اليوم الوقفة وبكره العيد والقنوات ووكالات الأنباء والمسئولين العالميين من رؤساء الدول ووزراء الخارجية والملوك ، كلهم انشغلوا بخبر متوقع لعزم كنيسة نكرة في الولايات المتحدة إحراق نسخ من القرآن الكريم في ذكرى 11 من سبتمبر. إن مثل هذه التصرفات لا يقصد منها سوى إلهاء العقل المسلم بمعارك إنصرافية استفزازية تصرفه بعيدا عما يحاك له أو ما يحدث له الآن من مصائب على يد حارقي المصحف أنفسهم ، ولكن بصورة أنكى وأشد إيلاما. حرق المصحف الذي يستنكره الجميع مثله مثل معركة الرسوم الكاريكاتورية في الصحيفة الدنماركية قبل عام أو عامين . لا يلكف الأمر شيئا سوى رسام وفرشة أو لوحة كمبيوتر وبرنامج رسومات لتخرج بعدها الآلاف في العالم الإسلامي مهتاجة ومتظاهرة وغاضبة ، وبعدها نسمع عبارات الشجب والاستنكار هنا وهنا . يوميا يسقط العشرات في مناطق القبائل بين باكستان وأفغنستان تحت قصف الطائرات بدون طيار ، عشرات ، حتى تعودت الأذن على سماع مثل هذا الخبر دون أن يثير أية نوع من الإستياء والاستنكار وهذا التعود هو المطلوب. والمحزن والمضحك في آن أن فضائية عربية تذيع الخبر في شريطها الإخباري مشفوعا بعبارة تصف الضحايا بقولها : … يبدو أنهم من المتشددين‼ يا للروعة ، أية شرعية أكثر من ذلك تضفيها مثل هذه العبارة التبريرية على ذلك القصف اليومي المتكرر والذي تموت بسببه أسر وأطفال في حرب يومية حرب غير معلنة ‼ بالله عليكم ، هل هذا أسوا أم : قيام كنيسة أمريكية نكرة بحرق بعض نسخ القرآن الكريم ؟؟ ولماذا أقول كنيسة نكرة ؟ وهل في امريكا كنائس نكرة ؟ نعم ، إن أمريكا هي بلد الإنشقاقات المستمرة في المسيحية ، وبلد الكنائس التي تظهر تباعا الواحدة تلو الأخرى بمذاهب وتفسيرات جديدة في الكتاب المقدس .
المذاهب العالمية المعتبرة والمعروفة في العالم المسيحي هي : الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية وما يتفرع منها من فروع أخرى تستمد تراثها العقائدي واللاهوتي من هذه المذاهب الكبرى. هذه الكنيسة النكرة التي ستكتسب سمعة كبرى في عالمنا الإسلامي لا يتعدى عدد أعضائها الـ 50 عضوا حاليا ، وفي الولايات المتحدة بإمكان أية شخص أن يأتي يتفسيراته الخاصة للكتاب المقدس وما أن يقتنع بها بضعة افراد حتى يفتتح كنيسته الجديدة ولو في جاراج بيته . تأسست هذه التي يطلق عليها كنيسة عام 1985م بواسطة رجل يدعى دونالد أو. نورثرب Donald O. Northrup دونالد هذا كان قبل سنوات وتحديدا عضوا ملتزما في ما يعرف بـ Maranatha Campus Ministries وهذه تم حلها وتفتيتها نهائيا عام 1989م بسبب الاستبداد والتسلط الداخلي والانتهكات التي عانت منها أعضائها ، وأعطي الخيار للأعضاء بتأسيس كنائسهم المستقلة أو الذوبان في كنائس أخرى. أثناء سنوات عضويته بالـ Maranatha Campus Ministries تعرف دونالد بالنكرة تيري جونز وتوفي دونالد عام 1996م ، وبعده بسنوات انسحبت أرملته دولوريس من الكنيسة بسبب مخاوفها من أسلوب شريكه تيري جونز في الإدارة. تيري جونز هذا أسس في ألمانيا كنيسة إسمها Christliche Gemeinde Köln من عام 1981م حتى عام 2008 م و عزل من قيادتها ، وكان السبب في عزله تصريحات لاهوتية لا يمكن الدفاع عنها في إطار قوانين الإيمان المسيحية . وبعد طرده من الكنيسة التي قام بتأسيسها أغلقت الكنيسة ابوابها لفترة ثم عادت تحت قيادة جديدة. وفي موقع الكنيسة الأمانية التي أسسها تيري جونز وطرد منها تجد هذا الإعلان في الصفحة الأولي : ((عزيزي الزائر :من وقت لآخر ، فإننا نشير إلى أننا ننأى بأنفسنا بصورة مستمرة من المؤسس تيري جونز وهدفه في الولايات المتحدة. لهذا السبب اقتصر عرضنا على صفحتنا الرئيسية. لقد إنفصلنا تماما عن السيد تيري جونز منذ عامين ونصف ولم تعد لنا أية علاقة به )) وفي عام 2008م استطاع تيري جونز أن يصير راعيا لهذه التي تسمى هذه الايام تضخيما وتضليلا :كنيسة . كنيسة أو مجموعة في فلوريدا من 50 عضوا. تمتلك هذه الكنيسة أكاديمية بها عدد من الطلاب وهم محرومون خلال فترة الدراسة من أية تواصل خارجي حتى مع أسرهم ، كما يعملون بدون رواتب أو مخصصات في بيع الاثاث لشركة اثاث تملكها زوجة تيري جونز ‼
هذه هي الخلوة على الطريقة الأمريكية الطريق الأسهل نحو الشهرة : الهجوم على الإسلام. في عام 2009م قام الباحث عن الشهرة تيري جونز بتعليق لافتة على مبنى كنيسته يقول : الإسلام هو الشيطان. ولم تمض بضغة أشهر حتى قاموا بتعليق لافتة كتبوا عليها الآية القرآنية : فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ، وهنا بدأت الثمار باحتجاج مجلس العلاقات الخارجية للمسلمين الامريكان الذي أصدر بيانا يقول فيه أن النص نزع من السياق. وحالما أدرك تيري جونز أن هناك من بدأ ينفعل برسائله الملغومة حتى انتقل لمرحلة جديدة فقام بتعليق أعلان يبدو فيه رجل مسلم يقوم بشنق رجل مسيحي. المرحلة التالية كانت قيام بعض أعضاء الكنيسة بإرسال أطفالهم للمدرسة وهم يرتدون فنايل كتب على صدرها آية من الكتاب المقدس :
(الطريق الوحيد للآب يمر لا يكون إلا بواسطتي ) وعلى ظهرها كتبوا : الإسلام من عمل الشيطان. وفي عام 2010م اعلن تيري جونز خطته لحرق القرآن بمناسبة الذكرى السنوية لأحداث 11 سبتمبر ، واليوم العالم كله يتحدث عن التويفه تيري جونز والكنيسة الأمريكية ، وحين يسمع الناس كلمة كنيسة لا يتصورون أنها مجموعة من الناس عددهم 50 شخصا ، لاينتمون لأية من المذاهب المعروفة في العالم المسيحي. حصل تيري جونز على الشهرة واعترافا إعلاميا بمجموعته التى يسميها الإعلام الموجه نحو العالم الإسلامي :كنيسة. وهم يعلمون أنها ليست كنيسة ، بل ليست أكثر من مجموعة للعبادة : Cult . وما تتسلط نحوه الكاميرات لتشغل به المسلمين والعالم الإسلامي يحدث أسوأ منه يوميا حين تقوم الطائرات السمتية الامريكية بالقصف اليومي وقتل العشرات في حرب صامتة غير معلنة ضد القرآن في قرى باكستان وأفغانستان . الحرب ضد مدارس القرآن الكريم (الخلاوي): يقوم الإعلام الامريكي حاليا بتصوير هذه المدارس بصفتها الورش التي تقوم بتوليد أرهابيي المستقبل حتى صار مصطلح مدرسة madrassa مرادفا للإرهاب وأنهم في هذه المدارس يدرسون كراهية أمريكا ‼ وللذكرى : جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي وخلال حملته الإنتخابية لفت الإنتباه إلى وجود سبعة ألف مدرسة madrassas (خلاوي) في المناطق الجبلية بين باكستان وأفغانستان تحرير طلاب أمريكان ( من أصل باكستاني) وهناك حملة حاليا لتحرير الطلاب الأمريكان ذوي الأصول الباكستانية من هذه المدارس والعجيب أن والدهم الباكستاني المقيم في الولايات المتحدة هو الذي أرسلهم ، وهم يتدخلون لتحريرهم وإعادتهم لأمريكا ، ليس ذلك فقط ، بل لديهم خطة لتحرير مئات من الطلاب الأمريكان من داخل هذه المدارس. حرق المصحف من كنيسة مجهولة ومن تويفه يدعى تيري جونز ليس إلا حملة تشويش على العقل المسلم. حملة تلفت إنتباه العقل المسلم بعيدا عن الحرب الحقيقية التي تستهدف المصحف الذي في الصدور. للقرآن رب يحميه كل عام وأنتم بخير
العنوان
الكاتب
Date
حرق المصحف في الكنيسة الأمريكية :صرف الذهن المسلم و… للقرآن رب يحفظه
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
كمال حامد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست