|
Re: نيرون الرجل الذي أحرق شعبه (Re: Siddig A. Omer)
|
نيرون الرجل الذي أحرق شعبه
المصدر
لو كان لكتاب التاريخ يد لكان مدها ليمحى بها صفحات من الوحشية والقسوة سطرها فيه
العديد منالطغاة والظالمين، فلا يشرف التاريخ إطلاقا بانضمام أشخاص استعملوا نفوذهم
كحكام وأباطرة للدول في تعذيب شعوبهم وإذاقتهم ويلات الظلم والقهر.
وبالنظر إلى صفحات التاريخ نجد بعضها يقطر دماً وتتصاعد منه أهات وأنين،
ومن هذه الصفحات المؤلمة تطل علينا شخصية نيرون الإمبراطور الروماني
الذي لم يدخر جهداً في تعذيب أبناء شعبه وقتل القريب منه والبعيد،
وماذا ننتظر من شخص قتل أمه ومعلمه؟.
كانت السنوات الأولى التي أعتلى فيها نيرون عرش الإمبراطوريةالرومانية سنوات معتدلة
تميزت بالاستقرار النسبي، وقد أرجع البعض هذا نظراًلوجود معلمه " سينيكا" بجواره يوجهه ويرشده،
هذا المعلم الذي اعتنى بالقيموالأخلاق وترويض النفس، ولكن دوام الحال من المحال
فما لبث أن قام نيرونبإتباع أساليب عديدة من العنف والجور والظلم لأبناء شعبه فقتل وعذبوقهر.
تساقط القتلى
تبع صعود نيرون إلى عرش الحكم تحوله إلى الظلم والقهر، وبدأت معاناة الشعب ولم يقتصر هذا
على الشعب فقط بلامتدت يده لتبطش بأقرب الناس إليه فقتل أمه ومعلمه "سينيكا" كما قتل زوجتهأوكتافيا،
وأخاه، وانتقلت يده لتقتل بولس وبطرس الرسولين المسيحيين زيادة فيبطشه وظلمه وطغيانه.
قيل في إحدى الروايات عن قتله لزوجته أوكتافيا أنهعندما كان يؤدي دوراً في مسرحية وكان يمسك
بيده صولجاناً فسقط من يده،وقامت زوجته بمدح أدائه في المسرحية ولكنها علقت بقولها "
ولكن لو أنك لمتسقط الصولجان" وكانت هذه الجملة هي نهاية أوكتافيا فبادر نيرون بقتلها،
وكانت المسكينة أوكتافيا عبرة لغيرها فلم يستطع أحد بعدها أن ينتقد أي عمليقوم به نيرون.
وعن السبب الذي دفعه لقتل معلمه قيل أن " سينيكا" كانفيلسوف روماني شهير له شعبيته بين الشعب
وكان المعلم الخاص لنيرون ومستشارهالمخلص فعمل على تقويمه وكبح جماح وحشيته،
ولكن ألتف المرابين حول نيرونوتحولت أخلاقه من سيء إلى أسوء، فأكثر "سينيكا"
من توبيخه محاولاً تعديلهوتقويمه دون فائدة، وفي النهاية ضاق نيرون من معلمه ونصائحه المستمرةله،
كما أوشى له البعض بضرورة التخلص من "سينيكا" خاصة لما كان له من تأثيرقوي على الشعب
الذي كان يلتف حوله فوجب إسكاته، وبالفعل عقد نيرون العزمعلى قتله ولما علم "سينيكا"
بهذا فضل أن يقتل نفسه على أن يتم قتله على يدهذا الطاغية.
حريق روما
جاء انتشار الديانةالمسيحية في روما لتكون سبباً أخر في زيادة ظلم نيرون، خاصة عندما وجد أن كثير
من الشعب قد دخل إلى المسيحية، وجاء التاريخ ليدون واحدة من أبشعالجرائم التي ارتكبت فيه
وهي حريق روما الشهير عام 64م، حيث عمل على زيادةتعذيب الشعب وجاءت أبشع صور طغيانه
لتضيف جريمة جديدة لتلك التي فعلها فيحياته حيث قام بإشعال النار في روما وجلس متفرجاً،
متغنياً بأشعار هوميروسومستعيداً لأحداث طروادة، وانتشرت النيران في أرجاء روما واستمرتمندلعة
لأكثر من أسبوع حاصدة معها أرواح البشر من رجال ونساء وأطفال، كمازاد في جوره وطغيانه للمسيحيين
ولم يترك أي وسيلة لتعذيبهم إلاوفعلها.
بعد حريق روما وتصاعد النبرة الغاضبة الكارهة له سواء من شعبه أو منباقي ملوك أوربا،
مشيرة إلى أنه السبب وراء هذا الحريق الهائل، عمد إليإيجاد ضحية جديدة ليفتدي بها نفسه
فكان عليه أن يختار ما بين اليهودوالمسيحيين، وبما أن اليهود كانوا تحت حماية بوبياسبينا
إحدى زوجات نيرون،فلم يتبق لديه سوى مسيحي روما فألصق تهمة الحريق بهم، فسفك دمائهم
وعمد إلىاضطهادهم، وحشد الشعب من أجل هدف واحد وهو قتل المسيحيين وتعذيبهم في
مشاهددموية وحشية بشعة.
لكل ظالم نهاية
لكل ظالم نهايةوكثرة الظلم تولد الثورات، فاجتمع العديد من الناس ورجال المملكة على عزل نيرون،
فتم عزله وحكم عليه بالقتل ضرباً بالعصى، وشاءت الأقدار أن اليد التي امتدت لتقتل وتبطش هي نفس اليد
التي تلتف وترتد لصاحبها مرة أخرى لتقتله،فقد أبى نيرون على نفسه أن يقتل بيد شعبه فقتل نفسه،
وقيل في بعض الروايات أنه أمر كاتم أسراره بقتله، وقيل أيضاً أن الجنود انقضوا عليه فقطعوه بسيوفهم قطعاً،
فكانت وفاته عام 68م.
-نواصل- قصص الظلم و الظالمين و المظلومين
|
|
|
|
|
|
|
|
|