نقلا عن الراي العام : يحي العوض و "الشتات السوداني: مفاجآت البحث عن الجذور..!"

Quote: لكن الإسلام وصل قمته باعتلاء موتيسا لعرش بوغنده في عام 1856م إذ أبدي رغبة شديدة في معرفة الإسلام و دراسة القرآن و تعلم الغة العربية كما أنه قام بصيام رمضان و حث أتباعه عليه و أمر بأكل الحم المذبوح على الطريقة الإسلامية فقط. ليس ذلك فحسب بل أن موتيسا أصدر أمرا بمراعاة تطبيق التشريعات الإسلامية. كان لتزايد نفوذ التجار العرب و المسلمين و مساعدتهم لموتيسا في حروبه ضد أعدائه و إدخالهم لسلع مثل السلاح الناري أثره في كل ذلك فقد اتخذ منهم موتيسا مستشارين و كتاب و أطباء كما ساعد العرب على إدخال عدد من المحاصيل الزراعية مما ساعد على تنامي الزراعة و كان لجلبهم للأقمشة القطنية اثر كبير في تغيير زي المجتمع البوغندي الذي كان يعتمد على لحاء الشجر في صناعة ملابسه. لقد اختلف المؤرخون حول حقيقة اعتناق موتيسا الإسلام و دوافعه للإهتمام به و عزوا ذلك لدوافع سياسية و تجارية إلا أن مما لا شك فيه أن تقريبه للتجار المسلمين و اهتمامه بالإسلام قد لعبا دورا كبيرا في انتشار الإسلام وسط رجال البلاط و العامة. و كان أثر ذلك على الباغنده كبيرا فقد أضحوا يختنون أنفسهم و يدفنون موتاهم على الطريقة الإسلامية و يمتنعون عن تناول المشروبات الكحولية و أضحي بناء المساجد مظهرا من مظاهر العمران البوغندي. و على الرغم من أن موتيسا اضطهد المسلمين فيما بعد و أعدم عددا منهم نتيجة لتغير نظرتهم لشخص الملك الذي كان ينظر إليه على أنه أله مقدس لا يعصي له أمر و رمز السلطتين الروحية و الزمنية من جهة و لتزايد نفوذ المبشرين المسيحيين الذين وفدوا للملكة في اواخر عام 1879م إلا أن الإسلام واصل انتشاره و نجح أتباعه في تنصيب أول ملك مسلم في بوغنده عام 1888م و إن كان لعدة اشهر فقط لتبدأ أسهمه في الهبوط مع صعود نجم المسيحيين المدعومين بالشركات الأوربية و الاستعمار البريطاني. لكن ذلك لم يمنع المسلمين من الانتقال إلى مناطق أوغنده الأخرى حيث عمدوا إلى نشر الإسلام ، خاصة في مقاطعات الشمال و الشرق في مملكة البوسوغا، كما كان للجنود السودانيين المعروفين بالنوبة من بقايا الجيش المصري في جنوب السودان و الذين ضمهم البريطانيون لوحداتهم في أوغنده دورا مؤثرا في نشر الإسلام في اقاليم البنيورو في الشمال الغربي ووسط المادي في الغرب و الأشولي في الشمال. و إذا كان العرب و السواحلية قد شكلوا العنصر الأساسي من التجار المسلمين الذين ساعدوا علي انتشار الإسلام في داخل شرق أفريقيا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر فإن النصف الثاني من ذلك القرن و النصف الأول من القرن العشرين شهدا ظهور عنصر آخر كان له تأثيره المباشر و غير المباشر في حركة الأسلمة التي عمت مناطق شرق أفريقيا ألا و هم الهنود و الإسماعيلية منهم علي وجه الخصوص . ذلك أن اهتمام السلاطين العمانيين ، وعلي رأسهم السلطان سعيد بن سلطان الذي نقل عاصمته من مسقط إلي زنجبار في 1832، بحركة التجارة و الاقتصاد شجعا علي هجرة العديد من الهنود إلي المنطقة و علي فتح الكثير من الشركات و البيوتات التجارية الهندية فروعا لها في زنجبار و غيرها من المدن . وقد ازداد نفوذ التجار الهنود قوة مع بسط الاستعمار الأوربي سيطرته علي المنطقة في أواخر القرن التاسع عشر . هاجر الإسماعيلية و غيرهم من التجار الهنود المسلمين إلي شرق أفريقيا بدءا من عشرينات القرن التاسع عشر و فتحوا الكثير من المحلات التجارية في زنجبار و الساحل المقابل لها و في الداخل . و لعبوا من خلال دكاكينهم التي انتشرت وسط الأفريقيين دورا مؤثرا في دفع حركة الإسلام وسط المجتمعات الإفريقية . و كان للدعم الذي قدمه الإسماعيلية تجاه رفاهية المسلمين الأفارقة من خلال مؤسساتهم التعليمية و الاقتصادية اكبر الأثر في ذلك ( محمود الشيخ: 1999) و من التجار الذين ساهموا في نشر الإسلام في شرق أفريقيا ، في الجزء الشمالي الغربي منه علي الخصوص ، أي شمال أوغنده ، كان التجار الخرطوميين أو الجلابة . الخرطومين هم التجار المسلمون من سودانيين و مصريين وسوريين الذين كانوا يفدون من الخرطوم عاصمة الحكم المصري في السودان (1821-1898 ) إلي شمال أوغنده بحثا عن العاج و الرقيق . كان لاحتكاك هؤلاء بسكان تلك المناطق من خلال التجارة و الاستخدام أثره في إسلام الكثيرين منهم.( Soghayroun: 1981 ) http://www.mubarak-inst.org/stud_reas/research_view.php?[/QUOTE]id=22