الصحفي كمال محمد عثمان وأسرته (شهداء باذن الله) ... رحيل بلا وداع

Quote: من جهة أخري عبود عبد الرحيم الرحيل بلا وداع بعض المواقف التي نعيشها والعبارات التي نقولها او نكتبها تمضي دون أن نلقي لها بالاً لكنها تكتسب قيمتها اذا ارتبطت بموعد الرحيل عن الدنيا الفانية ، وتصبح ذات دلالات عميقة ولها ما بعدها ساعة الأجل ، هذا ما كان من أمري مع الزميل الشهيد كمال محمد عثمان رئيس القسم الاقتصادي في الصحيفة فقد تحدثنا يا كمال في كل شيء وحول كل شيء في تلك الدقائق من بعد ظهر الخميس المنصرم في مكتبي المجاور لمكتبك ، والورقة التي كتبت عليها ما أصبح (الآن) وصية راحل لا زالت معي بخطوطها وأرقامها وحاصل جمعها ، وكان الوعد بيننا أن نلتقي صباح الأحد ، ولكن هي مشيئة الله عز وجل أن يكون كل ما جرى معك بصيغة الماضي ، كل شيء يا كمال أصبح (كان) ، حيث أنك رحلت بدون حتى كلمة وداع ، نسأل الله أن يتقبلك يا كمال وصحبك من أفراد الأسرة مع الشهداء والصالحين ، ونسأله تعالى أن يعجل بشفاء المصابين في الحادث أم كمال وزوجته وأكبر أبنائه . رغم الفوائد المتعددة للهاتف السيار لكن في بعض الأحيان تتمنى أن يختفي من الوجود ، ورنين الهاتف هذه المرة يبلغك أن حادثاً مرورياً تسبب في استشهاد كمال وعدد من افراد أسرته ، يا لهذا الهاتف (اللعين) كيف يجروء على حمل مثل هذا النبأ ؟ ولماذا تفشل كل محاولات تكذيب هذه الآلة الصماء التي لا احساس لها ، وأعاود الاتصال بالزميل البراء متمنياً أن يتوقف عن المزاح فيعود لي صوت (البراء) باكياً ، ونمضي في طريقنا الي (المشرحة) متمسكاً بالأمل الكذوب وأهيئ نفسي للقاء (كمال) وتعزيته في شهداء أسرته ، غير أن الحقيقة والواقع الذي أجده هو أن كمال قد رحل رفيقاً لطفله الرضيع وشقيقته وزوجة عمه ولا حول ولا قوة الا بالله . أن يكون آخر عمل (كمال) في الدنيا هو صلة الرحم فتلك من مؤشرات الصلاح ورضاء الرب ، وأن يشهد جنازتك خلق كثير يدعون لك بالثبات ساعة السؤال فذلك دليل محبة الناس في الدنيا ورجاء الناس أن تكون ممن أحبهم الله ، وقيل أن الموت في يوم الجمعة من علامات حسن الخاتمة ويقي صاحبه عذاب القبر ، كل ذلك كان حاضراً في رحيل كمال وصحبه من أفراد أسرته نسأل الله أن يكتبهم من الشهداء . من يعزي من ؟ كل من يأتي اليك معزياً في كمال تجده الأولى بالعزاء ، كل أهل الصحافة والاعلام والزملاء بالاذاعة والتلفزيون ، كل أهل كمال وأصدقاء الأسرة الكبيرة جاءوا من كل مكان للوداع الأخير، نسأل الله أن يتقبله وشقيقته وزوجة عمه وطفله الرضيع عثمان وأن يجعل قبورهم من رياض الجنة ويكتب عاجل الشفاء للجرحى والمصابين من أسرته ، إنا لله وإنا إليه راجعون.