الدوري السوداني الممتاز - 2010

Quote: هول الصدمة على رحيل النجم الخلوق إيداهور كان فاجعاً علي مثل الكثيرين وقاوم مناعتي على الكتابة وسيطر علي الحزن وغالبني الدمع وتملكتني الحسرة على فقد لاعب بوزن إيداهور المحترف الملتزم والنموذج المشرف والسوداني الأصيل الذي أحببناه بصدقه وطيبته وأدبه ورقة معشره.. ومهما تحدثنا عن إيداهور لن نوفيه حقه كاملاً ويكفي الحب الكبير الذي يحمله له زملاؤه في الفريق والإداريون والصحافة وكل من تعامل مع الراحل ولو مرة واحدة في رحلته القصيرة بيننا بحسابات العمر والطويلة بعمق الإحساس والمعايشة. منذ أن سقط إيداهور على الملعب بطريقة لا إرادية أيقنت أنه مات وأنا لم أشاهد إنساناً توفي أمامي طوال حياتي ولكن كل الوقائع التي سبقت لحظة ترنحه وسقوطه في الملعب كانت تدل على ذلك ووضعه ليديه على ركبتيه كان كافياً ليوحي أنه يعاني شيئاً ما ونبهتني زوجتي التي درست الطب وكانت تجلس بجواري لحظتها أن إيداهور جلس على الأرض قبل رحيله بدقائق بعد خروج إحدى الكرات جوار مرمى الأمل وكان ظاهرا عليه الإرهاق. رحل النيجيري الأصل السوداني الجنسية بالتجنس والطباع والمواقف وخلف في القلوب حسرة وفي العين دمعة لا أظنها ستبارح عيون عشاق المريخ قريباً ويكفي أنه رحل في الملعب ولفظ أنفاسه وهو بشعار النادي الذي أحبه ودافع عنه سنوات ببسالة ورجولة وأمتعنا بأهدافه وأسعدنا كثيرا بحلاوة الفوز وبمثلما كان سبباً في سعادتنا كان أيضاً سبباً في حزننا الطويل ولوعة فراقه الحار. أحداث كثيرة رافقت رحيل إيداهور وكادت أن تتحول اللحظات التي تلت رحيله إلى كارثة أكبر والغالبية تذهب بها الظنون إلى أن لاعب الأمل قد اعتدى عليه وتسبب في وفاته وكاد الجمهور العاطفي أن يفتك بلاعبي الأمل وجهازهم الفني تدفعهم مشاعر لا يمكن السيطرة عليها وهنا نستنكر الطريقة غير الحكيمة التي تم بها نشر الخبر ولا نعرف كيف تم ذلك وكان الأفضل أن يتم إعلانه بعد نهاية الشوط الأول ودخول اللاعبين جميعاً للغرف حتى لا يحدث ما حدث ولكن الفاجعة غيبت العقول. وحتى البيان الذي أصدره الأمين العام للمريخ لم يكن موفقاً وسيطر عليه الانفعال وأكد الإحساس بأن إيداهور تعرض للاعتداء وكانت كلمة العدالة التي تأخذ مجراها بمثابة الرصاصة التي خرجت دون تحديد الهدف وحملت الكثير من المعاني التي تحتمل مئات التأويلات.. وكنت حريصاً على توصيل إحساسي للأخ قريش بأن إيداهور رحل طبيعياً وأدركه الموت دون اعتداء ولم أكن أعلم وقتها أنه قد صاغ البيان بهذا الأسلوب. الآن طغت الحقيقة على الشكوك والاتهامات ولا بد أن نسلم بقضاء الله وقدره ولا ندري ما هو موقف قريش الذي تسرع بهذا البيان ونقدر مجهودات الرئيس جمال الوالي الذي تدارك الموقف وسعى وسط الانفعالات لتهدئة الجمهور الثائر في النادي صبيحة الأمس رغم أنه أيضاً لم يتمالك أعصابه في المستشفى ولكن موقفه لم يكن رسمياً مثل بيان المريخ الرسمي ولكنه تحدث بشجاعة للجمهور الغاضب بأن اللاعب الخلوق وافاه الأجل المحتوم ولم يتعرض لاعتداء. ونحمد أيضاً للاعب الواعي سعيد السعودي موقفه الشهم وهو يخاطب الجماهير في النادي بأن إيداهور سقط أمامهم من تلقاء نفسه ولم يعتد عليه أي لاعب وهذه مشيئة الله وأضاف لو أنهم شاهدوا لاعباً اعتدى عليه لما تركوه يخرج سالماً من الملعب لأن الراحل أخ وصديق ورفيق وعاشرهم بالحسنى وأكل وشرب وعاش معهم. لا نعفي أنفسنا كصحافة من مساهمتنا في حالة الاحتقان التي كان عليها الجمهور لأننا كتبنا كثيراً عن تعرض لاعبي المريخ للضرب بدون كرة وهذه حقيقة لا جدال فيها وحادثتي كلتشي مع أسامة التعاون والنفطي في كادوقلي خير دليل ولكننا تمادينا في التهديد وتعبئة الجمهور ضد الحكام ولاعبي الأندية الأخرى حتى كادت أن تتحول الملاعب إلى ساحات حرب وعلينا الآن واجب أن نهدئ النفوس ونزيل التوتر وندعو الجميع للتمسك بالإيمان بالله وحقيقة الموت ونعيد الرياضة إلى معناها السامي ونهيئ الأجواء للاعبينا ليعودوا إلي حالتهم النفسية الطبيعية. خواتيم.

(عدل بواسطة Maawya Hussein on 03-11-2010, 02:48 PM)