د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 00:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2007, 01:24 PM

محمد يسن علي بدر
<aمحمد يسن علي بدر
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة (Re: محمد يسن علي بدر)


    عامان من السلام : حساب الربح والخسارة (9)

    الصحافة السودانية بين حرية التعبير والاخلاقيات المهنية

    في المقالات السابقة تحدثنا عن ضرورة كفالة حرية التعبير ، خاصة بالنسبة للصحافة و وسائل الاعلام بحسبانها كتيبة الدفاع الاولى عن حقوق الناس ، لا عن السلطة الاميرية . تلك الحرية رهينة باحترام حريات الآخرين و حقوقهم ، و الالتزام باخلاقيات المهنة وبالمسئولية الاجتماعية . عهدنا بالصحافة قديم منذ الصبا الغابر : عملنا في جريدة '' النيل '' اليومية تحت ارشاد معلم عملاق هو عبد الرحيم الأمين ، فهدانا الى مجاني الأدب و رياض الشعر ، قبل فن المقال . و عملنا في اسبوعيات شهيرات : '' الحادي '' لمحمد أحمد عمر ، و '' المستقبل '' ليحى عبد القادر ومن خلفه الشريف الراحل حسين الهندي (و تلك لم يبق من آثارها الا ادريس حسن اطال الله عمره ورحم من سبق ) ، ثم جريدة '' الناس '' التي لن ننساها كما زعم كاتب ذو حظ كبير من الأدب و من قلته ، وعملنا في '' الشباب '' نراسلها منذ عهد الدراسة في ثانوية وادي سيدنا وكان لصاحبها البديع عثمان أحمد عمر عليه رضوان الله ، دور في تأديبنا و تأديب غيرنا ، بل امد صحيفتنا الحائطية '' هذيان '' باكثر من مقال كما كان يمدها زميل الدراسة ابراهيم الصلحي برسوماته الباهرة منذ ذلك الزمان . و كان بداية عملنا الصحفي الموثق في جريدة '' الايام '' التي صاحبنا فيها معلماً آخر هو الاستاذ النجيب بشير محمد سعيد رحمه الله و كما التقينا صاحبيه محجوب و محجوب ، و تلك صحبة وشجتها الايام و '' الأيام '' . من هؤلاء تعلمنا درساً اولياً في الصحافة : '' الرأي حر و الخبر مقدس '' . تلك الصحف التي خبرناها وتعلمنا منها تختلف ، بل تتعارض ، منابتها الفكرية و توجهاتها الحزبية .
    مع ذلك ، تعاملنا معها جميعاً ونحن على اقتناع تام ( و لا نقول قناعة ، فالقناعة هى الرضى بما يُقسم كقولهم القناعة كنز لا يفنى ) أن حزبنا الأول هو قلمنا . ثم تولينا في عهد مايو ادارة مؤسسة صحفية هامة هى الصحافة ورثناها عن صديق العمر الراحل جعفر بخيت بعد أن مات ميتة جاحظية ، في مكتبه و حوله كتبه . ورثنا عن ذلك المفكر العملاق داراً ضمت نفراً من ابرع صحفيينا انتقاهم انتقاءً . من هؤلاء نذكر : محمد الحسن أحمد ، شريف طمبل ، عمر العمــــر ، محمد علي محمد صالح ، فضل الله محمد ، محمود بابكر جعفر ، نورالدين مدني .
    ________________________________________
    تلك مقدمة ضرورية نبين فيها اننا لا نتولج في ميدان لا نعرفه . فبروح القارئ و الصحفي معاً نتناول موضوعنا لنقول إنه على مدى عام و نيف ما انفكت الصحافة السودانية تتناول في اخبارها وتعليقاتها قضايا تمس اتفاقية السلام الشامل ، بوجه عام ، و تمس حكومة الجنوب بوجه أخص . تناول الاتفاقية بالتحليل ، وحكومة الجنوب بالنقد ، حق مشروع ان لم تقم به الصحافة خانت رسالتها . وفي هذا ، ظلت اغلب الصحف تتناول تلك القضايا بقدر كبير من المسئولية و الحس الوطني : الخبر فيها موثق ، والتعليق موضوعي . فالصحافة المسئولة تُعَرِض ما يرد اليها من خبر لمُرشحات موضوعية كيما تستوثق من صحتها . كما أن الصحافة التي تحرص ، بحق ، على نيل كل الحقوق التي يوفرها الدستور لها ، عليها أيضاً أن لا تنسى أن نفس الدستور يلزمها بشئ آخر : التزام '' كافة وسائل الاعلام بأخلاق المهنة و بعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب '' ( المادة 39(3) ) . بعض الاخبار والمقالات التي سنتناول بالتحليل لو أخذناها بمقتضى ما يقول به الدستور و القانون لوجهنا من أصابهم ضرر من جراء نشرها باللجوء للقضاء . و لكنا نحلل تلك المقالات من منطلق الحرص على دور الصحافة بحسبانها ، كما قلنا ، كتيبة الدفاع الأولى عن مصالح الشعب . لهذا سعدنا كثيراً بما كتبه الصحفي المدقق ، نورالدين مدني ، و جاء فيه : '' اننا نعلم ان هناك مسئولية مهنية و اخلاقية ملقاة على عاتق الصحافيين و المؤسسات الصحفية ، خاصة في هذه المرحلة الانتقالية ، و على الأخص في ظل التوترات الأمنية '' ( السوداني 22/11/2006 ) .
    يختلف الأمر جداً ان كان الخبر خبراً لا يتصل اسناده الى مصدر موثوق به ، بل هو كاذب من أصله . و يختلف جداً إن كان التعليق قائماً في جوهره على التخرص . ويختلف كثيراً لو شابت الخبر أو التعليق ازدواجية جهيرة في الاحكام ، أو تجاهلاً تاماً ، لكيلا نقول جهلاً مستفدحاً ، بنقطتي الاستدلال الاساسيين في الامور التي تتعلق بالسياسة الداخلية الراهنة ، و هما اتفاقية السلام الشامل و دستور السودان الانتقالي ( 2005 ) . و يكون الامر اشد فداحة عندما يتضح ان الهدف ، طوعاً كان ام بدفع خارجي ، هو تبغيض الشماليين في الجنوب ، أو تخذيل حكومته ، أو ترهيب وزرائه في الحكومة القومية كما هو الحال بالنسبة لصحيفة سنسميها وأخريات يتبعنها بدفع خارجي . ولا نريد أن نصدق ما قاله صحافي لنا أن بالسودان نوعين من الصحف : صحفاً تسير بقوة الدفع ، وأخرى قد تتوقف لـ '' عدم '' الدفع . نفهم أيضاً نشر الأخبار المفبركة والتعليقات التي تثير الفتن ان جاءت من صحيفة يُمَنى صاحبها النفس بوقوع بينونة بين الشمال و الجنوب ، و لكن الذي يزعم أن غايته هى الوحدة لا يحمل نفسه على نشر الأكاذيب عن ، أو اذاعة السوء بلا سوء على ، اخوته في الوطن . فالصحافة سلطة تنوير لا تعتيم ، و تعليم لا تجهيل ، و اشهار لا تشهير ، و نقد لا تجريح . التي لا تفعل هذا صحافة لا تَعلم ، و لا تَتَعلم ، و لا تُعلِم . ذلك هو ديدن تلك الصحيفة التي نذرت نفسها لبث الفتن ، و الرهص في الأمور ، و تشويه الحقائق ، والذي هو تلويث للتاريخ . تلك الصحيفة نقرأها كما نقرأ غيرها ، رغم ان قراءتها تقارب المشي على الحسكنيت . و لا تُعَرض انفسنا لهذا العناء إلا لأنا لا نريد ان نصدر حكماً على أحد دون ان نتمعن فيما يقول مبالغة في الاستقصاء . أخطر ما في أمر هذه الصحيفة هو ما توحي به جرأتها و كأنها فوق القانون . فاغلب ما تنشر ، مما سنفصّل بعضاً منه ، يقع تحت طائلة المادة ( 39(3) ) من الدستور . و دون أن ننسب لنورالدين مدني مشاركته إيانا الرأي ، سعدنا أيضاً لما قال : '' نعترف بوجود بعض التناول الضار ، خاصة ذلك الذي يهدد النسيج الاجتماعي . هذا التناول الضار للأسف يجد الحماية القانونية و الأمنية ، و يُحتفى به بدلاً من تقويمه و تصحيح مساره من أجل استكمال عملية السلام و مد جسور الثقة بين أبناء الأمة وتعزيز الحريات والممارسة الديموقراطية المهمة للانتقال الى مرحلة التداول السلمي للسلطة '' ( نفس المصدر السابق ) .

    لأجل ذلك سنتناول عينات عشوائية من مقالات نشرتها تلك الصحيفة ، وأخرى خطتها اقلام كُتاب نعرف عنهم الاحترام لمهنيتهم . في تلك العينات ننتقي موضوعات محددة ، اما لأنها شغلت الناس ، أو لارتباطها بالحكم السليم المعافى ، أو لاجترائها على من يلزم توقيرهم . نشير أيضاً في هذا الاستعراض الى الاخبار التي تسللت الى بعض الصحف عبر وكالة أنباء درجت على دس السُم في الدسم . هذه الوكالة هى الاخ غير الشقيق للصحيفة الحسكنيتية ، و من حق القارئ علينا أن نكشف أمرها . الموضوعات التي سنتناولها هى : أحداث الخرطوم المؤسفة التي وقعت قبيل نهاية العام الماضي و تحميل بعض الصحف مسئوليتها للجيش الشعبي بالرغم من أن بيانات الشرطة الرسمية لم تفعل ذلك ، وبعض قرارات حكومة الجنوب التي تناولتها هذه الصحيفة أو تلك بالنقد القارص ، ثم حديث عن ما اسمى '' تفلت '' وزراء الحركة في الخرطوم ، و اتهامات طالت بعض الحاكمين في جنوب السودان ، و آخرها ما سمي فضائح الفساد . في كل هذه الحالات لا نسعى للدفاع عن موقف و سلوك ، فبعض ما ورد من نقد في بعض الحالات له من المبررات ما يكفي . كما أن من واجب كل مسئول لحق به اتهام تبرئة اسمه وشرفه . في ذات الوقت ، لن نتردد في فضح ما ورد في الاخبار و التعليقات من افتراضات لا يدعمها دليل ، و احكام لا يسندها واقع ، و ازدواجية غريبة في المعايير .العنف العشوائي في العاصمة وأسبابه
    العنف العشوائي سلوك غير سوي ، و لا يتولد العنف الا في بيئة خبيثة . فحروب السودان المتنوعة و المتعددة كانت ، و ما زالت ، مباءة يبيض فيها العنف و يُفرخ . كا أن القهر الذي سد على المواطن كل وسائل التعبير المشروعة قاد ايضاً الى عنف غير مشروع في عين القاهر ، و لكنه كامل المشروعية في عين المقهور . علينا إذاً ، و نحن نتحدث عن العنف ان لا ننسى ان الحرب التي كانت تدور في الجنوب و يقتل فيها الاخ اخاه لم تكن رحلة صيد ، و ان القاذفات الجوية ، كما قال نائب رئيس المجلس الوطني اتيم قرنق لاحدى الصحف ، لم تكن تمطر الناس وروداً . ذلك هو العنف الذي سعينا في مفاوضات السلام لمحاصرة آثاره ، و محو عقابيله ، والتجاوز السمح عن مسبباته .

    بسبب تلك الحرب ، و ظروف اقتصادية قاهرة ، اندفع أيضاً اهل الريف للنزوح للمدينة بحثاً عن مرعى ظنوه اخضر ، و بذلك ، تولد عنف آخر هو تعبير عن حقد اجتماعي . فالتكدس في حد ذاته يولد عند الفرد مشاعر عدوانية ، خاصة في ظل التناشز الاقتصادي الناجم عن وجود فقر مُدقع ( أي مُذِل ) الى جانب ثراء مستفز . و أية درجة من الثراء تستفز من أُدقع أي التصق بالدقعاء و هى التراب .
    كل هذه العوامل مجتمعة تخلق بيئة مواتية للعنف ، بيد أن العنف الذي شهدته العاصمة ، كما شهدته جوبا و ملكال ، هو واحد من الافرازات المباشرة للحرب و التي حددنا بتفصيل أكبر في اتفاقية السلام كيف نحول دونه . و لعل انحصار العنف في الشمال على الخرطوم وحدها ، بدلاً عن استشرائه الى مدن أخرى فيه يتساكن فيها الجنوبيون والشماليون بوئام تام ، يؤكد أن الظاهرة خرطومية . ففي الخرطوم الى جانب تكدس اللاجئين من كل حدب وصوب : الجنوب ، دارفور ، جبال النوبة ، وأولئك الذين حملهم انهيار المجتمع الريفي للنزوح الى عاصمة بلادهم ، قضت الاتفاقية بوجود فصائل مسلحة من الجيش الشعبي لأداء دور مرسوم ، كما بقيت من مخلفات الحرب فصائل أخرى اصطنعتها الحكومة الماضية كواحدة من أدوات الحرب ، ونعرف جيداً ما ينبغي أن يصنع بها بعد الحرب.
    الانفلاتات الامنية في العاصمة ، اذن ، تعالج بمعالجة جذورها لا بالتلبث عند ظواهرها . و كان أغلب رجال الشرطة و مسئوليها على قدر كبير من المهنية في تناولهم لهذه الاحداث عند وقوعها ، و بعد وقوعها . كما توخت اغلب الصحف الموضوعية في نشر الاخبار عنها، اما اعتماداً على بيانات الشرطة أو على الحقائق العيانية . طائفة اخرى من الصحف اجرت تحقيقات أو حوارات موضوعية سعت فيها لتلمس كل وجهات النظر ، مثال ذلك ، أخبار اليوم والصحافة ( 25/11 ) ، الخرطوم ( 8/11 ) . صحف أخرى تناولت موضوع العنف كظاهرة لها جذور و اسباب ( الايام 17/9 ) . و لو رجعت الصحف عن دواعي العنف الذي شهدته الخرطوم الى نقطة الاستدلال الاهم أي الاتفاقية ، بهدف الوصول الى الاسباب المباشرة لتفشي ظاهرة ذلك العنف لما ساورتها الشكوك ، أو حُملت على التساؤل . ابلغ تساؤل جاء على صفحات هذه الجريدة ، كتب الصديق رئيس التحرير في افتتاحيته ( 14/11) مستقصياً ان كانت اتفاقية نايفاشا قد نصت على وجود عدد من قوات الحركة الشعبية '' لحماية الاتفاقية '' ، ثم عن جدوى حماية '' قوات مدججة بالسلاح '' لاتفاقية وقعت عليها '' اطراف دولية و محمية بواسطتهم '' . و اضاف '' لست متأكداً ان وجود هذه الفصائل في الخرطوم قد نصت عليه اتفاقية نايفاشا ام لا ؟ و لا اعرف و لا يعرف كثيرون غيري اسباب وجودها و مهامها '' . استفسر الصديق كمال ايضاً عن '' بقاء بعض قوات فاولينو ماتيب في الخرطوم بعد انضمامه للحركة '' و هو سؤال صحيح الا انه ناقص ، ففي الخرطوم قوات اخرى ما كان لها ان تحمل السلاح بعد انتهاء الحرب ، وان استمرت في حمله فلا ينبغي أن يكون ذلك الا داخل قوة نظامية لها ضوابط وأحكام .
    نبدأ بما هو عرضي ، فالاستاذ المحرر محق في القول ان الاتفاقية وقعت عليها اطراف دولية والتزمت بحمايتها و على رأس الاطراف الدولية الامم المتحدة التي اصدر مجلسها الامني قراره رقم 1509 متضمناً انشاء بعثة الامم المتحدة بالسودان UNMISS) ) و انشأ لها قوة دعم تضم عشرة آلاف عنصر عسكري و 175 عنصراً شُرطياً . واجب هذه القوات ، فيما نحن بصدده ، كما جاء في الفقرة الرابعة من القرار هو المعاونة في انفاذ اتفاقية السلام على الوجه التالي :

    (1) المراقبة و التثبت من تنفيذ اتفاقية وقف اطلاق النار و التحقيق في الخروقات .
    (2) التنسيق مع المانحين حول تكوين القوات المدمجة .
    (3) مراقبة تحركات الجماعات المسلحة و اعادة تشكيل القوات حسب ما نصت عليه اتفاقية وقف اطلاق النار .
    (4) المساعدة في نزع السلاح و تسريح الجنود و اعادة دمجهم في الحياة المدنية .
    وللبعثة واجبات اخرى تتعلق بنشر الوعي بالاتفاقية بكل وسائل الاعلام الجماهيري المتاحة ، و تعميق مفاهيم سيادة حكم القانون ، استقلال القضاء ، صيانة حقوق الانسان . كما تنص الفقرة السادسة عشر من قرار مجلس الأمن على السماح لقوات الامم المتحدة ، بموجب الفصل السابع من الميثاق ، باتخاذ الاجراء اللازم ، في مناطق وجودها ، لحماية موظفي الامم المتحدة ، ومؤسساتها ، و معداتها ، و حرية حركة عناصرها و العاملين في مجال المعونة الانسانية و الآليات المسئولة عن التقدير و التقويم (Assessment and Evaluation) و تلك اشارة للمفوضية التس سلفت الاشارة اليها . كل هذا ، دون اخلال بمسئولية حكومة السودان في حماية المدنيين الذين يتعرضون لخطر ماثل بالعنف . و لو أخذنا بمنطق الاستاذ كمال لوجب علينا ، في الحالة الاخيرة ، التخلي عن مسئولية أوكلها الاتفاق و قرار مجلس الامن لسلطات حكومة السودان ، و هو نفس المجلس الذي لا نريد له ان يلعب دوراً في الحيلولة دون عنف اشد دموية من ذلك الذي شهدته اطراف العاصمة أو جوبا و ملكال ، بل نرى في أي اسهام منه للعب هذا الدور '' تدخلاً اجنبياً '' نعد لمجابهته ما استطعنا من رباط الخيل .

    هذه اشارة عابرة ننفذ منها الى الرد على التساؤلات استخلاصاً من نصوص الاتفاقية حول الاجراءات الامنية و نقول إن الاتفاقية كلها ستنهار أو تصمد بانفاذها أو العجز عن انفاذها للترتيبات الأمنية . أهمية انفاذ الترتيبات الامنية ، على الوجه الذي اتفق عليها الطرفان تعود الى ان ذلك وحده هو الذي يوطد اركان السلام على الأرض . و بلا سلام لن يكون هناك استقرار سياسي ، أو تحول ديموقرطي ، أو تنمية . ما الذي جاء حول هذه الترتيبات في الاتفاقية ؟ تقول الفقرة (1) من الفصل السادس من الاتفاقية ما يلي:

    أ- في اطار سودان موحد ، و في حالة ما أكدت نتيجة استفتاء تقرير المصير الوحدة يتفق الطرفان على تكوين الجيش السوداني في المستقبل والذي سوف يتشكل من القوات المسلحة و الجيش الشعبي لتحرير السودان.
    ب- كجزء من اتفاقية السلام و بهدف انهاء الحرب يتفق الطرفان على ان تظل القوتان منفصلتين خلال الفترة الانتقالية ، و يتفقان أيضاً على ان كلا القوتين يعتبران و يعاملان بالتساوي بحسبانهما القوات المسلحة الوطنية خلال الفترة الانتقالية .
    ج- يتفق الطرفان على مبادئ التخفيض النسبي لقوات كلا الجانبين في وقت مناسب بعد اتمام ترتيبات وقف اطلاق النار .
    هذا الجزء من الاتفاق أصبح جزءاً من الدستور ( المادة 144 ) . فالجيش الشعبي ، حسب الاتفاقية ، و بنص الدستور ، لم يعد جيش تمرد، و لا فصيلاً من الفصائل المسلحة '' الأخرى'' التي قضى الاتفاق بترتيب اوضاعها ، بل هو جزء من القوات المسلحة الوطنية ، رغم ان له قيادته و نظمه الخاصة . هذه حقيقة يجب أن يعيها الذين يتحدثون عن ذلك الجيش وعن المليشيات الجنوبية وكأنهما يتساويان .
    الوصول للصيغة القاضية بوجود جيشين مستقلين في بلد واحد لم يكن سهلاً ، فآخر ما كانت تتمنى سماعه قيادة الجيش الشعبي و جنده كلمة الانصهار . فتجربة صهر الجيشين ، كما حدث في اتفاق اديس ابابا 1972 ، لم تكن تجربة سعيدة بالنسبة للقوات الجنوبية يومذاك . فمع النجاح الباهر الذي تحقق في السنوات الاولى بفضل عسكريين ذوي حس مهني عالٍ مثل عبدالماجد حامد خليل ، الراحل يوسف أحمد يوسف و عبداللطيف دهب ، وهو نجاح حمل اخوتهم في الجنوب لعدم الاصرار على وجود المراقبين الدوليين الذين كانت الاتفاقية تقضي بوجودهم ، أخذت ذرائع السياسة تطيح بالاتفاق . من ذلك خرق ما قال به الاتفاق بأن تتكون القوات المرابطة في الجنوب مناصفة بين الجنود الشماليين و الجنوبيين . وفي اللحظة التي بدأت عمليات نقل بعض القوات الجنوبية للشمال و احلال جنود شماليين مكانهم بالقدر الذي اختلت معه النسب المتفق عليها ، بدأ التململ ، فالتوتر ، ثم العصيان الذي انتهى بقيادته الى بور . و كان اوائل اللاحقين بمن سبق اليها العقيد سلفاكير الذي آثر الهجرة الى بور بدلاً من تنفيذ أمر نقله من بانتيو الى دارفور .
    لم يجئ الاعتراض على وجود جيشين من الطرف الحكومي المفاوض فحسب ، بل جاء أولاً من الجنرال سيمبيو العسكري الذي تمهر في ساندهيرست و لم يجد في كل تجاربه العسكرية نظيراً لما كان يطالب به الجيش الشعبي . و كانت المفاجأة الثانية هى عدم تجاوب المبعوث الامريكي السيناتور دانفورث مع الفكرة ، بل اصطحابه لجنرال امريكي ليبين لمفاوضي الحركة ان ما يسعون اليه هو امر لا نظير له في التاريخ العسكري . كان رد الراحل قرنق ان السودان ايضاً بلد لا نظير له في التاريخ السياسي و قال لهم متسائلاً : '' كيف تفسرون اصطراع الاخوة / الاعداء على مدى نصف قرن حول امور حسمتها اغلب الدول التي مرت بظروف كهذه ؟ '' . بجانب هؤلاء حمل الفريق الباسل عبدالماجد حامد خليل نفسه الى نيروبي ناصحاً لمن التقاه بضرورة عدم الاصرار على قيام جيشين في بلد واحد ، و لم يوفق . و ما كان لهذه القضية ان تُحَل بعد تمترس الطرفين في خندقيهما الا بعد ان وفد الى نايفاشا ( اللواء يومها ) بكري حسن صالح يحمل قراراً سياسياً ذا شقين : الاول هو قبول مبدأ الجيشين و اعتبار كليهما ، رغم تباعد موقفيهما ، القوات المسلحة الوطنية ، و ذلك '' بهدف انهاء الحرب '' كما ورد في الفقرة ب أعلاه . و الثاني هو خلق نواة للجيش الموحد ، عند الوحدة إن شاء الله ، هى القوات المشتركة المدمجة ( joint / integrated forces ). و حتى ذلك القرار ما كان ليتم لولا مثابرة اللواء من جانب ، ومساعفة دينق الور له ، و كان دينق يلعب دوراً اقرب لدور الوسيط من دور المفاوض في تلك الجولات .
                  

العنوان الكاتب Date
د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:20 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:24 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة علي محمد علي02-14-07, 11:36 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:44 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 11:50 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Yasir Elsharif02-14-07, 12:03 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Yasir Elsharif02-14-07, 12:03 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:08 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:30 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 12:55 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:10 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:24 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris02-14-07, 01:43 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:43 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 01:53 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 02:19 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-14-07, 02:24 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة ahmed haneen02-15-07, 08:45 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-15-07, 10:04 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-15-07, 10:16 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-18-07, 08:51 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Nazar Yousif02-19-07, 10:16 AM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Adil Al Badawi02-20-07, 07:56 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-20-07, 11:49 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-25-07, 08:46 AM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة adil amin02-25-07, 12:13 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر02-25-07, 12:43 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Nazar Yousif02-26-07, 10:53 AM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-08-07, 03:10 PM
        Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-08-07, 03:14 PM
          Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-09-07, 09:44 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:07 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:15 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:19 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-10-07, 06:33 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-12-07, 11:01 PM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Moneim Elhoweris03-13-07, 01:53 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة AnwarKing03-18-07, 12:32 PM
    Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة Asma Abdel Halim03-19-07, 08:05 PM
      Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة AnwarKing03-20-07, 03:35 PM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر03-27-07, 10:14 AM
  Re: د. منصور خالد .. عامان من السلام : حساب الربح و الخسارة محمد يسن علي بدر04-02-07, 12:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de