قريباً جداً .. (مركز دراسات الوحدة الوطنية السودانية)

Quote: باسمك اللهم نبدأ أفلحتم إن صدقتم يا شباب الحركة الشعبية لتحرير السودان!! ومــاذا عـــليك إذا تأنيت يا أســـــتاذ غــــازي ســــــــليمان؟؟ في أمسية السبت 12 / يونيو الجاري (2004م) ، وبتنسيق ودعوة كريمة من ممثلي وقيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان بالداخل ، ذهبنا لنشهد خطوة غير مسبوقة وموفقة جداً من شباب وقيادات الحركة بإقامتهم لندوة سياسية بعنوان : بروتوكولات السلام الستة. وكانت حقيقة أمسية فريدة ، غرست بذرة من الأمل ولو صغير في قلوبنا بأن عهد الحريات الكاملة قادم لا محالة. كانت احتفالية جميلة ، غنى فيها الشباب والكبار معاً ، ورقصت فرقة شعبية فولكلورية من جبال النوبة (فرقة شباب السودان الجديد خلفان) على إيقاعات النوبة الساخنة وغناء الحكَّامات ، بمصاحبة رقص بعض الأطفال الحلوين ، وجاءنا عبر مشغل الكاسيت صوت وردِّيــنا ليذكرنا بأن الأرض ما زالت تغني باسم أكتوبر الأخضر. وتخلل كل ذلك هتافات شباب الحركة : (SPLM) وِيِيِّا ، (سودان جديد) ويِّيا(ديمقراطية) وِييِّا ، (جون قرنق) وِييِّا ، وكلمة (وِيـــِيـِّــا) بالمناسبة تعني باللغة السواحيلية : يحيا أو يعيش الهتافية ، وأيضاً هتفوا:(DOWN..DOWN..OLD SUDAN) أي يسقط السودان القديم، إلى أخر كل الهتافات الحماسية ومقاطع من الشعر الثوري، ثم صدح الشاب الرائع محمد عبيد الفاضلابي ذو الملكة الشعرية الممتازة بأحلى القصائد (خيزران الفرنجة ) التي أثبتت بأن اللغة وبالمفردات المنتقاة بحنكة ودراية لها المقدرة الديناميكية الهائلة لتعبِّر عن ضرورة قراءة الحاضر بعقلانية ، وتوقع والعمل لحتمية انبثاق المستقبل الذي نريد، ليجتمع الضدان،شتات اليوم ووحدة الغد القادمة من الماضي ذو الجذور الوحدوية العريقة ، وما أحلى ديالكتيك اللغة !! توالت كلمات قياديي الحركة من الداخل والخارج ، على رأسهم الأستاذ/ أقوك ماكور ، خريج كلية القانون/ جامعة النيلين كما قدِّم لنا ، والذي ركز على مفهوم السلام عبر التنمية. ثم تبعه الناطق الرسمي باسم الحركة بالداخل الأستاذ/ رمضان محمد عبد الله ، خريج جامعة جوبا، والذي افتخر بأنه لم يغادر السودان أبداً إلى الخارج وظل يناضل بالداخل منذ تأسيس الحركة في عام 1983م. تحدثوا حديثاً جميلاً مفعماً بالعاطفة والثورية وفيه روح المسئولية والأمل القوميين الذين افتقدتهما الاتفاقيات المكتوبة والموقع عليها في البروتوكولات الستة. وكانت فتيات الحركة الرائعات برشاقتهن الآفروسودانية المتميزة، يتجولن بيننا كما الفراشات طوال زمن الندوة ، ليقدمن لنا المياه الباردة والمرطبات الغازية لري ظمئنا في ذلك الهجير اللافح والذي كان هجيراً حلو المذاق في ميدان السلام خلف سوق ستة بوحدة الحاج يوسف ، والتي كانت تمثل حقيقة وحدة السودان والشمس تترنح لتسقط خلف (أم درمان) في انتظار الغد ، لتشرق من أعماق الجماهير وبإرادة الجماهير تُشعُّ سلاماً وعدلاً اجتماعياً وديمقراطيةً ووحدةً أبدية . في هذا المناخ ألاحتفائي المملوء بشيء من الأمل الديمقراطي تقدم للمنصة الأستاذ غازي سليمان المحامي والذي احتفظ له بقدر من الاحترام الخاص لكلمةٍ كان هو السبَّاق في البوح بها خلال عهد الإنقاذ وقالها بكل قوة وصراحة ووضوح حينما كان الناس يتهيبون حتى من المرور بجانبها، ألا وهي كلمة العلمانية وقالها إن لم تخني ذاكرتي في إحدى الندوات أو على صفحات جريدة الحرية (طيَّب الله ثراها ) حينما قال أو كما قال : " لا يمكن الجمع بين الوحدة والدولة الدينية وإما العلمانية أو الانفصال" . وكتبت أنا حينذاك على صفحات جريدة الحرية مثنياً له ومؤيداً لصدقه مع نفسه وجُرأتِه في الصدح بالحق . فعندما اعتلى منصة الحديث في ندوة الحركة الشعبية في ذلك المساء صفقنا له جميعاً ووقف له البعض محييَّاً ثم بدأ بسيطاً مداعباً : " ازيّكم يا فِِرَدْ ، ازيَّكم يا متمردين الأمس ، ازيِّكم يا مناضلين اليوم " وقال أيضاً : " أخي وصديقي العزيز جون قرنق ، كنا عندما نذكر اسمه يقبضونا ويدُقُونا ، لكن الليلة . . أهو معانا رجال الشرطة بيحرسونا . " وحيَّا ست الشاي التي تعمل تحت المبنى الذي به مكتبه ، وحكى قصة شاب أراد أن ينضم الى عضوية الحركة الشعبية ويريد أن يرسل خطاباً الى جون قرنق فقال له : " ترسِّل خطاب لي شنو ، ما أهُم ديل قاعدين تحت " . ثم تحدث عن تهديم السلطات لمنازل المواطنين وأدان تلك الممارسات ، وهنا فقط، بدأ شخصٌ آخر يتحدث متقمصّاً هيئة الأستاذ الشيخ وارث السجَّادة غازي بن سليمان قُدِّس سِرُّه ، حين قال للجماهير : " يا أخوانَّا رئيس الجمهورية ما بقبل الكلام ده (يقصد تهديم المنازل) ، يا أخوانَّا الحكومة ما بتقبل الكلام ده ولا رجال الأمن لهم علم بهذا الذي يحدث !! فيا أستاذ يا شيخ يا غازي بن سليمان، إن لم يكن رئيس الجمهورية و الحكومة ورجال الأمن كما قلت يعلمون ويوافقون على هدم المنازل فوق رؤوس المواطنين فهذه مصيبة ابتدعتها أنت ، وإن كانوا يعلمون ويوافقون وهذا هو الذي يرجحه العقل السويّ فتلك هي المصيبة الكبرى . أما العثرة الثانية لأستاذنا الجليل حينما قرر بأن السودان لم ينل استقلاله في 1956م وإنما كان استقلال السودان ممهوراً بتوقيعي الدكتور العقيد / جون قرنق دي مابيور والأستاذ / علي عثمان محمد طه بمدينة نيروبي على برتوكولات السلام الستة بتاريخ 26مايو هذا العام فقط ، وهذه لعمري واسعة جداً يا أستاذ يا حقوقي . وكانت ثالثة الأثافي .، حينما إسنتكر الأستاذ غازي سليمان على القوى السياسية مُطالبتها بفلطحة مشروع صُنع السَّلام وقال بالحرف الواحد : " الناس البقولوا ليكم وسِّعوها ديل .. ما عايزين يوسعوها ، ديل عايزين يقدِّوها ، ما تسمعوا كلامهم ، وقولوا ليهم : قَدُرنا ومَفصَّلة علينا قميص عامر ، ونحن راضين بيها . . . ديل ركوزهم شنو عشان يقولوا عايزين نوسِّع الاتفاقية ؟، ديل ما قادرين يَطَلَّعوا مظاهرة واحدة هنا في الخرطوم " . ويكرر : " ركوزهم شنو عشان يطالبوا بالمشاركة ؟ " وأخيراً قال : " أنحنا حليفنا الأساسي هي الحركة الشعبية والقائد المناضل جون قرنق دي مابيور ." هكذا تحدث الأستاذ الذي يقود إحدى منظمات حقوق الإنسان بالداخل ، وأرجو مُخلِصاً أن تكون هذه ذلة لسان ومجاملة أخو إخوان زادت عن اللزوم !! وأملي أن يكون الأستاذ المحترم من الذين يؤمنون بأن " خير الخطاءين التوابين ." نحن كتنظيم معارض ذهبنا الى ميدان السلام بالحاج يوسف وجاملنا إخواننا في الحركة الشعبية وهنأناهم بانتصارهم الذي يؤمنون به وشاركناهم فرحتهم ، واستضافونا وسعدنا باستضافتهم لنا ، ولكننا احتفظنا بتحفظاتنا ورأينا الواضح في البرتوكولات السِّتة ، نعم ... أنا ومثلي كثر لم نتشرّف بما تشرَف به الأخ المحترم غازي سليمان من سجن وتعذيب في عهد الإنقاذ ولكننا عندما أُتيحت لنا الفرصة قنَّنَّا وجودنا بإخطارنا لمسجِّل التنظيمات السياسية كحزبٍ مُعارض . وقرَّرنا أن نستفيد من هامش الحرية الذي أُتيح لكي نبيِّن للدولة وللإعلام وللجماهير سبب معارضتنا لدولة الإنقاذ . ونحن نتفق مع الأستاذ المحامي ، بأن ليس هنالك عداوات دائمة وليس هنالك صداقات دائمة ، ولكن وأنا شخصياً أفضل لفظي المعارضة والتأييد عوضاً عن العداوة والصداقة ، فسنظل معارضين ما دام هنالك خلل ، سواء أن كان في منهج صُنع السلام أو في أي أمرٍ يمسّ مصالح الجماهير من عدالة اجتماعية أو ديمقراطية حقيقية أو وحدةٍ حتميةٍ مستدامة . ونحن نعترف بأننا ما زلنا صِغَاراً في مدرسة السياسة ، ولكننا نعمل جاهدين لكي نظل كباراً في الوضوح وقول الحق والصراحة ، فإن لم نستطع ذلك صمتنا . . ونحن في الأساس ننتقُد الأستاذ غازي سليمان المحامي لأنه في تلك الأمسية خيّب ظنّنا وشوه الصورة الجميلة التي كنا قد رسمناها له في عقولنا . وما زلنا نحترمه ولا ننكر مساهمته ونضاله وتضحياته مع بقية جماهير الشعب السوداني لنيل هامش الحرية المتاح الآن ، وهو كما قال و نؤيده في ذلك : أنه نتاج نضال وليس منحةً من أحد . أمّا ما قاله عن عجز القوى السياسية عن إخراج المظاهرات وما استغربت له أجهزة الإعلام المحلية والدولية من الفتور البائن وعدم الحماسة ، الذي استقبلت به الجماهير توقيع برتوكولات نيفاشا ، فنحن نقول كما قالها أحد الإخوة الكتاب " : إن في هذا الصمت لنضالٌ نبيل " وإن جماهير شعب السودان تمتلك قدراً عالياً من الوعي وقراءة الأمور بنظرةٍ ثاقبة ولا تخدعها الاحتفالات ولا المسيرات المليونية ، وهذا الصمت والتوجُّس الجماهيري – لعمري – إنه قمة النضال. أخيراً للأستاذ غازي سليمان المحامي العتبى حتى يرضى إن كنا قد قسونا عليه ولشباب وقياديي الحركة الشعبية لتحرير السودان نقول لهم : " أفلحتم إن صدقتم فيما قلتموه عبر مكبرات الصوت أمام الحشد الهائل من الجماهير بميدان السلام بسوق ستة في وحدة الحاج يوسف،،وإن كان مختلفاً تماماً عن كل البنود التي وُقِّعت في ميشاكوس ونيفاشا . وان كنّا مخطئين في ذلك فلتصوبنا قيادات الحركة ولنجلس معاً ونقرأ كل البنود التي وردت في البروتوكولات الستة – والتي كما قال عنها الأستاذ/ ياسين حسن بشير ، في إحدى مقالاته – تجاوزت اتفاقيات السلام بالمعنى المفهوم بين طرفين متُحاربين ودخلت في تفاصيل قومية أو بالأحرى كانت يجب أن تكون قومِّية من تقسيم للسلطة والثروة وتأسيس للأجهزة الأمنية . ومن نافلة القول ، وقليلاً من العزف على المتون ، أعتقد بأنني يجب أن أسجل مخالفتي الرأي للأستاذ عثمان ميرغني الكاتب في صحيفة الرأي العام حينما طالب أجهزة الإعلام المرئية والمكتوبة بأن تعكس إحتفائية أكبر من أحاسيس ومشاعر الجماهير الحقيقية .. فنحن في مرحلة إن لم يكن فيها الإعلام قدر عباءة الجماهير وتطلعاتها فلا خير فيه وليذهب الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه. ولنا عودة بإذن الله لتقديم دراسة نقدية متكاملة لمنهج وأسلوب مباحثات السلام التي جرت ، وكيف تمخضت عنها البروتوكولات الستة التي نعتقد بأنها لا تصب إطلاقاً في مصلحة الوحدة أو الديمقراطية والحريات العامة أو العدالة الاجتماعية ، ولا حتى السلام الدائم. وفي الختام سلام . صديق عبد الجبار محمد طه (أبوفواز) مؤسس ورئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي تيلي فاكس : 00249185343180 هاتف سيار:00249912355113 [email protected] [email protected]