مياه النيل، السدود والانفصال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 05:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-05-2010, 09:34 PM

Suad I. Ahmed
<aSuad I. Ahmed
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 436

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مياه النيل، السدود والانفصال

    مياه النيل، السدود والانفصال: رؤية شاملة وتساؤلات مشروعة* (1)
    المهندس مصطفى عبدالجليل مختار*
    دفعني لكتابة هذا المقال ما خطه قلم سوداني مغترب بالمدينة المنورة بالسعودية مدافعا عن سدي كجبار ودال، وبالرغم من السطحية المخلة التى اتصف بها دفاعه، فقد وجد طريقه للنشر والانتشار عبر عدد من المنافذ. بدأت بالتصدي للمقال في المنتدى النوبي، لكني توقفت لصعوبة المعالجة المنفردة لهذه القضية المتشعبة، والتي لا تنفصل عن قضية أكبر وأشمل وهي اهدار وسوء ادارة مواردنا المائية، وسكوت الرأى العام في مواجهة هذه القضية الخطيرة .
    وقد أثار دفاع المغترب في نفسى أشجان كثيرة وعادت بي الذاكرة الى بواكير طفولتي وأنا أرى أهلي أبناء مدينة حلفا يثورون ويطوفون بمظاهراتهم كل مدن وأحياء السودان رفضا لجريمة اغراق مدينتهم العريقة، والموقف الغريب والمؤلم حقا من الشارع السوداني الذي قابل هذه الكارثة بسلبية غريبة واستخفاف شديد عكسته مجموعة النكات التي أطلقوها عن المظاهرات: " أملت الكبري يا أبود عشان نتزهلق يا أبود، يطلع د.... يا أبود".
    لم يكن اغراق حلفا الا تابعا لزلزال آخر هو اتفاقية مياه النيل مع مصر، تلك الاتفاقية المجحفة والاستغلالية والتي قامت بتوقيعها منفردة الحكومة العسكرية الأولي في العام 1959. ولو افترضنا ولع السودانيين بنظرية جحا، فان هذه الاتفاقية قد دخلت البيوت والحجرات، ولكنها كذلك لم تحرك ساكنا.
    وتواصل السلوك السلبي وشمل بناء مجموعة سدود شمال السودان، تلك السدود التي تجاوزت فيها الحكومة وطفلها الشرس المدلل (وحدة تنفيذ السدود) الخطة الشاملة لتنمية الموارد المائية، وداست على مواطنيها واسترخصت دماءهم. ولا زال مواطنو مناطق الخزانات يواصلون رفضهم واحتجاجهم بكل الوسائل، وقابلت الحكومة هذا الرفض بتكوين مليشيات للدفاع عن هذه السدود، فسقط الشهداء في كجبار ومروي والشريك وفتحت أبواب السجون وبيوت الأشباح للتصدي للمواطنين. ولم تفلح كل الجهود المحلية والعالمية في اختراق جدار السرية المضروب على مخططات ودراسات وبرامج تنفيذ هذه السدود، ناهيك عن اعتبار مواطني المنطقة شركاء في تنمية مناطقهم.
    والتاريخ القريب قد سجل أيضا قيام قوات الشرطة بقتل عدد من طلبة جامعة جوبا عام 1982 عند احتجاجهم علي مشروع قناة جونقلي، وبالرغم من ادعاء الحكومة بأن المشروع يتضمن تنمية متكاملة لمنطقة السدود، فهى لم تبذل جهدا لتنوير المواطنين واشراكهم في اتخاذ قرار له تأثير جذرى على حياتهم وعلي بيئة المنطقة. وقد كان الجنوبيون محقون في رفضهم لمشروع يحرمهم من أراضيهم التي تستخدمها كثير من قبائل الجنوب في الرعى والزراعة، وتشكل مصدر الرزق الأساسي لهم، وقد قابلت الحكومة هذا الرفض الشامل باطلاق النار على المحتجين، فأصابت المشروع في مقتل قبل أن تقتل المواطنين.
    يتفق الكثيرون على أن المياه ستكون وقود الحرب العالمية القادمة، وهي فرضية تدعمها الاحصاءات والتحليلات العلمية، وتؤكدها الصراعات والنزاعات المتفرقة التي تتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم. والسودان بالرغم من تمتعه بثروة مائية مقدرة، لكنه مرشح ليكون في قلب حرب المياه، يدفعه في ذلك وضعه المتميز والحرج بين دول منبع النيل ومصبه، بالاضافة لسوء ادارة موارده المائية، والذي تسببت فيه بشكل أساسى الهيمنة السياسية وطغيان الجموح السياسى والطموح الشخصي على الحكمة الفنية والقدرة العلمية.
    سبب ثالث يمنح سوء الادارة جواز المرور ويزيد من تعقيد الوضع وهو غياب الاهتمام الشعبي، وسلبية المؤسسات الشعبية في مواجهة وتصحيح الأوضاع التي ألحقت ولا زالت تلحق بالمصلحة الوطنية ضربات موجعة. اذ لم يجد المواطنون المتضررون في معظم الأحيان أى تجاوب أو دعم من الشارع السوداني والذي شهد تجاوبا عاليا مع أحداث البوسنة وغزة وتورا بورا، وغاب تماما عن التجاوب مع كثير من القضايا المحلية. وقد استفادت كل الحكومات الشمولية في السودان من عدم وجود رأى عام فاعل، فانفردت باتخاذ أخطر القرارات وتجاهلت المتضررين.
    لقد غاب التجاوب الشعبي بسبب ضعف الوعي بقضايا المياه، بالاضافة لانتشار المفاهيم الخاطئة، وكأمثلة لهذه المفاهيم والتي يتقبلها الكثيرون على أنها حقائق ثابتة، وهي ليست كذلك:
    • الاعتقاد بأن اتفاقية مياه النيل مع مصر هي اتفاقية دائمة وملزمة للسودان، لا يجوز تعديلها أو الغائها بأى حال بدعوى أن الأعراف الدولية وقوانين المياه تعترف بالحقوق المكتسبة وتمنع الاضرار بالمصالح القائمة للمواطنين في الدول التي تستفيد من الموارد المائية. والقول بأن المحكمة الدولية قد أكدت في أحد أحكامها على ضرورة الالتزام باتفاقيات المياه بين الدول، والاعتقاد بأنها سابقة قضائية دولية تمنع السودان من امكانية العمل على تعديل الاتفاقية.
    • فرضية أن بناء سدود الشمالية يتم بايعاز ودعم من مصر، بغرض توفير تخزين اضافي يساعد السد العالي في التغلب على مشكلة الاطماء المتفاقم وتناقص السعة التخزينية بسبب ذلك الاطماء.
    • القول بأن انفصال الجنوب لا يؤثر علي الموارد المائية لشمال السودان لأن 80% من مياه النيل مصدرها أثيوبيا، كما أن الجنوب لا يملك القدرة أو الحاجة لاستهلاك مياه النيل الأبيض.
    • التاكيد بأن مدينة وادي حلفا والتي غمرتها مياه السد العالي قد ضاعت للأبد، وأن أى حديث عن أعادة المدينة للحياة يعتبر ضربا من الخيال، تحول دونه كثير من الأهوال. وأول هذه الأهوال العصا الغليظة التي تحملها مصر وتهدد بها كل متحدث عن مياه النيل، وثانيها هو الكميات المهولة من الطمي التي تراكمت عبر أربعين سنة من تشغيل السد العالي.
    • الاعتقاد بأن التنمية هي مجرد بناء سدود ومحطات كهرباء ومشروعات ري جديدة، بغض النظر عن أولويات التنمية، ومواصفات المشروعات وجدواها الفنية والاقتصادية، ومدى تناسق هذه المشروعات مع الأهداف القومية والغاية النهائية المتمثلة في تحقيق حياة أفضل للمواطن السوداني.
    سوف أحاول في عدد من المقالات تسليط الضوء حول عدد من القضايا الهامة، والتي تسير بنا نحو مزيد من الصراع الداخلي، وتهدر مواردنا وتهدد الأجيال القادمة بالعطش وماء النيل فوق ظهورها محمول. ستكون محطة البداية هي اتفاقية مياه النيل: ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ثم مرورا بمحطة السدود ومفهوم التنمية والتنمية القهرية، تتبعها قضية السد العالى ووادى حلفا وضرورة تحريرها من الاستعمار المصري، وانتهاء بانفصال الجنوب والآثار المتوقعة على مواردنا المائية.
    مياه النيل، السدود والانفصال: رؤية شاملة وتساؤلات مشروعة (2)
    اتفاقية مياه النيل: الافراط في التفريط
    في اعتقادي أن توقيع السودان علي اتفاقية مياه النيل يعتبر ظاهرة فريدة تستحق دراسة مطولة للاجابة على كثير من الأسئلة المحيرة: لماذا فرطت حكومة عبود وورطت البلاد في اتفاقية بهذا السوء؟ ولماذا سكتت عنها كل الحكومات المتعاقبة لنصف قرن من الزمان ولا زالت؟ ولماذا لا يوجد رأى عام قوى ضد الاتفاقية التي تفرط في حقوقنا وتهدر مواردنا وتنكس رؤسنا أمام جيراننا والعالم؟
    قبل توضيح عيوب الاتفاقية، أبدأ بسرد موجز عن تاريخها وملامحها الرئيسية، وقد كانت البداية عام 1929 عندما وقع المستعمر البريطاني، نيابة عن السودان وبقية دول حوض النيل، مع مصر اتفاقية تعطيها حق استخدام 48 مليار متر مكعب من ايراد النيل السنوى، مقابل 4 مليار للسودان، بينما تذهب 32 مليار للبحر لعدم وجود امكانية لتخزينها. وأعطت الاتفاقية مصر حق بناء سد جبل أولياء لتخزين المياه لصالح مصر، وهو سد كارثى في حله وترحاله، عندما حل هذا السد أغرق مئات الآلاف من الأفدنة تمتد لمسافة 600 كم على النيل الأبيض، وأثر سلبيا على محطات الطلمبات بكل مشاريع النيل الأبيض. انتهت الحاجة المصرية للخزان ببناء السد، وارتحلوا عنه لكنه لا يزال يسبب نزيفا دائما وكبيرا لمواردنا.
    أبدت أول حكومة وطنية بعد الاستقلال رغبتها في مراجعة الاتفاقية الظالمة، استنادا على غياب الارادة الوطنية عند توقيعها، في نفس الوقت كانت مصر تسعي لتحقيق الأمن المائي وتخطط لقيام السد العالي. اتجهت الحكومتان الى مائدة المفوضات التي استمرت أربعة أعوام من غير نتيجة بسبب رفض الحكومة السودانية القاطع للمقترحات المصرية الاستغلالية. في نوفمبر 1958 استولى العسكر على الحكم، ولم تكمل حكومة عبود عامها الأول سنة 1959 الا والأحلام المصرية منزلة على أرض الواقع فيما يسمى ب (اتفاقية الاستغلال الكامل لمياه النيل)، والملامح الرئيسية لهذه الاتفاقية:
    - تقدير متوسط ايراد النيل السنوى عند الحدود المصرية ب 84 مليار.
    - تثبيت الحقوق المكتسبة حسب اتفاقية 1929.
    - بناء السد العالي لتوفير 22 مليار سنويا كانت تضيع في البحر، واقتسام الكمية المتوفرة لينال السودان منها 14,5 ومصر 7,5 مليار. بذلك يصبح نصيب السودان الكلي 18,5 ويرتفع نصيب مصر إلى 55,5 مليار، بينما تضيع 10 مليار بسبب التبخر في بحيرة السد.
    - الموافقة على بناء السد العالي وتبعاته المتمثلة في اغراق مدينة وادي حلفا والقرى التابعة لها، وتدفع مصر تعويضا قدره 15 مليون جنيه.
    - العمل على زيادة ايراد النيل بتوفير فاقد التبخر في منطقة السدود بالنيل الأبيض، وتقسيم العائد مناصفة بين البلدين.
    - بما أن السودان لا يستطيع استغلال حصته كاملة، فسوف تستفيد مصر من الفائض كدين مائى الى حين اكمال السودان قدراته على استخدام كامل الحصة.
    - يتخذ البلدان موقفا موحدا تجاه أى نزاعات مستقبلية مع باقي دول حوض النيل
    - لمصر حق مراقبة كميات المياه في كل حوض النيل بدوله المختلفة، وحق اقامة أى مشاريع لاستغلال مياه النيل بدون موافقة دول الحوض، كما يحق لها منع أى من هذه الدول من اقامة أى مشروع مياه لا يوافق المصالح المصرية.
    - تكوين اللجنة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل لمتابعة الاتفاقية والتغيرات الاقليمية، وللنظر في أى خلاف بين البلدين، وتحديد استراتيجية مشتركة لمواجهة أى نقص في ايراد النيل.
    من المؤكد أن 99.99% من الشعب السوداني لم تتح له فرصة الاطلاع على تفاصيل هذه الاتفاقية وتوضيح معايبها، وحتي الذين اطلعوا عليها في فمهم ماء، غير ماء النيل، يمنعهم من الحديث. فقراءة متأنية في بنود الاتفاقية تكشف ما فيها من الظلم والاستعلاء والتبعية المذلة ، وهذا بين فيما يلي:
     تقدير كمية المياه المقتسمة: من العجيب أن الجميع يتحدثون عن ايراد سنوى قدره 84 مليار، يخصص منها 55,5 لمصر و18,5 للسودان، فأين ذهبت ال10 مليار المتبقية؟ تجيب الاتفاقية ضمنيا بأنها فاقد التبخر في بحيرة السد العالي. لا أدري كيف قبل الجانب السوداني بهذا المنطق الغريب، وتنازل بهذه السهولة عن كمية من المياه تفوق استهلاك مشاريع الجزيرة والمناقل والرهد مجتمعة. وما الذي يفرض على السودان تحمل فاقد التبخر في السد العالي، علما بأن السد لم يكن موجودا عند مناقشة الاتفاقية. ربما ربط البعض بين هذا الفاقد وفاقد التبخر عند مرور النيل بفروعه المختلفة داخل الأراضي السودانية، وهو يقدر ب2 مليار. لكن لا مجال للمقارنة هنا، لأن الفاقد السوداني طبيعى ولا يمكن التحكم فيه، بينما فاقد السد العالي ناتج عن مشروع مستحدث وتم بارادة مصر ولمصلحتها دون غيرها. ويقينى أن هذه الكمية من المياه المفقودة لو تم اعتبارها في حساب التكلفة التي تتحملها مصر مقابل بناء السد العالي لغيرت من حسابات السد، ولأجبرت المصريين على تصميم سد أقل حجما، وحينها كنا سننقذ حلفا من الغرق. بمعني آخر فنحن من شدة الكرم مع المصريين لم نقبل باغراق حلفا من غير مقابل فحسب، بل تبرعنا بالمياه التي ستغرقها من حصتنا.
     نصيب الأسد لمصر: نالت مصر 78% من الايراد مقابل 22% فقط للسودان. أى أن مصر تنال تقريبا أربعة أضعاف ما يناله السودان، فأى منطق يجعل السودان يقبل بهذه القسمة الضيزى، فنحن الأولى بهذه المياه التي تدخل مصر عبر آلاف الكيلومترات من الأراضي السودانية، والسودان هو الذي يمتلك مساحات ضخمة من الأراضى عالية الخصوبة تزيد عن عشرة أضعاف مثيلتها بمصر، واذا نظرنا لعدد السكان لوجدنا أن سكان مصر ضعف سكان السودان فقط، فلماذ تضاعف نصيبهم أربعة مرات.
     تشجيع الاستغلال غير المجدي لمياه النيل: أعطت الاتفاقية مصر فوق حاجتها وقدرتها على الاستغلال المجدى للثروة المائية، فتمددت مصر في مشاريع مشكوك في جدواها، وذلك خصما على مشاريع تفوقها أضعافا مضاعفة من ناحية الجدوى والمنفعة. آخر هذه المشاريع المصرية مشروع الوادي الجديد، وبحيرة توشكا في قلب الصحراء لرى 600 ألف فدان في منطقة شديدة التبخر والتسرب، بالاضافة لمشروع غرب الدلتا الصحراوي. يتم ذلك على حساب مشاريع سودانية لن ترى النور أبدا في ظل هذه الاتفاقية، وهي من أكثر المشاريع جدوى مثل: كنانة العظمي، الرهد، أعالى عطبرة، تأهيل وتحديث مشاريع النيل الأبيض والأزرق والشمالية. بل وتفكر مصر في امداد اسرائيل بمياه النيل، في الوقت الذي تتقاتل فيه القبائل والمليشيات في غرب السودان من أجل جرعة ماء.
     التنازل عن منطقة حلفا: منحت الاتفاقية مصر الحق في اغراق وادى حلفا، وتهجير مواطنيها، وتدمير أكبر منطقة لأقدم وأعرق حضارة انسانية في افريقيا. وهذه سابقة في تاريخ البشرية لا أظنها تتكرر، ولا يمكن قبولها منطقيا، ومجرد تطاول مصر بالتفكير في أغراق حلفا هو استعلاء واهانة ويمثل غزو استعمارى كان من المفترض الرد عليه بما يستحق.
     المشاركة مناصفة في زيادة الايراد: لم تكتف الاتفاقية بالظلم في الايراد الفعلي لمياه النيل، فالسخاء السوداني قد فتح شهية المصريين ليشاركونا في أى زيادة تنتج من الاستغلال الأمثل للمياه المفقودة في منطقة السدود بجنوب السودان. فالنيل الأبيض بعد دخوله السودان من يوغندا يمر بمنطقة قليلة الانحدار، فيتشعب وينتشر في مساحات واسعة تمتد حتى أطراف مدينة ملكال وتغطى مساحة تصل الى 130,000 كم مربع في فترة الفيضان. يتسبب انتشار المياه في هذه المناطق الواسعة في ضياع كميات كبيرة تقدر ب20 مليار متر مكعب. بالاضافة لذلك هنالك أكثر من 10 مليار تفقد من بحر الغزال، وهي مياه تنبع داخل الأراضي السودانية ولم يتم تقديرها بصورة دقيقة. المياه المفقودة في هذه المنطقة تعتبر من مقوماتها البيئية، وتستفيد منها حاليا قبائل الجنوب وتشكل حياتهم ومصدر رزقهم، لذلك فأى مشروع للاستغلال الأمثل لهذه المياه يجب أن يكون سودانيا خالصا، يراعى مصلحة المواطنين في المقام الأول، ولا يسعي فقط لتجفيف المنطقة وتشريد أهلها، وهو ما سيحدث اذا شاركت مصر في هذا المشروع. كما أننى لا أري أي منطق يجعلنا نشارك المصريين مناصفة في مواردنا الداخلية، فبمقدور السودان، بدلا من اهدار المليارات في سدود تدميرية، اقامة مشروع متكامل لتنمية مناطق السدود، ومن ثم الاستفادة من الفائض الكبير من المياه.
     المشاركة في تحمل أى انخفاض في الايراد: ألزمت الاتفاقية السودان بمشاركة مصر في تحمل أى انخفاض في الايراد، وذلك بالرغم من انخفاض حصته أصلا، وكان من المفترض أن تتحمل مصر ذلك منفردة لأنها تحوز على نصيب الأسد.
     خلق عداء غير مبرر مع دول حوض النيل: قامت الاتفاقية بتخصيص كل مياه النيل لمصر والسودان، وتجاهلت تماما الدول الثمانية الأخرى، ومنعتها من استخدام ما تعتبره موردا لها. أنتفضت دول حوض النيل ضد هذه الهيمنة، وصارت حكومات وشعوب هذه الدول تردد في كل مناسبة استيائها من هذا الاستغلال وسعيها بكل الوسائل لاستعادة حقها المسلوب. هذا العداء تقاسمه السودان مع مصر، بينما انفردت مصر بالغنيمة، فلبس السودان عباءة الظالم وهو المظلوم، وصار مستهدفا في أى نزاع تخوضه هذه الدول ضد مصر.
     سلب القدرة التفاوضية: ألزمت الاتفاقية السودان بموقف مشترك مع مصر في أى نزاع مع دول الحوض، لذلك سوف تعامل هذه الدول السودان كتابع لمصر وبالتالي لن يكون طرفا أصيلا في أى مفاوضات، وسيكون السودان ، بصفته تابعا، القربان الذي ستذبحه مصر للوصول لاتفاق مع هذه الدول.
     الدين المائي: أعطت الاتفاقية مصر حق استخدام ما يفيض من حاجة السودان واعتبار ذلك دين على مصر، لكن الاتفاقية لم تضع آلية لاسترداد هذا الدين والذي بلغ في فترة 50 سنة قرابة ال500 مليار متر مكعب، ولا أدري كيف سيستطيع السودان استرداد هذه الكميات المهولة من المياه، وهي حق مثبت بالاتفاقية.
    هذا هو كتاب الاتفاقية الأكثر ظلما بين كل اتفاقيات المياه في العالم، وقد انفردت بكونها الوحيدة التي أعطت دولة أسفل النهر أكثر من حاجتها، بينما حرمت دول أعلى النهر من حقها الطبيعي. كما أنها تبدو في بنودها الظالمة كاتفاقيات الحروب، والتي يمليها الطرف المنتصر لينال بقوة السلاح ما لا يستحق. وفي رأيي المتواضع أن السودان اذا امتلك الارادة السياسية لتغيير هذا الواقع فمن الممكن الغاء هذه الاتفاقية، وهذا ما سوف اتطرق اليه في الحلقة القادمة بعنوان ( الغاء اتفاقية مياه النيل).
    *منقول من (سودانيل)
    *مصطفى عبد الجليل مهندس ري خريج جامعة الخرطوم التي دخلها وهو أول الشهادة السودانية تخصص في بريطانيا وفصلته الانقاذ من أبحاث الري في بدية نظامها القميء

    (عدل بواسطة Suad I. Ahmed on 02-05-2010, 09:51 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
مياه النيل، السدود والانفصال Suad I. Ahmed02-05-10, 09:34 PM
  Re: مياه النيل، السدود والانفصال GamarBoBa02-05-10, 10:08 PM
    Re: مياه النيل، السدود والانفصال Suad I. Ahmed02-06-10, 12:54 PM
      Re: مياه النيل، السدود والانفصال الفاتح شلبي02-06-10, 01:42 PM
  Re: مياه النيل، السدود والانفصال Adil Osman02-06-10, 02:05 PM
    Re: مياه النيل، السدود والانفصال عبد الحكيم نصر02-06-10, 02:34 PM
      Re: مياه النيل، السدود والانفصال abubakr02-06-10, 03:21 PM
      Re: مياه النيل، السدود والانفصال حيدر بشير02-06-10, 03:45 PM
        Re: مياه النيل، السدود والانفصال abubakr02-06-10, 04:07 PM
          Re: مياه النيل، السدود والانفصال abubakr02-06-10, 04:13 PM
            Re: مياه النيل، السدود والانفصال abubakr02-06-10, 05:05 PM
              Re: مياه النيل، السدود والانفصال GamarBoBa02-06-10, 10:20 PM
                Re: مياه النيل، السدود والانفصال حيدر بشير02-14-10, 03:21 PM
                  Re: مياه النيل، السدود والانفصال حيدر بشير02-14-10, 03:31 PM
                    Re: مياه النيل، السدود والانفصال حيدر بشير02-14-10, 03:34 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de