|
Re: رؤى وكوابيس هاشم صديق (Re: ادريس عوض)
|
الحلقة الأخيرة من كوابيس ورؤى:)
كوابيس ورؤى بنطلون (لبنى) .. و.. قرنتية (هاشم) ( الحلقة الأخيرة ) هذه الصحفُ الراقدةُ على حشايا المكتبات وتحت رؤوسها تئنُ المطارفُ ، بغنجٍ كالعويل ، بعضها فاقعُ الألوان ، مثل مساحيق الرزايا وأخرى تستدرُ الخيالَ ، قصد حبكة الرواية والبعض يضجُ بجهلٍ ثقيل . وأخرى لا ترتقي الأسباب ، فهي في أرزل العمر ولم تعتلي صهوة الشباب . والبعض يتنفس في سوق المنايا وتراجيديا العذاب . وأخرى (ماكينة) للبذاءة والسباب وبعض يومض ، مثل برق خجول على مرايا السحاب . (قطع) لا أملكُ ، مثل زرقاء اليمامة ذروة البصر الشفيف لكي أرى خلف الغبار ، لكنني ببصيرة الشعراء ، ألمح غابة الأشجار تمشي عند رابعة النهار كم حدثوني عن (مسيلمة الجرائد) وعن تعاويذ البطولة ، عند أشباه الكبار لم ينتفض قلمي ، ولا قلبي ، ولاقدمي فقد استقلت عن المباذل ، وعن مقارعة الصغار الشمس تفتح كوة للحق ، جهراً واقتدار . عند سقف الظهيرة ، كان قد انطوى الصباح المجنون ، وبعض النهار ، فجأة هبطت على عقلي فكرة مجنونة تتعلق بقضية (لبنى) ، (اكتشفت فيما بعد أنها ليست فكرة مجنونة ، فإنما هي فكرة انتحارية للغاية ). وجدت نفسي عندما تلبستني الفكرة ، أرتدي ملابسي بسرعة البرق ، وأتحسس داخل (جزلاني العتيق) ، شعرت بالارتياح عندما وجدتُ داخله خمسة وعشرين جنيهاً (بالجديد) وقلت لنفسي (افتكر ديل بيجيبو خمسة وعشرين واحدة) . خرجت مسرعاً صوب شارع الأربعين الأسفلتي . شعرت وكأنني فارس ارتدى درعه ، وتمنطق سيفه اليماني الأبتر ، وامتطى جواده العربي الأصيل ، وخرج من أجل واجب وطني عظيم . بعد أن خرجت من باب منزلي ، وأنا أتجه غرباً الى شارع الأربعين ، فجأة مرت من جانبي طفلة مارقة كالسهم وهي تعدو باستماتة ، ومن خلفها طفل آخر يطاردها ، اكتشفت أنها طفلة الجيران ، وأن الذي يعدو من خلفها ، هو شقيقها الذي يكبرها بقليل . كان يصرخ وهو يطاردها - أقيفي ... أقيفي ... أمي قالت ليك تعالي راجعة - أبيت ... أبيت ... ما بجي راجعة - يابت أحسن ليك ... أحسن ليك تقيفي ... أحسن ليك تجي راجعة - لا ... أبيت أخذ يصرخ باستماتة وهو يعدو من خلفها - أمي مش قالت ليك ما تلبسي المنطلون ده ... تمشي بيهو ناس خالتي ... بقبضوك في الشارع ... ويجلدوك ثم توقف عن الركض ، ورفع ساعديه مستسلماً وهو يلهث ، واستدار عائداً وهو يقول في غيظ وغضب - إن شاء الله يمسكوك ... ويدوك تمانين جلدة ... عشان ما بتسمعي الكلام وجدتني فجأة أنظر الى هيئتي في رعب ... ثم تنفست في ارتياح - الحمد لله ... لابس جلابية ... ما مايوه ثم انتابتني حالة من التداعي التراجيكوميدي - حسة لو مسكوني لابس مايوه ... بدُّوني كم جلدة ؟! - ياربي تمانين ... ولا ... لابزيدوهم تلاتين ... يقولو ديل ...(بدل فاقد) (قرنتية) ؟! ... (ثم واصلت التدعي بعد وقفة) السوط البدقوني بيهو ذاتو بكونوا عملوه من جلدها بعد سلخوها ثم تمادى التداعي المجنون عندما قفزت الى خاطري ، لا أدري لماذا ، قصة (فرعون وقلة عقله) في (كتاب المطالعة) بمرحلة الدراسة (الأولية)، - فرعون الماشي عريان ، وداير الناس يقولوا ... لابس أحسن هدومو ده ... ياربي حسة لو القصة دي كانت لسة في المقررات ... كان الجماعة ديل طلعوا فرعون من كتاب (المطالعة) وجلدوهو ؟! ثم ارتفعت نبرة الغيظ التهكمي في سري - ولا ده بخلوهو عشان... يعني ... هو فرعون ...و... فجأة استيقظتُ ، كالمغشي عليه ، وشهق ، عندما سكبوا على وجهه الماء البارد ... وتلفتُ في رعب وكأن ما جرى على لسان سري ، قد يغدو على لسان جهري ... أو ربما ... جرى على لساني دون أن أدري تذكرت وأنا أتلفت في توجس ، ذلك الإحساس الذي ينتابني عندما أحمل قصيدة جديدة في جيبي وأنا في طريقي لصحيفة (الصحافة) أو (الأحداث) لنشرها ، وأنا أتلفت متوجساً بصورة مضحكة - تقول شايل في جيبي (ورقة بنقو) وخايف من (ناس المباحث) . قلت لكم ياسادتي إنني خرجت من منزلي ، وكأنني فارس ارتدي درعه ، وتمنطق بسيفه (اليماني) الأبتر ، وامتطى جواده العربي الأصيل ، وخرج من أجل واجب وطني عظيم فقد قلت لنفسي عندما هبطت على عقلي تلك الفكرة المجنونة التي تتعلق بقضية (لبنى) ، وكان ذلك عند سقف الظهيرة - ياهاشم ... والله إنت لا مثقف ... لا متابع ... حسة البلد دي بقى فيها كم جريدة ... أكثر من أربعين ... عليك الله إنت حسة بتقرأ منهن كم ؟ ... اتنين ...؟ ... تلاتة؟ ... أربعة ؟! - كانوا اتنين ... قلت أعملن تلاتة ... عشان أكون مثقف ومتابع ... بعد شوية بقيت أشتري أربعة ... لكن ... لكن - لكن شنو ؟! - لكن صحتي ... صحتي (انحرفت) ...و...و... فلست ... - كيف ؟ - كل يوم اشتري اتنين سياسيات بي جنيهين ... واتنين اجتماعيات بي جنيه ... دي تلاتة جنيه يوماتي ... طيب ... أها ... تلاتة جنيه × تلاتين يوم في الشهر ... كم ؟! ... مش تسعين جنيه ؟. - آي - أها ... ومعاشي مية وستين جنيه ... أهااااا ... تسعين جنيه من مية وستين الباقي كم ؟ - سبعين - أهااااا ... سبعين جنيه بتجيب الأونسولين والأسبرين ... والفيتامين ... والطعمية ... والفول ... والبندول ...و... - إنت عندك سكري ... بتاكل فول وطعمية ... الشهر كلو - آكل جداد ... ولاكافيار ... ولا سمك ؟! - سمك ... السمك كويس للسكري - بي شنو ؟!... مره اتفلسفت عملت لي (جبَّادة) ... كل يوم أمشي البحر الصباح (اصطاد) ... شهر كامل ما (قبضت) سمكة واحدة ... سألت ... ياجماعة السمك ده مابيني مالو؟! السمك دا كمان ... حكومة ولا جهة مختصة ؟ السمك دا مشى وين ... قالوا لي سمك النيل الأبيض ... من (أويل) في الجنوب بمشي مصنع (الكاردينال للأسماك) ... وسمك النيل الأزرق من (الدمازين) بمشي (عوضية للأسماك والمناسبات السعيدة) في الموردة . - أها ... نرجع للجرايد ... حسة يعني بتقرأ أربعة جرايد ... مع الفلس دا كله ؟! - بقيت أقرأ واحدة في الإسبوع ... غير الفلس ... كمان خفت ... لأنو جارنا اتغدا واتمدا ... وبدأ يقرأ في الجريدة ... مرتو بعد شوية جات خاشة الأوضة لقتو مات ... والجريدة واقعة في صدرو ... ياسادتي ... توكلت على الدائم ... والحي الذي لا يموت ... وقررت أن أعود مثقفاً ... ومتابعاً ... ومتفقداً لأحوال الصحف بعد صدور عشرات من الصحف الجديدة ... وباحثاً بتركيز و(عمق) في شأن تناول الصحف السوانية لقضية (منطلون لبنى) ... ومضحياً في سبيل ذلك (بخمسة وعشرين) جنيهاً كاملة تبقت من مبلغ تسلل الى (جزلاني العتيق) بعد أن قمت ( بمحاسبة ) مكتبة قامت بتوزيع بعض النسخ من واحدة من مجموعاتي الشعرية ، قلت لنفسي - مافي مشكلة ... بكرة يوم خمسة وعشرين في الشهر (الجديد) ... بصرف المعاش بتاع الشهر ( القديم ) ... وأهو ياهاشم ... تضحية ... في ... سبيل الثقافة ... والصحافة ... و(بنطلون لبنى) ... والديمقراطييييييييييية (أنا نفسي ، لا أدري لماذا أقحمت كلمة (ديمقراطية) هنا) . الذي يهم ياسادتي هو أنني ، وبعد أن وصلت (شارع الأربعين) اتجهت (جنوباً) بمحاذاة الشارع نحو مكتبات بيع الصحف ، أمام ، وبالقرب من (سينما بانت) (رحمها الله) كنت أسير – ولدهشتي – منتصب القامة مرفوع الرأس ، وبإيقاع عسكري ، وكأنني في طريقي (لمنطقة العمليات) ولا أخفي عليكم ياسادتي أنه – رغم هذا المظهر البطولي المصادم _ كانت تنتابني قشعريرة ، وترتبك خطواتي العسكرية عندما أتذكر ( جاري ) الذي أسلم الروح بعد أن قرأ صحيفة واحدة سقطت على (صدره الوطني) الواسع العريض ... فما بالكم بصدري الوطني (المسكين) الذي هدّته (الجروح الوطنية) من كل صوب وحدب . وتلبستني الهلوسات المجنونة ، وأنا أحاول أن أحافظ على مظهري البطولي المصادم . - ياربي ياهاشم ... حا تستشهد في الجريدة الأولى ... ولا الرابعة ... ولاحتصمد لغاية الجولة (تلتاشر) ... وبعدها تقع بالضربة الصحفية القاضية وكسرت قيود هواجس أفكاري المجنونة حتى حلقت عالياً في أجواز الفضاء - حسة ياهاشم تموت وانت تقرأ في الجرايد ... بكره الجرائد ذاتها تبيع بيك. وتصورت ما نشيتات الصحف ، ودقات قلبي تنتفض من الرعب. - وأخيراً ... سقط الفارس شهيد الثقافة ، وهو يطالع بضمير وطني ما كتبته الصحافة - شهيد (بنطلون لبنى ) - آخر كلمات الراحل المقيم (نحن نفنى ويبقى بنطلون لبنى) - ماهي الصحيفة التي سقطت من يده على صدره ؟!!! - علي مهدي والمسرح الوطني (مسرح البقعة) في المشهد الحزين ... توقفت تماماً عندما تذكرت (علي مهدي) واصطكت ركبتاي من الرعب وأنا أتصور علي مهدي ، بطاقيته الخضراء ، وكما يفعل دائماً عند تشييع كل مبدع ، يزيح المشيعين جانبا حتى يصل حافة القبر ويبدأ بإلقاء خطبة عصماء مطولة عن الراحل المقيم. - والله علي مهدي ده ... يجي بطاقيته الخضراء دي ... ويخطب ويعدد مآثري ... إلا أقوم وأحيا تاني ... وأعضيهو في نص راسو لا أدري لماذا أوشكت أن أقذف بالمظهر الصلب والشجاعة والإقدام جانباً ، وأن أضع (طرف) جلبابي بين أسناني وأن أعدو راكضاً عائداً الى منزلي - هاشم ... إنت مجنون ... تقرأ الجرائد بي آخر خمسة وعشرين جنيه عندك ... وتستشهد ... ويجي علي مهدي يعدد مآثرك كمان ؟! توقفت كالجواد الذي أرهقه الركض ، وخذلته أنفاسه في منتصف الطريق ، ولكني بعناد (وطني مجنون) قررت مواصلة المسيرة . انتصبت قامتي واستعدت المظهر الصارم المصادم ، وبدأت من جديد في السير قدماً نحو مكتبة بيع الصحف ، ولدهشتي – حتى أشعل الحماس في أوصالي – بدأت أغني في سري نشيد (الملحمة) قلت لنفسي - حسة الجماعة ديل لو بذيعوا نشيد الملحمة ده ... ربنا بحاسبهم. وتمدد غيظي حتى أشعل أكثر خطواتي العسكرية - هو أي حاجه حقتي يا يوقفوها ... يا يطبلوها ... يا يوقفوني أنا ... يا يطبلوني صدح صوت غناي من (سري) إلى (جهري).. ثم تمدد في الشارع العريض. - لما الليل الظالم طول وفجر النور من عينا اتحول قلنا بعيد قلنا نعيد قلنا نعيد الماضي الأول ماضي جدودنا الهزموا الباغي وهدوا قلاع الظلم الطاغي ترررررم ...ترررم...ترررم ترررررم...ترررم...ترررم ترك صاحب (البنشر) (لستك العربة) الذي كان يعالجه ورفع يديه وهو (يهز) بعنف و(يعرض) بحماس وطرب شديدين - الله أكبر ... الله أكبر يا أستاذ ... الجماعة خلاص مشو ؟! وضربت امرأة على صدرها بقوة وهي توشك أن تلج الى داخل (الركشة) التي أوقفتها - سجمي ده هاشم صديق ؟ ... مالو بقى بغني براه في الشارع ؟ ... جن ؟! وآخر يقف على حافة الشارع أخذ يضرب كفاً بكف وهو يقول - مسكين ... ناس الإذاعة حلفوا ما يذيعوا النشيد ... لما بقى يغنيه براهو في الشارع ... كمان المسكين ستاشر سنة ما دخل من باب التلفزيون... بعد وقفوهو. أمام مكتبة الصحف ارتفعت وتيرة (التراجيكوميديا) الى عنان السماء . كان صاحب المكتبة يخاطب شاباً بتوتر وهو يبحث ضائقاً في وسط الصحف الكثيرة الممتدة أمام ناظريه. - لكن يا ابني ألقى ليك جريدتك كيف ... شوف الجرايد دي بقت كتيرة كيف ... بقينا ما عارفين نختها وين ؟ قال له (الشاب) ببرود وكأنه يقصد أن يرفع درجة توتره أكثر. - في أربعة جرايد جديدة جاية ... شايف في إعلانات عنها في التلفزيون صرخ صاحب المكتبة رافعاً يديه وكأنه يبتهل للسماء – بعد أن ترك الصحف التي كانت بيديه بعصبية. - لطفك يارب ... والله بعد ده ... إلا يعملوا أكشاك الجرايد تاني دور! ثم أردف وكأنه يشكو لطوب الأرض - كمان أي زول داير جريدة . يقول ليك شوف ليك جريدة فيها حاجة عن (بنطلون لبنى) ثم أخذ يشد شعره الأشيب وهو يصرخ بصوت متهدج أقرب للبكاء - أنا أمشي وين يارب ... أنا ببيع جرايد ... ولا ترزي بناطلين . ثم رفع صاحب المكتبة راسه ونظر نحوي بعد أن أعطى الشاب (الصحيفة) - أيوه يا أستاذ ... أديك جريدتك البقيت تجي تشيلها مرة في الأسبوع ؟ انتفخت أوداجي ... ورفعت رأسي في اعتداد ... وخرج صوتي وكأني ألقي (بياناً أول) للأمة السودانية. - لا أديني خمسة وعشرين جريدة نظر الرجل الى وجهي ، وكأنه ينظر الى وجه رجل فقد عقله. - خمسه وعشرين ... من جريدتك الـ... - لا خمسة وعشرين جريدة سياسية (أبوجنيه) ... من القديمة والجديدة ... ثم ضغطت على الكلمات وكأني أؤكد على انتماء عظيم وهدف أعظم - خمسة وعشرين صحيفة سياسية سودانية وطنية ... عايز أتابع مسألة السياسة وقضايا الفن والثقافة ... ومستجدات (بنطلون لبنى) بدأ الرجل في (رصف) نسخ الصحف الواحدة بعد الأخرى وكان يسألني كلما رفع صحيفة أمام وجهي - أديك من دي برضو ... ولا أحسن ليك دي ... دي ألوانها ظريفة - أيوه ... ما تنسى ديك برضو ... الـ... إسمها شنو ياربي ... البحررها ويكتبها الشعب السوداني ضحك الرجل ثم قال وهو يجد الصحيفة ويضعها فوق الأخريات - تاني في تلاتة جرايد مارقات ... من أجل الشعب السوداني ... الشعب السوداني مسكين بقى جرس دلالة. كان الرجل بعد أن قام بأخذ (خمسة وعشرون) جنيهاً من (حر مالي) من أجل الصحافة والثقافة الوطنية ، وقضية (بنطلون لبنى) وهو يمد لي بكلتا يديه (رزمة) الصحف ينظر الي بإشفاق ورثاء وهو يقول - شد حيلك يا أستاذ ... الله يعينك ... إنت ما ياكا دايماً مناضل ... وقدامنا في الصف الأول. ثم أردف بتقعُّر وكأنه قرأ الكلمات من قبل ، وحفظها عن ظهر قلب. - وانت دايما تلقي بالحجارة الثقيلة في البرك الراكدة الأسنة ... فتنداح الدوائر ، كما فعلت في قضية حقوق الشعراء ... تضيء القضية ... وتحصد الرشاش الآسن ثم أخذ يلوّح بيده لي مودعاً بتأثر وأنا أضم (كنز الصحف الثمين) الى صدري بقوة وأخطو بثبات عائداً الى منزلي ، كان منظر الرجل وهو يلوّح لي بيده مودعاً وكأنه يلوّح لعزيز في طريقه لمناطق العمليات ، قد لا يعود منها أبداً . في طريقي اعترضني شحاذ ملحاح ، سد عليّ الطريق - ياحاج ، المسلم أخو المسلم ، جينا أنا ومرتي من البلد لي أهلاً لينا ... ومرتي كانت حامل في شهرها التاسع ... أها... وأكملت له القصة ، وأنا أتميز من الغيظ - ومرتك ولدت ، وراقده في المستشفى ... وجابت تيمان داير تسميهم حسن وحسين ، وإنت ما كنت عامل حسابك ومعلم الله ... وداير المساعدة ... و... نظر اليّ الرجل بغيظ ودهشة - إنت ياحاج كنت في الإستبالية؟ دحين شفتني و... - لا كنت في الخرطوم قبل أسبوعين ... لاقيتني ... وحكت لي مرتك وأدت برضو وجابت تيمان وداير المساعدة ...و... ثم صرخت فيه بغيظ - إنت مرتك دي أرنب ... كل شهر بتلد؟ - سمح ياحاج أعفيلي ... خليك من مرتي ... أديني المساعدة ... يرحمك الله رفعت له (رزمة الصحف) عاليا ... وكأنني أرفع وسام النيلين من الدرجة الأولى - كل القروش العندي اشتريت بيها الجرايد ديل - سمح أديني جريدة منهن كرامة ... أديني جريدة (الدار) يرحمك الله - إنت بتعرف تقرأ - نان ياحاج دحين أنا حسه كان ما قريت كان شحدت؟!! ماياها سوّتها فينا القراية. عندما أذن الآذان لصلاة العصر وأنا أطالع باستماتة ومثابرة في الصحف السياسية الواحدة تلو الأخرى ، لا أدري لماذا (زغللت) عيناي وارتفعت ضربات قلبي ، وتفصّد العرق من جبيني ، ورأيت صوراً ومانشيتات تتراقص ، وتتشابك وتنفصل ، وتتلاشى ، ثم تعود مرة أخرى تتراقص أمام عيني . مزيج عجيب من صور غائمة لكمال ترباس ... وعلي مهدي ... وفرفور ... وسلفاكير ... وياسر عرمان ، وقادة الوطني ، والشعبي ، وبقية الأحزاب ... وندى القلعة ...الخ كان هناك (مانشيت) كبير وضخم يقول: - الشريكان يصطلحان وهو يطارد مانشيت أكبر ويمسك بتلابيبه بعنف ، ويقول: - باقان ، وعرمان ، وراء القضبان وكانت هناك مطاردة ، كمطاردة الأفلام البوليسية بين كسكتة سلفاكير وبنطلون (لبنى)، ثم صرخ (مانشيت) في وجهي وكأنه باللغة الصينية - بعد زيادة السكر الهلال يسجل الترابي . باقان وأكرم الهادي عوضية عذاب في حفل شتائي وآخر وكأنه باللغة الهندية. - شاعر ضاجعتُ الباعوضة ذات مساء أردب العيش الانتخابات موعدها أوباما سادومبا كيف؟ عندها شاهدت صحيفة تسقط من يدي بالسرعة البطيئة على صدري، ثم وأنا في سكرات الموت أرى صديقي علي مهدي بطاقيته الخضراء، يقرأ (البيان الأول) من فضائية (زول)... ثم غبت عن الوعي لا أدري كم من الزمان ظللت في غياهب الإظلام الكامل ياسادتي ، ولكني أتذكر أن أول ما تسلل الى مسام إحساسي ، وكأنه يأتي من أغوار سحيقة ، كان هو صوت (ظريف الحي) - الحمد لله لحقتو يادكتور حسن بالدربّات والحقن ... وحالتو استقرت ... لكن والله أخوك بالغ ... خمسة وعشرين جريدة ... وجرايد يوم واحد ؟! هو مالو ... كان داير ينتحر ؟! - والله أنا لما جيت داخل ... ولقيت الجرايد في الواطة ، وفي السرير.. وواحدة واقعة في صدرو ... افتكرتو ده الإرشيف بتاع الجرايد الفيها المعارك والشتايم ديك ... قراهو كلو تاني ... ومات من المغصة - لا الحمد الله ... جات سليمة ثم بنصف عين مفتوحة رأيت (ظريف الحي) ينظر الى وجهي وهو يتململ - حسة ... هو نايم .. ولا ... ولا لسة تعبان - لا نايم ... ضغطه كويس ، وحالته استقرت ... أنا ذاتي عايزو ينوم كتير ويرتاح . - ثم وكأنني أختلس النظر من بصيص (رقراق) رأيت ظريف الحي ينظر نحوي مرة أخرى ليطمئن أنني في سبات عميق ، ثم يميل بوجهه نحو شقيقي ويقول له هامساً: - تعرف يادكتور ... أنا والأستاذ الأيام دي شغالين في كتاب خطير ... وحنعمل ليهو تسويق في (الإنترنت) ... تسويق رهيييييب - تلفّت مرة أخرى ونظر نحوي ، ثم عاد بوجهه الى شقيقي - أقل حاجة حيكون العائد تلاتة مليار يورو - يازوووووول - والله ... وتعرف عنوان الكتاب الاتفقنا عليهو ... حيكون شنو ؟ - شنو ؟ - بنطلون (لبنى) ... و... قرنتية ( هاشم) غالبت باستماتة الانفجار بالضحك ... ثم همست لنفسي - الكضاااااااااااااااب انتهت
|
|

|
|
|
|
|
|
|