|
عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر .
|
[/BIG
عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمر .
(1)
من فوق السماء ، نَظَرتْ الأرض أقمارٌ مُصنَّعة . اقتربت العينُ الكاشفة من مَدار النسور . رأت واحداً يُطارد سرب إوز بُغية الصيد . قال خاطرٌ : شهر الصوم قادم ، و خيوط طُرق الملائكة عِند تنـُّزلها تبدأ من أحلام العقائد . قلّبتُ خارطة ( غُوغل مابس ) لتصفُح كيف أرى حبيبتي بمصباح أقمار اصطناعية من فوق سماء موطنها . هُنا زر للخارطة على صفحة البلَور ، وآخر للقمر الاصطناعي ، والأخير للنظر بعين طائر من علٍ . انفتحت صفحة الكون : هذه هي الأمريكتين ، انعطفتُ يميناً إلى إفريقيا ، ثم وسطها ، ثم ملتقى النيلين ، فمنه يمكنني الاقتراب أكثر .
صَدق من قال : إن موجات ( تسونامي ) المحبة تأتي بلا ميعاد .
(2)
نظرت وحدثت نفسي :
أيمكنني رؤية حبيبتي الآن ؟
تقدمت بطيئاً ورقص القلب وزادت طرقاتُه . هذا هو الطريق ، وذاك هو الحيّ . أمسكت بفأرة الحاسب الآلي واقتربتُ أكثر . تقاطعت خطوط الطير جميعاً . اعترض نَظري نسرٌ آخر يتعقب إوزة فصرَخْت . أفلتت هي من قبضة الموت ، واستراح قلبي ، وتذكرت لحظتها أيامي مع الصديق إبراهيم آل عكود ، عندما قلت له :
ـ عندما أشاهِد البرامج المُتلفزة التي تحكي قصص البراري ، وأرى كيف تصطاد أكلة اللحوم الغُزلان ، ينتابني قهر وكآبة ، رغم أن الدنيا تقول : تمتاز الفرائس بالتكاثُر ، وتمتاز أكلة اللحوم بالسُرعة والانقضاض . تُمسِك هي مواضع الشرايين في الأعناق ، فتتخدر الفريسة إلى الموت ! .
رد إبراهيم مُتعجباً :
ـ تلك حساسية مُفرطة ، وينطبق عليك قول المتنبي : تموت الأسد في الغابات جوعاً .. ، ستموت سيدي لو كنتَ أسداً يكره القتل !.
ضحكت . و فرحتُ أن الإوزة قد امتد بها العُمر ، ألا تُفارق السرب مرة أخرى وتتعِظ . أمسكت بالفأرة واقتربت : هذا هو الطريق الذي تسلكه الحبيبة راجلة من الطريق العام إلى الدار ، فمن يُحب يخاف على المحبوبة من ريح هجير ما بعد الظهيرة . الطقس إبريق يغلي والأتربة تتخلل ما خفي أو ظهر من تاج رأسها وتغبرت خصلات شعرها المُنفلتة .
هذا وطن مملوء بالمنغِّصات . تضرِب الأحلام رأسها بالحائط من الغيظ ! . إن كنتَ حالماً ولقيتها تقول لك :
ـ أريد الخروج أولاً من جهنم الطقس ، اشرب كأس ماءٍ بارد وأستحِم ، ثم تبدأ الدنيا من بعد ذلك !.
يرتد حُلمي خطوة إلى الوراء دون أن يستسلِم ، ويسألني :
ـ أهي دوماً هكذا ؟
قلتُ له أُطيب الخاطر :
ـ عندنا في وطننا أوقات نكره فيها أنفُسنا .
تبسَم و ردَ مُتعجباً :
ـ لذلك مقامي لن يطول معك ! . نسيت الأمر وتفرست ثم صرخت :
ـ يااااه ! ، إنها الآن في الطريق .
(3)
جميلة هي من أُحب ، جمال أكثر عبقاً رغُم الهجير . نظرتُها بعين الرأفة ، و من ملامح وجهها تعرف أنتَ أن الشمس اليوم أقرب إليها من كل يوم ، تنفُث من حولها الأشواق المُحرِقة . عاصفة لولبية أخذت تعبث بثيابها ، لكنها استدركت بيد دربها العقل الباطن أن ظل المُجتمع التقليدي الثقيل قد جثم على ذاكرتها ، وأخفت عن نظري مفاتِن كنتُ أتمنى رؤيتها مُتلصصاً بعين قمرٍ اصطناعي نظرتْ من السماء الدُنيا لترى !.
(4)
في عطلتي هذا اليوم أكثر من غواية . أستحِق أن أنظر سيدة عُمري الجميل من بعد فراقها ، فقد مضى زمان وتراكمت الأتربة على أرائك الفرح . تبعِد هي الآن عني آلاف الفراسخ . هي في الوطن وأنا في غليون المهاجر المُتقِد . نسأل الكون كيف يكون حالها ؟. كيف فرقتنا دُنيا ، وأعسرتنا أن يضُمنا سكن وطعام طيب . بَقيَّتنا من الناشئة الذين في مُقتبل العُمر يستبشرون خيراً عند كل تلفنة . نأمل جميعاً أن يبتعد عنا شقاء اللهث وراء أن نحيا حياة عاديّة ! . قلت أنظر الدُنيا بعين الرضا والقناعة وكنوزها التي تفنى ، فصحِبت معي حُلمي . رأيته يتململ ضيقاً مرة أُخرى ويقول :
ـ أ هذا هو الوطن الذي يقولون عنه : ( كنـز الكرة الأرضية ) !؟ أ هذا موطن الماء النمير ونهر الفراديس ؟ . أين الخُضرة ؟ ، مكانها جبال من الفَحْم !. أعرف أن الوجه الحسن يهُمك وحدكَ ، فأنت عاشق وأنا رفيق صُحبة .
قلتُ له :
ـ كم تأخذ ثمناً لصمتك ؟ . هنا غرفة تصلُح لصناعة المحبة إن استعصت هي أن تأتي بطيب خاطر . هذا كأس عصير حلو لا يُخِل بموازين الصحة . الغرفة تعبق في صندل العود المُبهر يحترق طيباً ، هو من بقية ما تركت لنا منْ نُحب .جئتكَ اليوم واجِداً استحضر روحك وألبِسكَ ثوباً زاهياً لتكون معي ساعة زمان . شمسُكَ تستسهِل الفرار إلى الأفق ، وليل العاشقين طويلُ .
انتهى النص . ـــــــ
من هنا نظر العاشق : http://maps.google.com /
عبد الله الشقليني 25/08/2006 م
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 08-30-06, 07:03 AM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 08-30-06, 08:57 PM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 08-31-06, 06:05 PM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 09-01-06, 01:47 AM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | جورج بنيوتي | 09-01-06, 02:05 AM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 09-01-06, 10:50 AM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 09-02-06, 04:02 AM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 09-03-06, 11:11 AM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 09-05-06, 12:01 PM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | محمد عكاشة | 09-05-06, 12:16 PM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | عبدالله الشقليني | 09-05-06, 10:00 PM |
Re: عاشقٌ ينظُر بمصباح القَمـر . | مجاهد عبد الرحمن | 09-06-06, 06:04 AM |
|
|
|