|
Re: اعلام الفكر السوداني المعاصر:هكذا تكلم د.منصور خالد (Re: adil amin)
|
مكعبات الدومينو
وفي اللحظة التي قاربنا فيها النهاية من تسطير هذه المقالات وقعت أحداث السابع من ديسمبر التي كان لها دوي وجلجلة. تلك الأحداث زادت من يقيننا بصحة تحليلاتنا للمفارقات الكبرى بين ما قالت به اتفاقية السلام ونص عليه الدستور وبين الممارسات العملية في الحكم والسياسة التي لا تؤدي إلا لنتيجة واحدة: تمزيق السودان وتكريس الحكم فيه، لا بيد حزب واحد، بل في يد أوليغاركية لا تعنيها في كثير أو قليل النهايات المأساوية التي قد تقود لها تلك الممارسات.
بجانب ذلك، أدخل في قلوبنا الروع والإسراف في التلويح باستخدام القوة لقهر الآخر، خاصة إن كان ذلك التلويح موجهاً لمواطن يسعى للتعبير عن مطامحه وأشواقه السياسية، لا نحو جماعة خارجة أو خارجية تعمل على بث الفتنة بين الناس. مبعث الروع هو إيحاء المُرِوعين أن لا غضاضة عليهم، في سبيل البقاء في الحكم، أن يطحنوا النساء ويسحقوا الرجال دون وعي منهم أنه عندما يموت الإنسان، حسياً أو معنوياً، يموت المكان.
فما هي مصلحة أي حاكم وطني في ان ينتهي وطنه إلى حالة تتيتم فيها المباني، وتتجعد الأرواح، ويقيظ البشر فيها في حَرور دائم. إن السلطة العامة التي لا تسعى لتحقيق مصلحة الكافة بما يرضيهم، تصبح تسلطاً عاما. وفي قول عمر رضي الله عنه: «ولانا الله على الأمة لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حاجتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم». إغفال هذه القيم المعيارية للحكم التي أرساها الإسلام لا يكفر عنه التذلل اللفظي أو الرمزي لله لأن مثل ذلك التذلل يستر واقعاً متصدعاً داخل النفوس.
على أي، الدافع الأهم لكتابة هذه المقالات هو أن السودان يمر اليوم بمرحلة خطيرة من تاريخه لا نغالي إن أسميناها مرحلة انهيار مكعبات الدومينو، فالدومينو لا يتماسك إلا بتساند مكعباته على بعضها البعض. هذا الانهيار إن وقع لن يكون بسبب كارثة طبيعية، وإنما بصنع بشر، «قلتم أنى هذا، قل هو من عند أنفسكم». هذا الانهيار، إن جاء، فسيجييء في ظرف أخذ فيه السودان يترقب، كما أخذ اصحابه الكثر عبر العالم، يتمنون له، بعد اتفاقية السلام، نهاراً مشرقاً بعد طول ظلام.
لقد ظلت قضية السودان: وحدته واستقراره والترقي بأهله هي همنا الأول في منابر الرأي وساحات السياسة، دون أن يلهنا ذلك عن هموم أخرى. فإلى جانب السياسة يقوى عزمنا ويشتد على الانصراف إلى ما يُثري الوجدان، أو يؤنس النفس، أو يُغذي الفكر، أو يُوفر للمرء رزقاً حلالاً. السياسة هي مهنة من لا مهنة له، وزينة من لم يحابه الله بزينة أخرى يتحفل بها.
لهذا، لن يُروِّعنا عن قول الحق علوا او رفعة في موقع عام، لأن أعلى موقع نَعض عليه بالنواجذ هو احترام النفس فوق الزمان والمكان، ولا يكون ذلك إلا بالتصالح مع النفس والصدق معها. وعلنا نستعيد ما سطرناه من قبل (الرأي العام 7 أبريل 2009) بأنه «لو كان صواب الناس أو خطؤهم على قدر الرغبة أو الرهبة فليس لنا ما نرغب فيه أو نرهبه، فحمداً لله أن أمانينا لم تنكمش في اماني بعض اهل السياسة الذين لا حياة لهم وراءها».
لكل ذلك، سنحرص في هذه المقالات على الوضوح في التحليل لمواقف طرفي الاتفاقية، ونحن طرف منها، حتى لا نقع في ظِنة المداراة. وكما قلنا في مقالٍ غَيرْ إن المنطقة المحررة الوحيدة التي نملك السيطرة عليها هي العقل، لهذا ما برحنا نقول مع شيخ المعرة يرتجى الناسُ أن يقوَم أمامٌ
صائحٌ في الكتائب الخرساء
كَذِّبِ الظَنَ لا إمامَ سوى العقل
مشيراً في صُبحِه والمساء
................................................. تعقيب وهل تحرر السودانيين من (شنو) بتاعة د.قرنق لا زال الخطاب العقلاني عسير المنال بعد ان عمل الاخوان المسلمين في اغتيال العقل السوداني بوسائل مبهرة ومنهجية ومدروسة عبر السنين ويتجلى بصورة فاقعة في اجهزة الاعلام وهذ البورد ايضا
|
|
|
|
|
|
|
|
|