3- مالا يفصح عنه : ظاهرة تسول السودانيين فى السودان وخارجه..

Quote: من الظواهر المحزنة التى انتشرت فى السنوات الأخيرة ، تحديدا فى عهد الانقاذ الازدياد الكبير فى أعداد المتسولين وتنامى ظاهرة التسول الذى أتخذت مظاهر عدة . كانت ممارسة مهنة التسول محصورة بين بعض الغرباء من ابناء السبيل الذين تقطعت بهم السبل ، فاضطروا الى مد يدهم للاخرين بحثا عن مايسدون به الرمق أو جمعا لمبلغ يغطى تكاليف العودة للوطن ، أو بعض القبائل الغجرية التى تتخذ من التسول مهنة لها . لكن الملاحظ الان انتشار هذه المهنة وسط قطاع كبير من الفقراء والمعوزين من الشعب السودانى بصورة لم يسبق لها مثيل ، رافقها ازدياد فى أعداد المشردين بصورة مخيفة فى معظم المدن السودانية . بالاضافة الى انتشار ظاهرة المتسولين والمشردين السودانيين فى الكثير من دول المهجر ، مما يعكس صورة مغايرة لصورة السودانى التقليدى المعتز بنفسه وكرامته . والأسباب طبعا معروفة ولا تحتاج الى كبير عناء فى البحث والتقصى فالراصد لسياسات الانقاذ السياسيةوالاقتصادية والاجتماعية منذ ان استولت على الحكم يجد أن ما يحدث الان من تغيرات فى المجتمع السودانى أدت الى ظهور مهن جديدة ومفاهيم جديدة هى نتيجة طبيعية للتخبطات غير المدروسة لهذه السياسات .مما أدى الى انتشار الغلاء والندرة والشح فى وسائل الرزق وانزلاق قطاع كبير من الشعب السودانى تحت خط الفقر . من هذه السياسات العمياء مفهوم التمكين ووضع موارد الوطن فى أيدى غير المؤهلين من حزب الجبهة الذين انغمسوا فى اثراء انفسهم وحزبهم ومواليهم على حساب الشعب . والتخبط فى السياسات الاقتصادية والمالية واحتكار الموارد ، فالتطبيق غير المدروس لسياسة التحرير الاقتصادى أدى الى خصخصة مؤسسات البلد الناجحة وبيعهابصورة غير سليمة من غير مراعاة تطبيق سياسات السوق والعرض والطلب التى يجب مراعاتهافى مثل هذه الحالات ، وبالتالى تشريد الالاف من العمال والموظفين . والشى المعروف ان الدول الكبرى التى طبقت هذه السياسة حرصت على أن يكون لها أنظمة ضمان اجتماعى فعالة لحماية المواطن من أن يكون ضحية لهذه السياسة ، وهذا الأمر بالطبع لم يفكر فيه المسئولين عندنا . كما ان اهمال الدولة لمشاكل الأطراف وتأجيج الصراعات واستخدامها لسلاح القبلية البغيض والدين كمطية وسياسة فرق تسد كل هذا فاقم الوضع فى الوطن وزاده احتقانا وأدى الى نزوح المواطنين الى المدن المكتظة أصلا مما زاد المعاناة فيها وشكل ضغطا على الخدمات وصار لا مناص من التسول .