الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2024, 12:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-23-2007, 10:40 AM

عادل عبدالرحمن
<aعادل عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 08-31-2005
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ ..

    عزيزي / أركا ،
    ها هي الأعوام تمرّ ،
    فليلعنني الربّ لأنّيَ لم أكتب عنك / إليك حتي الآن ..
    أمّا الآخرون – أصدقاؤنا ورفاقنا الآخرون الذين لم يكتبوا عنك / إليك حتى الآن – فاترك أمر
    لعنتهم لي !

    أيّها الدوماً عجيب ،
    خاتلتَ الموت في غابات وأحراش الجنوب . زاوغته بين معسكريْن متقاتليْن . إزدريْتَ به إذ قاسمتَ الوحوش الضارية خبزها . . تسلّقتَ الأشجار مثل قرد ونمت على أغصانها ، أكلت الحسك والحصى وشربت بول الطير _ لتبقى حيّاً ، فبقيتْ .
    وتربص الموت بك في خمّارات "نيروبي" ذات الإجرام الأروبيّ الأفريقيّ الهجين . ولبد لك في أزقة الفقر ب"القاهرة" ولكنّك قهرته ودققتَ صدرك !
    ولكنّك حين أتيت "دنفر" _ بشوارعها المغنّية وحاناتها الآمنة السهرانة ، بفتياتها حاذقات الجمال ، بحدائقها ، بمغنيّيها الجوّالين ، بفتيان الهنود الحمر – اليشبهونك – بجدائل شعورهم المسدلة ، بشارع ال( 16 mall street ) المتروك للراجلين _ دهمتك رغبة الموت فآثرت أن تهزأ به ثانيةً : خلعت "السروالوق" وغطست الى قعر شبر ماء يسمّونه "حوض سباحة" ؛ لم يصدّق الموت بأنّه سيلقاك هناك وهوالذي لمْ يقوَ على صرعك وأنت تصارع أمواج البحر الأحمر ..

    يا صديقي ،
    أيّها البجاويُّ الأبيُّ الأميُّ مثل نبيّ ،
    لم أصدّق حين هاتفني أحدهم وأخبرني بأنّك قد غرقت في شبر ماء ! قلت لهم أنّ أركا يمزح كعادته ؛ وحدّثتهم عن رغبتك في إنتظار سانحةٍ لتذهب لرؤية أمّك ، وأنّ غضبتك على بلطجيّة الخرطوم لم ولن تهدأ لتنام !
    عرفتك عنيداً بالغ الأصرار ، ولكنّني لم أكُ أعرف أنّك بهذا القدْر منه :
    كنتَ مسجىً على سرير المستشفى الجامعيّ وحولكَ دزّينة من أباطرة الطب الأمريكي . سيّجوك بحبال التكنلوجيا وأجهزتها – أدخلوها في حلقك ، شرايينك ، روحك .. وأخذوا يحملقون في "شاشات نبؤاتهم" علّك تأتي بنأمة تشي بشىء يعزّز طموحاتهم !
    وظللت على عنادك لا تستجيب .
    قالوا : ( لننتظر .. ) . ثم ذهبوا وتركوك لنا . تركونا لحيرتنا . وذهب الرفاق وتركوك لي ، تركوني لحيرتي . .

    { أتذكر .. "طاهر" الآخر في القاهرة كان قدم معكم من نيروبي .. منهكاً ، ضامرا ، مسجىً هو الآخر على سرير مشفىً قاهريّ ، بلا تكنلوجيا ولايحزنون .. ملاءة بيضاء ، حقن وريد ، وربتاتٌ من أيدي ممرضات ٍ منهكات ٍ هنّ أيضاً ،، لم يجده كلّ ذاك ، فرحل .
    لم يكن قد مرّ على تعارفنا سوى ساعات ٍ قليلة ، كنتم سبعة أو ثمانية من أبناء البجة .. فها أنتم قد نقصتم واحداً – بطلاً .. }

    كنت آمل أن أهمس لك : ( قم يا صديقي لنذهب .. ) فتقوم . كنت أهمس لك .. سألتُ الممرضة : ( هل يسمعني ) ؟ .. لم تجبني سوى بنظرة ٍ عرفت منها كم أنت موغلٌ في الغياب ..

    سألنا الأطباء ، فقالوا : لا فائدة .. إن جزءا كبيرا من الدماغ قد تلف ، لأنّ صديقكم قد مكث تحت الماء لمدة خمسة عشر دقيقة دون أوكسجين ..

    سألنا طوب الأرض بلا فائدة ..

    سألتُ ربّ الجنود ، فقال لي أنّ طاهر أركا عنيد – بالطلقات لم يمت ، بالجوع والظمأ لم يمت ، بالسلّ والبلهارسيا والملاريا لم يمت ، جرّبنا معه كلّ ما في قبضتنا .. ولكن أنظر السماكي إبن البحر في بقعة ماءٍ يموت . إنّه يهزأ بنا ..

    { أتذكّر ،
    في القاهرة ، بعد أن ينضب معيننا كنت تقول لي : "يلا نمشي ، أولاد الحرام ديل ما منّهم فايدة" . وكانت الوالدة – لا أدري كيف – حين تحس بنيّة ذهابنا تصرخ من غرفتها : "ما تخلوا أركا وعادل يمشوا براهم .. عليك الله أمشي معاهم يا محمد علي" ! فتهمس لي : "والله أمّك دي طيبة خلاص .. هوْ مفتكر إنو محمد علي أعقل منّنا " فأصرخ فيك : "أمّك ما تقول .." فتضحك أنت : والله إنت دنقلاوي معرّص ..
    نذهب الى حدائق القبة . يهتف الحاضرون : أركا .. أركا .. وتسلم أنت ، تضحك أنت ، تشتم أنت. . تستقبلنا "إشتياق" ، تستقبلك بالترحاب العميم : ماشين وللا قاعدين يا أركا ؟! فتجيب أنت : كدى هسّع أدونا وبعدين نشوف !
    وتبدا بالحكي . كنت أحب سماعك وأنت تحكي لنا عن "الشرق" .. آه كم كنت تحب بلادك وناسك يا هدندوي ، يا ابن الجبال .. تحكي لنا عن غزواتك البحريّة ، عن السمك . لكمْ كنتَ تحبّ أن تأتي لنا به في الصباحات ، كم كنت تتقن صنعه وطهيه بالرز .. كنت تقول لنا : أمّي تأكل أولا ( كم كانت أمّي تحبك يا طاهر .. بكت على التليفون حين أخبرتها بأنّك قد نمت ولا تريد أن تفيق . وبكت حين كلّ يوم أخبرها عن عنادك البجاويّ العتيد الذي دا م اثنتا عشر يوما . وبكت وبكت حين أخبرتها بأنّ الأهل قد تلفنوا من بورت سودان إيذاناً بنذع خيوط التكنلوجيا عن روحك لتطير .. بكت وبكت ) وكانت تأكل أوّلا نزولا عند عنادك . كنت تحكي لنا عن "الحركة الشعبية" ، عن دكتور قرنق . وكنت أحبّ حكاويك عن الدينكا ، الشلك ، النوير .. الخ من قبائل الجنوب ، وأعجب كيف أنّك تحفظ عن عاداتهم وتقاليدهم ودنياهم بأكثر مما أعرف أنا ، أنا إبن الجزيرة جارة الجنوب : " إنت يا أركا جاي من ساحل البحر الأحمر البعيد داك عشان تعلمنا نحنا عن الجنوب" ؟! كنت تضحك وتربت على صدرك : " إنّها السياسة يا عادل .. إنّها السياسة يا ابني" وكنت تظن نفسك تهزل ولكنّك لا : أيّها البجاويّ الأبيّ الأميّ مثل نبيّ .. }

    كم أحنّ الى جلسة ٍ معك ، كمْ أحب أن تفرّجني على تلك التصاوير التي كنت تعشقها ، التصاوير الكثيرة التي كنت تعبدها . كم أنا مشتاق ٌ الى جلسة ٍ معك ، أن تسمعني من أشرطة الغناء التي تطرب لها ، تعبدها .
    نذكرك كثيراً ، خاصّة حين يلتم جمع شمل العائلة ، أو قل ما هو من العائلة بطرفنا . فنحكي عن القاهرة وبلاويها ، عن الجوع والبهدلة والمسخرة . ولكنّنا برغم ذلك لم نكن قليلي الحيلة : كنا نملك الضحك ، كنّا نملك التجاوز ، كنّا نملك الطاهر أركا .



    (عدل بواسطة عادل عبدالرحمن on 03-24-2007, 02:14 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. عادل عبدالرحمن03-23-07, 10:40 AM
  Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. Osman Musa03-23-07, 06:04 PM
  Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. Mahmed Madni03-23-07, 06:57 PM
    Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. عبدالله شمس الدين مصطفى03-23-07, 11:27 PM
  Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. عادل عبدالرحمن03-24-07, 02:20 AM
    Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. abdalla elshaikh03-24-07, 06:45 AM
      Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. عادل عبدالرحمن03-24-07, 05:03 PM
    Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. عبدالله شمس الدين مصطفى03-24-07, 03:28 PM
      Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. Osman Musa03-24-07, 06:08 PM
  Re: الطاهر أركأ : أيّها البجاويّ ، الأبيّ ،الأميّ مثل نبيّ .. عادل عبدالرحمن03-27-07, 11:23 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de