|
إتفاقيـة نيفاشـا ليست محكومـة بمقررا ت أسمـرا
|
إتفاقيـة نيفاشـا ليست محكومـة بمقررا ت أسمـرا للقضايا المصيريـة التى اصبح مصيرهـا سلـة المهملات.
موقف الأحزاب التى تعارض الإستفتاء بحجـة انه يتعارض مع مقررات اسمرا للقضايا المصيرية ، هو موقف غريب ويدل على قدر كبير من الإرتباك والحيرة لدى تلك الأحزاب.. فمن ناحية قانونية بسيطـة، فإن أى إتفاقية لاحقة تلغى أو تعدل تلقائيا كل الإتفاقيات السابقـة التى تتعارض معهـا. وبما ان إتفاقية نيفاشا لاحقـة لأسمرا فلا يمكن أن يعتد بما حوته الأخيرة من ضرورة توفير نظام حكم ديمقراطى حتى يتم الإستفتاء وممارسـة حق تقرير المصير للجنوبيين. هـذا الشرط الذى تحدثت عنه مقررات اسمرا يتعلق بحق تقرير المصير للجنوبيين الذى نصت عليه أسمـرا، وليس حق تقرير المصيـر الذى نصت عليه نيفاشــا.. ولكن الأحزاب تريد أن تدارى فشلهـا فى الحفاظ على ســودان موحـد وحديث وديمقراطى.. إن إنفصال الجنوب ستبوء بوزره كل الأحزاب السياسيـة الســودانية بدون إستثناء، وليس حزب الجبهـة الإسلاميـة وحده.. وبذلك يكون حزب الجبهـة هو المجنون الوحيد الذى رماه حظـه العاثر فى القيـد. الاحزاب تعلم ذلك، من أن التأريخ لن يرحمهـا، وقد كرست للمركزية طيلة خمسين عاما، ولم تعطى الاقاليم ما تستحق من أبسط حقوق الحكم الذاتى.. ثقافـة مركزية السلطـة لم تخترعهـا الإنقاذ، وإنما ورثتهـا عن الأحزاب الشماليـة بما فيها من يدعون التقدمية والإستنارة مثل الحزب الشيوعى، وهم يرزحون فى نير الظلام والرجعية والعنصرية، التى لا تظهـر إلا فى المحكات الحقيقيـة مثل الموقف (الحقيقى) من حق تقرير المصيـر للجنوبيين والإستفتاء عليه. ولقد دفع الحزب الشيوعى السودانى بأنه وافق على نيفاشا فقط من اجل حقن الدماء ووقف الإقتتال.. ولكنه لم يقل ما إذا تحفظ على مادة الإستفتاء عام 2011!! بالطبع لم يفعل، وهو الان يعلن معارضته للإستفتاء لأنه ببساطـة جزء من منظومـة المظلة الطائفية التى تحكم السـودان عمليا منذ الإستقلال وتتمنى أن تسيـر الأمور على ما يرام، وتعيش فى حبور وسرور الى الأبد مثل نهايـات القصص الكلاسيكيـة. يقولون نحن ننطلق من معادة الحزب الشيوعى، ولماذا نعاديه؟ هل لنا ثأر معه؟ هـذا الإتهام واحده يكفى أنهم ليسوا بدعا من الأحزاب الرجعية والطائفيـة التى تصرخ بأنك تكره سيدى كلما أبديت رايك فى مواقفهم سيدهم السياسية.. الحزب له موقف منشـور من مشكلـة عامة تهم كل ســودانى وهى مشكلـة الإستفتاء، وهو موقف أخرق ولا هدف له وليست لهم الية للسعى لتحقيقه، وهم يعملون ذلك، لأن الجنوب مستقل عمليا منذ 2005 وما تبقى ليس إلا شكليات القانون، وبالرغم من ذلك يصدرون الييانات الفارغــة التى لا تعنى شيئـاً سـوى سذاجتهم وقلة حنكتهم السياسيـة.. وكان الأجدر بهم فى هـذا الوقت هو العمل على بناء قاعدة جديدة للعلاقات مع الدولة الجديدة، والسعى لتحقيق أرضية من الإحترام والثقـة المتبادلة وخلق رباط قوى من إتفاقيات إقتصاية وثقافيـة وإجتماعيـة للمحافظـة على استمارية أكبر قدر ممكن من العلاقات بين البلدين.. ولكن عوضا عن هـذا الإتجاه الحكيم هم يضربون نفس طبول الطائفيين الذين وتقرأ إشفاقهم المزعوم على مستقبل الجنوب لو أستقل عن الوطن الواحـد. وما علموا أن الجنوبيين قوم حكماء، وأن زعماءهم الحاليين هم الاباء المؤسسون لدولة القانون، ولا شك عندى أن جنوب السـودان بعد الإنفصال سيكون مثالا لإفريقيـا فى التحضـر والتمدين والتطور الإجتماعى.. وعكس ما يكتبه دعاة الحدب على الجنوب هنا، سوف لن تكون حربا جنوبية جنوبية، فهم أذكى وأعقل وأحكم من هـذا. هم قوم حكماء ولا أرمى القول على عاتقـه:
1- حين سقطت طائرة الخطوط الجوية السـودانية فى بداية السبعينات من القرن المنصـرم فى غابات الجنوب، وأعرف بعض من كان بها الأخ بشيـر محمد على رحمه الله، والأخ الفنان التشكيلى خلف الله عبود وهو عضو معنا هنا.. أنقذت الركاب قوات الإنيانا التى كانت تحارب الشمال، علما بأن جل الركاب إن لم يكن كلهم كانوا شماليين.. قوات الإنيانا اعتنت بهم حسب إمكانياتها حتى سلمتهم للحكومة الســودانية وهى ما زالت فى حرب معها وقبل إتفاقيـة أديس أبابا.
2- عندما حدث خلاف بين الشهيـد جون قرنق والرئيس الحالى سلفاكيـر، إجتمع الطرفان فى مريدى (تصحيح لو أخطأت)، وكان نقاشـا حكيما بين عقلاء، حيث ترك الشهيـد الحديث لفريق سلفاكير الذين شنوا هجوما كاسحـا على سياسات قرنق، و(دكتاتوريته) وعدم إشراكه الغير فى القرارات.....الخ. كل ذلك والشهيـد صامت ويستمع، وفى النهايـة حين جاء دوره، بدأ بشكرهم بأن أعطوه الفرصـة للحديث وهو جالس!!! (يعنى أعفوه من المحاكمـة).. أين هـذه الحكمة وهـذا العقل وهـذا الإحترام للغير من سياسيينـا؟!! وطبعا فى النهايا توحدت الحركة من جديد لأن النوايا طيبـة وصادقة وهم الجنوب هو الأهم عندهم وليس مصالح الأشخاص.
3- معاملتهم لأسـرى الحرب وفق الإتفاقيات الدولية (قدر ما استطاعوا) ثم إعادتهم سالمين الى الحكومة، حين لم يكن للحكومـة اسرى لتسلمهم بعد نيفاشـا، يجعلنا نتساءل من كان الحكومـة ومن كان المتمردون؟؟ 4- الأسلوب الحضارى والسلس والسريـع، الذى به إنتقلت السلطـة بعـد إستشهـاد الزعيم جون قرنق لا تماثله إلا ممارسـة أكبر الدول ديمقراطيـة ومؤسساتيـة.. ولو حدث ما حدث لأى مجموعـة سياسيـة فى العالم الثالث لتطاحن الفرقاء المتربصون.
الأمثلة كثيرة وعلى من يمثلون دور المشفق على مستقبل الجنوب، أن يجلس على الأرض ويتعلم من هـذا الشعب.
|
|
|
|
|
|
|
|
|