لعناية الزميل حسين ملاسي بدون تهكم

Quote: وقال د. حسن موسى في مستهل الندوة أن التشكيل والسياسة في السودان موضوع واسع، مفضلاً الحديث عن (الفنان التشكيلي والعمل السياسي في السودان) على أساس أنه موضوع محدد، قائلاً بأنه [الحديث]: "يجعلنا نتحدث عمّا يهمنا يلح علينا كتشكيليين في السودان، وفي ذات الوقت يتيح مساحة للناس من خارج حلقة التشكيليين والذين لا تتوافر لديهم معلومات عن الذي يدور في هذا الجانب". وتابع بالقول: "عندما نتحدث عن الفنان التشكيلي في السودان نجده محدداً بتاريخه، وبالملابسات السياسية الاجتماعية التي تجعله يتخذ مواقفه، بشكل معين، ومن هذه الزاوية فإن مشهد الفنون التشكيلية يغدو جزءاً من المشهد السياسي السوداني، ومن هذه الزاوية نجد أن الفنانين التشكيليين السودانيين ضالعين في العمل السياسي بالقوة. وأذكر ونحن في مرحلة الطلب بكلية الفنون كانت لدينا مناقشة كهذه، وكان أصدقاؤنا في الجبهة الديموقراطية بجامعة الخرطوم يدعوننا من وقت لآخر، للذهاب الى جامعة الخرطوم، لتنظيم المعارض، وكانوا يعتقدون بأن نذهب إليهم ونصنع لهم البوسترات والمعرض و"خلاص"! لم يكونوا يظنون بأن لدينا رأي في المناقشة السياسية الدائرة حينها، وأحدى المناقشات الحامية [آنذاك] كانت مع أصحابنا بالجبهة الديموقراطية بحيث أوضحنا لهم بأننا لسنا "صنايعية" وافصحنا لهم بأننا مهمومين بالهم السياسي مثلهم، لكن بصناعتنا هي الرسم، وبالآخر (ومشكورين الزملاء تفهموا رأينا). الأمر الذي قوى ووثق صلتنا بالنشاط الطلابي السياسي المباشر الدائر حينها، بمعنى نحن بنعتبر أنفسنا في المقام الأول فنانين والرسم هو همنا الاول، وبعد ذلك ننطرح كرسامين منتبهين للسياسي "الحاصل" في الساحة السياسية، وبذلك استطعنا أن نحفظ لنشاطنا الفني خصوصيته وحيويته، لان حركتنا، حركة الفنانين (الكتاب) وأصحاب المعارض في السبعينيات، كانت تضم رسامين ليس لديهم هم سياسي، مشغولين بالرسم اكثر من أي شيء آخر، لكن كان هنالك كم مهم من الرسامين المنخرطين في العمل السياسي وحتى الآن ولدينا اليوم صلاح حسن وعبد المنعم الخضر وشخصي على سبيل المثال، نتلاقى في الهم التشكيلي، وضالعين في البعد السياسي بساهماتنا، وهي ليست مصادفة. مسالة اخرى عندما نتحدث عن الحركة التشكيلية والمساهمة السياسية في السودان اعتقد بان هنالك جزء مهم من السياسيين السودانيين، المنخرطين في العمل السياسي الحديث، مؤسسي الادب السياسي الحديث، معظمهم دخلوا على السياسة من باب الابداع، وعندما نبحث في سير الناس الذين خلقوا الادب السياسي في السودان في فترة الاربعينات وقبل ذلك، نجد نسبة كبيرة منهم كانوا شعراء وادباء ورسامين. فعلى سبيل المثال في الثمانينات اكتشفنا أن ادريس البنا كان رساماً، ومبارك زروق كان رساماً في فترة الدراسة وأخرٌ كان يكتب شعراً، وكذا. ومعظم اعلام السياسة في السودان كان لهم صلة مع الابداع، هذا جزء من القصة. الامر الذي يبين بجلاء أن حركة التشكيليين المنتبهين للعمل السياسي لم تأت من فراغ بل هي حركة كل مركب، ومستندة على هذا التاريخ، والممارسة الابداعية ليست متعارضة مع المممارسة السياسية. واذكر ان بعض الزملاء بالكلية في السبيعينات كانوا يقولون: "نحن فنانين بنعمل في صمت"، وكانت هنالك مناقشات كتيرة بالكلية، وهي مجملاً كانت مناقشة في السياسة، وهي من عواقب أكتوبر. حيث أنتبه الناس لمجموع الاسئلة الاساسية حول قضايا التنمية والثقافة والفن، وكان البعض يسألوننا: "آها انتو فنانين عاوزين تعملو شنو للسودان البدفع ليكم مصاريف الفنون دي؟ دينو دا بتردو كيف؟". وهي من نوع الاسئلة التى ظهرت بعد اكتوبر. وعندما نبحث فيها نجد بأنها كاسئلة تمددت في أكثر من مجال.. الفن.. المسرح.. الموسيقى.. إلخ.