|
Re: شكر وعرفان من اسرة الفقيد عبدالرحمن دقة وخاص الشكر لسودانيز اون لاين .. وبعض ماكتب عنه (صو (Re: معتصم مصطفي الجبلابي)
|
Quote: وداعاً.. عبد الرحمن دقه الأعمدة اليومية - شمس المشارق - مؤمن غالي الأحد, 20 ديسمبر 2009 11:38 وكان لابد أن أحجب.. عن أحبتي.. أهلي.. أصدقائي.. قرائي.. شمس المشارق.. كان أسبوعاً من الحزن العاصف.. من الزلزلة.. والخوف والفزع.. وأنا أفقد.. ركن بنيان أسرتي.. عمود خيمة قبيلتي.. ودياري.. ولو كان حزناً.. خاصاً.. لما أشركت فيه أحداً.. لكن الرجل.. كان فقداً.. للوطن بكامله.. فكان لابد.. من تدفق الدموع.. والإبحار في لجج الحزن المر.. ولأن الأمم العظيمة لا تعتبر الذين رحلوا من عظمائها مجرد ذكرى فهم حياتها المتجددة.. وأملها الذي لا يخيب.. ورغم أن الكلمات مالحة في فمي.. وحزين أنا حد النحيب.. وأخي عبد الرحمن يودعنا صاعداً إلى أعلى.. رغم كل سحب الحزن الركامية الماطرة دموعاً.. بل راعفة نزيفاً.. لابد عنه أحكي..
كان معلماً.. أضاء بالطباشير.. كل عتمة وظلام.. كل شبر في هذا الوطن الجميل.. كان صبحاً.. ومصباحاً.. بدد أستار الجهل.. شمالاً وجنوباً.. شرقاً وغرباً.. في كل بقعة من البلاد.. وليس ذلك ما أحكي عنه.. فقد كان الرجل.. نسيج وحده.. منسوجاً من تربة الوطن الطاهرة.. معجوناً بماء النيل الدافق.. مفتون بقضاء حوائج الناس.. أبداً في الصفوف الأمامية.. في كل محفل خير.. وفوق كل ذلك كان الرجل.. يتخلق بخلق القرآن.. يتحدث همساً.. فيتبدى همسه.. صوتاً هادراً داوياً.. فالرجل ما نطق بغير أدب وخلق القرآن.. نذر نفسه لقبيلته التي كان أبداً قائداً لصفوفها.. في عزيمة.. ومضاء.. وحيوية.. كان رجلاً سمحاً بلا أعداء.. قائداً دائماً لرابطة أبناء الجبلاب.. كان رجلاً ورئيساً لجمعية الجبلاب الخيرية.. على يديه وبفضله.. أرسى.. واقترع وأنشأ.. أفرعاً.. صهرت.. كل أفراد قبيلته كتلة فولاذية صلبة وصلدة.. حارب العادات الضارة.. ودفع الناس دفعاً.. لباهر الأخلاق.. والتحلي بكريم العادات.. ولا عجب.. إن تدفقت الدموع.. وشق الفضاء بكاء الرجال.. الأنصار لا يبكون.. لا يبكون.. إلا إذا عادوا أحياء من أي موقعة وحشية دفاعاً عن الوطن.. والجبلاب قبيلة أنصارية عن بكرة أبيها.. بكته.. كما لم تبك أحداً مثله.. ولا عجب.. فقد كان عمود الخيمة.. كان الحصن والملاذ عندما تدلهم الخطوب..كان الرأي والحل عندما.. تحتشد السماء بالغيوم..
ثم.. نذهب مع «عبد الرحمن».. إلى مكان عمله.. وأيضاً.. ومن حسن طالعه.. ومن محبة الله له.. كان عمله.. في حياض ورياض القرآن.. كان الأمين العام لمعهد أم درمان العلمي العالي.. وهناك.. رسم بروحه.. الإسلامية الشاهقة بهاء وألقاً.. وقدسية.. وطهر اللوحات.. عملاً دؤوباً مخلصاً صادقاً.. لا لمعاش الوظيفة.. بل تقرباً وإخلاصاً.. لوجه الله.. الواحد الأحد.. ولأن الله حبب فيه الناس فقد عمل أخيراً مدير إدارة مسجد النيلين بجامعة القرآن الكريم.. ألم أقل: إن الرجل.. يرفعه الله درجة إثر درجة.. لم يكتفِ الرجل.. بإنفاق كل ساعات وسحابة النهار وسط القرآن والصلوات والدعاء.. بجانب كل ذلك كان الرجل.. مسؤولاً عن خلاوى مسجد الإمام عبد الرحمن بود نوباوي.. لله درك يا عبد الرحمن.. وأنت تتفقد أحبتك «الحيران» في جامع ود نوباوي.. في جوف الليل.. في الليالي الشتوية الحالكة.. في صقيع برد قارس.. في حر الهجير الحارق ولظى الشمس اللاهب.. تحت وابل المطر الهاطل.. تتجول وسط الخلوة.. في قلب الجامع.. تطمئن على الحيران.. لا تهدأ ولا تسكن حتى ينام آخر حوار..
ونذهب.. مع عبد الرحمن.. خارج أسوار الوطن.. مبعوثاً.. بل واجهة للسودان في موسكو.. ملحقاً ثقافياً في تلك الجمهوريات.. الشاسعة.. وعبد الرحمن.. يصير فتحاً في العمل الدبلوماسي.. يشرع أبواب السفارة.. لكل طالب وطالبة في تلك الأصقاع.. تصبح السفارة بيتاً للطلاب.. بكل.. أعراقهم.. بل بكل معتقداتهم.. لا فرق بين موال.. ومعارض.. يفتح منزله الخاص.. مكان سكنه العائلي.. في موسكو.. أيضاً سفارة لكل سوداني.. رجلاً كان أو امرأة.. كان الرجل «فتحاً» بعد طول إغلاق.. أدهش كل طالب وطالبة.. مبعوث ومبتعثة.. وقبل كل هؤلاء أدهش حتى حكومة الكرملين..
وداعاً.. عبد الرحمن.. أسأل الله لك فراديس الجنة.. وألهمنا فيك صبراً جميلاً.. فنحن بعدك.. أفراخ بذي مرخ.. زغب الحواصل لا ظل ولا شجر.. بل نحن بعدك.. أمسينا كأفراخ أمهم بكرت فأصابها رامٍ ما خانه الوتر..
|
http://akhirlahza.sd/portal/index.php?option=com_conten...6-04-27-43&Itemid=65
|
|
|
|
|
|
|
|
|