|
الفوضى تعم الاقتراع!!
|
الخرطوم (رويترز) - جلس الناخبون لساعات على أي شيء أمكنهم الجلوس عليه واحتمى البعض بظلال الشجر من أشعة الشمس اللافحة في مستهل عملية انتخابية معقدة ومثيرة للجدل في السودان شابها التشوش والفوضى. أمضى المسؤولون شهورا في الاعداد للانتخابات لكن سرعان ما سادت الفوضى يوم الاحد عندما تبين في مركز تلو الاخر وأحيانا بعد ساعات من بدء التصويت أن الناخبين يستخدمون بطاقات الاقتراع الخطأ أو أن أسماء أو رموز بعض المرشحين غير موجودة أو غير صحيحة.
ونظرا لانه يجري انتخاب رئيسين و24 واليا و26 مجلسا على مستوى الولايات والمستوى الوطني وباستخدام ثلاثة أنظمة مختلفة للتصويت وما يصل الى 12 بطاقة اقتراع كان التشوش حتميا.
وقاطعت أحزاب معارضة كثيرة الانتخابات مشيرة الى حدوث مخالفات واسعة النطاق حتى قبل بدء التصويت.
وأكدت مفوضية الانتخابات استعدادها للحدث رغم مطالب المعارضة بتأجيل الانتخابات لفترة قصيرة لضمان سير العملية بسلاسة. وأشاد مختار الاصم المسؤول الكبير بمفوضية الانتخابات يوم السبت بكفاءة النظام الانتخابي.
غير أن هذه كانت تجربة جديدة بالنسبة لكثير من الناخبين ولمسؤولي الانتخابات أنفسهم.
وطلب البعض بعصبية شديدة من الناخبين غمس اصبع بالكامل في حبر أخضر تصعب ازالته للتأكد من عدم تكرار ادلائهم بأصواتهم. وكان لابد من تذكيرهم بالقواعد.
أما بطاقات الاقتراع التي ينبغي استخدامها فمثلت هي الاخرى مشكلة لبعض مسؤولي الانتخابات.
صاح أحدهم وهو يتحدث بالهاتف "بطاقات الاقتراع تنفد من عندنا" مستحثا المراقبين السودانيين على عدم القلق.. الى أن اكتشف أن بطاقات انتخاب نواب البرلمان التي كان يستخدمها على مدى الساعات الاربع السابقة كانت من دائرة مختلفة. وأوقف التصويت.
كان ذلك المركز يعج برجال الشرطة الذين انتظروا لما يقرب من أربع ساعات حتى يتمكنوا من الانتخاب. وأثار وجودهم قلق بعض المراقبين. وفي مراكز أخرى تدافعت صفوف جنود الجيش للدخول والادلاء بالاصوات. وقال واحد ضمن مجموعة من الجنود بينما كان جالسا في شاحنة عسكرية نقلته وزملاءه الى مراكز التصويت "ليس هناك الا حزب وطني واحد في هذا البلد.. حزب المؤتمر الوطني" مشيرا الى حزب الرئيس عمر حسن البشير.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يفوز البشير بفترة رئاسة جديدة. ويتهم البعض حزبه بالتلاعب في الاصوات وترويع المنافسين.
ومن بين شكاوى المعارضة سماح مسؤولي الانتخابات لكل أفراد الامن بأعدادهم الغفيرة بتسجيل اسمائهم للتصويت في ثكناتهم.
ورأى كثيرون أن وجودهم المكثف في هذه المناطق يمكن أن يميل الكفة لصالح الحزب الحاكم لشعور الناخبين بالترهيب.
وبالنسبة لحجيرات التصويت فكانت مصنوعة من الورق المقوى وبدا الكثير منها مهلهلا بالفعل في اليوم الاول من الانتخابات التي تستمر ثلاثة أيام.
وتابع مراقبون محليون غير مدربين بالدرجة الكافية سير الامور بدقة لكن دون أن يلاحظوا أخطاء أساسية مثل استخدام بطاقات الاقتراع غير الصحيحة.
وكانت عملية التصويت مهمة صعبة حتى بالنسبة الى السياسيين المتمرسين.. فقد استغرق البشير عشر دقائق كي يدلي بصوته في بطاقات الاقتراع الثماني التي يتعين عليه أن يستخدمها.
ودفعت مشاهد الفوضى والتشوش في بعض مراكز الخرطوم الكثيرين للتساؤل عما يدور في الاجزاء النائية من أكبر دول أفريقيا مساحة حيث معدلات الامية مرتفعة والبنية الاساسية مدمرة بعد عقود من الحرب الاهلية.
ورغم هذه المشاكل أصر كثيرون على الادلاء بأصواتهم. فهم يرون برغم المقاطعات والشكاوى أن الحدث في حد ذاته تاريخي بعد ربع قرن بلا انتخابات حرة. وقال الناخب الفاتح خضر "حتى لو كان هذا صحيحا بنسبة 50 في المئة فهو أفضل من لا شيء."
من اوفيرا مكدوم
|
|
|
|
|
|