بروفيسر كامل ادريس مرشحا لرئاسة الجمهورية

Quote: لم يكن الدكتور كامل إدريس (كامل الطيب إدريس) معروفاً لقطاع كبير من عامة السودانيين حتى تناقلت الأخبار أنه كان الوسيط الذي استضاف لقاء مرشد نظام الإنقاذ في عقده الأول، الشيخ حسن الترابي، والمعارض البارز السيد الصادق المهدي في يوليو 1999 وهو اللقاء الذي عرف في وسائط الإعلام السودانية باسم (لقاء جنيف). لا أحد يعرف على وجه الدقة من قال ماذا في ذلك اللقاء. فلا يزال الطرفان والوسيط يتكتمان على ما جرى وفقاً لنظرية (المجالس بالأمانات) التي تبيح لساستنا الحديث في شئوننا وترتيب حياتنا وأمور وطننا دون أن ندري! لم تجد توصيات ذلك اللقاء العلنية منها والسرية سبيلاً إلى التنفيذ بعد الإطاحة بالشيخ الترابي وجماعته في ديسمبر من نفس العام. بعد ذلك اللقاء بدأ السيد إدريس في التحرك في أوساط النخبة السياسية السودانية الحاكم والمعارضة مستغلاً وظيفته الدولية المرموقة وتجربته الكبيرة في العمل الدبلوماسي وإيحاءاته التي لا تخفى عن علاقاته الدولية الواسعة وإمكانية تسخير هذه العلاقات لخدمة السودان. قبل تقاعد الرجل عن وظيفته الدولية على رأس المنظمة العالمية للملكية الفكرية ظل الرجل حاضراً في دائرة الأضواء بالسودان، وذلك عبر مبادرات خلاقة سواء على صعيد التأسيس لثقافة الملكية الفكرية أو على صعيد المساهمة في إمكانية تقديم حلول لقضايا الوطن من خلاله كتابه (السودان 2020 تقويم المسار ورؤية المستقبل) الذي حظي بمناقشة واسعة في الأوساط الثقافية والفكرية والإعلامية، وانقسم الكثير من الناس حوله بين مؤيد ومعارض. حظيت جهود السيد إدريس بالتقدير من مؤسسات الدولة وحصل على تكريم رفيع من رئاسة الجمهورية التي منحته وسام النيلين من الطبقة الأولى. منذ ذلك الحين ظل الكثير من المراقبين ينتظرون أن يطرح اسم الدكتور إدريس لتولي منصب حكومي رفيع لكن لم يتكهن أحد بموعد ذلك حتى حلول هذا الأسبوع، حيث أعلن الدبلوماسي السابق عن ترشيح نفسه مستقلاً لرئاسة الجمهورية. وبالطبع فإن ترشيح رجال العلم والفكر والثقافة والقانون يضيف قيمة نوعية كبيرة لمعنى الإنتخابات ولمقام رئاسة الجمهورية، وأعتقد أن قطاعات واسعة من الشعب السوداني تتطلع كي ترى العلماء ورجال الفكر والمعرفة والقدرات الرفيعة وهم يشغلون المناصب العامة. يملك الدكتور كامل مزايا إضافية لا يملكها غيره من المتسابقين وهي خلو ارشيفه من الخصومات السياسية ومن التصريحات المتعجلة والضارة التي تعج بها ملفات منافسين آخرين، كما إنه يقدم نموذجاً لتكنوقراطي سوداني حقق نجاحاً مشهوداً خارج بلاده ويطرح مواهبه وقدراته الفذة لخدمة وطنه عبر الوسائل الديمقراطية، وفوق ذلك فالرجل لا ينقصه المال-في تقديري- لتمويل حملة إنتخابية جيدة وإن بدأت متأخرة. بغض النظر عن حظوظه في الفوز بالمقعد الأول في سلم الخدمة العامة في السودان، فإن تقديم الدكتور إدريس لنفسه للناخبين يعتبر مبادرة ضمن مبادرات الرجل الخلاقة، ولعله كان من الأفضل لو ترشح الرجل لمقعد برلماني إذ كان ذلك سيزيد من فرصه في الفوز وكان بإمكانه أن يسهم في ترقية حياتنا السياسية والبرلمانية بمساهمات عارفة في برلمان مقبل يتطلع السودانيون لأن يكون ممثلاً حقيقياً لنبض الشعب ومدرسة للتوافق والإختلاف السياسي الرفيع. رغم إمتلاك الدكتور كامل إدريس (جزئياً) لإحدى الصحف ذات الإمكانيات الكبيرة في الخرطوم فإن كعب أخيل الرجل لا يزال في أدائه الإعلامي، إذ لم يستطع عمله في الساحة الإعلامية مواكبة مبادراته الرفيعة وتقديمها للرأي العام بشكل تلقائي ومدروس، وهذه سمة لازمته كثيراً منذ عهد ما بعد لقاء جنيف. فقد بدا إهتمام الرجل بخلع الصفات الكبيرة على نفسه والإهتمام بالحديث (المفارق للتواضع في كثير من الأحيان) عن ذاته عجزاً قد يبعده عن كسب اصوات الناخبين من ذوي الحظ الأقل في التعليم. كما ان تصريحاته التي نقرأها بين الحين والآخر في (صحيفته) مفتعلة في كثير من الأحيان وهذا أمر يصلح النظر فيه في سياق آخر. إذا أراد الرجل المشاركة بشكل جدي في سباق الرئاسة فعليه أن يعيد النظر في إستراتيجيته الإعلامية، وأن يقدم نفسه للناخب السوداني بشكل جديد وملائم، وسيكسب السودان حملة إنتخابية ذات شكل جديد ومضمون مختلف ستقدم دون شك رصيداً جديداً ومهماً للممارسة السودانية في بلادنا.