السهر وردى محمد السنى يصل الدوحة برفقة والدته احلام وهبى

Quote: السهروردي هو أبو الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك (وهو لقب أعجمي معناه أُمير، تصغير أمير) وهم يلحقون الكاف آخر الاسم للتصغير لقب بشهاب الدين السهروردي المقتول وقد لقب بالمقتول لئلا يعتبر شهيداً ولكن تلامذته فسروا كلمة المقتول تفسيراً يفهم منه أنه شهيد وهذا ما يذكره المستشرق (كوربان) الذي وجد اسم السهروردي في مخطوط يسميه صراحة بلقب شهيد .‏ أما عن نشأته فإن المراجع التي تؤرخ حياة شهاب الدين السهروردي الإشراقي لا تتضمن تفصيلات وافية عن تاريخ ميلاده ونشأته الأولى وتعلمه كما أنها لا تلقي ضوءاً على نسبه وأسرته التي نشأ في أحضانها ولعل هذا بسبب صغر سن هذا الفيلسوف الصوفي وكثرة أسفاره التي لم تتح انتشار علمه وذيوع صيته أثناء حياته .‏ فقد اختلفت المصادر في ذكر سنة ولادته بين سنة /545/هـ و /550/هـ ويقال إن مولده كان ببلدة سهرورد من أعمال (زنجان) من عراق العجم وإليها ينسب .‏ كان أستاذه الأول (مجد الدين الجيلي ) وعنه أخذ أصول الحكمة والفقه والجيلي هذا كان أستاذ الفخر الرازي وكانت بينه وبين السهروردي مناظرات ومساجلات سجلها بول كراوس فيما كتبه عنه سنة 1937م‏ يقول تلميذ الشهاب وهو الشهرزوري أن أستاذه سافر في صغره لطلب العلم والحكمة إلى أصفهان وأنه "قرأ هناك بصائر ابن سهلان الساوي على الظهير الفارسي والله أعلم بذلك" وفي اصفهان اتصل السهروردي بمذهب ابن سينا اتصالاً وثيقاً فترجم له "رسالة الطير" إلى الفارسية ويشير المستشرق (كوربان) والمستشرق (ماسينيون) إلى انتقال فيلسوفنا السهروردي إلى الأناضول، وأنه كان يفضل الإقامة في ديار بكر لكن إقامة السهروردي لم تطل في الأناضول فانتقل إلى مدينة حلب وهناك أخذ يناظر الفقهاء ويناقشهم فتغلب عليهم .‏ وفي حلب اتصل السهروردي بالملك الظاهر وكانت علاقته به وثيقة لكنها لم تشفع له ولم تؤد إلى إنقاذه من الموت ويذكر العماد الأصفهاني المعاصر لصلاح الدين الأيوبي أن وفاته كانت سنة /588/هـ .‏ أما ماسينيون فيتخذ التاريخ الأوسط وهو عام /587/هـ سنة وفاة السهروردي .‏ ويقال إن السهروردي قد تنبأ بالمصير الذي سيلقاه في قصيدة مطلعها: أبداً تحن إليكم الأرواح ووصالكم وريحانها والراح وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم وإلى لذيذ لقائكم ترتاح ويطلب سيد العاشقين الرحمة للمحبين لأنهم لا يستطيعون إخفاء حبهم ولا البوح به فيقول: وارحمتا للعاشقين تكلفوا ستر المحبة والهوى فضَّاح بالسر إن باحوا تباح دماؤهم وكذا دماء العاشقين تباح وإذا هم كتموا تحدث عنهم عند الوشاة المدمع السفاح ويعتبر أن المرض هو خير شاهد على عشقهم فيقول: وبدت شواهد للسقام عليهم فيها لمشكل أمرهم إيضاح لقد كان السهروردي صوفياً وهو مؤسس المذهب الإشراقي وهو اللفظ الذي استعمله الفيلسوف شهاب الدين السهروردي للدلالة على مذهب يقوم على اعتبار النور هو المبدأ الخالص للوجود بأكمله وعن هذا المبدأ تصدر سلسلة من الأنوار تؤلف في مجموعها الموجودات العالمية سواء النورية منها أو الظلمانية.‏ وقد انتشر مذهبه في القرن السادس الهجري الذي عاش فيه السهروردي رغم أنه لم يكن هناك من يحترم حرية الفكر أو يتقبل نشوء مذهب فلسفي صريح .‏ وكان ممن تأثر به محي الدين بن عربي والجيلي من خلال رسائله الصوفية ولاسيما بكتابه "مؤنس العشاق" .‏ لقد ترك السهروردي تسعة وأربعين مؤلفاً كما ذكر ذلك تلميذه الشهرزوري ومنها "هياكل النور" و "المناجاة" و "أصوات أجنحة جبريل" و "بستان القلوب" وقد كتبه بالفارسية وغيرها وجميعها تشير إلى كلمة الإشراق ولاسيما كتاب "هياكل النور" إذ تظهر فيه النزعة الإشراقية بوضوح .‏ يبدأ السهروردي كتابه بقوله :‏ "يا قيوم أيدنا بالنور، وثبتنا على النور واحشرنا إلى النور واجعل منتهى مطالبنا رضاك وأقصى مقاصدنا ما يعدنا لأن نلقاك، ظلمنا أنفسنا لست على الغض بضنين" وهذا القول يلخص المذهب الإشراقي تلخيصاً مركزاً يشير إلى المذهب النظري منه والعملي إلى الجانب الصوفي .‏ إن من يقرأ كتب السهروردي يقف على ثقافته الواسعة وإطلاعه على العلوم وقد أشاد به عدد من المؤرخين ومنهم ابن العماد في شذرات الذهب إذ يقول في هذا الفيلسوف الإشراقي :‏ "كان أوحد أهل زمانه في علوم الحقيقة والفلسفة بارعاً في أصول الفقه مفرط الذكاء وكان علمه أكبر من عقله"‏ رحم الله السهروردي سيد العشق الإلهي وأيده بالنور الذي كان واضحاً في أفكاره وفلسفته .‏