نبشركم بعودة البريد السوداني....

Quote: اللجنة العليا للتصرف في المرافق لم تعلن حتى الآن المشتري الجديد (1200) عامل في الانتظار لمعرفة مصيرهم .. والنقابة : أهملت رؤيتها للإصلاح في العام (1858) تم افتتاح أول مكتب بريد في السودان بواسطة الأتراك بسواكن البريطانيون طوروا خدمات البريد وحولوها من مصلحة حربية لمدنية في العام (1898) التطورات التقنية في العالم عصفت بالهيئة التي لم تحاول إدخال أي تغييرات موجة الخصخصة العنيفة التي ضربت بقوة في جذور مؤسسات القطاع العام يبدو أن مدها ما زال عالياً وماضياً إلى نهاياته ، وبدأ من الواضح أنه حتى قدم بعض المؤسسات تاريخياً وارتباطها الوجداني بالمواطنين لا يجدي نفعاً في إعادة النظر في هذه السياسة .. أخيراً هيئة البريد والبرق تدخل (الحلبة) لكنها (بقوى) خائرة بعد تطاول الإهمال داخل الهيئة ورفعت الدولة عنها مبكراً يد العون وتقلصت خدماتها رغم معرفة السودان المبكرة لنظام البريد في العام (1858) وتطورت خدماته بتميزها المعروف حتى وقت قريب ، لكن الحال تبدل وبسرعة البرق نفسه تدهور .. نهاية الشهر المنصرم طرحت اللجنة العليا للتصرف في مرافق القطاع العام الهيئة للخصخصة ولم تظهر حتى الآن نتائج فرز العطاءات ، الأمر الذي تنتظره نقابة عمال البريد التي تضم (1200) عامل لبلورة رؤاها النهائية في الأمر بعد أن فشلت عبر مذكرات ومطالبات من تدارك حال المؤسسة وعمالها .. ميلاد وسيرة نضرة !! سنوات خلت على مجد زاه وتليد لخدمة البريد والبرق في السودان والذي دخلت خدماته في العام 1858إبان الحكم التركي بإنتاج أول مكتب بريد في مدينة سواكن بشرق السودان .. من تاريخه وحتى وقت قريب ظلت ذاكرة السودانيين تحفظ عن ظهر قلب النشاط الثر الذي كان يقوم به البريد والبرق في خدمة العامة ، وخلد ذلك الاحترام خلال شخصيات سعاة البريد وعامليه في كل العصور ووضعهم المميز في المجتمع السوداني. وتاريخ السودان مع البريد والبرق يحكي أنه بعد افتتاح مكتب سواكن على يد الحكم التركي والذي عمل من بعده الاستعمار الإنجليزي على مد خطوط السكة الحديد والتلغراف واللاسلكي وفتح مكاتب البريد والبرق لأغراضه الحربية ، وبعد أن دان له الوضع عمم خدماته لعامةالمواطنين في كل أنحاء البلاد وعمل على تدريب الموظفين لأداء الخدمة منذ أبكار خريجي كلية غردون ، وفي العام 1898 تم تحويل البريد والبرق من مصلحة حربية إلى مدنية تحت مسمى البوستة والتلغراف وفي العام 1910 صدر أول قانون منظم لخدمات البريد والبرق وف يالعام 1919 تم تحويل الاسم إلى مصلحة البريد والبرق والهاتف حتى 1971 حيث تم تقسيمها إلى مصلحتي البريد البرق ومصلحة المواصلات السلكية واللاسلكية ، وفي العام 1978 صدر أمر تأسيس المؤسسة العامة للبريد والبرق وأصبح لها مجلس إدارة مستقل حتى العام 90 ليتم تحويلها إلى هيئة مستقلة باسم الهيئة العامة للبريد والبرق. أدوار مهمة !! وبتاريخه ظل البريد والبرق يلعب دوراُ فعالاً في كافة مناحي التنمية الاقتصادية والاجتماعية وثقافياً ، واقتصادياً يعد البريد عاملاً مؤثراً في مجال اقتصاد الدول وليساهم في نقل البضائع التجارية والمالية ويقوم أحياناً بدور الوسيط بين البائع والمشتري باستلام ودفع ثمن المشتريات وهو دعامة أساسية للبيع بالمراسلة كما يقوم بتوزيع الإعلانات والدعاية للمنتجات والخدمات من خلال شبكته المنتشرة في أوسع نطاق ، وفي المسائل المالية البريد يقوم بأعمال التحويلات من الأفراد وبين المؤسسات عن طريق الحوالات والشيكات البريدية ويعتبر وسيلة لجذب المدخرات الصغيرة عند طريق التوفير. واجتماعياً وعبر دوره المعروف في التواصل يشجع على الادخار وصرف المعاشات والتأمينات لذويها مستفيداً من انتشار مكاتبه في مناطق عديدة ، وكذلك الحال بالنسبة للجانب الثقافي بحيث ينشط في التعريف والترويج للسياحة ونشر المعرفة من خلال الصور الجمالية للمعالم التاريخية والتراثية . هذا إلى جانب أنه وسيلة لتبادل الآراء والأفكار ونقل المعلومات من خلال الخطابات الشخصية والرسمية والمطبوعات والمجلات والبحوث العلمية والكتاب الثقافي. أدوار تتقلص !! والشاهد أن العهد الزاهي لخدمات البريد والبرق في وقت سابق وخلال السنوات الأخيرة بدأ في تناقص مستمر وربما يذهب البعض إلى أنه قد اقترب من التوقف كاملاً في إشارة إلى أن البرق قد توقف مع العالم الخارجي وعلى الصعيد الداخلي يكاد يكون مشلولاً .. وفي مجال البريد يرجع مراقبون انحسار الدور إلى اعترافات من جانبهم أن الطفرة التقنية أثرت على الخطاب العادي بنسبة 90% وأصبحت الرسائل العادية في شكل مطبوعات أو دوريات وعينات ومستندات غطت على الرسائل العادية. ويقول موظفون في البريد والبرق فضلوا حجب هوياتهم أن الأدوار التي كان يقوم بها البريد بدأت في انحسار مستمر من واقع البيروقراطية التي تحكم عمل القطاع العام على عكس الشركات الخاصة والتي بلغ عددها في السودان حوالي الستة هذا إلى جانب بعض الشركات الصغيرة التي تعمل بصورة غير معلومة وبدون تراخيص في مواقف البصات وغيرها ، وزادوا أن عمل البريد حالياً انحصر في الطرود من مختلف أنحاء العالم بجانب البريد بين مدن السودان ، عازين الأمر في ذلك لعدم مواكبة الدولة تصريف إمكانيات الهيئة في خدمات ذات صلة على غير الذي انتفت بعد الطفرة التقنية التي سهلت التواصل عبر الرسائل الإلكترونية وغيرها من مستجدات العصر. تدهور مهد لخصخصة !! على هذه الوتيرة المتدحرجة أخذت خدمات البريد تفقد بريقها لأسباب عديدة اتجهت فيها اصابع الاتهام للدولة لحصر خدمات الهيئة العامة للبريد والبرق في أدوارها السابقة المعروفة والتي تجاوزتها مستجدات تقنية جديدة ، واستمر هذا الحال المتدهور والذي أدى إلى إغلاق عدد من المكاتب بالولايات. واستمر الحال في ظل هذه الأوضاع حتى العام 97 الذي صدر فيه قرار وزاري رقم (917) والذي قضى بإضافة الهيئة العامة للبريد والبرق إلى اللجنة العليا للتصرف في المرافق العامة ، وخلصت اللجنة حينها إلى خصخصة البريد وتحويله إلى شركة وترك ملكيته للقطاع الخاص ، ويقول رئيس نقابة عمال البريد والبرق خالد الجريف أن الدراسات الداخلية التي أعدت أثبتت أن أكثر من 90% من مكاتب البريد خاسرة ولا تغطي منصرفاتها ، لكنه يعود ويقول أن البريد مرفقة خدمي سيادي ولم يكن في بداية نشأته حسابات الربح والخسارة ودوره تاريخياً كان معروفاً. ويضيف الجريف أنه على ضوء ذلك تعرضت الهيئة لعدد من الهزات حيث تم إيقاف ميزانيتها ولم يفتح مكتب بريد جديد ولم يكن موضوع في أولويات الدولة مما نتج تدهور الأحوال وأوضاع العاملين .. ونتيجة لسوء أحوال العاملين أعدت النقابة دراسة تطالب فيها بخصخصة البريد وأن يؤل إلى شركة مساهمة عامة .. ولا جديد .. وأعقبت ذلك (15) دراسة بواسطة خبراء من اتحاد البريد العالمي ودراسات مشتركة بين النقابة ومجلس الإدارة كلها لم تر النور .. ويزيد الجريف أنه طول الزمن وحال البريد حاله .. أدى لمزيد من التدهور لدرجة أن النقابة طلبت من الدولة في الفترة الأخيرة دعم الفصل الأول (مرتبات العاملين) وكانت استجابة الدولة متقطعة ولا تكون هناك التزامات إلا بعد اتخاذ مواقف نقابية .. وفي ظل ذلك كانت هناك معالجات جزئية قضت بتخفيض عمالة (200) في عام 2001 وقفل أكثر من 50 مكتب وألغيت وظائف العاملين فيه ، وفي العام 2004 ألغيت وظائف 713 عامل ووقتها كان موقف نقابة العمال واضحاً ورافضاً لهذه المعالجات الجزئية. رؤى واقتراحات بلا ردود !! بتاريخ 20/3/2007م سلمت النقابة العامة لعمال البريد والاتصالات رؤيتها حول التحويل الهيكلي للمرفق للجهات المختصة من خلال مذكرة حوت التفاصيل الكاملة والأسباب التي أدت إلى تدهور المرفق بدأ بالمماطلة في الميزانية وارتفاع أسعار الخدمات التي هي في الأساس متهالكة وتسير من سيء إلى أسوأ ، وطالبت الهيئة في مذكرتها أن تكون دوافع القرارات التي اتخذت لخصخصة البريد هي الرغبة الحقيقية في الإصلاح والموصوف عالمياً بأنه يجب أن يكون مؤسسياً ونظامياً وتكنولوجياً ، وأضافت في مذكرتها أن القيمة الأساسية للبريد هي شبكتها المنتشرة فإن النقابة ترى الأصوب إدخال قيمة مضافة أولاً لهذه الشبكة وتأهيلها إلكترونيا قبل الدخول في عملية الخصخصة ولا بد من توفر القناعة والإرادة السياسية بذلك. إلى ذلك حوت المذكرة مجموعة من المطالب مفصلة في حقوق العمال والتأكد من المخدم الجديد (شركة عامة أو خاصة أو مختلطة يلتزم بحق العمال في ممارسة العمل النقابي بحرية واحترام قوانين العمل النقابي والحماية النقابية. سلمت هذه المذكرة بتاريخه للجهات المختصة والتي شملت تفصيلاً كاملاً لشروط النقابة لقبول قرار الخصخصة مع التشديد فيها على التعويض ودفع الحقوق الفورية بجانب الحقوق القانونية مشيرة إلى أن الهيئة سترحب بالقرار إذا تم وفق الرؤية المقدمة في المذكرة ، لكنه وبحسب رئيس النقابة خالد الجريف لا أحد رد علينا ولم نسمع أي صوت من الجهات ذات الاختصاص !! إعلان مفاجئ !! وفي الوقت الذي تنتظر فيه الهيئة العمالية لعمال البريد الرد على مذكرتها أعلنت اللجنة العليا للتصرف في مرافق القطاع العام أواخر الشهر المنصرم عرض الهيئة العامة للخصخصة عبر شريك داخلي أو خارجي مقتدر ، وحددت اللجنة الأنشطة المراد استخصاصها في تشغيل البريد العادي الداخلي والدولي والبريد السريع الداخلي والدولي ، وخدمة الطرود البريدية الداخلية والدولية ، خدمة البريد المالية والتي تشمل الجوالات الإلكترونية والشبكات البريدية والتوفير البريدي . وشملت الأنشطة المراد استخصاصها إيجار المباني والأراضي في المواقع المختلفة ، واشترطت اللجنة أن تكون مدة إيجار الأراضي والمباني لمزاولة النشاط (35) عاماً كحد أدنى ، وشملت أيضاً الخصخصة شراء (70%) من بقية الأصول والتي تشمل العربات والمواتر والمطبعة والأجهزة والمعدات ، وحددت اللجنة أن تكون الشراكة 30% للحكومة و70% للشريك. (1200) عامل في الانتظار !! إذن بطرح اللجنة العليا للتصرف في مرافق القطاع العام هيئة البريد والبرق للخصخصة عن طريق العطاءات يكون 1200 عامل في انتظار ما ستسفر عنه نتائج فرز العطاءات المطروحة من قبل اللجنة وآمال عراض لهؤلاء العمال تنتظر صندوق العطاءات الذي ما زال مغلقاً .. وماذا يحمل لعمال هيئة البريد والبرق .. ويقول رئيس النقابة خالد الجريف أن كراسة العطاء التي نشرت في الصحف لم تكن النقابة على علم مسبق بها ، وأضاف أن النقابة الآن تبلور في رؤيتها النهائية حول الأمر رافضاً الحديث عن أهم ملامحها ..