ايداهور العلمك ظلمك

Quote: عقب وفاة إيداهور تحركت برفقة الصديق العزيز محمد خير علي إلى قسم حوادث مستشفى أم درمان ومنه إلى المشرحة ، لكننا لم نتمكن من بلوغ مقصدنا بسبب شدة الزحام وازدياد حدة التوتر بين أنصار المريخ. * وعقب العودة إلى مقر الصحيفة علمت أن مجلس المريخ أصدر بياناً مقتضباً نعى فيه إيداهور وطالب جماهيره التزام الهدوء كي تأخذ العدالة مجراها. * وفي الساعة الواحدة والنصف صباحاً اتصلنا برئيس المريخ جمال الوالي فأخطرنا أن الأطباء أكدوا أن وفاة إيداهور طبيعية، وأن تقرير الطبيب الشرعي أكد عدم تعرض الراحل لأي اعتداء. * وطلب منا رئيس المريخ نشر تصريح على لسانه يؤكد أن الوفاة طبيعية، وهو ما يؤكد حرص المجلس على توضيح الحقيقة لجماهيره التي رفض عدد كبير منها تقبل الأمر. * وفي صبيحة اليوم التالي توجهنا إلى نادي المريخ الذي احتشد بالآلاف من الجماهير الغاضبة والتي ظلت تشكك في ما قيل عن أن الوفاة طبيعية. * تحدث معهم رئيس المريخ فقاطعوه، وتحدث الطبيب الشرعي فرفضوا حديثه، وتحدثت معهم شخصياً وطالبتهم التزام الهدوء وتقبل الحقيقة على مرارتها فاستجاب كثيرون ورفضت قلة. * ما أريد أن أقوله هنا إن مجلس المريخ تعرض لضغوط عنيفة نتيجة لفجائية الوفاة وحالة الاحتقان الجماهيري التي أعقبت الحادثة، لكنه التزم جانب الحقيقة ورفض التشكيك في مسببات الوفاة وبرأ (على لسان رئيسه) لاعب الأمل من تهمة الاعتداء على إيداهو في نفس الليلة، أو بعد ساعات قليلة من الوفاة على الأصح. * والحديث عن التزام الهدوء كي تأخذ العدالة مجراها ليس فيه ما يعيب المجلس أو يدينه لأن العدالة أخذت مجراها بالفعل، ولعلم الجميع فإن تحقيق النيابة في وفاة إيداهور لا يزال مستمراً حتى اللحظة. * تقرير الطبيب الشرعي وإفادة طبيب المريخ والطبيب الذي استقبل الحالة في مستشفى أم درمان وشهادة لاعب المريخ سعيد مصطفى لم تمنع الشرطة من الاستمرار في التحقيق حول الحادثة لأنها تتعلق بحالة وفاة. * نعود لبيان شداد الذي انتقد مجلس المريخ لنذكر أن رئيس الاتحاد الذي عاب على مجلس المريخ عدم التمتع بمسئولية القيادة والافتقار إلى الحكمة لم يبد أي اهتمام بالفاجعة إلا في منتصف نهار اليوم التالي! * وطالما أنه يدعي الحكمة ويعيب على الآخرين عدم التمتع بها فإننا نسأله: لِمَ لَمْ تصدر بياناً عن الواقعة ليلاً لتوضح الحقيقة للناس طالما أنها اتضحت بُعيد تشريح الجثة في منتصف الليل؟ * ترك شداد مجلس المريخ يواجه الموقف الصعب بكل تعقيداته ونام على وسادة الراحة دون أن يكلف نفسه عناء التحرك لاستجلاء الحقيقة أو مؤازرة المريخ في فقده الجلل، ولم يتكرم حتى بأداء واجب العزاء في لاعب مقيد في اتحاده، ثم أتى ليتحدث في اليوم التالي عن مسئولية القيادة والحكمة والكسبرة وما إلى ذلك من خزعبلات! * إن حالة الاحتقان التي تفشت وسط جماهير المريخ مؤخراً يتحمل مسئوليتها الاتحاد العام الذي جعل تلك الجماهير تحس أن لاعبيها مستهدفون ولا يجدون الحماية لا من الاتحاد ولا من حكامه! * شاهدت جماهير المريخ سفاري يتعرض لضربة قوية في مكان حساس على مشهد من الحكم ومساعده والحكم الرابع والمراقبين الإداري والفني ومرت الحادثة مرور الكرام، ولم ينل المعتدي حتى بطاقة صفراء! * وشاهدت جماهير المريخ لاعبها مصعب عمر يتعرض للكمة قوية في وجهه أسالت دمه، وتم عرض اللقطة في التلفزيون، وأعيدت عدة مرات، ووثّق مراقب المباراة الواقعة في تقريره، واختفى التقرير ولم يعرض على اللجنة المنظمة حتى اللحظة، ومرت الواقعة مرور الكرام! * وتكرر الاعتداء مع كلتشي ولم يحدث شيء، وتعرّض النفطي لضربة قوية في رأسه أسالت دماءه في كادوقلي وصمتت صافرة الحكم، ووثقت كاميرا التلفزيون الواقعة ولم ينل الجاني أي عقاب من الحكم، ولم يتدخل الاتحاد لمعاقبته بتشريعاته الجديدة! * إننا نتمنى أن يراجع الاتحاد مسيرته ويسعى لإشاعة العدل وإزالة الظلم من ملاعبه، لأن استمراره سيقود إلى ما لا تحمد عقباه! * الأمثلة التي أشرنا إليها سابقاً جعلت جماهير المريخ تعتقد أن لاعبيها مستهدفون ولا يجدون الحماية من الحكام ومسئولي الاتحاد! * نقول لشداد: ما أسهل أن تجلس في دارك أو مكتبك لتنتقد الآخرين! * لكن الحقيقة تؤكد أن مسيرة النشاط الكروي في السودان ستجري خلال الفترة المقبلة وسط أجواء شديدة الاحتقان وتنذر بالخطر، وما لم يتعامل الاتحاد مع هذه الحالة بروية وحكمة ويراجع مسيرته ويقضي على كل أشكال الظلم وتغييب القانون فسيحدث ما لا تحمد عقباه! * مطلوب من الاتحاد العمل على تصحيح مسيرة الكرة السودانية وتنقية أجوائها وإعلاء مبدأ سيادة حكم القانون وتطبيقه على الجميع بلا تمييز ولا مجاملة ولا استهداف، ألا قد بلغت؟ آخر الحقائق * نعزي والد الطفل المريخي أحمد آدم عجبنا ونبتهل للمولى عز وجل أن يلهمهم الصبر وحسن العزاء. * أسرة الراحل أحمد الذي توفي حزناً على إيداهور تحتاج إلى عناية أهل المريخ. * وضع كاربوني العقدة في المنشار لجماهير المريخ ولاعبيه. * طالبهم بمواجهة أحزانهم بمساندة جماهيرهم. * وعلى لاعبي المريخ وجماهيره يقع عاتق تنفيذ طلب كاربوني. * رحيل إيداهو فاجعة مؤلمة، لكن مسيرة المريخ ستتواصل. * فقد المريخ رؤساءه خالد عبد الله، سليمان العتباني، يوسف عمر أغا، عبد الرحمن شاخور، حسن أبوالعائلة، محمد بشير فوراوي، شريف أحمد عمر، فهمي سليمان، يوسف حلمي أبو سمرة، عوض أبو زيد، بشير حسن بشير، عبد العزيز شدو، عبد الرحيم عثمان صالح، عبد الحميد الضو حجوج ورئيس الرؤساء مهدي الفكي، رحمة الله عليهم أجمعين، ولم تتوقف المسيرة الحمراء. * في العام 1978 توفي طبيب المريخ شرف الدين الطيب في ياوندي أثناء رحلة المريخ لمنازلة كانون الكاميروني وأدى المريخ مباراة بطولية في اليوم التالي وخسرها بهدفين بسبب ظلم التحكيم. * وبادر شاعر المريخ الدكتور عمر محمود خالد بتخليد ذكرى الفقيد، وسمى ابنه البكر شرف الدين (على الراحل)، فتخرج شرف الصغير في كلية الطب على خطى سميّه وخلّد الاسم الجميل. * ومن قبل استقبل نجم المريخ الدولي السابق جعفر قاقارين نبأ وفاة والده قبل ساعات قليلة من مباراة له مع المنتخب الوطني فأصر على أدائها ثم عاد لتقبل العزاء في والده رحمة الله عليه. * وفي مباراة للمريخ أمام الموردة عام 1944 توفي كابتن المريخ عوض الله عبد الماجد رحمة الله عليه أثناء المباراة، وتقبل أهل المريخ قضاء الله وقدره وواصلوا المسيرة، ولم تتأثر علاقة المريخ مع الموردة. * وفي 1969 توفي لاعب المريخ عبد الهادي محمد مبروك رحمة الله عليه في الملعب، وتواصلت المسيرة. * وفي 2003 تعرض بص بعثة المريخ العائدة من كسلا إلى حادث مؤسف بجوار قرية أم مغد أدى إلى وفاة عضو المجلس عز الدين الربيع، ومدرب الفريق صديق العمدة، ومندوب اتحاد الخرطوم عبد اللطيف السيد رحمة الله عليهم، وأصيب رئيس المريخ ود الياس وعادل أبو جريشة وفقيري وعدد من اللاعبين. * صُدمت الأسرة المريخية لعظم الفقد واهتز الفريق، لكن المسيرة استمرت، وخرج منها شعب المريخ أقوى، فأعاد تأهيل الرد كاسل، وبلغ نهائي الكونفدرالية، واستضافت دياره احتفالات الكاف وفاصلة مصر والجزائر. * وفي 2005 فجعنا برحيل سامي (وما أدراك ما سامي) في القاهرة، لكن الصفوة تقبلت الفقد الجلل. * أهل المريخ متعودون على تجاوز المحن وتقبل المصائب بثباتٍ تام وإيمان شديد بقضاء الله وقدره. * فقد إيداهور حار، لكن مسيرة المريخ لن تتوقف ولن تتأثر. * خفنا على حياة كوني وصرفناه بعد أن اتضح أنه يعاني من علة في القلب، فاستمر كوني في الملاعب ومات الضباح الذي كانت جماهير المريخ تتغنى بقوته وفروسيته. * نتقبل قضاء الله وقدره بقلوب مؤمنة، راضية ومحتسبة. * شب في قلوبنا الحريق، لكننا لن نضيع الطريق. * للمريخ رسالة سامية في عالم الرياضة السودانية. * وأصحاب الرسالات لا تعيقهم الكبوات، ولا توهيهم المحن. * سننتقل من الحزن الطبيعي إلى الحزن الإيجابي مثلما تحول إيداهور من لاعب إلى رمز للعطاء. * سنواصل رحلة الإنجاز، وسنجتهد في العمل على رفعة المريخ أكثر. * يا إيداهور العمل بالدور.