مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +صور)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 03:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-04-2010, 10:10 PM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص (Re: Faisal Al Zubeir)

    ورقة البروفيسور الشوش*
    Quote: الموروث الشعبي والروحي فى أدب الطيب صالح
    1.
    د: محمد أبراهيم الشوش#

    فى أوائل الستينات ظهر الطيب صالح فى الميدان فجأة كما ظهر بطلا رواياته مصطفى سعيد فى موسم الهجرة وضو البيت فى بندر شاه . ظهر بلا أرهاصات وبلا مقدمات ولد ونما واستوى ناضجا مكتمل النموء خارج التجارب والمؤثرات الأدبية التى تعرض لها السودان لانه جسديا كان بعيدا عن مسرحها فلم تلعب دورا فى تكوينه سلبا أو أيجابا .
    جاء من قرية صغيرة من قرى الشمال وظل يعيش فى هذه القرية وتعيش فى داخله حتى وهو يتلقى العلم مع عشرات من طلبة الأقاليم مثله.وفى العاصمة ظل قرويا يحمل فى داخله كل ملامح القرية وتختزن ذاكرته العجيبة أدق تفاصيلها . كان الحب الذى يحمله للقرية الفقيرة القابعة على ضفاف النيل فى الشمال طاغيا لم يترك للمدينة ثغرة تنفذ منها الى قلبه . كانت المدينة بالنسبة له مجرد محطة تلقى فيها العلم ورحل .ومن العاصمة أطل أطلالة على معهد بخت الرضا وهى أطلالة لم تدم طويلا ولكنها منحته – مع ميل طبيعى للأرض والجذور – قدرة على الصمود فى مواجهة قوى التغريب التى تعرض لها أثناء أقامته فى بريطانيا , والتى أمتدت على مدى عمره العملى كله .لم يدر ظهره للمدينة الكبيرة: أستوعبها فنا وثقافة ولكنه لم يغمض عينيه أبدا ولم يسلم القيادة لها أبدا .
    هذه النقلة المفاجئة الى عالم غريب تماما.وهى نقلة لم يخترها ولم يسع لها ، وانما جاءته عن غير تدبير أو تخطيط، ركزت ماكان يختزنه فى الذاكرة عن قريته ، وكل الحب الذى كان يحمله لها ، وفى أطار لحظة من العمر توقف عندها الزمن . لم تتغير القرية ولم تتبدل ولم تضمحل، بقيت معلقة فى لحظة تاريخية معينة. وعلى البعد أزدادت الصورة المختزنة بالحنين توقدا وتوهجا وصفاء. وتعمقت خطوط ملامحها فى ذهنه .
    وبعيدا عن التجارب القصصية الناضجة منها والفجة ، والجاد منها والهازل، نمت ملكته الفنية وسط مجتمع أرتقى فيه الفن القصصى الروائي الى سماوات من الأبداع الفنى استوعبه واستلهمه ,بينما القدم راسخة فى الارض والقلب فى موضعه لم يتزحزح.
    وأرتباط الطيب صالح بألأرض والتراث واضح فى كل أعماله ، يعبر عنها الراوي فى "موسم الهجرة للشمال" و"دومة ود حامد" و"الرجل القبرصى" و "ضو البيت" و" مريود".
    وفى "موسم الهجرة ألى الشمال" يتحدث الراوى عن عمق حبه لأهل قريته يقول : سبعة أعوام وأنا أحن أليهم وأحلم بهم . ولما جئتهم كانت لحظة عجيبة أن وجدتنى حقيقة قائما بينهم ، فرحوا بى وضجوا حولى ،ولم يمض وقت طويل حتى أحسست كأن ثلجا يذوب فى دخيلتى فكاننى مقرور طلعت عليه الشمس .ذلك دفء الحياة فى العشيرة فقدته زمنا فى بلاد تموت من البرد حيتانها .
    النخلة والنيل والجد رموز بقائه وأستمراره وعمق جذوره . ينظر الى النخلة فى فناء الدار فيحس بالطمأنينة :
    أحس أنى لست ريشة فى مهب الرياح ولكنى مثل
    تلك النخلة مخلوق له أصل وله جذور و له هدف.

    وينظر الى النهر ويشعر بالرضى :
    أحس بالأستقرار ، أحس
    باننى مهم ومستمرومتكامل

    لالست انا الحجر يلقى فى الماء
    2

    لكننى البذرة تبذر فى الحقل
    ويعانق جده فيحس بالغنى :
    كأننى نغمة فى دقات قلب الكون نفسه

    وحين يقارن نفسه بمصطفى سعيد ويوازن تأثير الغربة عليهما ،ندرك مدى أرتباطه بأهله وببيئته:
    (( لقد عشت أيضا معهم ، ولكننى عشت معهم على السطح لاأحبهم ولا أكرههم – كنت أطوى ضلوعى على هذه القرية الصغيرة أراها بعين خيالى أينما ألتفت . أحيانا فى أشهر الصيف فى لندن ، أثر هطلة مطر كنت أشم رائحتها . فى لحظات خاطفة قبيل مغيب الشمس كنت أراها . فى أخريات الليل كانت الأصوات ألأجنبية تصل الى أذنى كأنها أصوات أهلى هنا .أنا لابد من هذه الطيور التى لاتعيش الا فى بقعة واحدة من العالم )).

    صورة من القرية
    ونلمس أرتباط المؤلف بجذوره فى قدرته على أختزان كل مايتصل بالقرية وأهلها فى ذاكرته .كل صورة مهما صغرت واضحة فى وجدانه يستحضرها دون عناء: حكايات القرية ، أساطيرها وخرافاتها وعبثها واحلامها وجلساتها ومكر أهلها وأفراحها وأحزانها وذكريات فيضاناتها وحصادها وزراعتها وعاداتها فى الزواج والختان ودفن الموتى. أختزن عقله المذهل كل شئ حتى رائحة التربة والثمار حتى أصوات النخل والزرع والطير، حتى حفيف اوراق الشجر حين يداعبه النسيم. ينقل لك كل ذلك فى عفوية حتى ليجعلك تحس أنك جزء من تجربته ، تسير فى شوارع القرية ، وتشارك فى مجالسها وتشم رائحتها وتصل الى أذنك أصواتها وتتكشف لك فى كل بساطتها وفقرها وحنوها وعبثها .
    ينقل لك مزاح بت المجذوب فى" موسم الهجرة الى الشمال" وهو مزاح لايخلو من بعض فحش ، ولكنه فحش قروى برئ ، لايترك فى النفس مرارة لأنه لايتعدى دائرة اللسان ، يضحكهم ساعة أو بعض ساعة ثم يستغفرون الله ويروحون فى حال سبيلهم .
    ويحدثك عن مسبحة خشب الصندل فى يد جده وهى تدور فى حركة دائبة كقواديس الساقية .وبنفس القدرة على أستيعاب التفاصيل يصف لك الباخرة بصافرتها المبحوحة وهى تمر كقلعة عائمة بين شاطئين تغطيهما غابات كثيفة من النخل وتدور فيها سواقٍ ، ويقف عليها رجال يزرعون ،صدورهم عارية وسراويلهم طويلة.
    ويحكى لك عن المنازل المطلية بالطين الاسود وزبالة البهائم ، وحوش جده حيث ينشر التمر على بروش ليجف ،ويتكوم الشطة والبصل وأكياس القمح والفول وحيث تقف عنز فى الركن تمضغ شعيرا وترضع مولودا .
    ويقدم لك صورة شعبية واضحة المعالم لبيت جده ويحدثك المؤلف عن أدوات التجميل عند النساء فى القرية واكثرها سودانية خالصة : الكحل والدلكة ومايفعله العريس فى ليلة زفافه حين يلبس الحريرة ويتمسح بالدلكة ويضع الضريرة على الرأس وتحيط به الصبايا يهزجن بالأغانى .
    ويحتفظ الطيب صالح فى رأسه بذخيرة كبرى من الشعر الشعبى والدوبيت يستشهد بها فى رواياته .وفى رأسه موسوعة ضخمة من الالفاظ والتعبيرات والأمثال اشعبية التى لم تفلح سنوات الغربة فى محوها من ذاكرته.وتتردد فى أقوال شخصياته عبارات مثل" الفحل ما عواف"


    3
    "والعنزه تاكل عشاه" ، و"الغزال قالت بلدى الشام"، و"فلان تلقاه فى الحارة والباردة" ،و"كله كوم وهذا كوم" وغير ذلك من التعبيرات التى تطالعك فى كل صفحة من صفحات رواياته.والطيب
    يعرف كل صغيرة وكبيرة عن الطب البلدي . ينقل اليك حديث الطاهر ود الرواسي مع سعيد عشا البايتات ينصحه الطاهر:
    " زمان قلنا ليكم عليكم بالحلبة والجنزبيل ، الجنزبيل الصباح على الريق والحلبة قبل النوم والعجب كمان تشرب ليك كباية سمنه كل يوم " ويجيبه سعيد: "كله جربناه مانفع ،بلدى وأفرنجى .... شربنا موية القرض والحرجل ، وقرشنا التوم و البصل. وآخر الزمن كمان الناس قالوا تسوي الحنة وناس قالوا تقعد فوق دخان الطلح" .
    وفى رواية ضو البيت تصوير مبدع لعادة البطان فى قرى شمال السودان يعنى المبارزة بالسياط لأظهار الشجاعة والقوة أمام الفتيات . ويبلغ التصوير درجة عليا من الاتقان بحيث يشعر القارئ بوقع السياط على جلده.
    وبعيدا عن التفاصيل المتناثرة فى ثنايا كتاباته يجد القارئ أحيانا وصفا مجملا للقرية فى كلمات موحية مضيئة تنزلق فى حلاوة على حافة اللسان كما لو كان الكاتب شاعرا مجيدا ضل طريقه الى عالم الرواية .
    يحكي محيميد كيف طلب الأحالة الى المعاش ليعود للقرية :
    "وقتين طفح الكيل ، مشيت لى أصحاب الشأن قلت لم خلاص ،مش عاوز أدونى حقوقي عاوز أروح لى اهلى ، دار جدى وأبوي أزرع وأحرث زى بقية خلق الله أشرب الموية من القلة وآكل الكسرة بالويكة الخضرا من الجروف ، وأرقد على قفاى باليل فى حوش الديوان أعاين السما فوق صافية زى العجب والقمر يلهلج زى صحن الفضة ، قلت ليهم عاوز أعود للماضى ، أيام كان الناس ناس والزمان زمان ". ويرد عليه ود الرواسى فى صورة شعبية شاعرية أكثر أشراقا :
    "أنت يامحيميد اما شاعر أو مجنون ، أو خرف الشيخوخة . لكن أهلا بيك ومرحبا . ود حامد مسجمة ومرمدة ، فى الصيف حرها مابيتقعد وفى الشتاء بردها اجارك الله النمتي وقت لقوح التمر ، والصنبان وقت طلوع المريق ،فيها الدبايب والعقارب ومرض الملاريا والدوسنتاريا حياتها كد ونكد ، مشاكلها قدر سبيب الراس . أسألنا نحن خابرنها زين . الولادة بى كواريك والموت بى كواريييك ، جنابك قضيت حياتك كلها منجعص فى مكتب تحت المروحة ، الموية بالحنفية والنور بالكهرباء والسفر درجة أولى هالا هلا! ماوقفت قراع عز الشتا ، ماركبت الحمير لامن جعباتك ورمن، لاقعدت تعاين للتمر لامن ينجض يا الله السلامة ما تصب عليه مطرة ولا تحتوا هبوب. ماحرست القمح وأيدك فوق قلبك يصيبه طير ولا دانقيل . وهسع وقت الصعيد جاب الهبوب مقلوبة ، جيت تكوس رقدة الديوان ، تعاين للقمر يلالئ فى سابع سما . مرحبتين حبابك ألف واهلا وسهلا.
    وفى حديث محمود ود جبر الدار للغريب الذى حط على القرية فى رواية (ضو البيت) نتعرف على صورة معنوية للقرية وأخلاق سكانها صيغت بنفس الأسلوب الشاعري المحكم
    " ياعبد الله نحن كما ترى نعيش تحت ستر المهيمن الديان. حياتنا نكد وشظف لكن قلوبنا عامرة بالرضى ، قابلين بى قسمتنا التى قسمها لنا الله . نصلي فروضنا ، ونحفظ عروضنا متحزمين ومتلزمين على نوائب الزمان وصروف القدر . الكثير لايبطرنا والقليل لايقلقنا حياتنا طريقها مرسوم ومعلوم من المهد الى اللحد .القليل عندنا عملناهو بى سواعدنا ، ماتعدينا على حقوق انسان . ولا أكلنا ربا ولا سحت ناس سلام وقت السلام وناس غضب وقت الغضب . المابعرفنا يظن اننا ضعاف أذا نفخنا الهواء يرمينا . لكننا فى الحقيقة مثل شجر الحراز النابت فى الحقول ".




    4
    التراث الروحى
    ولقد كان طبيعيا فى أطار هذا التلاحم بين المؤلف وبيئته وتمثله الكامل لها أن يكون التراث الدينى الروحى الشعبي فى السودان هو أكثر المؤثرات قوة ووضوحا فى أعماله الروائية . ولقد لعب هذا التراث دورا كبيرا فى حياة السودانيين فى الماضي بسبب عزلتهم عن منابع العلوم الفقهية .ولقد كانت القوة الروحية المتمثلة فى الفقراء والزهاد والنساك والصالحين هى الملجأ والملاذ ضد الطبيعة وقسوة الحياة وظلم الولاة .وقد أستغل ذلك لمصلحته الخاصة بعض ضعاف الأيمان فأدعوا لأنفسهم قوى خارقة مستغلين بساطة العامة .
    والطيب صالح فى تأثره بالأثر الروحى وتمثله له فى أعماله الروائية يمنحه قوة أيجابية أنسانية منتزعة من أيمانه الدينى العميق ، ويتجاوز به المشعوذيين ، الى التسامى بهذا التعلق الروحى ليكون منارة للخير ونصرة الضعيف وأحقاق الحق وأطلاق طاقة الحب التى هى عصب الحياة. فالذين يسلط الضوء عليهم مثل ود حامد والحنين ونصر الله وبلال هم الفقراء الزهاد المنقطعون الى عبادة الله . وهم لايدعون لأنفسهم قدسية تبيح لهم أستغلال الناس وخداعهم ولا يطمعون فى شئ من عرض الدنيا. وكل مانسب اليهم يحمل الخير ويدعو الى الخير وينصر الضعيف ويفك ضائقة المعسر ،وقوتهم أنما تكمن فى عمق أيمانهم بالله وتجردهم من المطامع لا فى أدعاء قدرة ذاتية من دون الله.
    طاقة الحب
    ويتمثل أبلغ تأثير للتراث الروحى عند الطيب صالح فى تركيزه على طاقة الحب بأعتبارها طريق الخلاص الوحيد للبشرية .
    يقول الطاهر ود الرواسي لمحيميد فى رواية ( مريود) : الحياة يامحيميد مافيها غير حاجتين أثنين الصداقة والمحبة . ماتقول لى حسب ولا نسب ولاجاه ولا مال. أبن آدم أذا كان ترك الدنيا وعندو ثقة انسان واحد يكون كسبان .
    ولم يكن وجه الزين حسنا أو وجيها كان بعكس ذلك أبلها مهزارا لاحيلة له ،ومع ذلك أختارته النعمة بعد أن رفضت وجهاء البلد لأنها ادركت الجمال الحقيقى فيه. وكان بلال أسود منصرفا عن الدنيا فى لسانه لكنة وعجمة ومع ذلك أحبته حواء بنت العريبي حبا جنونيا يقرب أن يكون وجدا صوفيا . ثم لما أنصرف عنها ليتفرغ لنسكه ظلت وفية له حتى ماتت كما فعلت ليلى العامرية فى النصوص الصوفية الفارسية أذ رفضت ان تمنح نفسها للزوج الذى فرض عليها وظلت عذراء وفية لحبها حتى الموت .وسارت على هذا النهج حسنة بنت محمود التى أصبحت مقتنعة كليلى العامرية أن الزواج الذى فرض عليها .لايجوز فى شرع الدين أو العاطفة النبيلة التى تحملها لزوجها المتوفى ولهذا أنهارت عندما أراد ود الريس أن يدنس هذه العاطفة ففضلت الموت على أن تستسلم له وظلت مريم وفية لذكرى حبها الاول حتى الرمق الأخير غير قادرة على أن تغفر لمريود ضعفه وتخليه عنها. وهذا الحب الطاغى المجرد هوالذى ظل يميز فاطمة بنت جبر الدار وقد ظل حبها النعمة الكبرى التى ظل يشيد بها زوجها فى كل مجلس ( ها الله ها الله يافاطمة بت جبر الدار ) وكلهن يفترقن قليلا ثم ينصهرن فى شخصية واحدة ذات أسماء متعددة .
    والزين الذى تحسبه القرية درويشا أبله مهزارا كان قويا بقدرته الفائقة على الحب كان رسولا له ينقل عطره من مكان الى مكان. كان قلبه الكبير يحتضن المنبوذين والمحرومين

    والفقراء والدراويش والشواذ فى القرية كعشمانة الطرشاء وموسى الأعرج وبخيت المشوه والحنين ،

    5-
    وبهذا القلب الكبير أستطاع أن يحتضن القرية كلها فجاءت بكل تناقضاتها لتشاركه فرحة زواجه من أجمل فتاة فى البلد. أصبح الزين بحبه نقطة التقاء لكل العوالم المتناقضة والمتخاصمة وحتى فى لحظة فرحه وهو فى قمة أنتصاره وبهجته لم ينسى صديقه (الحنين) دفعه الحب لأن يترك حفل عرسه ليبكي وحيدا أمام قبر الرجل الصالح الذى حال موته دون المشاركة فى الزواج . لم يكتفى الزين بأن جمع حوله بالحب كل العوالم المتناقضة ، أراد أن يشرك حتى الاموات فى فرحته .
    وعلى النقيض من ذلك كان مصطفى سعيد ، أراد له المؤلف أن يكون الوجه المضاد تماما للزين كان الزين ابلها فى نظر الناس ولكنه كان يملك قلبا كبيرا يسع القرية كلها. وكان مصطفى سعيد ذكيا يملك عقلا جبارا كمدية حادة وفى صدره أحساس بارد هامد ، طاقة الزين جمعت واسعدت وجلبت الخير، وتحول مصطفى سعيد باحساسه البارد الهامد لطاقة مدمرة تسببت فى أنتحار فتاتين وحطمت حياة أمرأة متزوجة ثم قادته فى النهاية فتاة سوداوية المزاج فى طريق مظلم يؤدى الى الجريمة والجنون والموت.
    مصطفى سعيد كان أداة فى يد الشر لانه ببساطة كان يزيح القناع الوردى عن وجه الحياة فيبدو قبيحا لايحتمل . كان يعرى الحياة من الوهم والحلم فيجعلها قاحلة كئيبة .
    يقول له القاضى قبل ان يصدر الحكم عليه " أنك يامستر مصطفى سعيد رغم تفوقك العلمي رجل غبي ، ان فى تكوينك الروحى بقعه مظلمة لذلك فأنك قد بددت أنبل طاقة يمنحها الله للناس طاقة الحب .ومصطفى سعيد نفسه يدرك ذلك ولكن البقعة المظلمة فى داخله تدفعه الى الهلاك يقول للراوي:
    " نعم اعلم الآن أن الحكمة القريبة المنال تخرج من أفواه البسطاء هى كل املنا فى الخلاص ، الشجرة تنمو ببساطة ، وجدك عاش وسيموت ببساطة ذلك هو السر ولكن الى أن يرث المستضعفون الارض ، وتسرّح الجيوش ويرعى الحمل آمنا بجوار الذئب .....الى ان ياتى زمان السعادة والحب هذا ، سأظل أنا أعبر عن نفسى بهذه الطريقة الملتوية ".
    وفى بندر شاه حيث يبلغ الحب الروحى اقصى مداه ،يرتبط الحب الصوفى بالحب الانساني فى صورة رائعة مؤثرة تتمثل فى حب حواء بنت العريبى لبلال
    " لم يعلق قلب حواء هذه من دون الناس جميعا الا ببلال فكانت تعرض له فلايرد عليها ولايجاوبها وظن الناس أول الامر انها تعبث به ثم تيقنوا أنها وياللعجب قد هامت به هياما كاد يذهب عن نفسها . ولما اعيتها الحيلة ذهبت الى الشيخ نصر الله ود حبيب وشكت له وتذللت . فأشار على بلال أن يتزوجها فقال له " ياسيدى روحى فداك لكن لاتخفى عليك خافية .انا ماشى فى دروب اهل الحضرة وأنت تأمرنى بأفعال أهل الدنيا " فقال له الشيخ " يابلال ان دروب الوصول مثل الصعود فى مسالك الجبال الوعرة .مشيئة الحق غامضة يابلال أن حب بعض العباد من حب الله وهذه المسكينة تحبك حبا لا أجده من جنس حب اهل الدنيا . فعسى الحق أن يكون أرسلها اليك لأمر أراده .عساه جلت مشيئته أراد لك ان تختبر ميزان حبك بميزان حب هذه المسكينة لك . فاما صحوت وانقطع سبيلك . وأما أزددت ظمأ الى كأس الحب السرمدي ويكون الحق سبحانه وتعالى انفذ مشيئته بأذلالك فى أرادته القصوى " .
    وتزوجها بلال طاعة لشيخه وأنجبت أبنا واحدا هو الطاهر ود الرواسي .يحدث محيميد عن امه بعد موتها ويقول :
    "مارأيت حبا مثل حب هذه الام.. وماشفت حنانا مثل حنان تلك الأم .ويوم يقف الخلق بين يدي ذى العزة والجلال ..سوف أقول : ياصاحب الجلال والجبروت عبدك المسكين –الطاهر ود بلال
    ولد حواء بنت العريبى يقف بين يديك خالى الجراب مقطع الاسباب ماعنده شي يضعه فى ميزان عدلك سوى المحبة.

    * بروفيسور محمد ابراهيم الشوش،مستشار اعلامي بسفارة السودان في الدوحة،المستشار الثقافي في لندن ،رئيس تحرير مجلة الدوحة في السبعينيات،عميد كلية الادآ ب جامعة الخرطوم رئيس شعبة اللغة العربية ، استاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة البرتا في كندا،كاتب زاوية بصحيفة الرأي العام .
                  

العنوان الكاتب Date
مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +صور) Faisal Al Zubeir10-04-10, 05:48 PM
  Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 05:52 PM
    Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 05:55 PM
      Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص عثمان كباشي10-04-10, 09:36 PM
        Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:01 PM
          Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:02 PM
            Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:05 PM
              Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:09 PM
                Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:10 PM
                Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:10 PM
                  Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:12 PM
                    Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:14 PM
                      Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص Faisal Al Zubeir10-04-10, 10:17 PM
                        Re: مع الطيب صالح في الدوحة .. حديث الذكريات .. النور حمد يقدم رؤية جديدة ( ندوة الاعلاميين +ص عبدالأله زمراوي10-06-10, 07:42 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de