عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 03:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبدالله الشقليني(عبدالله الشقليني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-21-2008, 10:18 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. (Re: عبدالله الشقليني)




    عبق الأمكنة : المبنى السابق لمتحف الطيور. (8)
    لمحة عن الراحل المهندس حسن عثمان البحر



    لن تمر ذكرى الذين قدموا عملاً للوطن مرور الكرام ، فنحن في زمان تذوب الذاكرة فيه من وهن الذين يُشغلوننا ويستأثرون باهتمامنا ولا يستحقون ذلك ! . جاء ميعاد التذكير ببعض ملامح طواها الدهر ، تُعطى لمحة عن أخلاقيات ومُثل الزمن الغابر ، فقد غبرنا دون تروٍ كل الخير .
    تحت عنوان " تحويل مبنى اتحاد الطلاب القديم إلى متحف " في الصفحة ( 170 ) من ترجمة كتاب " كل شيء ممكن " تأليف مارقريت وبروفيسور إليك بوتر " والأخير هو مؤسس قسم العمارة في جامعة الخرطوم عام " 1957 م ، و قد ترجم الكتاب للعربية الروائي "الزبير علي " . نقتطف النص الآتي وهو يتحدث عن بدايات أيامه في الجامعة :

    " كان إحساسي بالرضى يغمرني وأنا أكاد اختفى داخل الكرسي الوثير الذي كنتُ أجلس عليه بمكتب السيد" حسن البحر" المهندس المقيم لجامعة الخرطوم . وكنت على ثقة من أن السيد "حسن "لابد أن يكون قد ضغط على الزر الكهربائي الخفي واستدعى الساعي ذا الجلباب الأبيض الناصع ليُحضر لنا أكواب الليمون المثلج الممتع وأقداح الشاي و " كنكات " القهوة على " الصينية " الفضية الأنيقة .
    وأثناء انتظاري لهذه المنعشات كنتُ أستمع في سعادة إلى شقشقة أعداد لا حصر لها من العصافير التي ترسل أنغامها الموسيقية الحلوة فتختلط في الهواء الساكن مع الأزيز الرتيب الذي كانت تصدره مروحة السقف فوق رأسي .

    حقيقة لقد كانت تلك من اللحظات التي كما تقول أحد التراتيل : ( كل مشهد فيها يسُر ويُبهج ) . كان إحساساً مُريحاً ينبع من أعماق بعيدة في نفسي ، إذ وجدت أنني بعد أسابيع قليلة من وصولي للسودان أُمارس المعمار عملياً إلى جانب تدريسه بالجامعة ، فقد كُلفت بتحويل مبنى اتحاد الطلاب القديم إلى متحف للتاريخ الطبيعي . ولا يدري سوى الله ماذا كان يشغل ذلك المبنى من قبل . ومن حسن الطالع أن التعديل المطلوب كان ضئيلاً جداً وكان مما يبعث على الارتياح أنه لم يكن مطلوباً إزالة المبنى من الوجود فالمبنى كلن طرازاً فريداً في نوعه .."

    وأورد " إليك بوتر" مقطعاً آخر حين كتب :
    "كنت لا أزال جالساً بمكتب "حسن البحر "مع ألحان العصافير وأشعة الشمس المتكسرة والأحاسيس الودودة التي تغمرني بفيضها وقد مددت قدمي لأبعد مدى وأنا أنتعل ( مركوبي ) البرتقالي الجميل والذي يطلق عليه طلبتي أسماء عديدة !

    كان "حسن" يعمل بجهد واضح للفراغ من الأوراق التي أمامه تمهيداً لبدء الحديث عن المهمة التي جئت من أجلها . وكانت اللوحة الزيتية الكبيرة خلف حسن تتوهج وهي تفيض حياة وحركة بكل ما فيها من عنف وحقد قديمين .

    لم يكن حسن من أولئك الذين يجلسون الساعات الطوال خلف مكاتبهم يؤدون أعمالاً روتينية بل كان مولعاً لحد بعيد بالعمل الميداني .. وكانت له خبرة لا تُضاهى في عالم المقاولات ولديه ذخيرة وافرة في هذا المجال . وقد أدخلته هذه الخبرة في مأزق حقيقي ، إذ قُدِم له عرض مغرٍ للمشاركة مع أحد المقاولين بخبرته ومهارته لإعداد بعض قنوات الري لزراعة القطن في مشروع الجزيرة . وهنا أطلت سحابة صغيرة في كبد سمائنا الصافية .أنني أعلم جيداً أنه إذا ترك حسن العمل معنا وذهب إلى مشروع الجزيرة ، فإن الحياة بعده في الجامعة ستفقد كثيراً من رونقها وغناها ، وسنكون نحن أصدقاؤه في غاية التعاسة . ولسعادتنا ورغم العرض الذي قُدم فإن "حسن" اعتذر عن عدم قبوله وقال : أنه لن يترك الجامعة ولن يتركنا مهما كانت المغريات ، وقد كان وبقي حسن معنا بالجامعة "

    كان مُتحف السودان الطبيعي الماثل في مبناه بشارع الجامعة هو مثار حديث البروفيسور" إليك بوتر "في أواخرالخمسينات من القرن الماضي ، وكان الراحل المهندس "حسن عثمان البحر "مهندساً مقيماً للجامعة .
    نعود بالتاريخ إلى العام 1978 م ، عندما كانت الجامعة بصدد إنشاء مبنى إضافياً لأحد مبانيها ، قامت بتصميمه وحدة المباني بجامعة الخرطوم أيام بدء حياتنا المهنية هناك، وتم طرح المناقصة وتقدم لها مجموعة من المقاولين المتناقصين ، وكان التقدير التقريبي لتنفيذ الأعمال تتراوح ما بين ( 28ـ32 ) ألف جنيه سوداني وفق قيمة العملة في ذلك الزمان .

    تراوحت المناقصة المطروحة أمام لجنة العطاءات بالجامعة في حدود التقدير الذي أسلفنا عدا واحد منهم تقدم بمبلغ يعادل (17) ألف جنيه ، وتندّر الحضور من أعضاء لجنة العطاءات من المفارقة في السعر . وبدأ الرأي الغالب وهو استبعاد العطاء الأقل . وبعد مراجعة المستندات تبين أن المتناقص كان : المهندس" حسن عثمان البحر" . تذكره الجميع ، ورأت اللجنة استدعاءه .
    وكان اجتماعه باللجنة يوماً مشهوداً بحق ، فقد قدم المستندات والضمانات وقبلها سرد سيرته الذاتية من أنه كان مهندساً في الأربعينات وكان عضواً في المجلس الأربعيني لمؤتمر الخريجين الأول ، وأنه كان مهندس الجامعة المقيم قبل أكثر من عشرين عاماً .

    احتارت اللجنة ، وأخطرته بأن أسعاره مقارنة مع المواصفات وأسعار المواد والعمالة والترحيل لا تناسب أسعار المشروع السائدة في السوق، فإنه خاسر لا شك في ذلك ، وكان رده :
    ـ إن الدراسة التي قدمتها تحمل ما تحمله من عهد وميثاق وهو أهم لديّ من احتمالات الربح والخسارة ، وسأقوم بإنجاز المشروع مهما تكلف من تبعات ، وإن الأمر في نظري هو مبدأ اتخاذ القرار والالتزام به. ثم ماذا يُضير أن ينفق المرء في حياته في تنمية الجامعة الأولى في السودان ؟ .

    نفذ المهندس " حسن عثمان البحر" المشروع بكفاءة وبالسعر الذي حدده رغم الخسارة . كنا نرقب كمهندسي إشراف إنابة عن الجهة المالكة بعين الرفق عليه من الخسارة الفادحة ، ولكنه كان ينظر للأمر بمنظار غير منظار أهل زمانه . تجده في كل يوم عمل يجلس مع عماله لإفطار الضحى ، مفتون مثلهم بوجبة يتوسطها طبق الفول المصري الضخم في مائدة عماله تحت شجرة ظليلة من أشجار الجامعة قرب مباني كلية الهندسة التي تقع غرب مجمع وسط جامعة الخرطوم ، مكاناً لا يبعد كثيراً عن مكان عمله منذ أكثر من عشرين عاماً خلت .
    في مسلك المهندس "حسن عثمان البحر " الكثير من الطيبة والتراحم مع عمالته الفنية ومراقبي التنفيذ. يضع الثقة في مرءوسيه ، يهبهم حق التصرف وفق اختصاصاتهم المهنية . كريم يمد يد المساعدة في وقتها المناسب و بلا منّ .

    منذ متى يا تُرى رحلت عنا مثل تلك القيم ! .

    جاء الزمان الذي سادت فيه قيم الربح ولا شيء يهُم ، و ساد المثل العامي الذي يقول : ( إن دار أبوك خِربَتْ شيلَكْ منها شَليَّة ) !!!!.

    ألا رحم المولى المهندس " حسن عثمان البحر " وأفسح له من بساتين جنانه الموعودة .
    عبد الله الشقليني
    05/03/2008 م
                  

العنوان الكاتب Date
عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-07-08, 12:16 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-07-08, 03:10 PM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-08-08, 07:57 AM
      Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-08-08, 04:24 PM
        Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-11-08, 10:50 AM
        Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-16-08, 01:05 PM
        Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-23-08, 05:09 PM
          Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-24-08, 06:25 PM
      Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-08-08, 04:24 PM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني04-02-08, 03:39 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-18-08, 05:55 AM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. haleem02-26-08, 10:24 AM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-27-08, 04:42 AM
      Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. salma subhi02-27-08, 06:01 AM
      Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. ابوبكر يوسف إبراهيم02-27-08, 07:06 AM
        Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-29-08, 06:57 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-27-08, 10:47 AM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-28-08, 10:21 AM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-27-08, 10:09 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-28-08, 05:51 AM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني02-29-08, 10:08 AM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-03-08, 04:49 AM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-03-08, 09:11 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-05-08, 09:07 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-13-08, 03:46 AM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-17-08, 05:04 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-21-08, 10:18 PM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-22-08, 11:53 AM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني03-23-08, 03:07 PM
  Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني04-04-08, 06:47 AM
    Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني04-09-08, 09:48 PM
      Re: عبق الأمكنة : المبنى السـابق لمتحـف الطـيور. عبدالله الشقليني04-26-08, 08:26 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de