* عادة لا يتم طرح السؤال بهذه الطريقة من قبل الطرفين المؤيد والمعارض لمثول الأخ الرئيس عمر حسن أحمد البشير أمام محكمة الجنايات الدولية ، ولا من قبله هو شخصيا ،لأن الأمر عند هؤلاء جميعا لا يتعلق بسلامة الرجل بقدر ما يتعلق بأجندات أخرى أكثر أو أقل أهمية . * المؤيدون لاعتقال الرئيس أو امتثاله طواعية إما أنهم لاينتبهون إلى أن هذه النهاية سوف (تحمي ) الرئيس من الموت أو القتل أو ما هو أسوأ .. عن طريق التغيير الدموي العنيف الذي يظل متوقعا طالما ظل نظام الخرطوم مستمراً في إقصاء غالبية السوادنيين عن المشاركة السياسية والاقتصادية ... أو عن طريق القانون .. فحتى لو تغير النظام الحاكم الآن بطريقة سلسة أوبتدخلات خارجية على غرار العراق في 2003 م فمن غير المستبعد أن يتعرض الرئيس وغالبية المتنفذين الآن إلى الإدانة بتهم من عقوباتها الإعدام (وهذا هوبالضبط ما حدث لصدام حسين) ... أو حتى الموت (قضاءوقدرا) بحادث طائرة أو سيارة مثلما تكرر كثيرا خلال العقدين الماضيين وإما أنهم (هؤلاءالمؤيدين) يتعاملون بدرجة عالية من التسامي على رغبات التشفي والانتقام التي يبدو أنهم غارقون فيها من واقع هذا التأييد . فوصول البشير إلى لاهاي ، قسرا أو طواعية ، يبدو حتى الآن هو الاحتمال الوحيد لخلاص الرجل من قيد السلطة وربقتها وتبعاتها الكثيفة واحتفاظه بروحه بين جنبيه بذات الوقت. * الرافضون لهذه الفكرة في داخل نظام الخرطوم غلبت عليهم شقوتهم وغباؤهم أيضا ، ففقدان البشير لسلطته بهذه الطريقة يعرض تظامهم كله للمحاكمة ويعرض مصالحهم كلها للزوال ،هذا للوهلة الأولى ،ولكن لو أمعن هؤلاء التفكير قليلا فربما وجدوا أن المسألة أشبه بعملية بتر لأحد أطراف مريض السكر حين تكون هي الخيار الوحيد لنجاة هذا المريض من الموت . ومهما تبدو هذه (النمذجة) الآن بعيدة عما يمكن أن يحدث فعلا ، فإن أمر الإنقاذيين وعمر البشير ومحكمة الجنايات لا يبتعد في أوله وآخره كثيرا عنها . * ولكننا إذا قمنا بمجازفة طرح السؤال بطريقته الغريبة هذه (الخرطوم أم لاهاي. . أيهم أكثر أمنا للبشير الآن ؟)فإن محكمة الجنايات الدولية تبدو مخرجا وليست مأزقا .. سواء للبشير أو لنظامه الحاكم .. أو للسودان بصفة عامة وهذا هو الأهم . ولعمري فإن كل الخيارات الأخرى التي يفرون إليها تعجز أن تكون (مخرجا) على هذه المستويات الثلاث . * وعلى الرغم من أن الجرائم محل التهم في هذه القضية تتعلق بإزهاق مئات الآلاف من الأرواح الآدمية الطاهرة فإن القانون المعمول به في المحكمة الجنائية الدولية لا يحتوي على عقوبة الإعدام على الإطلاق .. وبهذا يكون أسوأ الاحتمالات اللاهاوية (نسبة إلى لاهاي ) أفضل من أفضل الاحتمالات الخرطومية في ظل الاحتقانات والتناقضات الماثلة وفي ظل أنه لم يعد بوسع البشير أن يفعل أكثر مما فعل .. لا بالنسبة لدارفور ولا بالنسبة للسودان ككل ..ولا بالنسبة لنفسه التي بين جنبيه والتي يتعين له أن يبحث لها عن إجازة طويلة أو تقاعد مريح يلتقط فيه أنفاسه ويحصي (سجله) ليتدبر ما عسى أن يكون به من إشراقات وانجازات واخفاقات وأخطاء .. وجرائم .. ويتوب إلى الله توبة نصوحا من التقصير الذي عسى أن يكون حدث في فعل الخيرات ومن الإسراف الذي عسى أن يكون قد حدث في ارتكاب الشرور... ولا سبيل يبدو إلى هذه الإجازة الطويلة وهذا التقاعد المريح إلا في لا هاي لو علم العالمون أو تدبر المتدبرون * * والأكثر من مجرد السلامة فإن وجود البشير في لاهاي في عقوبة السجن مدى الحياة (وهو الاحتمال الاسوأ هناك) يمكن أن يكون مربحا بشكل أكبر وأبرك من وجوده (رئيسا مزورا ومطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية) في الخرطوم . فعلى أقل تقدير يمكن للسيد عمر حسن أحمد البشير أن يجني ملايين الدولارات الحلال من الكتب والمقالات والمقابلات وغيرذلك أثناء تمتعه بالسجن الذي سيحميه أيضا من كل محاولات الثأر والانتقام والتصفية الجسدية التي يمكن أن تطاله – طال الزمن أو قصر – وهو في قصره الجمهوري في الخرطوم
(عدل بواسطة فتحي البحيري on 07-30-2010, 08:03 PM) (عدل بواسطة فتحي البحيري on 07-30-2010, 08:04 PM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فتحي البحيري
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست