|
ردا على الأستاذ عثمان ميرغني
|
ردا على الأستاذ عثمان ميرغني لك التحية والسلام اتابع كتاباتك بانتظام من سرير المرض في لندن ولفت نظري ما كتبته في موضوع خزان الحامداب (الرأي العام26 سبتمبر 2004) لأنه أصابني بحزن وألم شديدين. مرد تلك المشاعر حقيقة أن الشمالية ما زالت تتعرض لبرامج الإغراق رغم ان ذيول مأساة غرق السد العالي عام 1963 ما زالت ماثلة للعيان حتى اليوم.. وقد درجت جماعة الإنقاذ على اختيار برامج خزانات جديدة لإغراق متكرر من دال مرورا بكجبار حتى مروي لتكون كبش الفداء الدائم باسم التنمية القومية!! إن الخزانات في المناطق المأهولة بالسكان لم تعد الوسيلة المفضلة لاستنباط الكهرباء وقد أجبر البنك الدولي لسحب تمويل خزانات في الهند وتايلاند بسبب اعتراضات بيئية وسكانية.. والشمالية (بحدودها القديمة) يعتبرها العالم أكبر متحف مفتوح في العالم والكثير من كنوزها ما زال ينتظر الاكتشاف، وقد أجبرت الحكومة بالضغوط الدولية على السماح مؤخرا بالتنقيب عن الآثار في الشمالية بعد أن أوقفته قسرا منذ عام 1993.. والمكتشفات المذهلة في العامين الماضيين تؤكد صحة تلك المقولة. الجميع يدرك ن الطاقة ضرورية للتنمية، ولكن كيفية استنباطها هو القضية، وهناك بدائل عديدة غير الإغراق وأهمها المشروع الإفريقي الذي يمتد من البحر الأحمر حتى المحيط الأنطلانطي ومشاريع البحيرات إضافة للطاقة الشمسية، النظيفة بيئيا والرحيمة اجتماعيا وثقافيا، والتي تتمتع المنطقة بنسبة عالية للاستنباط فيها لأنها صحراوية ومشمسة طوال العام. لقد أهملت التنمية في الشمالية (الجديدة) واتبعت فيها سياسات أدت إلى نزوح أهلها بأعداد مهولة حتى تقلص عدد سكانها من 750 الف في 1988 إلى 480 ألف في 1993 وكان لمحافظة حلفا نصيب الأسد إذ نقص عدد سكانها من 64 ألف إلى 28 ألف واندثرت عدد القرى المأهولة من 118 إلى 83 قرية في نفس الفترة، ليس بالجفاف والتصحر وانما نتيجة السياسات المتعمدة للإنقاذ في المنطقة. مشروع خزان الحماداب يدخل ضمن تلك السياسات التي لا نحترم انسانية المواطن ولا التاريخ الموغل في القدم لتلك المنطقة علما لأن الكهرباء المستنبطة منه لا يفيد أهل المنطقة المعرضين للترحيل القسري بعيدا عن النيل، مثل أهالي منطقة وادي حلفا قبل ذلك، بدعوى انه مشروع قومي!! فالمطلوب إذن، هو إيقاف أي مشروع يؤدي لأغراق الأرض في الشمالية كلها والتوجه نحو المشاركة مع دول الجوار كمصر واثيوبيا ومناطق البحيرات للمشاركة في استباط الطاقة واستيرادها لمختلف مناطق السودان.. ولا يغرنكم الحديث المعسول عن التنمية وأمامكم تجربة مآلات حلفا بعد السد العالي!! سعاد إبراهيم احمد 27 سبتمبر 2004 سينشر في حديث المدينة الرأي العام الجمعة 17 ديسمبر 2004
|
|
|
|
|
|
|
|
|