا يستقيم (قانون) ولا (سياسة) بدون إدراكه. فمن يعوِّل على (القانون) وحده لمعالجة قضيَّة أبيي (واطاتو صِبْحَتْ)! ذلك أن (القانون)، كما سبق أن قلنا مراراً وتكراراً، إنما يتأسَّس على (القاعدة الحقوقيَّة)، وهي عامَّة ومطلقة، بينما يتأسَّس (العمل السياسي) على (ميزان القوَّة)، وهو نسبي يتمظهر على الأرض بقدر كسب هذا الطرف أو ذاك؛ فما العمل؟!
قرار لاهاي وضع المنطقة، الآن، فوق برميل بارود، وجعلها محتاجة، أكثر من أيّ وقت مضى، لأعجل الحلول (السياسيَّة العمليَّة). وذاك هدف لا يتحقق، بطبيعته، إلا بتضافر مناهج شتى، فهو (قد) يستوعب جهد (القانونيين الفنيين)، لكنه لا يبرّر انفرادهم بالرأي فيه. ولقد قدّر لي أن أطلع، خلال بحثي عن أفكار جديدة في هذا الإطار، على بحوث ومقالات قيّمة تتضمَّن أفكاراً ومقترحات عمليَّة، وقد بذل فيها باحثون وكتاب في مختلف الحقول جهداً مقدَّراً يستحق التنويه به ولفت الانتباه إليه. من تلك البحوث ورقة د. عبد الباسط سعيد بعنوان (البيئة وضوائق سبل كسب العيش والاستقرار البشري: مستقبل الرعاة في جنوب غرب كردفان)، ومدارها هذه الهموم الحياتيَّة المقلقة، وما سيجابهه المسيريَّة عمَّا قريب بشأن الماء والمرعى خلال شهور الجفاف، حيث خلصت الورقة إلى مقترح عملي بإعادة التفاوض بين الشريكين، بحيث يذهب جزء من نفط هجليج إلى دينكا نقوك، مقابل الاحتفاظ للمسيريَّة بالحقّ في الماء والمرعى جنوباً.
رغم أن مقترح عبد الباسط يستدعي صرف النظر، بالضرورة عن قرار لاهاي، إلا أنه جيّد من حيث منحاه الواقعي والعملي، وقابليَّته، من ثمَّ، للمناقشة المجدية. لكنني أخشى أن يصطدم بعقبة السؤال حول مدى إمكانيَّة إقناع الرعاة من دينكا نقوك بجدوى النفط، حاليَّاً، في حياتهم، ليقايضوه بالماء والمرعى اللذين أكسبهم قرار لاهاي كامل الحقوق عليهما في أبيي! وتلك هي، بالتحديد، المعضلة التي كان حذر منها كثير من الباحثين قبل صدور قرار لاهاي!
من جانبي ما زلت أرى الحل العملي الوحيد في إعادة فتح اتفاقيَّة السلام الشامل لإعادة التفاوض من أجل إلغاء الاستفتاء، ومنح جنوب السودان الحقَّ في إقامة دولة مستقلة كاملة السيادة، مع التواثق على إبرام معاهدة (إتحاد كونفيدرالي) بينها وبين دولة الشمال، بحيث تتاح لمواطني الشمال والجنوب حريَّة التنقل والتملك والإقامة والعمل في أراضي الدولتين، مع التعامل بعملة واحدة، رغم اختلاف النظامين، على أن يُستفتى الجنوبيُّون كلَّ عشر سنوات، مثلاً، أي مرَّة في كلّ جيل، ليقرّروا ما إن كانوا يفضّلون الاستمرار بالنظام (الكونفيدرالي)، أم العودة للنظام (الفيدرالي)، أم (الانفصال).
|
منقول من موقع سودانايل
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-05-10, 04:33 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | cantona_1 | 10-06-10, 01:04 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Tragie Mustafa | 10-06-10, 01:10 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Tragie Mustafa | 10-06-10, 01:16 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-06-10, 02:10 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Tabaldina | 10-06-10, 02:23 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-06-10, 02:32 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | عبدالرحمن طبيق | 10-06-10, 04:42 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | عبدالرحمن طبيق | 10-06-10, 05:07 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | cantona_1 | 10-06-10, 05:18 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 12:56 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | JOK BIONG | 10-06-10, 05:21 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمد زكريا | 10-06-10, 05:52 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | حسن محمود | 10-06-10, 11:13 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Zoal Wahid | 10-07-10, 09:26 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 01:20 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 01:15 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 01:07 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 01:03 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 12:54 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 01:04 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | jini | 10-07-10, 02:38 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Hamid Sharif Abdelrasoul | 10-07-10, 05:40 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Nasr | 10-07-10, 06:00 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 09:01 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 08:54 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-07-10, 07:57 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Tabaldina | 10-08-10, 00:01 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Mohamad Shamseldin | 10-08-10, 03:50 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Kabar | 10-08-10, 04:58 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Kabar | 10-08-10, 05:07 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-08-10, 04:34 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Nasr | 10-08-10, 05:47 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | حسن محمود | 10-08-10, 12:58 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Hamid Sharif Abdelrasoul | 10-08-10, 03:22 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Abuelgassim Gor | 10-08-10, 03:46 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | cantona_1 | 10-08-10, 04:30 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-08-10, 04:49 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-08-10, 04:46 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-08-10, 04:40 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-08-10, 04:28 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-08-10, 04:24 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | صديق عيسى صالح | 10-08-10, 06:57 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-09-10, 12:18 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | عبدالرحمن طبيق | 10-09-10, 01:52 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Nasr | 10-10-10, 09:29 PM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | Kabar | 10-12-10, 03:51 AM |
Re: المسيرية والمطب الاخير. | محمود الدقم | 10-12-10, 02:36 PM |
|
|
|