|
Re: دراسة نقدية لتجربة التحالف السياسية - التجاني الحاج عبدالرحمن (Re: Nazar Yousif)
|
أذاً؛ فإن أس الصراع ظل يتمركز حول إعادة التأسيس لواقع السودان الراهن والموروث من الماضي، وهو في نهاياته صراع حول إعادة الإعتبار للقيم الإنسانية والعلاقات الإجتماعية/السياسية في المقام الأول، وليست كما يراها البعض كصراعات ذات طبيعة تطور(دارونية)!! تجاوزها الفكر الإجتماعي المعاصر .. الحداثة وما بعدها. إن إعادة تمثل هذه التجربة في واقع اليوم، جلوس إختياري في مدرجات المتفرجين على حركة التاريخ والتطور، ووتراً "جديداً..قديماً .. لا يضيف سوى النشاز".
مخطئ هو من يظن أنه يستطيع إعادة دوران عجلة الزمن إلى الوراء. المراقب للمسرح السياسي في السودان يشهد، توترات بدأت في الجنوب عشية الإستقلال، تطورت عبر حقب تاريخية مختلفة وتحت ظل أنظمة سياسية متباينة، وصلت اليوم إلى نهاياتها القصوى في شكل تعبير صارخ، وضع كل الغبونات التاريخية دفعة واحدة على الطاولة، ملقية الضوء على أجيال من الإضطهاد الإجتماعي والسياسي ظلت تمارسه النخبة في المركز منذ بداية الإستقلال وحتى اليوم. بالمقابل تطورت المحمولات السياسية في الجنوب، إبتداء من المطالبة بدولة مستقلة مع الأنانيا (1)، (2) حتى وصلت إلى مفهوم "سودان على أسس جديدة" على يد الحركة الشعبية لتحرير السودان. منحنى هذا التطور يكشف لنا عن سيرورة الوعي السياسي/الإجتماعي في الجنوب والذي لم تأخذه النخبة في المركز على محمل الجد، بل ظلت تتعامل معه ـ وعلى الدوام ـ بإعتبارها "مشكلة الجنوب" إنطلاقاً من نظرة "جيوأثنية" Geo-Ethnical يحتويها إحتواءً، الوعي الديني بكافة أشكاله والمصالح "المرسلة". متجاهلة عن عمد وتفكير أيديولوجي عنين، تاريخية وجود الدولة السودانية عبر الحقب الزمنية المختلفة، والمألآت الإجتماعية والسياسية المستقبلية لهذا المنظور.
على المسرح العام، بدأت بوادر نفس المطالب تظهر في الشرق، وأخيراً وليس آخراً في غرب السودان، وتبدو في الأفق البعيد، وفي أقاصى الشمال ثمة حلقات برتقالية في سمائهم. إذاً، ماذا تبقى في دولة السودان التي ما زال البعض ـ وفي شطحات وجد صوفية، وعندما يستدعون لاشعورهم من غيهب التاريخ ـ يتباكون على أطلالها الممتدة "من علايل أبوروف للمزالق، ومن فتيح للخور للمغالق" أو في الجانب الآخر من النهر. هل هذا كل تبقى من تصور المركز والنخبة للسودان؟؟؟ من الواضح، أن الأمور تسير على هذا الطريق! ولكن ما بال الذين يدعون أنهم يرون هذا الواقع بروح عقلانية، تهزمهم الآيديولوجيا، في درجات السلم النهائية؟! أنه "المسكوت عنه" أوالجانب المظلم من الوعي السياسي المكتسب في وقت متأخر من تاريخ الدولة السودانية.
معالجات منهجية ضرورية تم تناول مفهوم السودان الجديد مؤخراً عن طريق الكثير من الكتابات التي وأن لم تجد حظها من النشر في كتب مطبوعة ـ عدا كتاب د. جون قرنق ديمابيور ـ إلا أنها وجدت طريقها إلى شبكة المعلومات العالمية، الإنترنت. سوف نستعرض جزء من الذين كتبوا عن هذا الموضوع، ورؤيتهم ----------------------------------------------------------------- التى تتمتع فيها الحركة الشعبية بنفوذ والتى ينشط فيها الجيش الشعبى لتحرير السودان ؛ والتى يمكن ان تشكل القاعدة الجغرافية للدولة الجنوبية المستقلة اذا ما سارت الامور فى هذا الاتجاه. بالمقابل نجد ان قوات التحالف السودانية ؛ الفصيل الاساسى الذى يدعو للسودان الجديد فى شمال السودان ؛ قد اضافت للشعار السودان الجديد شعار اخر ؛ وهو : من اجل دولة مدنية ديمقراطية موحدة .بهذا المنطلق ؛ فان السودان الجديد ينبغى ان يكون ديمقراطيا ؛ مدنيا -فى تفسيرات التحالف الدولة المدنية تتماهى مع الدولة العلمانية -وموحدا ..هذه النظرة توضح ان مفهوم التحالف بعيد عن الفهم الجغرافى ؛ وهو يتوائم مع المفهوم الاساسى للسودان الجديد عند الحركة الشعبية ؛ بما يعنيه من اجراء تغييرات جذرية فى كامل البنية الاجتماعية -السياسية فى السودان...)).
. المقصود بجيوإثنية Geo-Ethnical تداخل العوامل الجغرافية والعرقية في تحديد النظرة لقوميات بعينها في إطار الدولة ككل، وهو نوع من الإضطهاد المزدوج، إذ تحمل الدلالة الجغرافية/العرقية معاً محمولات إحتقار ودونية في ذات الوقت وبشكل متزامن في الذهن أو المفكر فيه. فلفظة "جنوبي" أو "غرابي" أو "أدروب" دالة على العرق والإشارة إلى العرق دالة على الجهة أيضاَ. يعطينا الشعر "تضمينا" معاني شبيهة من خلال لفظة أولاد البلد(=المركز)، "نحن أولاد بلد نقعد نقوم على كيفنا، ونحن الفوق رقاب الناس مجرّب سيفنا"، والمعادل الموضوعي أنه ليس هناك أولاد بلد (=أبناء الهامش)، ومن الضروري رؤية البنية الأخلاقية والقيمية وشبكة العلاقات الإجتماعية/الإقتصادية/السياسية التي تتأسس على هذه النظرة وتجلياتها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|