|
مواطناً في مدينة القضارف صعد الى قمة برج التلفزيون هناك وظل ينادي لمدة ربع ساعة مطالباً بمساعدت
|
حاطب ليل سمسم القضارف
يحكي عن أحد أعمامنا انه (هج) أي ترك البلد في أيام شبابه، واتجه الى جهة (الصعيد) والصعيد بالنسبة لمنطقتنا هو منطقة سنار، فلحقه رهط من الاهل (فازعين) له، وعندما عثروا عليه سألوه عن مشكلته أي سبب فراره، فأخبرهم انه يريد الزواج وطلب من والده مراراً وتكراراً ان يزوجه ولكنه ظل يماطله فلم يطق صبراً على ذلك فهرب من البلد (ربما كان هروبه وسيلة ضغط)، فقيل له ان مشكلته محلولة وطلبوا منه ان يعين لهم من يريد الزواج بها فقال لهم قولاً سارت به الركبان في منطقتنا اذ قال (افردوا الضكر بس) - أي ابعدو الذكور - وبعد ذلك أي انثي هو قابل بها وهذا كناية على انه يريد الزواج مطلق الزواج ولا يمانع من أية امرأة (ابو الزفت)، فهؤلاء كانت قاعدتهم الاجتماعية هي (الراجل كله ود عم المرأة) و(الفحل مو عواف) وبالمناسبة الأدب الكلاسيكي الانجليزي فيه مثل يتفق تماما مع هذه النظرة ولكن ترجمته قبيحة جداً اذ يقول (طالما ان هناك..... فهذا هو كل المطلوب). مناسبة هذه الرمية هو ما حملته لنا صحف الخرطوم في مطلع هذا الاسبوع من ان مواطناً في مدينة القضارف صعد الى قمة برج التلفزيون هناك وظل ينادي لمدة ربع ساعة مطالباً بمساعدته على الزواج باحدى النساء وذلك بتوفير مبلغ خمسة آلاف جنيه (جديد) فتجمهر الناس حوله وخفت نحوه قوة من الدفاع المدني ولكنه باغتها وقفز من البرج ولقى مصرعه في الحال (لاحول وقوة الابالله العلي العظيم) في اتصال خاص أخبرني أحد الاصدقاء من القضارف ان احدهم كان ضمن الحضور عرض عليه مبلغ اثنين مليون اخرجها له من جيبه ووعده بأن يكمل له المبلغ اذا نزل ولكنه أصر على ان يستلم المبلغ كاملاً وفي رواية اخرى طالب بأن يأتيه والي الولاية. يبدو لي اننا في السودان عثرنا على فالنتاين سوداني فان كان العالم الغربي وبعده العالم الشرقي أصبح يحتفل في 14 فبراير من كل عام بيوم الحب العالمي تخليداً لذكرى فالنتاين الذي يقال انه كسر اوامر الامبراطور الفرنسي بمنع الزواج حتى يتفرغ الناس للحرب فكان فالنتين يقوم بعقد الزيجات سراً فأكتشفه الامبراطور واعدمه، فخلد المحبين يوم مقتله بالاحتفال بها كل عام فها هي القضارف تعطينا شهيداً للحب والزواج في منتصف مارس اذ بينما كان كل السودان (قائم وقاعد) مع اوكامبو ومحكمة الجنايات الدولية كان صاحبنا الراحل متسلقاً برج التفلزيون مطالباً بتسهيل امر زواجه ممن يحب بالطبع لن ينطبق عليه المثل الشهير (بتاع الناس في شنو....... ) فلن يقول احد (ان الناس في شنو وزول القضارف في شنو) لانه دفع حياته ثمناً لمطلبه وفي هذا قمة الايمان بقضيته. كل الذي اتمناه ان لا يمر علينا هذا الحادث المأساوي الاجتماعي مروراً عابراً، فياحبذا لو قمنا بتطويره واتخاذه مناسبة لتسهيل الزواج وبشتى السبل مادياً وفقهياً (في داعي نجيب سيرة البحر) اقصد زواج المسيار والايثار؟؟ على العموم الفرنسيون ليسوا احسن منا فلو خلدوا ذكرى شهيدهم ينبغي ان نفعل نحن نفس الشيء ولنبدأ باغنية (ياسمسم القضارف الزول صغير مو عارف) واسألكم بالله ان ترفعوا أكفكم في هذه الجمعة سائلين الله ان يغفر لزول القضارف زلته وانتحاره وينزل شآبيب رحمته على قبره. Abdelatif Elboony
rayaam.info
|
|
|
|
|
|
|
|
|