|
الوحدة الجاذبة .. والقولة الكاذبة .. !!
|
...
نسمع كثيرا عبارة (( الوحدة الجاذبة )) بل نسمع أكثر المفهوم الذي يستتبعها في أن الجاذبية يجب أن تتأتي كرياح للتغيير من الشمال الى الجنوب .. رغم أن النيل يجري من الجنوب الى الشمال كشريان للحياة .. مما جعل الكثيرين ينتظرون ما ستقدمه الحكومة المركزية كعربون .. لتكون الوحدة جاذبة وكأنهم أعفوا أنفسهم من أي دور يمكن أن يسهموا به في جعل خيار الوحدة خيارا جاذبا ..
اهداف إتفقاقية نفاشا ثلاثة إتفاقيات :-
الأول : أن تتوقف الحرب كهدف استراتيجي الثاني : أن تتم عمليةتحول ديمقراطي متدرج الثالث : الإستفتاء
إذا اعتبرنا أن الجنوب طرف في الدولة المركزية وافق للجنوبيون على أن يحكموا انفسهم بأنفسهم بالكامل في الدولة اللامركزية .. حيث سحب المركز جيشه بموجب الإتفاقية والإبقاء على عدد محدود حتى حدود سنة 1956 مما يعني أن الجنوب اصبح عمليا يحكم نفسه بنفسه .. ثم يشارك الجنوبيون مع الشمال في الحكومة المركزية بحوالي 34% ( اي أنهم مساهمون في حكم الشمال بعد ان تسيدوا الجنوب كله ) ومرحب بيهم . لأن الجنوب به عشرة ولايات كلها للجنوب من خمسة وعشرون ولاية في السودان .. علاوة على الثلاثين في المائة مما يجعل الجنوب يشارك بحوالي 60% .. كذلك وافقت الحكومة المركزيةعلى قسمة العوائد والجمارك وهذه الأشياء بنفس النسبة السابقة وهذا مكسب ليس بعده مكسب وأظنه جزء من الوحدة الجاذبة . بل عامل يجعل الأخوة في الجنوب يحسون بنوع من الإطمئنان في كنف الوحدة .
بعد هذا كله ماالمطلوب من الشمال أن يقدمه للجنوب ليكون الجذب حاضرا .. والوحدة جاذبة ؟؟ .. وكي يتأكد من صدق النوايا ويزداد ثقة في أخيه في الشمال ؟؟
في تقديري أن حكومة الجنوب هي التي من المفترض أن تقنع الإنسان الجنوبي بأن الشماليين أعطونا كل مانريد بل أكثر .. والدليل أننا نحكم أنفسنا بأنفسنا .. و نشارك في صنع القرار في الدولة المركزية كذلك ..
وبذا كان من المفترض أن تقوم حكومة الجنوب بتحمل تبعات التنمية في الجنوب بنفسها بإعتبار أن لها موازنة خاصة وأن لا تنتظر الحكومة المركزية كي تنمي لها الجنوب .. خاصة وان الشمال كله يعتبر مهمشا بمعيار التهميش والتخلف الذي فيه ..
بذا يكون مصطلح (( الوحدة الجاذبة )) مصطلحاكاذبا .. وإنتظار الشمال للمساهمة في إقناع أهل الجنوب قولة خاطئة .. إذ ليس من واجب الشماليين أن يقنعوا الجنوبيين .. وليس من واجب الحكومة المركزية أن تهتم بتنمية الجنوب .. وتهمل بقية السودان .. رغم أنها تسهم في هذه التنمية بمبالغ مقدرة ومشاريع مشتركة . ومسؤوليتها في تنمية الجنوب تعادل مسؤوليتها في تنمية كل الشمال . لذا فإن هذا المصطلح يعتبر مجرد عصا يتوكأ عليها المنادون بدور أعظم للسلطة المركزية .. دون أن يكون لهم مسوغ أو دليل لهذه الحالة .
الحقيقة أن مجرد تنفيذ بنود الإتفاقية بالكيفية التي جاءت في نيفاشا تعتبر مؤشرا للثقة في المركز الذي يمكن ان يحترم تعهداته وهذا مبعث للثقة لأن القضية كانت قد وصلت الى درجة الحرب والحرب تعني عدم الطمأنينة للطرف الآخر .. هذه الثقة هي التي يجب أن تبشر بها النخبة الحاكمة في الجنوب .. والتي تعتبر خير مؤشر للعيش معا في بقعة واحدة .. بضمانات قانونية ودستورية تضمن حسن سير النظم الحامة في البلاد .
|
|
|
|
|
|
|
|
|