لقاء اذاعي ،،نادر ،، مع الشاعر عبد المنعم عبد الحي سنة ١٩٦٥م

Quote: الشاعر الكبير عبد المنعم عبد الحي شخصيّةً سودانيّةً أصيلة وصميمة، إذ تعود جذوره إلى جنوب السودان فهو من أصل دينكاوي، نشأ ما بين الخرطوم التي درس فيها بعضاً من مرحلته الأوليّّة في مدرسة الخرطوم الجديدة الأوليّة، ثم انتقل إلى امدرمان ليتم إلحاقه بمدرسة الموردة الأوليّة التي كانت تحمل اسم مدرسة العباسيّة، حسب ما جاء في حديث ذكرياته لإذاعة ركن السودان بالقاهرة، الذي سجّل له الأستاذ فؤاد عمر، أو في الحقيقة قام بتفريغ مذكِّرات الشاعر عبد الحي التي سجلها لإذاعة ركن السودان عام 1970 وتمت اذاعتها لأوّل مرة في أول يناير 1971 .. . العلاقة بين فؤاد عمر والشاعر عبد المنعم عبد الحي قديمة امتدت لخمسة وأربعين عاماً، وهو من وضع كلمات شعار برنامج (حبابك عشرة يا زائر ) الذي كان يقدِّمه الأستاذ فؤاد عمر، وقد وضع اللحن لذلكم الشعار الأستاذ الراحل الموسيقار برعي محمد دفع الله. بالأمس أشرنا إلى أن تاريخ ميلاد الشاعر عبد المنعم عبد الحي غير معروف بالنسبة لنا وإن كنا نرجِّح أنه كان ما بين عامي (1920 -1922)، أمّا تاريخ وفاته فقد كان في العام 1975 .. أما أوّل من تعرّف عليه من أهل الأدب والفن والشعر فقد كان زميله في المدرسة الأوليّة بالموردة وهو الشاعرالراحل مبارك المغربي، وقد حكى لزميله عبد المنعم أنّه يقيم بجوار الفنان ابراهيم عبد الجليل وأنّه يزورهم في البيت ويسمعه يغنِّي، ولم يكن التلميذ عبد المنعم قد سمع بابراهيم عبد الجليل إلا في الاسطوانات خاصة اغنيته «هاتي لي شيء من روحي يا الجاهلة أم سماح .. وخدي الفؤاد والعافية وأديني السماح».. ومنذ ذلك الوقت اهتم عبد المنعم عبد الحي بأمر الغناء. في أوائل الثلاثينات انتقل عبد المنعم عبد الحي إلى المدرسة الوسطى، تحديداً إلى مدرسة امدرمان الأميريّة الوسطى، وافترق عن صديقه مبارك المغربي الذي ذهب للدراسة في مدرسة أم درمان الأهليّة .. وفي السنة الثانية من الدراسة بالمرحلة الوسطى غادر عبد المنعم عبد الحي أم درمان إلى القاهرة، وكان ذلك عام 1934، ومنها الى شبين الكوم، لأن شقيقه الأكبر كان يعمل هناك.. وقال إن والدته كانت تتمتّع بصوت جميل وكانت تحفظ وتردِّد أهازيج صوفيّة وبعض المدائح النبويّة التي لم يميِّزها آنذاك لكنه كان يهتز لبعض الألحان. في العطلة المدرسية غادر إلى القاهرة لقضاء العطلة مع شقيقه الأكبر إدريس عبد الحي وفوجئ هناك بوجود (هيصة) أو كما قال، ووجد المرحوم الحاج محمد أحمد سرور والمرحوم كرومة ومعهم شقيقه أحمد عبد الحي الذي كان يعزف لهما على آلة الكمان، وكان يدرس في تلك الأيام الهندسة بالجامعات المصريّة.. وقال عن تلك الفترة - أي إجازة عام 1935م - أنها فترة استمتع فيها بالغناء، وأنّهم كانوا يقومون بعمل «البروفات» - أي التمارين - منذ الصباح حتي العصر ويشاركون فيها جميعهم باستثنائه هو وحده الذي كان المستمع الوحيد لهم. يقول الأستاذ الشاعر عبد المنعم عبد الحي في ذكرياته تلك إنه قرّر بينه ونفسه أن يكون في مصر - ويعني القاهرة - بدلاً عن مدينة شبين الكوم، طالما أن مجموعة الفنانين تأتي إليها لتسجيل الاسطوانات لدى «مشيان»، وأنّه في تلك السنين بدأ الطلاب السودانيون في التوافد إلى مصر وانفتحت أمامهم أبواب النادي السوداني الذي احتضنهم اعتباراً من العام 1936 وكانوا يحرصون على الخروج من داخلياتهم كل خميس ليكون النادي مقراً للقائهم، وكان بعضهم يهوى الغناء ويمارسه أمام زملائه، إلى أن حدثت مفاجأة سارة قلبت كل المفاهيم بالنسبة للشاعر عبد المنعم عبد الحي، وهي وصول الفنان والموسيقار الكبير الراحل اسماعيل عبد المعين وسمعه يغني - لأوّل مرة - أغنية «غزال البر يا راحل .. حرام من بعدك الساحل» وظل يتوافد على النادي يومياً، إذ كان طالباً خارجيّاً ولم يكن يقيم بالداخليّات، من أجل أن يلتقي بالفنان عبد المعين الذي لم يبخل عليه بشيء من المعارف في الغناء.