صدام فى عيون البعض !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-20-2024, 06:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-02-2007, 11:49 AM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صدام فى عيون البعض ! غسان الامام (Re: jini)

    Quote: إعدام الطاغية: انتقام في ثوب عدل

    عرفت صدام منذ أكثر من أربعين عاما. كان لاجئا إلى سورية، بعد اشتراكه في محاولة اغتيال الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم. كان صدام في ذلك الحين يدق باب الثلاثين من العمر. لا يميزه عن أقرانه سوى طوله، ولهجته العشيرية وبطء كلامه، ويديه المدموغتين بنقاط الوشم، وتصرفه في مجلسه مع رفاقه اللاجئين معه، بما يوحي بالمباهاة الضمنية بفعلته الدموية.

    بدا لي صدام شديد الاعتداد والثقة بالنفس، مع شيء من التعالي على الرفاق. كانت عيناه اللتان جحظتا لحظة إعدامه، زائغتي النظرات دائماً، لم يكن يثبتهما في عيون ووجوه الجالسين معه. وعلمتني مهنتي أن أتعرف على طَويّة السياسي من عينيه، لا من كلامه. لا أحب السياسي ذا النظرات الزائغة. يصبح عندي لغزا غامضا وكريها.

    لعل هذا هو السبب الذي حدا بي إلى الاكتفاء بمراقبة صدام عن كثب، من دون تحمل عناء التعرف عليه. لم أندم، لكن لم أكن أعرف أن شابا لا يوحي بالثقة سوف يحكم العراق بوحشية دموية لم يعرف العرب مثيلا لها في عصرهم الحديث.

    لم تطل إقامة صدام كثيرا في دمشق. هاجر الى مصر. كان معجبا بعبد الناصر، مقلدا لهيبته الزعامية، لكن شتان ما بين الشخصيتين والنفسيتين والثقافتين. عندما تمكن صدام من الحكم بالدموية التي اتبعها في العراق وبشراء الضمائر في العالم العربي، آليتُ على نفسي ألا أزور العراق وهو في السلطة.

    لم أُلَبِ دعوة طارق عزيز لقضاء أيام معه في الريف العراقي، لوضع كتاب عن «البعث» بقيادة صدام. هوى طارق في تقييمي له الى ما دون الصفر، منذ أن قال لي بجدية نفاقه المبرمج إن «الأستاذ صدام»، وليس عفلق، هو منظِّر ومفكر «البعث»!

    ويبدو أن ما تبقى من زيت في سراج العمر لن يوفر لي زيارة العراق الحبيب، وحكامه الجدد يحكمونه بدموية ووحشية فاقتا أساليب صدام. ولا أدري ما إذا كان السيستاني هو المرجع الديني صاحب الفتوى الشيعية بقتل صدام في وقفة عيد الأضحى عند الشيعة، وأول أيام العيد عند السنّة. كان إعدام الطاغية في الأيام السلمية الفضيلة انتقاما في ثوب عدل! وثوب العدل عادةً فضفاض يمتلئ بالثقوب، إذا لم تغلفه الرحمة.

    لست معنيا بسيرة صدام السياسية. فهي معروفة التفاصيل لدى كل عراقي وعربي معني بالسياسة. التوقف عندها نوع من التكرار الباعث على الملل. إنما أود أن أركز على الجانب الأصعب، على العامل النفسي والثقافي في تركيب النسيج الشخصاني لهذا المخلوق السياسي. كنت أتمنى لو أن صدام عُرض بعد اعتقاله على باحثين وأطباء نفسيين لدراسة شخصيته. ولا أدري ما إذا كان علم النفس والطب النفسي قد تطورا الى درجة تسمح بالاحتفاظ بدماغ المجرم بعد وفاته، لدراسة التلافيف والخلايا، وما اذا كان لها من أثر في تفكيره وميله الإجرامي، وسلوكه الدموي في التعامل مع الآخرين. المؤسف ان علم النفس، منذ فرويد ويونغ، لا يقدم دراسات بحثية عميقة ومفصلة في المجال النفسي السياسي والجماهيري. من هنا ليست لديَّ مقاييس ومعايير علمية لدراسة شخصية صدام، إنما أعتمد رؤية شخصية محايدة لسياساته وسلوكه، معتقدا اننا أمام حالة جنون نفسي وعقلي خطرة وفريدة، كانت تقتضي وضع صاحبها في مستشفى للأمراض العقلية، وليس على رأس دولة ونظام وحزب حاكم على مدى 35 عاما.

    اليتم والفقر لعبا دورهما في تشكيل مركَّب النقمة والغيرة لدى الطفل صدام. الأب يموت باكرا. الأم تحرمه من الحنان بالزواج ثانية. الخال يتكفل بتربيته تربية متقشفة مع أبنائه. هذه النقمة ما لبثت أن عبر عنها «الرئيس» صدام في تقريبه وإبعاده لإخوته من أمه ولأبناء خاله. نعم، تزوج حسب العرف العشيري من ابنة الخال، لكنه ما لبث أن تزوج عليها، وتسرى بخليلات غيرها، بل عمد الى قتل شقيقها عدنان بعدما عيّنه وزيرا لدفاعه، ولم يأنف من قتل زوج ابنته بعد عودته وتوبته.

    في حزب البعث، وجد الفتى صدام أسرته الحقيقية وفرحه الشخصي بالانتماء والارتباط. في الطابع الدموي لستينات الحياة السياسية العراقية، ادرك الشاب صدام بغريزته الحزبية أن الحزب يحتاج الى الشقي (الغانغستر) في الصراع على الشارع مع الشيوعيين الدمويين، أكثر من حاجته الى السياسي والمفكر والمثقف. من هنا، تقدم صدام وتأخر سعدون حمادي وطارق عزيز وعبد الخالق السامرائي...

    في الاستيلاء على الحكم والسلطة، تفجرت الغرائز والنزعات التسلطية الطموحة الكامنة في النفس الشقية. اختصر صدام العراق دولة ونظاما وشعبا واحزابا بشخصه. لا نصيحة. لا حوار. لا مشاركة. توارت العلاقة الحميمة بين الرفاق. تحولوا من متساوين ومستشارين الى أجراء مساعدين. في هواجس ووساوس الخوف الجنونية من المنافسة، بكى القائد وهو يسوق ما تبقى من الرفاق معه الى مشاركته في قتل الرفاق في حفلات الاعدام السادية.

    في التفرد الشخصي الموحش على قمة السلطة، اعتمد صدام فراسته الغريزية في توريط العراق والعرب في حروب ومواجهات فروسية عبثية مع الجيران والدول الكبرى. في اعتماد الغدر والمخاتلة، غزا صدام الكويت مبتلعا تعهده «القومي» بعدم احتلال الاشقاء. في دويِّ طبول المكابرة الاعلامية، تحولت الهزائم الى انتصارات مزعومة. في غباء ادارة السياسة وغيبة الشعور بالمسؤولية، اضاع صدام بلدا لم يعرف كيف يحافظ عليه كالرجال، ولم يعرف كيف ينهي حياته قبل ان يقع في قبضة اعدائه.

    هل للثقافة دور في صياغة وصقل الممارسة السياسية؟

    سبق لي أن قلت هنا إن الثقافة ليست شرطا معرفيا في السياسي. يكفيه الحد الأدنى من الثقافة السياسية والانسانية. الثقافة تهذب النفس. لا يمكن للمثقف الأصيل أن يكون رجل عنف وتهور ومغامرة. الثقافة الرفيعة تسمو بالممارسة الى آفاق من العدل والتسامح والرحمة في التعامل مع الآخرين.

    في كتابات صدام السياسية والتنظيرية، لا يبدو الرجل مثقفا او مفكرا. في جملته المفككة وعبارته الركيكة استيحاء ساذج ومبسط لا يتجاوز أفكار عفلق وبديهياته القومية. لو كان صدام مثقفا لعرف كيف يُعنى بتربية ولديه. كان ضعيفا أمامهما. تركهما لمحاكاته في عنفه، وفي فرض شرورهما ببلادة وبلاهة على الناس.

    ضعف ثقافة صدام حال دون تأهله فكريا ونفسيا لفهم واستيعاب التحولات الاجتماعية والسكانية الضخمة في العراق، فعالج الاشكاليتين المذهبية والعرقية بعنجهية القوة والعنف، وصولا الى استخدام سلاح الابادة الجماعية ضد جيرانه ومواطنيه المتمردين عليه، والى الارتداد بحلم البعث بمجتمع متقدم، الى كابوس مجتمع عشيري متخلف، تتحكم فيه نخبة فاسدة بلا ضمير أو خيال سياسي، نخبة ذليلة ممسوحة الشخصية ساهمت في فرض عبادة الشخصية الطاغية في أبشع صورها، إرضاء لغرور «القائد» ولنرجسيته في أنانيتها القاتلة.

    كانت العدالة تقضي بأن يُحاكم صدام أمام محكمة دولية على جرائمه بحق شعبه وأمته، لكن رئيسا آخر أخرق شاء، في رغبته الشخصية الجارفة في التنكيل بصدام، أن يُحاكم محاكمة عرقية وطائفية ضيقة، أمام محكمة عراقية هزيلة، درب الأميركيون قضاتها وسنوا قوانينها. بوش يتحمل مسؤولية شخصية. لولا موافقته الضمنية لما تجرأت دُمى الاحتلال على تنفيذ حكم بالقتل.

    عندما مات شيخ العشيرة النزق عودة بو تايه، صاح لورنس في الصحراء، «الآن انتهت القرون الوسطى العربية». لم يكن ذلك صحيحا. ما زلنا نعيش ظلامية القرون الوسطى العربية. لم ولن تنتهي بموت صدام. سوف تستمر بوجود حكام في العراق لا يقلون عنه ظلما وظلامية، ويحاكونه في غباء إدارة السياسة والعدالة، وترسيخ قاعدة الثأر والانتقام.
                  

العنوان الكاتب Date
صدام فى عيون البعض ! jini01-01-07, 02:33 AM
  Re: صدام فى عيون البعض ! jini01-02-07, 01:30 AM
    Re: صدام فى عيون البعض ! غسان الامام jini01-02-07, 11:38 AM
    Re: صدام فى عيون البعض ! غسان الامام jini01-02-07, 11:49 AM
  Re: صدام فى عيون البعض ! مشترى الزايدى jini01-02-07, 12:49 PM
  Re: صدام فى عيون البعض ! زياد جعفر عبدالله01-02-07, 04:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de