|
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث (Re: مجدي عبدالرحيم فضل)
|
حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية والأحزاب في العالم الثالث ينتمي موضوع هذه الدراسة (أي: التخلف والظاهرة الحزبية) إلى دراسات الظاهرة السياسية في العالم الثالث بوجه عام ; والتي تندرج-بدورها ; وفي الأغلب الأعم منها-ضمن أدبيات السياسات ا 4قارنة Comparative Politics والواقع أن هذا الفرع من علم السياسة (أي فرع السياسات ا 4قارنة) ; شهد-منذ ما يقرب من أربعة عقود-ولا يزال يشهد حتى اليوم تطورات هامة ; سواء في ا 4يادين التي يغطيها ; أو ا 4ناجم التي يستخدمها. هذا التطور كان-من ناحية-انعكاسا للتطور العام الذي شهده علم السياسة منذ أوائل القرن العشرين في القارة الأمريكية خاصة ; كما كان-من ناحية أخرى-استجابة للتطورات الدولية الحاسمة التي شهدها العالم غداة الحرب العا 4ية الثانية. فتحت تأثير التغيرات التي شهدها اﻟﻤﺠتمع الأمريكي بفعل انتشار التصنيع ; واتساع ا 4ناطق الحضرية ; والحاجة إلى تأكيد مكانة »الدولة 1 24 الأحزاب السياسية في العالم الثالث الكبرى « لدى الدخول في الحرب العا 4ية الأولى ; ونتائج الكساد العا 4ي ; والتغيرات في النظام السياسي الأمريكي.. الخ ; شهدت العلوم السياسية في أمريكا تطورات نظرية ومنهجية واسعة النطاق منذ عشرينات القرن الحالي ( ١) . وإذا كانت تلك التطورات قد تضمنت التأثر بالتقدم في الدراسات الأنثروبولوجية والاجتماعية ; وبازدهار ا 4نهجيات »ا لسلوكية « و »ا لوظيفية ;« فان الأمر يعزى أيضا-ور ا بدرجة أكبر ا يبدو في الظاهر-للرغبة في مواجهة التحدي الذي مثلته ا 4اركسية ; ا طرحته من منهجيات تجاوزت ; ومنذ وقت مبكر ; الطابع الشكلي والقانوني للدراسات الاجتماعية عموما ; والسياسية على وجه الخصوص. ( ٢) على أن هذا التطور في علم السياسة ; وخصوصا علم السياسة الأمريكي ; بأسبابه العملية والفكرية ; لم يقتصر على ا 4نهجيات النظرية ; وإ
ا تعداه إلى ا 4نهجيات التجريبية ; وشهدت العلوم السياسية »تزايدا في كم ; ونوع ; ودقة البيانات الكمية ; وتزايدا في عمق وتنوع الوسائل الإحصائية والرياضية ا 4تاحة لتحليل البيانات وتفسيرها خاصة مع توافر الحاسبات الإلكترونية الحديثة ( ٣). هذه التطورات الكبيرة في علم السياسة ; لم يقدر لها أن تنتقل إلى ميدان »السياسات ا 4قارنة « إلا بعد الحرب العا 4ية الثانية. فحتى ذلك الح ;R ظلت أدبيات السياسات ا 4قارنة تعاني من نواح محددة للقصور ; أجملها »ا 4وند « و »باول « في ثلاثة: أولها: المحدودبة Parochialism عنى أن أدبيات السياسات ا 4قارنة اقتصرت على العالم الأوروبي في ح R أن الدراسات التي تناولت الأوضاع السياسية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية كانت ضئيلة ومحددة ; داخل سياق »دراسات ا 4ناطق Area Studies « وثانيها: التجزيئية Configurative عنى أن أدبيات السياسات ا 4قارنة كانت تهتم بإلقاء أضؤ على الخواص ا 4ميزة للنظم السياسية ا 4نفردة بدون محاولة تقد ¡ تحليل منهجي مقارن أو فحص للعلاقات أو الارتباطات السببية ب R الظاهرة السياسية والظاهرة الاجتماعية. وثالثا: اتسمت أدبيات السياسات ا 4قارنة بالسمة الشكلية ;Formalism عنى أن التركيز كان ينصب على »ا 4ؤسسات « (وبالذات ا 4ؤسسات الحكومية) وا 4عايير القانونية والقواعد والإجراءات ; أو على الأفكار السياسية والأيديولوجيات أكثر ا هو على 25 حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية الأداء ; والتفا عل ; والسلوك ( ٤). على أن التطورات الحاسمة التي شهدها العالم بعد الحرب العا 4ية الثانية كان لا بد من أن تثير الاهتمام بالسياسات ا 4قارنة ; والتركيز عليها ; ليس فقط في شكل انتقال التطورات الهامة التي شهدها علم السياسة إليها ; وإ
ا أيضا في تطويرها ﻟﻤﺠالاتها ومناجياتها الخاصة. لقد mثلت تلك العوامل التي أسفرت عنها الحرب العا 4ية الثانية في تبلور الحركات القومية في الشرق الأوسط ; وآسيا وأفريقيا ; وتحول عديد من »الأ « إلى دول ذات ثقافات ; ومؤسسات اجتماعية وسمات سياسية مختلفة ; وانتهاء سيطرة بلاد الجماعة الاطلنطية ; وانتشار القوة والنفوذ الدولي R إلى ا 4ناطق الاستعمارية وشبه الاستعمارية القد ة وأخيرا ; ظهور الشيوعية كقوة منافسة في الصراع حول تشكيل بنية السياسات القومية ; والنظام السياسي الدولي ككل( ٥) تحت تأثير هذه العوامل كلها ; انتقلت ا 4نهجيات السلوكية والوظيفية إلى ميدان السياسات ا 4قارنة ; كما بدأ تطبيق ا 4نهجيات التجريبية في بعض دراساتها. وكما عبر عن ذلك »ا 4وند « و »باول « أيضا في منتصف الستينات ; فقد بدأت دراسات السياسات ا 4قارنة تسعى إلى نبذ السمة الشكلية ; والانتقال من مجرد الاهتمام بالقانون والأيديولوجية وا 4ؤسسات الحكومية إلى دراسة الهياكل والعمليات ا 4تضمنة في السياسات وصنع السياسة ; مثل العمليات السياسية ; والأحزاب السياسية ; وجماعات ا 4صالح ; والعمليات الانتخابية والاتصال السياسي والتنشئة السياسية. وكان ا 4نهج الذي ازدهرت في ظله تلك الاتجاهات الواقعية-التجريبية هو »ا 4نهج السلوكي « والذي أضحى يعني ببساطة. دراسة السلوك الفعلي لأصحاب الأدوار السياسية ; أكثر من مجرد محتوى القواعد القانونية أو الأ
اط الأيديولوجية. كل هذا بالإضافة إلى التوجه نحو الدراسات الإحصائية ; والتحليل الكمي ; والدراسات ا 4سحية القائمة على العينات ودراسة الحالات( ٦). فإذا كان علماء السياسة الغربيون ; والأمريكيون على وجه الخصوص ; قد اهتموا بتفنيد ا 4نهجيات ا 4اركسية والطبقية ; فإن ثلي تلك الأخيرة عملوا أيضا على تطويرها ا كنها من مواجهة التحدي الجديد ; وطرحت 26 الأحزاب السياسية في العالم الثالث ا 4زيد من ا 4فاهيم والأفكار الأكثر عمقا وتحديدا. سواء في مجال التحليل »الطبقي « الكلاسيكي ; أو في مجال دراسة العلاقة ا 4عقدة ب R الأ ا 4تخلفة والأ ا 4تقدمة في داخل إطار النظام الدولي. في ضؤ ذلك ; كان من الطبيعي أن تفوز الظاهرة السياسية في اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة ; في العالم الثالث ; بنصيب وافر من تلك الجهود كلها: - فظهر ; من ناحية ; طوفان أدبيات »التحديث « و »التنمية السياسية التي تستند إلى ا 4قولات وا 4فاهيم الوظيفية والسلوكية ا 4شار إليها ; وكذلك إلى إسهامات ماكس فيبر ; ودراسات »النخبة ;« وما شابهها. - وظهرت ; من ناحية ثانية ; تنقيحات هامة للتحليل ا 4اركسي الطبقي سعت إلى تجاوز ا 4قولات التقليدية ; ا يتلاءم مع الظروف الاجتماعية المحددة وا 4تغيرة لبلدان العالم الثالث. - وأخيرا ظهرت الإسهامات واسعة النطاق ; والتي تعزى بدرجة كبيرة إلى مفكري العالم الثالث أنفسهم ; واصطلح على تسميتها بأدبيات »التبعية « والتي ركزت على العلاقة غير ا 4تكافئة ب R البلدان ا 4تخلفة في العالم الثالث والبلد إن ا 4تقدمة. وفي حدود ما كن أن تسهم فيه كل من تلك التطورات في التأصيل النظري 4وضوع »الظاهرة الحزبية « كجزء من الظاهرة السياسية ككل ; في العالم الثالث ; سوف يتناول هذا الفصل تلك التطورات في مباحث ثلاثة تتناول-على التوالي-نظريات التنمية السياسية وتطوراتها ; ونظريات ومفاهيم التحليل الطبقي ; ثم أفكار وأدبيات مدرسة التبعية. المبحث الأول: أفكار التنمية السياسية وتطوراتها ينتسب قدر غالب من الدراسات ا 4عاصرة التي تعالج الظاهرة السياسية في البلاد ا 4تخلفة ; سواء بشكل مباشر أم غير مباشر ; إلى أدبيات »التنمية السياسية «. وإذا كانت تلك الأدبيات قد ظهرت بعد الحرب العا 4ية الثانية ; ومنذ منتصف الخمسينيات على وجه الخصوص ; معبرة في ذلك الح R- عن تطور نظري ومنهاجي محدد في ميدان »السياسات ا 4قارنة «-كما سبقت الإشارة إليه ; فإن التطورات الفعلية على أرض العالم الثالث ; في العقود 27 حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية الثلاثة الأخيرة ; وكذلك التحديات النظرية وا 4نهجية للمدارس الأخرى في التنظير والتحليل ; فرضت-بدورها-تغييرات هامة على أدبيات التنمية السياسية ; لم يعد معها بإمكاننا اليوم أن نتحدث عن تلك الأدبيات ; أو أن نستخدم مفرداتها ; بنفس الصياغات أو ا 4فاهيم ; التي ظهرت فيها. وسوف يسعى هذا ا 4بحث لاستعراض أفكار التنمية السياسية وتطوراتها ا 4عاصرة ; باعتبارها تقدم إطارا نظريا ; وأدوات منهاجيه ; تسهم-مع غيرها- في معالجة وتحليل الظاهرة موضع البحث ; أي الظاهرة الحزبية في البلدان ا 4تخلفة. أولا: التنمية السياسية من الخمسينات إلى السبعينات ابتداء ; ينصرف الحديث عن أفكار »التنمية السياسية ;« في الأغلب الأعم منه ; خصوصا في مراحلها الأولى ; إلى إسهامات مجموعة من العلماء الأمريكي R الذين ضمتهم-على وجه الخصوص- »لجنة السياسات ا 4قارنة التابعة ﻟﻤﺠلس بحوث العلوم الاجتماعية SSRC الأمريكي برئاسة جابرييل أ 4وند. ولقد تعرضت أدبيات التنمية السياسية ; لدى نشأتها ; 4ؤثرين: الأيديولوجية الليبرالية الأمريكية( ٧). من جانب ; والأيديولوجية »التنموية ٨)« ) من جانب آخر. وأدت هذه الخلفية الثقافية إلى
و الأدبيات السلوكية بخصوص التنمية الساسة ; ثلة انتقالا هاما من ا 4رحلة الشكلية القانونية ; ا انطوى عليه ذلك من التحول في ا 4نهجية من ا 4تغيرات القانونية وا 4ؤسسية إلى ا 4تغيرات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. وكانت القضية المحورية هي كيفية إحداث »تنمية سياسية « في الدول الجديدة »في أفريقيا وآسيا بشكل يؤدي إلى إقامة الد قراطية الليبرالية فيها. هذا التركيز ; على التحرك نحو الد قراطية الليبرالية كان مجرد جزء من نظرية أشمل ل »التحديث Modernization « قائمة على التفرقة ب R الحداثة والتقليدية في كافة العلوم الاجتماعية ; وهو التقسيم الذي استند إلى أفكار »فيبر « حول »التقليدية « كحقيقة سابقة على الدولة ; وعلى العقلانية ; وعلى التصنيع( ٩). وبعبارة أكثر تحديدا كن القول ; ابتداء وكمدخل للتعريف بالتنمية السياسية ; إنها-كحقيقة فكرية- mثل إسهام علم السياسة في نظرية »التحديث ;« التي تقاسمتها كافة فروع العلوم الاجتماعية والتي طرحت 28 الأحزاب السياسية في العالم الثالث افتراضاتها النظرية الواسعة حول اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة. التحديث والتنمية السياسية: من الناحية التاريخية ; يشير »التحديث « إلى عملية التغير نحو تلك الأ
اط من النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ; التي تطورت في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية ; من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر ; ثم انتشرت إلى بلاد أوروبية أخرى ; كما انتشرت-في القرن R التاسع عشر ; والعشرين-إلى قارات أمريكا الجنوبية ; وآسيا ; وأفريقيا( ١٠ ). وقد تركز جانب هام من التعريفات التي وضعها علماء الاجتماع والسياسة الغربيون للتحديث حول علاقة الإنسان بالبيئة-أساسا ; فعرف »بلاك « التحديث بأنه: »العملية التي كن قتضاها مواءمة ا 4ؤسسات النامية تاريخيا ; مع الوظائف ا 4تغيرة باضطراد ; والتي تعكس التزايد غير ا 4سبوق في ا 4عرفة الإنسانية ; ا يسمح للإنسان بالسيطرة على البيئة التي يعيش فيها ; وهو ما صحبته الثورة العلمية ( ١١ ). ويرى »دانكوارت روستو « أن التحديث هو »عملية التوسع السريع في السيطرة على الطبيعة من خلال التعاون الوثيق ب R البشر ١٢) « ) وفي هذا السياق ; ر ا كانت أكثر الأبعاد »درامية « في التحديث ; تتمثل في الثورة التكنولوجية التي حملت معها اتجاهات هامة في مجالات التصنيع ; والتنمية الاقتصادية ; والاتصال( ١٣ ). أيضا ; تتسم اﻟﻤﺠتمعات الحديثة بدرجة عالية من التمايز والتخصص فيما يتعلق بأنشطة الأفراد ; والأبنية ا 4ؤسسية. ولا يتحدد التجنيد لتلك الأنشطة وا 4ؤسسات في اﻟﻤﺠتمعات الحديثة بأي إطار ثابت من علاقات »القرابة « أو بطائفية إقليمية أو بطبقة اجتماعية ; ويرتبط هذا كله بنمو مؤسسات مثل »الأسواق « في الحياة الاقتصادية ; و »التصويت « و »النشاط الحزبي « في السياسة ; والتنظيمات والآليات البيروقراطية في معظم ا 4يادين العامة( ١٤ ). في ضوء تلك التعريفات ; تتعلق التنمية السياسية بالتحديث في اﻟﻤﺠال السياسي ; ا جعل البعض يتحدث أيضا عن »التحديث السياسي ;« ويصبح ا 4فهومان-بالتالي-(أي مفهوم التحديث ; والتنمية السياسية) متمايزين تحليليا ; 29 حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية ولكنهما متداخلان فعليا ; الأمر الذي يسمح بالحديث عن وجود »علاقة ديالكتيكية ب R الظاهرت ;«R فالنخب السياسية في سعيها-جزئيا-لتعظيم قوتها وسلطتها ; قد تسعى إلى تحقيق عمليات التحديث ; والإسراع بها ; في داخل مجتمعاتها. وفي ا 4قابل ; فإن قوى التحديث تؤثر-في نفس الوقت- على سلوك وسياسات النخب الحاكمة. وكما يقول »بايندر » :« إن وجهة النظر التي تلقى قبولا واسعا ; هي أن السياسة كانت بالأساس استجابة للقوى التاريخية للتحديث. أما في خارج أوروبا ; فإن النظرة السائدة هي العكس ; فليست السياسة استجابة للتحديث ; ولكنها-بالعكس-هي سبب التحديث( ١٥ ). وإذا كانت التغييرات ا 4مكن إحداثها ; كن أن تتم بسهولة نسبية في اﻟﻤﺠالات ا 4رتبطة بالبيئة الطبيعية (آي اﻟﻤﺠالات التكنولوجية والاقتصادية) فإن الأمر لا ينطبق على النظام الاجتماعي-السياسي. و mيل نظم الحكم التقليدية إلى مقاومة التغييرات الجذرية في تلك اﻟﻤﺠالات. ولذا فإن ا 4طالبة با 4ساواة وا 4شاركة السياسية ; والعدالة الاجتماعية ; عادة ما تكون هي آخر القضايا التي تتم مواجهتها. ولذلك ; فإنه إذا أريد للتنمية السياسية أن تأخذ مجراها ; فإنها يجب أن تتضمن القدرة على التغيير ا 4ستمر ; فيما يتعلق بتلك القضايا الاجتماعية والسياسية خاصة( ١٦ ). على أن التحديد الدقيق 4فهوم »التنمية السياسية « كان في ذاته محلا لاختلافات واجتهادات واسعة ; الأمر الذي حدا ب »لوسيان بآي « إلى أن يعدد-في دراسته ا 4سحية لادبيات التنمية في منتصف الستينات-عشر تعريفات مختلفة للتنمية السياسية. ولسنا هنا بالطبع بصدد تعداد تعريفات التنمية السياسية ; ولكن ما يهمنا قوله هنا ; هو أن تعبير أدبيات التنمية السياسية ; خصوصا في الفترة من منتصف الخمسينات إلى منتصف الستينات عن مفاهيم نظرية التحديث ; القائمة على مقابلة التقليدية بالحداثة ; انطوى على الاعتقاد بأن جوهر التنمية إ
ا يتمثل في تحول اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة من الحالة التقليدية إلى الحالة »الحديثة ;« الأمر الذي ثل مجرد »مشكلة فنية «. ونظر إلى ذلك الانتقال على انه يتم في شكل تقدم خطى ; وإحدى ومبسط ; لابد من أن يتجه-بالتحديد-نحو النموذج الغربي للد قراطية الليبرالية. 30 الأحزاب السياسية في العالم الثالث على أن التطورات التي حدثت على أرض الواقع ; في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ; والتي mثلت في عجز النظم السياسية القائمة فيها ; ليس عن تحقيق التغير ا 4نشود نحو تحديث مؤسساتها و ارساتها السياسية ; ومحاكاة الأ
اط الغربية فحسب ; وإ
ا أيضا عن مجرد البقاء أو الاحتفاظ بقدرتها على أن »تحكم ;« حمل تأثيراته إلى أدبيات التنمية السياسية. وكان عالم السياسة الأمريكي »صمويل هنتينجتون «بالذات ; أبرز ا 4عبرين عن هذا التحول ; حيث عكست كتاباته الانتقال من التأكيد »الد قراطية « إلى التأكيد على »النظام العام ١٧)Public Order« ) واستنادا إلى مجمل دراسات »التنمية السياسية ١٨);« ) فإن ا 4قومات الأساسية 4فهوم التنمية السياسية التي يفترض أن يسعى إليها اﻟﻤﺠتمع ; إ
ا تتمثل في ثلاثة مفاهيم أساسية ; وهي: »ا 4ساواة « و »التمايز « و »القدرة « ا 4ساواة ; Equality عنى أن تسود في اﻟﻤﺠتمع قواعد ونظم قانونية تتسم بالعمومية ; وتنطبق على جميع الأفراد فيه بغض النظر عن اختلافاتهم في الدين أو الطبقة أو الأصل العرقي. وأن يكون تولي ا 4ناصب العامة في هذا اﻟﻤﺠتمع قائما على الكفاية والتفوق والقدرة على الإنجاز وليس على اعتبارات ضيقة أخرى مثل القرابة والنسب والعلاقات الشخصية. كما يعني أيضا تحقيق ا 4زيد من ا 4شاركة الشعبية في وضع السياسات العامة في اختيار الأشخاص لتولي ا 4ناصب العامة. والتمايز Differentiation عنى التخصص والفصل ب R الأدوار ; وكذلك ب R ا 4ؤسسات والاتحادات في اﻟﻤﺠتمع الآخذ في التحديث. فكلما تقدم النظام السياسي في طريق التنمية السياسية كلما زاد تعقد الأبنية فيه ; وكلما تزايد عدد الوحدات السياسية والإدارية. والقدرة: Capacity فإنها تعني ضرورة توافر قدرات معينة للنظام السياسي ; مثل قدرته ; ليس فقط على إزالة الانقسامات ومعالجة التوترات في اﻟﻤﺠتمع ; وإ
ا أيضا على الاستجابة للمطالب الشعبية با 4شاركة والعدالة التوزيعية ا 4رتبطة با 4ساواة. وكذلك قدرته على الإبداع والتكيف في مواجهة التغيرات ا 4ستمرة التي ر بها اﻟﻤﺠتمع. وفي سياق عملية التنمية السياسية يواجه اﻟﻤﺠتمع ما اصطلح دارسو التنمية السياسية على تسميته ب »أزمات « التنمية السياسية ; أي تلك الأزمات التي يستلزم تحقيق التنمية السياسية حلها ; وهي أزمات. الهوية-والشرعية- 31 حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية وا 4شاركة-والتغلغل والتوزيع. أزمة الهوية تحدث عندما يصعب انصهار كافة أفراد اﻟﻤﺠتمع في بوتقة واحدة ; تتجاوز انتماءاتهم التقليدية أو الضيقة ; وتتغلب على آثار الانتقال إلى اﻟﻤﺠتمع العصري بتعقيداته اﻟﻤﺨتلفة ; بحيث يشعرون بالانتماء إلى ذلك اﻟﻤﺠتمع والتوحد معه. أزمة الشرعية: تتعلق بعدم تقبل ا 4واطن R المحكوم R لنظام سياسي ; أو نخبة حاكمة باعتباره غير شرعي أو لا يتمتع بالشرعية ; أي لا يتمتع بسند أو أساس يخوله الحكم واتخاذ القرارات. وقد يستند هذا السند أو الأساس إلى الطابع »الكاريزمي « أو التاريخي للزعيم أو إلى الدين ; أو الأعراف أو التقاليد أو ا لقانون. أزمة ا شاركة: أي الأزمة الناتجة عن عدم mكن الأعداد ا 4تزايدة من ا 4واطن R من الإسهام في الحياة العامة لبلادهم. مثل ا 4شاركة في اتخاذ القرارات السياسية ; أو اختيار ا 4سؤول R الحكومي R. وتحدث هذه الأزمة عندما لا تتوافر مؤسسات سياسية معينة كن أن تستوعب القوى الراغبة في تلك ا 4شاركة. أزمة التغلغل: أي عدم قدرة الحكومة على التغلغل والنفاذ إلى كافة أنحاء إقليم الدولة وفرض سيطرتها عليه ; وكذلك التغلغل إلى كافة الأبنية الاجتماعية والاقتصادية في اﻟﻤﺠتمع. أما أزمة التوزيع ; فتتعلق همة النظام السياسي في توزيع ا 4وارد وا 4نافع ا 4ادية وغير ا 4ادية في اﻟﻤﺠتمع ; وقد تعني مشكلة التوزيع ليس فقط توزيع عوائد التنمية وإ
ا أيضا توزيع أعباء التنمية. وفي تلك الأزمة يلتقي علم السياسة مع علم الاقتصاد وتثور مشكلة ا 4عايير التي ينبغي الاعتماد عليها في تحقيق هذا التوزيع. وفضلا عن مقومات التنمية »وأزمات « التنمية ; يتحدث دارسو التنمية السياسية أيضا عن تسلسل أو سياق حل أزمات التنمية Development sequence وأثر ذلك على التطور التاريخي للنظم السياسية. فإحدى مشكلات اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة (أو الأخذة في النمو) في العالم الثالث هي أنها تكاد تواجه أزمات التنمية السياسية كلها في وقت واحد ; في ح R أن البلاد ا 4تقدمة في أوروبا وأمريكا غالبا ما واجهت تلك الأزمات بشكل متوال. كما أن ترتيب مواجهة هذه الأزمات ; غالبا ما يطبع النظم السياسية وتطوراتها. 32 الأحزاب السياسية في العالم الثالث ولذلك فإن البلاد التي بلورت »هويتها « القومية وتوصلت إلى تسليم »بشرعية « نظامها ; قبل أن تواجه طالب »ا 4شاركة « في الشؤون العامة ; تختلف بوضوح- على سبيل ا 4ثال-عن تلك البلاد التي ثارت فيها قضية ا 4شاركة الشعبية قبل أن تستقر فيها شرعية ا 4ؤسسات العامة ; أو تحقق فيها الحكومة التغلغل إلى كافة أنحاء اﻟﻤﺠتمع.. . وهكذا( ١٩ ). إسهامات هنتينجتون تستلزم إسهامات صمويل هنتينجتون ضمن أدبيات التنمية السياسية في الستينات اهتماما خاصا هنا ; ليس فقط لأنها ساعدت بقوة على التركيز على قضايا »الاستقرار « و »النظام العام « و »ا 4ؤسسية «على نحو يختلف عما ساد في الأدبيات السابقة عليها ; وإ
ا أيضا لأنها تقدم-بإسهاماتها تلك- إطارا نظريا متميزا لتحليل الظاهرة الحزبية في البلاد ا 4تخلفة. وفي هذا الإطار يرى هنتينجتون أن أبعاد التحديث السياسي كن أن تتلخص تحت ثلاثة عناوين أساسية ; أولها: ترشيد السلطة ; عنى أن تستبدل بالسلطات السياسية التقليدية ا 4تعددة (الدينية ; والعائلية ; والعرقية) سلطة سياسية موحدة ; وعلمانية وقومية. وثانيها ; mايز وظائف سياسية جديدة ; وتنمية أبنية متخصصة 4مارسة هذه الوظائف. وثالثها. ا 4شاركة ا 4تزايدة في السياسة ; من جانب جماعات اجتماعية في اﻟﻤﺠتمع ( ٢٠ ). - من الناحية الثانية ; يصوغ هنتينجتون رؤيته لأولوية توافر »النظام العام « والاستقرار السياسي في اﻟﻤﺠتمع موضحا »أن أكثر ا 4عايير السياسية أهمية في التمييز ب R البلاد اﻟﻤﺨتلفة ليس هو »شكل « الحكم ; وإ
ا هو »درجة « الحكم. والفارق ب R الد قراطية والديكتاتورية أقل من الفارق ب R البلاد التي تتضمن سياساتها الإجماع والجماعية والشرعية والتنظيم والفعالية والاستقرار ; من ناحية ; وب R تلك البلاد التي تعاني من القصور في كل تلك الجوانب من ناحية أخرى. والدول الشيوعية والدول الليبرالية الغربية ; تنتمي كلتاهما بشكل عام إلى النظم السياسية الفعالة وليس الضعيفة. وفي معرض تقييم فكرة وجوب قيام الحكومات على انتخابات حرة وعادلة ; في البلدان ا 4تخلفة يرى هنتينجتون أن مثل هذه الصيغة في عديد من اﻟﻤﺠتمعات الآخذة في التحديث غير ملائمة «فلكي تكون الانتخابات 33 حول الإطارات النظرية لدراسة الظاهرة السياسية مجدية لابد من افتراض وجود مستوى مع R من التنظيم السياسي. وليست ا 4شكلة هي أجراء الانتخابات وإ
ا هي تكوين التنظيمات. وفي عديد من البلدان الآخذة في التحديث ; إن لم يكن في أغلبها ; تستخدم الانتخابات فقط لدعم القوى الاجتماعية ا 4شتتة والرجعية ; ولتحطيم بناء السلطة العامة «. وا 4شكلة الأساسية في رأيه ليست الحرية Liberty ولكنها مشكلة خلق نظام عام شرعي Legitimate Public Order . فبإمكان الإنسان أن يحصل على النظام العام بدون الحرية ; ولكنه لا كن أن يحصل على الحرية بدون النظام العام. ويجب إنشاء السلطة وإقرارها ; قبل الشروع في الرقابة عليها.. وفي سعيه لتوضيح ما يسميه التحلل Decay الذي يصيب اﻟﻤﺠتمعات ا 4تخلفة في سياق عملية التحديث ; يقرر هنتينجتون-من الناحية العملية-أن حدوث بعض مظاهر التحضر ; والتعليم والتصنيع وزيادة الدخل الفردي ; واتساع وسائل الإعلام الجماهيري... لم يعن-بالضرورة-التحول إلى بعض ا 4ظاهر الأخرى ا 4رتبطة بالتحديث السياسي مثل الد قراطية والاستقرار والتمايز البنائي ; وأ
اط الإنجاز ; والتكامل القومي. ولقد كانت تلك الأمور موضع تفاؤل من جانب بعض الدارس R الغربي R في الخمسينات حيث نشأت موجة تنسب إلى النظام السياسي صفات يفترض أن تكون أهدافه النهائية أكثر منها صفاته الفعلية. ولكن حدث ; من الناحية الواقعية ; أنه بدلا من الاتجاه نحو التنافسية والد قراطية حدث »تحلل « للد قراطية وتوجه نحو النظم العسكرية الاوتوقراطية ونظم الحزب الواحد. وبدلا من الاستقرار حدثت انقلابات وحركات mرد عديدة. وبدلا من ترسيخ قوميات موحدة ; وبناء الأ .. . حدثت صراعات عرقية وحروب أهلية متكررة ; وبدلا من الترشيد والتمايز ا 4ؤسس ; حدث-بالتدريج-تحلل للتنظيمات الإدارية ا 4وروثة عن الحكم الاستعماري ; وحدث إضعاف و mزيق للتنظيمات السياسية التي
ت في غمار معركة الكفاح من أجل الاستقلال( ٢١ ). - وعند هذه النقطة ; يطرح هنتينجتون ضرورة تحقيق »الاستقرار « أو »النظام العام ;« عن طريق أيجاد ا 4ؤسسات السياسية (مثل الأحزاب التي تنظم ا 4شاركة السياسية ; وتحول دون أن تكون تلك ا 4شاركة مجرد وسيلة لانعدام الاستقرار ; وتحطيم النظام العام ; وانتشار العنف والفساد ; وبعبارة أخرى ; تصبح التنمية السياسية مرتبطة-لدى هنتينجتون-بالعلاقة ب R 34 الأحزاب السياسية في العالم الثالث ا 4ؤسسية السياسية-من ناحية-وا 4شاركة السياسية-من ناحية أخرى-.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 09:03 AM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 09:07 AM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 09:13 AM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 09:18 AM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | NGABY AJOOZ | 04-11-10, 09:26 AM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 12:27 PM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 12:35 PM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 01:46 PM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 02:09 PM |
Re: الأحزاب السياسية في العالم الثالث | مجدي عبدالرحيم فضل | 04-11-10, 02:33 PM |
|
|
|