الكلب ، وابن الكلب ، وود الكلب ، وهذا الكلب ؟!!

Quote: الصفحة الاخيرة: صباح الخير...ابن الكلب! حسن العاني: من محاسن سكني في مدينة الكاظمية، ان بيتي قريب جداً من احد باعة الصحف، وهو رجل قديم في هذه المهنة، الا انّ الحظ لم يحالفه ولذلك لم يملك مكتبةّ او كشكاً، وانمّا ظل يعرض بضاعته على الرصيف، وقد كنت وما زلت، اتوقف عنده وأنا في طريقي الى الدوام صباحاً، اتصفح العناوين وغالباً ما اشتري جريدتين زيادة على ”الصباح الجديد“ التي احصل عليها بالمجان من الجريدة على الرغم من انزعاج قسم الحسابات! ان اكثر ما يستهويني في ”وقفة“ الرصيف هي تعليقات الناس المتجمهرين وملاحظاتهم، واحياناً اخبارهم المثيرة التي تقربُ من القصص الخيالية، فأنا بحكم احترافي في كتابة القصة اعنى بأخبار الناس وحكاياهم، اكثر من عنايتي بأخبار الجرايد و ”موضوعاتها“ التي تسبب في بعض الاحيان حموضة المعدة! ما حدث على وجه التحديد في يوم الاربعاء الماضي، ان ثلاثةً من الواقفين معنا عند الرصيف، كانوا يتصفحون العناوين كذلك ويتبادلون حديثاً خاصاً بينهم، ولكن بصوت مسموع ومن غير محاذير، قال احد الثلاثة لجماعته بأنه حصل على معلومات مؤكدة تفيد بأنّ الكلب الذي يتولى مهمة التفتيش في المنطقة الخضراء، ويستطيع -على حد تعبير المتحدث- من خلال شم الملابس والاجسام والحقائب بأنفه الحساس والمدرب، ان يتعرف على الاسلحة والخونة والمندسّين والارهابيين، يتقاضى راتباً شهرياً قدره عشرة الاف دولار تقبضه الشركة المسؤولة عن الحماية، وفيما اثارت هذه المعلومة غير الصحيحة بالتأكيد اهتمام جماعته واهتمام الحاضرين واثارت دهشة الجميع، فقد واصل الرجل كلامه قائلاً: امّا ابن الكلب، اي الجرو او الكلب الصغير الذي مازال في طور التدريب فيتقاضى ثمانية الاف دولار! والحق فأن معلومة مثل هذه اثارت زوبعة من التعليقات والشتائم الموجهة الى ”البخت المايل“ و”الحظ النايم“ مثلما اثارت كثيراً من التأوهات، بينما تذكرت في الحال احد اصدقائي الذي يشغل منصب مدير تحرير، ويتحدث عن نفسه على انه كفاءة ما بعدها كفاءة ولذلك يتقاضى راتباً شهرياً قدره الف دولار، فقد وددت ان اراه في تلك اللحظة واسخر منه، لان ابن الكلب المراهق، وليس الكلب الراشد، يتقاضى ثمانية اضعاف راتبه، ولما كان صديقي غير موجود، فقد سخرت من نفسي، فأنا صحفي راشد، بل كهل في الستين من عمري، ومع ذلك اتقاضى مئتي دولار، اي ان ابن الكلب يتقاضى ضعف راتبي 40 مرة!! ولا ادري لماذا تذكرت في تلك اللحظة التي يصاب الانسان بها بدوخة الرأس، اصدقاء كثيرين، وقارنت رواتبهم ورواتب الكلاب ومنزلتهم ومنزلة الكلاب، ولعل الافكار اخذتني يميناً ويساراً قبل ان انتبه على ضحكة مجلجلة يطلقها الثلاثة معاً، ومعهم الواقفون جميعاً، والعابرون وابناء السبيل والمؤلفة قلوبهم والزبائن وبائع الصحف، لان احد الثلاثة رفع يده الى السماء وقال بأعلى صوته: اللهم اجعلني ابن الكلب!! ايضاح: عزيزي القارئ.. لو قال لك احدهم ”ابن الكلب“ فلا تغضب في الحال، وانما عليك ضبط النفس، فإذا كان يقصد ”كلاب الشارع السائبة“ فأنه يشتمك وتستطيع رفع الدعوى القضائية عليه، اما اذا كان يقصد ”الكلاب الاجنبية في المنطقة الخضراء“ فأنه يحييك ويدعو لك بالخير وزيادة الراتب، وعندها يجب ان ترد عليه التحية بأحسن منها مصحوبة بأبتسامة رقيقة.. لذا اقتضى التنويه!!