إستقالة وغضبة عوض جادين مدير الفضائية السودانية

Quote: ** غضبت الدولة ، فغضب على غضبتها عوض جادين ، فتقدم باستقالته لرئيس مجلس ادارة الهيئة السودانية للاذاعة والتلفزيون ، فاسحا المجال للجان التحقيق والتحري ثم المحاسبة .. القضية برمتها لاتؤثر - لامن قريب أو من بعيد - في لقمة عيش المواطن المغلوب على أمره ، وما كان علينا أن نهدر المساحة والوقت ومال القارئ في قضية يعتبرها السواد الأعظم من الشعب غارقة في لب الانصرافية و اللا مفيد - سواء ذهب جادين أو رجع - بالنسبة لهم ، ولكن دعنا نجاري اليوم التيار الانصرافي ، ومع قليل من تفاصيل الحدث نتعمق في الخارطة البرامجية للفضائية ومدى قربها من حياة الناس الذين يدفعون رواتب العاملين عليها ..!! ** دائما ما تجتهد الفضائيات القومية - حتى في الدول ذات الانظمة الديكتاتورية المجاورة - أن تحفظ شعرة معاوية بينها وبين عامة الناس وآلامهم وآمالهم ، ومهما تكالبت أجندة السلطة الحاكمة على خارطتها البرامجية الا أنها بذكائها وحسن خيالها تستطيع ان تفسح مساحة - ولو بحجم سم الخياط - لأجندة الشعب بمختلف قطاعاته ومنظماته ، وبهذه المساحة ذات الثقب الضيق تعطي للشعب احساسا بان فضائيته قومية وتستحق ما يُصرف عليها من اموال الضرائب والرسوم والاتاوات ، لانه يجد في زخم الاجندة الحكومية بارقة اجندته .. وجعا خبريا كان أو حلما برنامجيا ..!! ** تلك هي فضائيات الاخرين وطرائق تفكيرها ، هل فضائيتنا تشبهت بهن في أية مرحلة من مراحل الدولة الراهنة .. هل في مساحات برامجها - الممتدة زمانا من آناء الليل الى اطرف النهار- يجد المواطن السوداني بعض همه المعاش أو بعض غمه الراهن .. واذا طوينا من تلك المساحة الشاسعة مساحات المدائح والغناء ثم طرحنا منها الاعلانات التجارية والبرامج السياسية ذات الاتجاه الواحد ثم النشرات الحكومية الشبيهة للاعلانات ، هل تبقى مساحة أخرى تتكئ عليها قضايا الناس واحتياجاتهم الضرورية و حقوقهم التي تكفل لهم حياة كريمة .. هل نجحت الفضائية ان تختبر مصداقية مرحلة التحول الديمقراطي و دستورها وتفاجئ المرحلة والدستور بجرأة في العرض ومصداقية في الطرح ..؟؟ ** كل الاجابات قد تجتمع على ضمير يقظ وتخرج للناس بصيغة ( لا ) .. للأسف لم تنجح الفضائية في نزع ( الوسواس القهري ) من جملة برامجها ، ولم تنجح في انزال كاميراتها الى قاع المدن والاحياء لتعكس لمن يهمهم الامر بعض أوجه القبح في الخدمات أو بعض مكامن الخلل في الخدمة المدنية أو بعض أوكار التسيب والاهمال في المؤسسات والمحليات التي تتولى أمور الناس .. لم تفعل فضائيتنا ذلك ، ولم تخطط لفعل ذلك .. ولو فعلت أو خططت فغضبت الدولة فاستقال عوض جادين بسبب تلك الغضبة لأشدنا به و بغضبته ولطالبنا بارجاعه طالما الرجل غضب لقضايا الناس و ليس لعجز فريقه عن تغطية موكب الرئيس الصيني لمصفاة الجيلي ..!! ** العجز عن تغطية موكب الرئيس الصيني ليس خطأ أفدح من العجز عن تغطية المواكب البشرية التي خرجت رافضة زيادات اسعار السكر والوقود .. والعجز عن تغطية موكب الرئيس الصيني ليس خطأ افدح من العجز عن تغطية الممارسات غير المشروعة - بنص اللوائح المالية - التي ترتكبها المحليات في حق أصحاب المحلات التجارية حتى ضاقت عليهم الارض فمنهم من اغلق متجره غضبا ومنهم من دخل السجن بخاطر كسير .. والعجز عن تغطية مواكب أفراح الرئيس الصيني ليس خطأ افدح من العجز عن تغطية مواكب مآسي الناس في معسكرات النازحين باطراف البلاد و مواجعهم و فواجعهم بدور اليتامى والمشردين في قلب العاصمة والمدن ، وهنا نترحم على روح الفقيد محجوب عبد الحفيظ وصلاته الطيبة التي كانت تسرق عقول الناس و قلوبهم في زمان كانت فيه اجهزة الاعلام القومية ضمير العامة .. وليست لسان حال جماعة .. عفوا فئة ..!! ** تلك مواقف عجز كانت تستدعي من عوض جادين الغضب ثم الاستقالة .. لانها مواقف ذات صلة بالذين يحترقون لتضئ ردهات الفضائية و استديوهاتها .. و لكنه لم يغضب لتلك الموقف ، فغضب للرئيس الصيني .. وهذا لا شأن لنا به .. فلنصمت ..!!