د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 03:10 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2007, 02:19 PM

محمد يسن علي بدر
<aمحمد يسن علي بدر
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة (Re: محمد يسن علي بدر)


    عامان من السلام : حساب الربح والخسارة (12)
    تفلت وزراء أم قراءة خارج النص

    أولاً، الذين ذهبوا الى الاندلس لم يذهبوا اليها الا غزاة بعد ان حُمل
    نجئ من بعد الى الموضوعات الأُخرى التي اخترنا مما ورد في الصحف كعينات عشوائية ، و تحديداً ما أُسمى تفلت وزراء الحركة و القضايا التي نسب لهم «التفلت» بشأنها ، أو تصويب النقد لقرارات معينة اصدرتها حكومة الجنوب ، أو التشويه المتعمد لبعض القرارات ، الى جانب ملازمة الحاق السوء بالحركة الشعبية دون فتور من جانب الصحيفة الحسكنيتية وتابعات لها ، ثم أخيراً ، موضوع فساد الحكم في ذلك الجزء من القطر . و كما قلنا ، لا نبتغي من التحليل الدفاع عن موقف لأحد ، أو إبراء أحد من تهمة ، و انما أولاً نقد المنهج الذي تناولت به الصحافة هذه القضايا ، و ثانياً ابراز الأحكام غير السليمة التي انتهى اليها البعض بسبب توسلهم بمنهج غير سليم ، وأخيراً فضح البهائت والأكاذيب التي تُنشر وكأنها حقائق.

    نبدأ بحديث '' التفلت '' . و طالما نحن نتناول الأمر في هذه الجريدة الغراء نستهل الحديث ، مرة أخرى ، بمقال افتتاحي لرئيس التحرير عنونه '' برافو سلفاكير '' . ( الرأي العام 12/10/2006 ) . قال الاستاذ كمال : '' ان عدداً من وزراء الحركة في عدد من الولايات يعملون بتناغم كبير مع حكام الولايات لكن بعضهم يحاولون الرقص على حبال الحكومة و المعارضة '' . أي بمعنى أنه يريد ان تكون معارضته لكسب جماهيري رخيص ، و في نفس الوقت أن يكون وزيراً يتمتع بكل امتيازات وصلاحيات الوزير . فهو يرتدي قبعتين : قبعة المعارضة لكسب الجماهير و افساد الاتفاقية و عكننة الولاة ، و قبعة الحكومة بكل امتيازاتها '' . تلك الحالة ، أسماها الصديق رئيس التحرير '' الشيزوفرنيا السياسية '' .

    ثمة افتراضات في هذا المقال اجليت على القارئ وكأنها حقائق : الأول هو أن بعض وزراء الحركة في الولايات ( و البعض جزء من كل ، كثر أو قل ) يتراقصون بين الحكومة التي هم فيها ، و بين معارضيها . والثاني هو أن هؤلاء الوزراء لا يفعلون ذلك الا '' لكسب الجماهير أو لـ ''عكننة الولاة '' . والثالث هو ان الولاة الذين يسعون لعكننتهم أبرياء من كل ذنب ، و لا يخطئون . و الافتراض الأخير ان وزراء الحركة في الحكومة القومية الذين '' يتراقصون '' ، بين الحكومة ( حكومتهم ) ومعارضيها ، هم الآخرون ، يفعلون هذا أيضاً لكسب الجماهير و افساد الاتفاقية . بعض هذه التُهم غليظ ، ولو صحت التُهم و الافتراضات التي ابتنيت عليها ، لما حق لاولئك الوزراء البقاء في مناصبهم .

    مبلغ ظننا ان الذي دفع رئيس التحرير للحديث عن '' تمرد '' وزراء الحركة بالولايات هو النزاع الذي نشب بين والي سنار و وزيرة الصحة بتلك الولاية. مثل هذه الصراعات لا تقلق ، ففي الدولة مؤسسات تتقصى أسبابها و تفصل فيها، ولكن اقدام الوالي على اعفاء الوزيرة أعطى النزاع ابعاداً أكبر . فلو كان الوالي منتخباً وفق الدستور في الظروف العادية لجاز له فصل أي وزير . فالمادة 179 (1) من الدستور تنص على ان يرأس الجهاز التنفيذي للولاية والٍ ينتخبه مواطنو الولاية وفقاً لنصوص الدستور و وفقاً للاجراءات التي تقررها المفوضية القومية للانتخابات . و للوالي ، حسب الفقرة الفرعية (3) من تلك المادة ، ان يعين وزراء الولاية و يتم اعفاؤهم بواسطته أو بناءً على توصية من ثلثي اعضاء المجلس التشريعي للولاية . بيد ان الوضع الراهن وضع انتقالي الى حين اجراء الانتخابات، و حتى ذلك الحين يتم تعيين الولاة بواسطة رئيس الجمهورية بالتشاور مع النائب الأول للرئيس ( المادة 184 (1) ) ، كما تترك نفس المادة لحزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ترشيح الوزراء وفق نسب محددة .

    رغبة الوالي في اعفاء احد وزرائه قد تكون له دواعيه ، و لكن لا سبيل له لذلك الا بالرجوع الى الجهة التي رشحت الوزير ، لا سيما ان كان لتلك الجهة دور في تعيين الوالي نفسه . وفي اعتقادنا ان الوالي لو رغب في اعفاء احد وزرائه من منسوبي حزب المؤتمر الوطني لما اقدم على ذلك دون الرجوع للسلطة العليا في الحزب . لا بدع ، اذن ، في ان يثير هذا القرار ثائرة جماهير الحركة في الولاية ، ويصبح غريباً إن تصاممت قياداتهم عن تلك الثائرة ، فالوزراء سياسيون ولاؤهم الأول لقواعدهم ، قبل أن يكونوا اصحاب امتيازات . و لا نرى في التزامهم بهذا افساداً للاتفاقية ، بل اصلاحاً لها فالاتفاقية وضعت لتنفذ على الوجه الذي جاءت به ، كما أن الشراكة التي لا تستهدي بروح الاتفاقية توقع الناس في لولاء . و لا ندري لماذا يسترخص صديقنا كمال كسب الجماهير ( الكسب الجماهيري الرخيص ) لأن ذلك الكسب لا يسترخص الا ان كانت ادواته هى الكذب ، و بلبلة الخواطر، و استغلال العواطف الدنيا ، و الرشاء . مسئولو الحركة أيضاً من حقهم أن يروا في ذلك القرار استهانة برئيس حزبهم الذي سمى الوزيرة ، و بالنائب الأول الذي اعتمد الوالي . لو فعلوا لامتدت الاستهانة الى ما هو أخطر . هذه هو المنهج السليم لتحليل ما حدث في سنار و تقصي دواعيه . ولعل الأوجب ، في مثل هذه الحالات ، كان هو الارتحال الى سنار لاستقصاء شكاة الوالي ، ودعاوى الوزيرة ، وآراء من هم أقرب لموقع الحدث وأدرى بتفصيلاته ، ثم النظر الى الجوانب القانونية للقرار وسماع رأي القيادات في الحزبين اللذين ينتمي لهما طرفا النزاع ، قبل الافضاء بحكم .

    من بين الموضوعات التي كثُر فيها الحديث عن تفلت وزراء الحركة ، وبوجه خاص السيد دينق الور ، موضوع ابيي . و لم يقل دينق الور في تصريحاته عنها شيئاً يختلف عما قاله النائب الأول لرئيس الجمهورية أو ما قاله المكتب السياسي للحركة الشعبية. وقضية ابيي كادت تنحصر كلها خلال المفاوضات في النزاع حول حدود الاقليم وهو أمر كان من الممكن ان تنهار الاتفاقية قبل الوصول لحل له . لهذا ، يصبح التهوين من قضية الحدود أمراً ضاراً بالاتفاقية . الطرفان لم يستهينا بالأمر عند التطبيق ، رغم الضجيج الاعلامي ، بل أحالا الأمر الى أعلى مراقي السلطة ( مؤسسة الرئاسة ) لايجاد حل لها ، و ما زالت تسعى لفض الخلاف ، وأمامها أربعة بدائل مطروحة .
    بيد أنا تناول الموضوع من وجه آخر ، طالما كان حديثنا عن المنهج . فالجدل الذي يدور في الصحف حول تلك القضية يغفل تماماً ان وراء جانبي الحدود أقواماً تعايشوا و تصاهروا مع بعضهم البعض زماناً طويلاً . وان لهذه الاقوام مصالح حيوية مشتركة قضت بها الجغرافيا و البيئة الطبيعية . و ان لأهل ابيي أنفسهم مصلحة في ادارة شئونهم ، و ترتيب حياتهم ، و رعاية أهلهم . الذي يقرأ الصحف يحس أن موضوع الحدود هو نهاية المطاف بالنسبة لأهل تلك المنطقة . نعم هو موضوع هام وأساس ولكنه ليس نهاية المطاف . فبروتوكول ابيي بفقراته العشر الأولى لم يقف عند موضوع الحدود ، تحدث أيضاً عن ابيي كجسر بين الشمال والجنوب ، و عن الحقوق التقليدية للمسيرية و غيرهم من البدو الرحل في رعي ماشيتهم و التحرك عبر منطقة ابيي ، و عن تقسيم عائدات البترول خلال الفترة الانتقالية الى ستة اقسام ( الحكومة القومية ، حكومة جنوب السودان ، ولاية بحر الغزال ، ولاية غرب كردفان ، دينكا نقوك ، المسيرية ) ، وعن تقديم المساعدات من جانب الحكومة القومية للارتقاء بمستوى معيشة أهالي أبيي . ولكن عشاق الفرقعات الاعلامية والعناوين الزاعقة لم يجدوا في كل هذه الامور ما يثير .

    القضية ليست خياراً بين المهم وغير المهم . كان المرء يتمنى ، بدلاً من الانشغال بما يردده أهل العاصمة ، أو بالحري صحافتهم ، عن الوزير '' المتفلت '' و هو دوماً من وزراء الحركة الذين لم تردعهم '' الامتيازات '' عن التفلت ، و بين السياسي غير المتفلت و هو دوماً من الشق الآخر من المعادلة ، أن تبتعث الصحف التي يقلقها موضوع أبيي مندوبيها الى المنطقة للتعرف على مشاكل أهلها الحقيقية عن كثب ، و على كيف كانوا و ما زالوا يتعايشون و يتبادلون المنافع . و لا شك في ان القارئ يريد ان يُلم بالحقائق عن تلك المشكلة التي التبست عليه بسبب الاثارة الضارة ، و التجهيل ممن يُتوقع منهم وقايته من غوائل الجهل . و نحمد لجريدة الايام فتح صفحاتها على مدى أربعة ايام (20-22/22/2006م) لمناقشة قضية ابيي ، كما نحمد لصحيفة أخبار اليوم نفس الاهتمام في ندوتها السياسية الكبرى حول ابيي التي شارك فيها الدكتور فرانسيس دينق والامير محمود شميلة علي الجلة (2/12/2006 ) . فدور الصحافة أكبر من الفرقعات الاعلامية ، وأعظم من الصيد في الماء العكر.

    قرارات حكومة الجنوب
    تداولت بعض الصحف أيضاً قضايا تتعلق ببعض القرارات التي اصدرتها حكومة الجنوب و رأى فيها هؤلاء ، إما اجحافاً بحقوق المسلمين فيه ، أو تعدياً على حقوق الشماليين . و حول الاولى لخص ما تواتر من خبر في أكثر من صحيفة ، عبدالمنعم عبد المحمود الربيع حين قال : '' قامت حكومة الجنوب بالغاء ديوان الزكاة في الولايات الجنوبية و ايلولة ممتلكاته لصالح حكومة الجنوب . كما قامت من قبل بمصادرة جامعة القرآن الكريم في واو و ملكال و جوبا كما اصدر حاكم أعالي النيل قراراً بمنع الطالبات من ارتداء الحجاب '' . اضاف ان هذا يحدث في الوقت الذي تمارس فيه '' الاقليات غير المسلمة حقها في التعبد و الحياة في كل امتداد الشمال و في قلب الخرطوم و حيث تعلو الكنائس و الصلائب دون ان يعترض عليها أحد (رأي الشعب 20/11/2006 ) . «نجيبها من الآخر»، كما يقول المصريون ، فان اراد الكاتب أن يقول هذا هو حال المسيحيين اليوم ، فذلك فيض من فيوض الاتفاقية التي أقرت لهم حقوقاً لم يألفوها من قبل في الجنوب ، و وفرت لهم حماية دستورية لم يُحظوا بها من قبل في الشمال . ما قبل ذلك تشهد عليه كنيسة كل القديسين القديمة في شارع الجامعة و التي أقتلع رأسها و ازيلت صلبانها ، مما يقود للتساؤل: «كيف يستطيع من عجز عن التعايش مع الكنائس المهجورة ، أن يتحدث عن الصلائب في الكنائس المعمورة».

    مهما يكن من أمر ، يبعث على الرضى ان نفس الصحيفة افردت مكاناً لكاتب آخر تناول الأمر من وجهة أخرى ، كتب أحمد عبد الرازق حول موضوع الغاء دواوين الزكاة في الجنوب بعد رجوعه الى القائمين بأمر الديوان في الخرطوم وإبلاغهم إياه ان القرار منسجم تماماً مع الدستور و الاتفاقية و ان القضية يجب ان لا تمنح اكبر من حجمها . و ختم مقاله بنداء لمن يتحدث بغير هدى : '' ارجو تناول القضايا ، خاصة الاستراتيجية منها ، بالصورة الايجابية التي تطرح الحلول . ويجب التحقق من كل خبر مهما كانت ثقتكم في مصدره . و الى انفصاليّ الشمال أقول كفوا ايديكم عن قرع الطبول و اشعال الفتن و استغلال كل سانحة لصب الزيت على نيرانه '' (رأي الشعب 3/12/2006).

    في مطلع هذه المقالات قلنا ان الفصل بين الدين و الدولة في الجنوب الذي أقرته الاتفاقية ، و نص عليه دستور الجنوب ، له تبعات و تداعيات . فالزكاة فرضها الله على القادر من المسلمين اينما كان ، و لكن عندما ورد الحديث في مناقشات الدستور القومي حول دور الدولة في تنظيم ادارتها ، أصرت الحركة على ان الزكاة طوعية و لا ينبغي أن يكون للدولة دور في تحصيلها . هذا أمر اختلف عليه الفقهاء و لما يزالوا مختلفين . و على أي ، لسنا في مجال حوار فقهي ، ففي السودان أصبح للدولة دور في تنظيم الزكاة ، ولهذا كان لا بد من الاشارة اليه في المادة المتعلقة بالمفروضات المالية في الدستور . فضاً للنزاع توافق الطرفان عند إقرار الدستور على نص يقول : '' الزكاة فريضة على المسلمين ، و ينظم القانون في الولايات الشمالية كيفية جبايتها و صرفها و ادارتها '' ( المادة 20(2) ) . لهذا ، استهل وزير الشئون القانونية و الدستورية بحكومة جنوب السودان القرار الذي أصدره حول ايقاف العمل في دواوين الزكاة في الجنوب وتسليم ممتلكاتها لوزارة الرعاية الاجتماعية بجنوب السودان باشارة للمادة ( 8 ) من دستور الجنوب ( الفصل بين الدين و الدولة ) والمادة 20 (2) من الدستور القومي .

    نفس الشئ ينطبق على القرار حول كليات القرآن الكريم ، ولما للقرآن من قدسية عند المسلمين فإن في قرع الطبول حوله اشعال للفتن ، و لا يشعل الفتنة الا ملعون . هذه الكليات كانت منذ عهد ابل الير مدارس ثانوية ، و منها الكلية في جوبا التي كانت هى المدرسة الثانوية الوحيدة للبنات . و لسبب أو لآخر ، حولت تلك المدرسة الى كلية للقرآن الكريم . و لا يتوقعن أحد من حكومة تتبنى مبدأ الفصل بين الدين و الدولة ان تسمح باستخدام مبنى رسمي تمتلكه لأغراض ينهاها الدستور عنها . و لو اقدمت حكومة الجنوب لتحويل تلك المدارس الى معاهد لتعليم الدين المسيحي لكنا على رأس من يشجب ذلك ويستنكره لما فيه من خرق لدستور الجنوب نفسه و ازدواجية في المعايير . الحل في مثل هذه الحالات هو ان تنهض مؤسسات الدعوة الاسلامية لانشاء معاهدها لتعليم القرآن كما يفعل أهل النصرانية . فمسجد جوبا الكبير ما زال يكتظ بالمسلمين ، و ما زال صوت المؤذن و المقرئ و المادح فيه يدوي عبر مكبرات الصوت حتى في داخل مكاتب الحكومة . الصحف التي توالي نشر هذه الاكاذيب لم تذكر أبداً قرار حكومة الجنوب في شهر رمضان الماضي بتخصيص مبلغ عشرين مليوناً من الجنيهات لفقراء المسلمين في جوبا .

    نفس الأمر ينطبق على ما أسمى منع الحجاب في أعالي النيل . ذلك القرار أصدره وزير التربية بالولاية إبطالاً لأمر سابق يُلزم الطالبات بلبس الحجاب ، مبرراً ذلك ، بأن اللبس موضوع شخصي طالما كان متوافقاً مع الاعراف السائدة . على نفس القيد ، كثر الحديث عن مناهج التعليم في الجنوب وعدم تماشيها مع المناهج القومية السودانية . وعلنا نقول في البدء ، ان المسئولية عن التعليم الى المرحلة الثانوية شأن ولائي في الشمال والجنوب . رغم ذلك ، لو أدرك أصحاب تلك الدعوة حجم الجرعات الدينية في مناهج التعليم في الشمال ، بما في ذلك الجامعات ، لما تساءلوا عن عدم احتفال حكومة الجنوب بتلك المناهج . فمن بين المواد الرئيسة في التعليم الجامعي الرسمي مادة «الدراسات الاسلامية» التي أصبحت مادة ضرورية حتى لطلاب الهندسة والطب ان لم يفلح الطالب في اجتياز امتحانها يعتبر «ساقطاً» حتى وان نجح في كل علومه الهندسية أو الطبية . تلك الدراسات ، لمن لا يعلم ، تحتوي على مواد مثل فريضة الجهاد ، ونموذجه الذي يدرس هو حرب الجنوب ، كما تحوي دروساً حول العلمانية من وجهة نظر ايديولوجية حادة ؛ فبأي منطق نريد من مدارس الجنوب وجامعاته الالتزام بتلك المناهج مهما كانت دواعيها في مدارس وجامعات الشمال ؟ وان كان الذين يقلقهم أمر التعليم في الجنوب صادقين في ما يدعون اليه ، وبخاصة مناهج التعليم التي توحد الوجدان الوطني ، وتعمق من مفاهيم التعايش بين الملل والنحل في السودان ، كان الأجدر بهم التنبيه الى ضرورة مراجعة مناهج التعليم في الشمال ، قبل فرضها على الجنوب ، لتتوافق مع ثقافة السلام التي يفتقدها التعليم اليوم حتى في المظهر ، مثل اللباس العسكري للتلاميذ . يلوح لنا ، أنه في كل هذه الحالات ، يريد البعض من حكومة الجنوب أن تُبقى على كل النظم التي فرضت على أهل الجنوب من قبل، بصرف النظر عن نظام حكمهم الجديد ، و بدون اعتبار لما يقول به دستورهم .

    موضوع آخر تناولته بعض الصحف باستفاضة ألا وهو حرمان الشماليين من العمل بالجنوب . ذلك أمر يجب ان يتبعه سؤال عما يعني هؤلاء بالشماليين ؟ فحق كل مواطن في التنقل عبر القطر مكفول بنص المادة 42 (1) من الدستور الانتقالي ، و المادة 31 من دستور جنوب السودان . كما تكفل المادة 206 من الدستور الانتقالي حرية التجارة بين الولايات ، و لا يجوز سن أي تشريع يعيق التجارة أو انسياب السلع والخدمات و رأس المال و العمالة بين الولايات . أغلب الذين يثيرون دعاوى الحرمان من العمل في الجنوب هم اما قلة من اصحاب المتاجر الصغيرة في الماضي أو الراغبين في ولوج هذا الباب. ونعرف ان حكومة الجنوب التي تسعى لخلق مهارات محلية في هذه الحرف الصغيرة للعائدين من ابنائها وبناتها من الملاجئ ، وللمسرحين والارامل ، لا تشجع هذا النوع من النشاط من أي مكان جاء ، دون اخلال بحقوق أصحاب المتاجر القديمة من الشماليين . هذا أمر لا نستنتج بل أفضى به ولاة الجنوب في اللقاء الهام الذي عقده معهم اتحاد اصحاب العمل ، وتكرم بدعوتنا للمشاركة فيه السيد سعود البرير .
    مع ذلك هناك ظاهرة تثير الانتباه ، فأغلب ما تجئ الشكوى في هذا الموضوع من مدن مثل جوبا وملكال وواو ، في حين يعمل جميع أصحاب المتاجر من الشماليين في المدن التي كانت تحت سيطرة الحركة إبان الحرب : يي ، نمولي ، رمبيك ، دون مشاكل . المشكل مع تلك القلة ، في تقديرنا ، يعود الى نزاعات قديمة أو مخاوف أمنية ، وهذه حالات لا تعالج بتسييسها ، بل بتدارسها مع المسئولين . وللاستاذ عبد الرحمن ابراهيم ، أحد صناع اتفاقية السلام ، رأي حصيف حول هذا الأمر دعا فيه الى عدم تسييس هذه القضايا ومعالجتها عبر القنوات الرسمية في الشمال والجنوب ( أخبار اليوم 3/1/2007) .

    بنفس القدر ، نعرف أن الجنوب يفتح ابوابه اليوم للمستثمرين الشماليين في الانشطة الكبرى ، فلشركة السهم الذهبي مثلاً تواجد ، و لاعمال ابرسي في الترحيلات نشاط هام يكاد يكون هو المصدر الوحيد لتوريد الغاز الطبيعي للجنوب ولشركة حجار نشاط ملموس في الفندقة الى جانب مناشطها القديمة التي تسعى لاعادة تأسيسها ، و لابن الشمال و الجنوب امين عكاشة جهود مرموقة في مشروعات الاسكان والفندقة، ولاعمال النفيدي مناشط في النقل النهري تسعى لتوسيعها، ولشركة دال نشاط في مجال الآليات الكبرى ، كما يملك رجلا أعمال شماليان اثنين من الفنادق المشيدة الأربعة في جوبا. ولم تغب عن تلك المناشط بعض مؤسسات الدولة، فوالي الخرطوم يتفاوض مع حكومة الجنوب لانشاء الطريق الذي يربط بين جوبا وبور. فما هو هذا الشمال الذي يتحدثون عنه؟
    التشويه المتعمد نشير الى نموذج منه في خبر أوردته احدى الصحف في عناوينها الرئيسة على الصفحة الأولى، مما يوحي بصدقه وأهميته. نشرت جريدة الحياة في مطلع ديسمبر الماضي خبراً جاء فيه '' في خطوة مثيرة للجدل دعا بنك جنوب السودان أمس مواطني جنوب السودان لتداول الشلن اليوغندي في المعاملات اليومية لحين اكتمال اصدار العملة الجديدة '' . ونحسب أن الخبر قد نقل مترجماً عن البيان الذي أصدره بنك جنوب السودان ، أو عن جريدة جوبا بوست التي نشرت البيان ، خاصة وقد ورد في صدره '' ترجمة مزمل عابدين '' دون اشارة للمصدر الذي نقل عنه الخبر مترجماً . ما الذي جاء في بيان البنك ؟ قال البيان : '' ان الشلن اليوغندي لم يعد عملة صالحة للتداول في الجنوب وأن وفداً من البنك سيزور يوغندا في الايام القليلة المقبلة للتدارس مع بنك يوغندا المركزي حول استرداد قيمة الشلنات اليوغندية التي تجمعت لديه بالعملات الصعبة '' . ذلك الخبر نشرته في نفس اليوم صحيفة تصدر بالخرطوم باللغة الانجليزية هى '' سودان فيشن '' . ويرى القارئ التناقض الفاحش بين ما قاله البنك ونشرته صحيفتان سودانيتان تصدران باللغة الانجليزية (جوبا بوست وسودان فيشن ) وبين ما نشرته اليومية العربية . قد نفترض عدم وجود سوء قصد من الجريدة وننسب الخطأ للمترجم . ولكن الصحيفة التي تورد خبراً تُحلله مكاناً رفيعاً في عناوينها الرئيسة وتقول إنه «مثير للجدل» لا يمكن أن تكون بمنأى عن المساءلة عندما لا تستوثق من صحة ما تنشر أو يُترجم لها للنشر . وعلى أي ، فالخبر ليس خبراً . فمنذ المفاوضات تم الاتفاق بين الطرفين على أنه ، لحين اصدار العملة الجديدة يستمر التعامل في جنوب السودان بالعملات التي كان يجري بها التعامل في سني الحرب ألا وهى الجنيه السوداني القديم ( يسمى في الجنوب جنيه نميري ) ، الشلن اليوغندي ، الشلن الكيني . تلك حقيقة لا يكلف التعرف عليها غير قراءة النص حول العملة في الاتفاقية .
                  

العنوان الكاتب Date
د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:20 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:24 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة علي محمد علي02-14-07, 11:36 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:44 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:50 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Yasir Elsharif02-14-07, 12:03 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Yasir Elsharif02-14-07, 12:03 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:08 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:30 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:55 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:10 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:24 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris02-14-07, 01:43 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:43 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:53 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 02:19 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 02:24 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة ahmed haneen02-15-07, 08:45 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-15-07, 10:04 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-15-07, 10:16 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-18-07, 08:51 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Nazar Yousif02-19-07, 10:16 AM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Adil Al Badawi02-20-07, 07:56 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-20-07, 11:49 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-25-07, 08:46 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة adil amin02-25-07, 12:13 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-25-07, 12:43 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Nazar Yousif02-26-07, 10:53 AM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-08-07, 03:10 PM
        Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-08-07, 03:14 PM
          Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-09-07, 09:44 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:07 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:15 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:19 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:33 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-12-07, 11:01 PM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-13-07, 01:53 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة AnwarKing03-18-07, 12:32 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Asma Abdel Halim03-19-07, 08:05 PM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة AnwarKing03-20-07, 03:35 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-27-07, 10:14 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر04-02-07, 12:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de