الطيب صالح فى ذكرى أكرم صالح!متعة القراءة وقراءة المتعة!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-20-2024, 07:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-01-2010, 07:00 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الطيب صالح فى ذكرى أكرم صالح!متعة القراءة وقراءة المتعة! (Re: jini)

    Quote:
    لندن . هنا لندن بيكاديللي كنجزرود.تشلسي.همستد.إيرلزكورت.بارنزكورت .وستمنستر.نهر التيمز.جسر ووترلو.ساعة بج بن.مجلس اللوردات.النساء يستلقين علي العشب في حديقة هايدبارك.والدنيا عامرة في حوانيت وحانات ومسارح وسنمات بيكر إستريت.وريجنت إستريت ولستر إسكوير وهولبورنوتتنهام كورت رود وما حولها كنا في مقتبل العمر, صباح الوجوه بدرجات متفاوتة,ظماء الي أشياء غامضة بدرجات متفاوتة , والجو مفعم بروائح مثيرة لا ندري كنهها كنا قد صلينا وصمنا قبل أن نجئ غضضنا أبصارنا وحفظنا فروجنا.ولكن أحد لم يهيئنا لذلك اللقاء الرهيب.
    لندن, أوروبا , الغرب, محطة فكتوريا, عالم جين مورس , كنا خليطاً عجيباً , فينا الأخ المسلم والشيوعي والبعثيوالناصري واللامنتمي والمحب للإنجليز والكاره لهم , بل كنا جميعا في واقع الأمر نحب الأنجليز ونكرههم في أن واحد وكان مدير الإذاعة العربية رجلا من أسرة عريقة يسمي جوردن ووترفيلد كان محبا للعرب إذ قضي فترة من شبابه في مصر مرسلا لصحيفة التايمز وكان مؤرخا ذا سمعة حسنة أصدر عدة كتب منها كتاب لايارد عالم الآثار المعروف الذي إكتشف مدينة نينوي القديمة وكانت جدته ليدي جف جوردن قد عاشت ردحا من الزمن في الأقصر أواخر القرن الماضي للإستشفاء من مرض صدري وكانت تكتب الي عائلتها في إنجلترا رسائل تعد قطعا أدبية رائعة تنطق بحب مصر والعرب عامة وتنم عن فهم عميق وتعاطف أصيل مع المصريين الذين إلتقت بهم وخاصة الفلاحين الذين عاشت معهم في نواحي الأقصر كواحدة منهم كانت مثل لورد ولفرد بلنت من هؤلاء الأروبيين النادرين الذين إستطاعوا أن يخترقوا الجب الكثيفة من الجهل والتعصب التي أرخت سدولها علي أوروبا في تلك الفترة وما تزال ونظروا الي تراث العرب وحضارتهم وطموحاتهم بفهم يدعو للعجب وقد جمع مستر ووترفيلد هذه الرسائل وحققها وأصدرها في كتاب يقوم أستاذنا محمد فتحي بترجمته الي اللغة العربية , أرجو أن يصبح في متناول القارئ العربي قريبا
    كان مستر جوردن ووترفيلد رجلا ضخما بجميع المعاني جسمانيا وعقليا وروحيا فيه ترفع الارستقراط وتسامح الفنان ورحابة صدر المؤرخ كان يستحق ان يكون مديرا عاما لهيئة الإذاعة البريطانية بأسرها, أو نائبا في البرلمان أو سفيرا أو وزيرا لكنه لم يكن طموحا ولم يكن يبالي وكان يصرف شؤون القسم العربي بلا كبير جهد, ويهرع الي قلعته في إيطاليا أشهر الصيف يقرأ ويكتبوكان مع وقاره ضحوكا يعجبه بصورة خاصة مزاح عبد الرحيم الرفاعي لأنه مصري , ومزاحي لأنه كان يعاملني كزميل له في مهنة الكتابة فقد كانت بعض تراجم كتاباتي بدأت تظهر في لندن تلك الأيام . وكان يعجبه قول عبد الرحيم الرفاعي أن بريطانيا وطنه القومي ساخرا بذلك من الزعم اليهودي بأن فلسطين هي الوطن القومي لليهود
    مرة قلت له في جمع من الناس انيني إشتريت كتاب له من مكتبة لبيع الكتب القديمة
    قال لي هل قرأته
    قلت نعم
    قال لي أرجو أن يكون أعجبك
    قلت له أنه يستحق كل بنس أنفقته عليه
    فسألني كم دفعت
    قلت له ست بنسات , كما تقول ستة ملاليم
    هل كان إستعماريا يسوسنا بدهاء المستعمرين أم كان إنسانا فاضلا بحق فإن ذلك المكان في تلك الأيام كان مكانا عجيبا بحيث أن الإنجليز أنفسم لم يكونوا يعرفون أحيانا هل هم يعملون في بريطانيا أم في بلد عربي , ونحن هل كنا أدوات للمستعمرين الذين أذلوا بلادنا ونهبوا ثرواتنا وعرقلوا مسيرتنا نحو الحرية والتقدم أم كنا طلائع لعالم جديد لم يولد بعد يحب فيه العربي الإنجليزي دون إحساس بالذنب ولا إحساس بالجميل
    سراج منير , لم يكن قحا تماما مثلي حين جاء الي لندن كان بحكم نشأته القاهرية أكثر دراية بالحياة مع دماثة في الطبع وذكاء هادئ وروح فكهة خاصة بين أناس يرتاح لصحبتهم وكان مثلي جديدا علي العمل الإذاعي ولكنه تعلمه أسرع مني وتحول في فترة قصيرة الي إذاعي متعدد القدرات يجمع في شخصيته بين التروي وحب المقامرة وكنت أشاركه في التروي, وأكرم صالح يشاركه في حب المقامرة لذلك نشأت بينهم صداقة خاصة بالإضافة الي صداقتنا المشتركة ولما جاء أحمد البديني وهو أكثر تهورا من كليهما نشأت بين الثلاثة صلة لم أكن طرفا فيهاإلا كمتفرج من وقت لآخر من ذلك أنهم إنشغلوا لفترة بالمراهنة في سباقات الخيل والكلاب. أنا كنت أسري عن همي بوسائل أخري, لكنني كنت أرافقهم أحيانا بدافع حب الإستطلاع وفي المرات القليلة التي كنت أراهن فيها كنت أكسب شأن المبتدئين فأضع الربح في جيبي وأتفرج عليهم يكسبون ويخسرون وأحيانا يخسرون كل ما معهم عبد الرحيم كان يحول ذلك فيما بعد الي مادة للضحك كان يرسم صورة كركتورية بالغة الطرافة لعالم السباق والمراهنين وسلالات الكلاب وأسماءها والخيل وعاداتها وأمزجتها أيها يحسن الجري في الأرض الصلدة وأيها يعدو أحسن في الأرض المبتلة ولو شاء لأصبح كاتبا لامعا في الكتابة الساخرة والواقع أن أي منهم كان بوسعه أن يكون كاتبا ولعلني عرفت بينهم بمحض الصدفة .. سراج منير يضئ الآن في بيرن بسويسرا حيث يقيم كان شاهدا في زواجي فيما بعد ثم وليا لأمر إبنتي زينب أيام دراستها هناك من هؤلاء الناس الذين يحملون عنك مؤونة التكلف ويجعلون الحياة تبدو أكثر خيرا وأقل عدوانا والحديث عنه يطول


    تمنّت فُوَيقا والصراةُ حيالها ترابُُ لها من أينقٍ وجمالِ
    وأعجبها خَرقُ العضاهِ أنوفها بمثل أبارٍ حُدّدت ونصالِ
    فابكَ هذا أخضرُ الجالِ معرضا وأزرقُ فأشرب وأرعَ ناعمَ بالِ
    ستنسي مياهاً بالفلاةِ نَميرةً كنسيانها ورداً بعينِ أثالِ

    وا حسرتا يا إبن العم
    الموت كان يبتسم,ثالث ثلاثة ونحن نتذكر ونضحك في نزل المشتل وفي مطعم المرابطين وحين غنا لنا عبد الله حداد أغانيه المريرة الحزينة عن أحوال الفلسطينيين وسائر العرب
    كان الموت يبتسم لأن أحدنا قد بقي له شهر واحد من رصيد العمر ؟ هل كان يبتسم بسخرية أم حزن؟
    يموت جزء منك حين يموت صديق عزيز هذا ما عناه ابو نواس بقوله (وأراني أموت عضوا فعضوا)
    الأرض كأنما تتناقض أطرافها ,والمصابيح في دجي روحك ينطفئ منها مصباح , الأفق يتسع ويضيق, الصداقة مثل الحب ,أقل وأكثر الصديق الذي يحمل عنك مؤونة التكلف كما قال عبد الملك بن مروان (لقد تأبطنا الحسناء وركبنا القارة من الخيل, وأكلنا اللذيذ من الطعام, ولبسنا الناعم من الثياب, ولم يبقي الأن إلا جليس يحمل عنا مؤونة التكلف) لأنه أكرم عبد القادر صالح ولأنني الطيب محمد صالح, صرنا إبني عم , رب أخ لم تلده أمك وكذلك إبن عمك
    حييا يحبب إليك الحياة قليلا وميت يسهل عليك الموت قليلآ كمصابيح رهبان إمرئ القيس
    نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقافل
    مصباح في بيرن ومصباح في واسنجنطون ومصابيح في لندن والخرطوم وتونس والقاهرة ومصباح في بيروت, أه, مصباح في بيروت, مثل نار المحلق
    تشب لمقرورين يصطليانها وكأن علي النار الندي والمحلق
    تشب علي ذري جبال في خيالك, من المحيط للخليج. أشقاء في المأزق والمنفي, المأكل والمشرب,وأحزان النزوح وأحلام التوبة والأوبة
    أن تعرف إنسانا قريبا مما تعرف نفسك. أو لا تعرفه كما لا تعرف نفسك, كما يعرف السجين السجين والمسافر المسافر, والطالب الغريم ,والجندي الجندي في ميدان القتال
    تضحكان لآن الضحك وراءه ضحك والأحزان وراءها أحزان, كموج في أثر موج وقد كنت شاهدا عليه , وكان شاهدا عليك, والزمان غض الإهاب والدار دار حرب, وأنتما أثيران ولا تدريان, مهزومان ولا تدريان(بكيت علي أطلال سلمي في الحانات وما صليت صلاة العشاء وقد أذن الفجر)..
    كل خطوة مشيتها , تفتكر وتنسي, وكل ذلك شر,لآن الذي تبحث عنه قد خلفته وراءك,سرت بقدميك الي حيث أخذت وأعطيت وذدت الي قيودك قيدا,نسيت من أنت وظننت الأمر سهل ,جزعت حين سمعت, وقد كنت سميعا مطيعا.
    وما حسن أن تأتي الأمر طائعا وتجزع ان دعي الصبابة أسمعا
    رأيت عينين سوداوين وبشرة سمراء, وهبت عليك ريح الخزامي,وقلت يا لهف نفسي,هاتان العينان,أين كانتا من قبل. تنورت نارها حين هطل الثلج ولكن هيهات هيهات
    طلبت الشفاء عند الأطباء ولكن شفاؤك عند الصبي العربي اليتيم
    ومالك بالمدينة وحده يسرح الإبل.
    لقد بكيتما معا حين قال شكري القوتلي (إننا نضع أقدام الأجيال القادمة علي طريق الوحدة والحرية).
    وبكيتما معا حين قال عبد الناصر إنه توقع القارة من الشرق فجاءته من الغرب, ولما أنشدت أم كلثوم من كلام صلاح جاهين (ثوار علي طول المدي ثوار مطرح ما نمشي يفتح النوار)
    يذهب فجأ كما يخيل لك , ولا يبقي إلا ما يشبه الإحساس بالعضو بعد بتره , أو شئ مثل ظل الغمام .

    كامل حكيم من دنقلا العرضي حين جاء الي لندن كان يقترب من الأربعين طويلآ غير متناسق الأعضاء كل عضو في جسمه كأنه يتحرك بإرادة منفصلة ,ويسير في طريق مستقل,لكنه كان إنسانا ودودآ محبا للناس ضحكاته تجلجل في ردهات الإذاعة ونظراته تدخل الهلع في نفوس السكرتيرات الإنجليزيات, عمل ردحا من الزمن في إدارة السكك الحديدية بالسودان ثم فجأخطر له خاطر,كما يحدث للشعراء والفنانين,ولم يكن شاعرا ولا فنانا,رمي عهدته في وجوه رؤسائه علي حد قوله,وذهب دون أن يقول لهم مع السلامة,ساح في الأرض من كينيا إلي زنجبار إلي أندونيسيا إلي الهند ثم عاد إلي بلدته أقام بها عاما كاملآ لا يفعل شيئا(يتونس) ويأكل ويشرب وينام,علي حد قوله,ثم ألقت به المقادير عندنا في لندن في أواخر الخمسينات ,وسرعان ما إكتشف المسؤلون خطأهم فإن حكيم لم يكن يفهم في الإزاعة ولم يكن عنده إستعداد لكي يتعلم,فتركوه طيلة ثلاث سنوات وهي مدة عقده,لا يفعل أكثر من الربط بين البرامج حين تذاع علي الهواء يقول (سيداتي وسادتي تستمعون الي كذا,وإستمعتم إلي كذا) ذات يوم ذهب حكيم الي مستر ووترفيلد مدير الإذاعة وقال له باللغة العربية وباللهجة السودانية (يا مستر ووترفيلد الحكاي شنو؟ الناس كلهم رقيتوهم الأخد ترقية ال أخد علاوة.بس مستر حكيم رابط في محله,لايذيد ولا ينقص,يا مستر ووترفيلد الكلام ده أعوج منكم,مافيش ولا شلن عشان مستر حكيم؟
    دخل لندن وخرج منها مثل الشعرة من العجين يأتي في الصباح ومعه طعامه يعده بنفسه في داره في (شذك) ويعود مباشرة بعد إنتهاء العمل وقد حول المطبخ الواسع في داره الي (تكل) علي الطريقة السودانية وضع فيه سريرا وطيئا مثل (العنقريب) السوداني وجهاز الراديو والتلفزيون, وأول ما يصل داره يخلع سترته الأفرنجية ويلبس جلابية سودانية, ويعد طعامه ثم يستلقي علي قفاه علي السرير,يستمع إلي الراديو ويتفرج علي التلفزيون إلي أن يحل موعد النوم, وتزوج من السودان بالتوكيل وهو في لندن أناب أخاه ليقوم بإجراءات العقد,فأرسلوا له عروسه ولم يكن قد رأها من قبل ومعها كميات كبيرة من العطور السودانية والبخور ذادت كثيرا عن الوزن المسموح به واحتارت الإدارة الإنجليزية ماذا تفعل فقال لهم حكيم إنها أدوات تجميل فأعجبهم ذلك المخرج فقبلوه,وكان حكيم يذهب إلي الدلالات ويشتري قطع الأساس القديم بأثمان بخسة وجمع منها قدرا كبيرا وحين أراد العودة وجد أن تكاليف شحنها الي السودان أكبر بكثير من ثمنها فتركها حيث هي,كنا نذهب الي داره من أن الي أن صلاح أحمد محمد صالح وعبد الرحيم الرفاعي وأكرم صالح وأنا,فيستقبلنا في المطبخ ويطعمنا الطعام السوداني الكسرة والويكة والكمونية وحتي المرارة الكبدة النيئة كأنك في أمدرمان ومستر حكيم في تلك الضاحية من تلك المدينة الأوروبية النائية في جلبابه السوداني وصدره مفتوح مغطي بشعر أشيب كثيف والروائح الأليفة العطر السوداني وروائح الكمونية والويكة والشاي بالنعناع والقرفة وغناء أحمد المصطفي من المسجل كأنه في أم درمان,ولندن ,كأنك سافرت من دنقلا العرضي إلي الخرطوم يا سبحان الله أقول في نفسي وقد كنت منذ تلك الأيام أراقب الناس والحياة مثل الكاتب ولا أكتب بل أدع الأفكار تضيع مع سحب دخان السجائر الذي تعلمته بين نغائض أخري في تلك الظروف والأحوال, يا سبحان الله , هذا الإنسان العجيب لماذا لا يحزن ويعاني كما نعني ونحزن ؟ لماذا لا يحس هول الأمواج التي تتلاطم حوله؟ لماذا لا ينفعل لهذه الأصوات الغريبة والروائح الغامضة المثيرة,الأمر واضح عنده هنا مثل هناك, ليس أحسن ولا أسوأ, لكنه مختلف وحدود العالم معروفة,القطار الذي يحمله إلي مكان العمل ويعود به,ودكاكين البقال والجزار وبائع الخضار لا أكثر لم يكن طائرا مهاجرا بل كان طائرا صحراويا خلا له الجو وطاب له التحليق فطار وطار وحملته ريح الي بلد نائي أقصي الشمال,أقام ما شاء له أن يقيم,ثم حملته ريح ثانية من حيث جاء لايدري كيف جاء وكيف عاد,كنا نحبه لأجل ذلك,وكان هو يعاملنا كأننا أطفال لا ندري ما نفعل,وأحيانا كنا نستدرجه إلي ما كنا نأخذ به من طيش فيقضي السهرة كلها يضحك علينا ويسخر من أفعالنا كل فتاة يجد فيها مأخذا التي نحسبها فارعة يقول أنها طويلة مثل الجمل,أو الزرافة, وهذه مثل (عود السلك) وهذه وجهها مثل الحصان,وهذه مثل القملة, وهذه أسنانها مثل أسنان الحمار,وكنت تلك الأيام أميل إلي ممرضة من ليفربول,أظنها آية في الجمال والظرف, فيقول لي (التمرجية الكريهة دي أيه عاجبك فيها؟
    عاد كما جاء لما انتهي عقده لم يحاول أن يبقي أطول,قال لي (يا خوي شغلانة الإذاعة دي ماها نافعة كفاية ثلاثة سنين حوشنا فيها قرشين تنفعنا هناك في بلدنا. نتوكل علي الله نرجع بلدنا.وعاد كما كان من السكة حديد الي السكة حديد.عاد مديرا لسكك حديد الجزيرة. تذكرت كامل الحكيم منذ اسابيع في الرياض قابلت ضابطا شابا في الحرس الوطني السعودي , قضي عامين يتدرب في أميركا وقضي فترة في باريس.مثل حكيم غطس في الماء ولم يبتل,سألته عن باريس فقال لي(والله ما رأيت فيها أكثر مما رأيته في الملز)

    أكرم صالح خاصة,كان طائرا من نوع أخر مثل عصفور حط علي غصن شجرة عارية من الأوراق,والثلج ينهمر,والأرض مكسوة بالجليد,تحسبه قد يسقط في أية لحظة,وقد يموت من البرد,ولكن قدرته علي الإحتمال كانت تدعو للعجب
    جاء أواخر الخمسينات من أذاعة الشرق الأدني التي كانت واسعة الإنتشار في تلك الأيام ولم يكن معروفا إنها تمول مباشرة من وزارة الخارجية البريطانية أنكشفت تلك العلاقة عام 56 أثناء العدوان الثلاثي علي مصر,فقد إستولت عليها حكومة المحافظين بقيادة سيرأنتوني إيدن ,وحولتها إلي إذاعة صوت بريطانيا,فاستقال معظم موظفيها من العرب,جاء أكرم إلي لندن,إذاعيا ناضجا متمرسا,كان دون الثلاثين,فخورا بزوجته المالطية,التي كانت ملكة جمال,وبصوته المصقول بين الشامي والمصري,لأنه تربي في لبنان,وتعلم في مصر,يقول لك بلا حرج
    بالله مش صوتي حلو؟
    دهشت أول مرة سمعت منه ذلك,ثم أدركت أن السؤال لا ينم عن غرور أو نرجسية,بقدر ما ينم عن براءة كانت من مكونات جاذبيته
    نعم صوتك حلو
    أحلي صوتي ولا صوت عبد؟
    صوت عبد الرحيم أعمق من صوتك لكن صوتك جميل جدا
    وصوت صلاح؟
    صوت صلاح أعمق من صوتك وصوت عبد الرحيم
    بس صوتي أحلي
    كل واحد فيكم صوته جميل بصورة مختلفة
    العجيب أنه لم يكن يكترث لجمال صورته,كان وسيما ذا عينين واسعتين بين الزرقة والخضرة,له لمة فاحمة السواد فقدها تدريجيا مع تقدم السن,أمه درزية من جبل لبنان,فيما حدثنا,أحبها أبوه الشيخ عبد القادر شبل,فخطفها وبني بها,وأنجب منها ولدين,زهير وأكرم,وماتت وهما بعد صغيران,تلك كانت عقدة حياته,فقد حكي لنا القصة مرارا بصيغ مختلفة
    ربما لأنه كان فلسطينيا ولأن أباه كان سنيا وأمه درزية,ولأن أمه ماتت عنه وهو بعد طفل,,ولأنه نشأ في لبنان وتعلم في مصر,فقد كان سريع الإنفعال مضطرب النفس,يفرح بسهولة ويحزن بسهولة,متهورا رغم حيائه,لازع اللسان رغم أدبه الجم,وكانت النساء الإنجليزيات يجدن في كل ذلك جاذبية لا تقاوم
    هل كنت تجرك مشاعر الأمومة فيهن عن عمد؟
    إنما هو لم يكن يفعل أي شئ عن عمد, كل شئ يجيئ عفو الخاطر أو بمحض الصدفة,فقط أمام المايكرفون يصبح كل شئ واضحا ومنتظما.حينئذ يتحول الي شخص آخر.تنزل عليه سكينة عجيبة, ويصبح صوته مثل ألة موسيقية في يد عازف خبير
                  

العنوان الكاتب Date
الطيب صالح فى ذكرى أكرم صالح!متعة القراءة وقراءة المتعة! jini06-01-10, 06:55 PM
  Re: الطيب صالح فى ذكرى أكرم صالح!متعة القراءة وقراءة المتعة! jini06-01-10, 06:57 PM
    Re: الطيب صالح فى ذكرى أكرم صالح!متعة القراءة وقراءة المتعة! jini06-01-10, 07:00 PM
      Re: الطيب صالح فى ذكرى أكرم صالح!متعة القراءة وقراءة المتعة! jini06-01-10, 07:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de