دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-12-2024, 05:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-15-2009, 12:40 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37157

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين (Re: احمد الامين احمد)

    الاخ احمد امين
    سلام

    نعم انتبهت للخطا
    ولكن من باب حرصي منذ ان جئت الي هذا البورد عرض ما يكتبه اولي الفكر الثاقب من ابناء السودان المتميزين والحريصين على وحدة السودان...انشر ما يصلني او يقع تحت يدي من كتب قيمة او فصول منها للارتقاء بوعي الناس الي القضايا الجادة على مبدا ان توقد شمعة خير من ان تلعن الظلام...ومافي ظلام اكثر من السودان القديم ومن يمثله هنا في البورد...وفي اجهزة الاعلام السودانية من المكرورين...وتكمن ازمة السودان في عدم اتاحة افرص لمن اجدر ببناء السودان كما يجب..والحديث ذو شجون

    نعتذر مرة اخرى للدكتور امين حامد زين العابدين
    ونواصل عرض فصول من الكتاب التي بحوزتي الان...

    الفصل الثالث

    حق تقرير المصير




    "أسست الأمم المتحدة حق تقرير المصير كحق للشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، ولا ينطبق الحق على الشعوب المنظمة في شكل دولة والتي لا تخضع لحكم استعماري أو أجنبي نسبة لأن القرار (1514) وأدوات أخرى للأمم المتحدة تدين أي محاولة تستهدف التمزيق الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية وسلامة أراضي دولة ما."
    H.Gros Espiell, the Right of Self-Determination of United Nations Resolutions, UN doc. E/C.N.4/Sub.2/405/Rev.1, 1980 p.10 Para. 60.

    ما هو حق تقرير المصير؟ هل هو حق مطلق يمكن لأي مجموعات إثنية تعيش في أراضي دولة ذات سيادة أن تمارسه متى ما أرادت؟ وهل يمكن ممارسته أكثر من مرة بواسطة شعوب نالت استقلالها بموجب قرار الأمم المتحدة الخاص باستقلال المستعمرات؟ وهل يتضمن حق تقرير المصير تغيير الحدود الموروثة من الحكم الاستعماري؟ سنناقش في هذا الفصل تطور مفهوم حق تقرير المصير لنؤكد أنّ القانون الدولي قد حصر نطاق تطبيقه على الشعوب الخاضعة للاستعمار لكي تنال استقلالها. وبعد استقلال معظم أقطار العالم تحول هذا البعد الخارجي لتقرير المصير إلى مفهوم حق تقرير المصير الداخلي الذي أصبح مكفولاً لكل الشعب الذي يعيش في أراضي دولة معينة ليتمتع بالحكم الديمقراطي على أساس مبدأ السيادة الشعبية وليس لإحدى مجموعاته الإثنية لكي تنفصل عن الدولة الأم لتأسيس دولة لها بسبب تعارض ذلك مع سيادة الدولة وصيانة أراضيها ووحدتها الوطنية التي يكفلها ميثاق الأمم المتحدة للدول الأعضاء.
    1-تطور تقرير المصير وتعــارضه مع مبدأ السيــادة:
    يمكن تعريف مصطلح تقرير المصير بأنه حق مكفول لكل البشر على مر الزمان لتحقيق ما ينشدونه من تطلعات لترقية أوضاعهم السياسية والاقتصادية وذلك مثل حقوقهم الطبيعية للحرية والعدالة والمساواة. واتخذ عند تطبيقه أشكالاً مختلفة كما اكتسب معاني متعددة تبعاً لمقتضيات اللحظة التاريخية التي يمر بها في تفاعله وتجدده مع الزمان. وكان لتقرير المصير منذ ظهوره في العصر الحديث مظهران أساسيان: خارجي وداخلي. إذ مارسه الشعب الأمريكي ببعده الخارجي عندما شنّ حرب الاستقلال ضد الاستعمار البريطاني في سنة 1776م وتوج كفاحه بتحقيق الاستقلال وتأسيس دولة ذات سيادة. ومارس الشعب الفرنسي تقرير المصير ببعده الداخلي الديمقراطي في ثورة 1789م التي قضت على مبدأ الحق الإلهي لحكم الملوك الاستبدادي ليحل محله مبدأ السيادة الشعبية لتكون الأمة مصدراً للسلطات والذي يعتبر الركيزة الأساسية للنظام الديمقراطي.
    وفي العقد الثاني من القرن العشرين قيدت دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الأولى المعنى العريض والمطلق لتقرير المصير و بدات في توظيفه سياسيا كأداة لحرمان الدول المهزومة من الأراضي الإقليمية للشعوب الخاضعة لحكمها وإسباغ الشرعية على إعادة تقسيم أوروبا وخلق دول جديدة. واستند تطبيق تقرير المصير في هذه المرحلة على المبدأ القومي والإثني حيث تمّ اعتبار اللغة والثقافة المشتركة لشعب معين المعيار لأهليته في تأسيس دولة ذات سيادة. ومثال ذلك ظهور دولة يوغوسلافيا إلى الوجود بسبب أن سكان أقاليمها الجغرافية في سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة وصربيا يتحدثون لغة واحدة وتجمعهم ثقافة مشتركة. واستفاد من هذا المبدأ أيضاً الشعب البولندي الذي استرد سيادته وأراضيه التي كانت خاضعة لحكم الامبراطورية الروسية والامبراطورية الألمانية والامبراطورية النمساوية. كما منحت شعوب لتوانيا، لاتفيا، استونيا وتشيكوسلوفاكيا استقلالهــا في تسوية السلام في فرساي.
    ولم تتم معــاملة كل الشعوب الأوروبية بالتساوي للاستفادة من المبدأ العرقي القومي الذي استند عليه تقرير المصير بسبب المصالح والاعتبارات السياسية لدول الحلفــاء. فتمّ ضم إقليم جنوب التيرول الذي يتحدث سكانه اللغة الألمانية إلي إيطاليا. ورفض طلب الشعب النمساوي للاندماج مع ألمانيا بمقتضى اتفاقية سان جيرمان لسنة 1919م.1 ولم يسمح لسكان الإلزاس واللورين الذين ضمت فرنسا أراضيهم بحق الاستفتاء لتحديد رغبتهم إن كانوا يريدون البقاء في ألمانيا كما كان الحال قبل الحرب العالمية الأولى.2 بينما تم منح سكان منطقة شيليزويج التي ضمت الي المانيا في عام 1864 حق تقرير المصير للانضمام الي الدنمارك3 .
    وظهرت خطورة توظيف المبدأ القومي كمعيــار لتقرير المصير في فترة ما بين الحربين عند بروز المظاهر العنصرية والتوسعية للقومية التي تجسدت في الفاشية والنازية. ولجأت ألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي إلى توظيف نفس المبدأ لغزو وضم النمسا وإقليم السوديتلاند في تشيكوسلوفاكيا بحجة أن سكانها الذين يتحدثون اللغة الألمانية يطالبون بحقهم في تقرير مصيرهم بالانضمام إلى الوطن الأم.4 كما أثبتت حقيقة الإبادة الجماعية لليهود في ألمانيا النازية حقيقة أن حدة الكراهية والتعصب ضد الاقليات في الدول التي تتميز بالتجانس العرقي القومي أشدّ مما هي عليه في الدول المتعددة الجنسيات والثقافات حيث تؤدي التعددية إلى التسامح عملاً بمبدأ عش ودع الآخرين يعيشون. وأثبت المبدأ العرقي القومي خطورته مرة أخرى بعد فترة قصيرة من نهاية الحرب العالمية الثانية عندما دفعت الأيدلوجية الصهيونية الشعب اليهودي للهجوم على الفلسطينيين في بلدهم وطردهم وتهجيرهم منها بالقوة ليعيشوا لاجئين في الدول المجاورة وذلك بعد أن أقاموا دولتهم بالعنف في فلسطين في سنة 1948م.
    دخل مبدأ تقرير المصير طوراً جديداً بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن تجاوز الزمن مفهوم حق الفتح الذي استخدم في الماضي لإسباغ الشرعية على استعمار الشعوب. واعتبر استعمار الدول الأوروبية للأقطار الأفريقية والآسيوية من الشرور التي يستوجب تخليص البشرية منها وذلك بمنح الشعوب المقهورة استقلالها واسترداد حريتها وكرامتها. ونتج عن إدانة الاستعمار توسيع الأمم المتحدة للبعد الخارجي لتقرير المصير لكي يشمل الأقطار الأفريقية والآسيوية التي حرمت منه بعد الحرب العالمية الأولى. فأصدرت الأمم المتحدة في ديسمبر 1960م القرار رقم (1514) بعنوان " إعلان منح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة. " وحدد القرار المجال والظروف التي يتم فيها تطبيق تقرير المصير وهي خضوع الشعب وأراضيه لاستعمار أجنبي. وطالب القرار باتخاذ الخطوات اللازمة لتحرير واستقلال هذه الشعوب " ونقل كل السلطات لشعوب هذه الأراضي المستعمرة. "5
    ووصفت الدول الأفريقية والآسيوية والأمم المتحدة هذا التحديد لمجال تطبيق تقرير المصير فيما بعد بنظرية " الماء المالح " التي مفادها أنّ حق تقرير المصير بمعنى الاستقلال يطبق فقط في حالة الأراضي التي تفصلها عن عاصمة الدولة التي تستعمرها بحار ومحيطات ويختلف سكانها عرقياً وثقافياً عن سكان الدول المستعمرة التي تديرها6. وليس هناك أي تعارض بين هذا التفسير وما نصّ عليه القرار بصورة مطلقة أن لكل الشعوب الحق في تقرير مصيرها، إذ لا يعقل أن يكون المقصود مثلاً السماح للاسكتلنديين في بريطانيا بممارسة تقرير المصير ببعده الخارجي للانفصال عن المملكة المتحدة أو حق الأفارقة الأمريكان الذين ينتمون لأمة الإسلام بتأسيس دولة مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية كما كانوا يطالبون في الخمسينيات من القرن الماضي.7 وأشار بروفسور توماس فرانك الي ان الدول الافريقية الناشئة قد تمكنت من اقناع الامم المتحدة بضرورة ممارسة حق تقرير المصير في اطار الحدود الاستعمارية الموجودة فقط.8
    وتميّز تقرير المصير المتضمن في القرار (1514) باستناده على مبدأ الأرض الإقليمية كوحدة سياسية خاضعة لحكم أجنبي كمعيار ينال به القطر استقلاله عند تطبيق تقرير المصير حتى ولو لم تجمع بين سكانه لغة وثقافة مشتركة. ولم يكن بهذه الصفة تقرير مصير عرقي قومي يرتكز على التجانس اللغوي والثقافي كما كان الحال في مرحلة فرسايل. وكانت هذه خطوة في الاتجاه الصحيح للتخلص من شرور تقرير المصير العرقي القومي الذي لعب دوراً هاماً في نشوب الحرب العالمية الثانية والإبادة الجماعية لليهود كما ذكرنا. وبما أن القرار يختص بتقرير مصير الأراضي التي تسكنها عدة مجموعات عرقية (وليس تقرير مصير قومي كما كان الحال في فرسايل) والتي قد يطالب بعضها بالانفصال من الوطن الأم المستقل حديثاً، فقد تمّ تأكيد ضرورة صيانة الوحدة الوطنية للبلدان المستقلة واعتبار أي محاولة للتمزيق الجزئي أو الكلي لوحدة أراضيها انتهاكاً لأهداف ومباديء ميثاق الأمم المتحدة.9 إذ يشير الميثاق المذكور في المادة الثانية فقرة (4) إلى الأهمية القصوى لسيادة الدول ومنع استخدام القوة لتهديد سلامة أراضيها، كما لم يسمح في الفقرة (7) من نفس المادة " بالتدخل في الشؤون التي تكون من السلطان الداخلي لدولة ما."10 وتمّ تأكيد علو مكانة السيادة الوطنية في القانون الدولي في قرار الأمم المتحدة رقم (6014) الصادر في 21 ديسمبر 1965م تحت عنوان " إعلان عدم السماح بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول وحماية استقلالها وسيادتهما."11
    وأخضع إعلان مباديء القانون الدولي الذي أصدرته الأمم المتحدة في 1970م مبدأ تقرير المصير لقانون سيادة الدول حينما نصّ على عدم تفسير الفقرات الخاصة بتقرير المصير بأنه " تخويل أو تشجيع للقيام بفعل من شأنه التفكيك الجزئي أو الكلي لوحدة أراضي وسيادة الدول المستقلة.12" وذكرت بياتريس هيوسر في هذا الصدد: " بينما يشير ميثاق الأمم المتحدة والقرارات المختلفة الخاصة بحقوق الإنسان إلى أهمية حرية الفرد فإن أي تناقض لهذا الإلزام مع تأييد ودعم السيادة عادة ما يحسم لصالح الدولة ذات السيادة."13 كما أكدّ هذه المسالة د. كمال شهادي بقوله: "طبقاً لما تمارسه الأمم المتحدة والقانون الدولي العام، فان حق تقرير المصير...لا يبطل ولا يتجاوز حق الحكومات في الحفاظ على حق السيادة ووحدة وتماسك أراضي الدولة التي تحكمها. ولهذا فقد سمح للدول ذات السيادة باستخدام القوة لمنع أي محاولة انفصالية."14
    وكان من نتائج علو المعيار القانوني للسيادة على تقرير المصير ببعده الخارجي تحديد ممارسة الأخير بواسطة الدول مرة واحدة فقط من أجل نيل الاستقلال من حكم أجنبي. ويتضح هذا من ملاحظة مدير قسم حقوق الإنسان بالأمم المتحدة الذي قال: " يفهم تقرير المصير في أروقة الأمم المتحدة بأنه حق تتمتع به الشعوب المستعمرة فقط ولا يمكن استحضاره ووضعه موضع التنفيذ مرة أخرى متى ما تمت ممارسته بنجاح، ولا يتضمن حق الانفصال عدا في حالة المستعمرات."15
    وهناك العديد من الحــالات التي تدل على حصر الأمم المتحدة لممارسة تقرير المصير ببعده الخارجي في نطاق الشعوب الخاضعة للاستعمار وعدم تضمنه حق الانفصال من قبل مجموعة عرقية في دولة حديثة الاستقلال بحجة استخدام تقرير المصير مرة ثانية لتأسيس دولة جديدة لها. ومثال ذلك دعم الأمم المتحدة لسيادة أراضي جمهورية الكونغو ووحدتها التي نالت استقلالها في 30 يونيو 1960م وذلك عندما أعلن إقليم كاتانقا الغني بثرواته المعدنية 16الانفصال والاستقلال عن الدولة الجديدة بعد تدخل القوات العسكرية والبلجيكية في مقاطعة كاتانقا في 10 يوليو 1960م بناءاً على طلب حاكمها مويس تشومبي. وعندما اعترض تشومبي على وصول قوات الأمم المتحدة في 3 أغسطس 1960م بدعوى أنها ستؤدي إلى اضطرابات عامة رد عليه السكرتير العام داج همرشولد " بتذكيره أن لمجلس الأمن سلطة تطبق مباشرة على الحكومات وسلطات الأراضي غير الحكومية الخاضعة لإحدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وستكون هناك نتائج قانونية خطيرة لأي مقــاومة من مؤسسات الأراضي التابعة لتلك الدولة.17" وأصدر مجلس الامن القرار رقم 169 في عام 1961 لمساعدة الكونغو ضد الانفصاليين والمطالبة بايقاف نشاطهم فورا.18
    ومن الأمثلة الأخرى محــاولة وتصميم قبيلة الإيبو على الانفصال من دولة نيجيريا بإعلان زعمائها تأسيس " جمهورية بيافرا " المستقلة في 30 مايو 1967م. ولم تتدخل الأمم المتحدة مباشرة في الحرب الأهلية التي اندلعت فيما بعد وناشد سكرتيرها العــام يوثانت منظمة الوحدة الأفريقية لتحقيق تسوية سلمية للحرب.19 وأشار إلى أنّ المنظمة ستنظر في موضوع الحرب النيجيرية فقط في حالة عرضه بواسطة الحكومة النيجيريــة في الأمم المتحدة.20
    وفى إجابة عن سؤال وجه إليه في مؤتمر صحفي عقده في داكار في 4 يناير 1970م عن تفسيره للتناقض بين اعتراف الأمم المتحدة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وموقف الحكومة النيجيرية تجاه بيافرا قال:- " عند انضمام الدولة للأمم المتحدة يوافق كل الأعضاء ضمنياً على سيادتها ووحدة أراضيها، أما فيما يختص بسؤال انفصال جزء معين من الدولة فإنّ موقف الأمم المتحدة واضح لا لبس فيه. باعتبارها منظمة دولية، لم توافق الأمم المتحدة ولا توافق ولا اعتقد أنها ستوافق بالمرة على مبدأ انفصال جزء من أحد الدول الأعضاء بها.21" وأكدّ يوثانث مرة أخرى في المؤتمر الصحفي المنعقد في أكرا في 9 يناير 1970م ضرورة حصر تطبيق مبدأ تقرير المصير في حالات الشعوب الخاضعة للاستعمار والأخطار التي تترتب على تجاوز ذلك وممارسته في الدول المستقلة حديثاً وذلك بقوله:- "فيما يخص مسألة تقرير المصير ...أعتقد أن هذا المفهوم لم يتم فهمه على وجه سليم في أجزاء عديدة من العالم. لا يعني تقرير مصير الشعوب تقرير المصير لجزء من سكان أحد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فإذا طبق تقرير المصير في عشر مناطق مختلفة لأحد الدول الأعضاء أو عشرين منطقة مختلفة لأحد الأعضاء فلن تكون هناك نهاية للمشاكل.22" وتجدر الاشارة الي ان الامم المتحدة ما زالت تدين الي اليوم حكومة شمال قبرص الانفصالية وحكومة جزيرة مايوتي التي انفصلت من جمهورية جزر القمر في عام 1978 وتطالب الدول الاعضاء بعدم الاعتراف بهما.23
    وأولت منظمة الوحدة الأفريقية مسالة السيادة أهمية قصوى حيث نصّ الميثاق التأسيسي على ضرورة " تأمين وترسيخ الاستقلال وسيادة ووحدة أراضي دولنا.24" ويعزى هذا إلى تخوف المنظمة من محاولة بعض الدول لتغيير الحدود الموروثة من الاستعمار خاصة وأنّ العديد من القبائل الأفريقية تنتشر في أكثر من بلد واحد، وإلى احتمال مطالبة بعض المجموعات العرقية في الدول الحديثة الاستقلال بممارسة تقرير المصير مرة ثانية مما يؤدي إلى الانفصال عن الوطن الأم وتهديد سلامة أراضيه. لذلك تبنت منظمة الوحدة الأفريقية مذهب Uti possidetis Juris الذي يعني شرعية الحدود الموروثة من عهد الاستعمار وقبولها إلى الأبد 25. وتمّ التأكيد على هذا في القرار الخاص بالنزاعات الحدودية الذي أصدرته المنظمة في 1964م والذي اعتبر حدود الدول الأفريقية منذ اليوم الأول لاستقلالها " تشكل حقيقة ملموسة ويلتزم الأعضاء باحترام هذه الحدود.26" وانطلاقاً من هذه المبــاديء، شجبت المنظمة محاولة الإيبو للانفصال عن الدولة النيجيرية والذي قاد إلى اندلاع الحرب الأهليــة النيجيرية في سنة 1967م. فأصدرت قراراً عن الأوضاع في نيجيريا بدأه الأعضاء "بإعادة القول بإدانتهم للانفصال في أي من الدول الأعضاء في المنظمة.27" وتمّ تشكيل لجنة استشــارية في سبتمبر 1967م تتكون من رؤســاء بعض الدول الأفريقيـّة، وعقدت أول اجتماعاتها في لاغوس في 22 و23 نوفمبر 1967م. وعبرّ الإمبراطور هيلاسيلاسي عن رأي اللجنــة عندما أعلن في هذا الاجتمـاع :" تلتزم منظمة الوحدة الأفريقية بالكلمة والفعل بمبدأ الوحدة وتماسك أراضي الدول الأعضاء، وعندما أرست منظمتنا هذه المهمة، كــان هدفها الأساسي استكشاف ومناقشة الطرق والوسائل التي تحفظ الوحدة الوطنية النيجيرية ولكيلا يهدر الدم النيجيري دون حاجة. فالوحدة الوطنية وتماسك ووحدة أراضي الدول الأعضاء مسألة غير قابلة للتفاوض ويجب احترامها بالكامل والحفاظ عليها. ونعتقد بحزم أن الوحدة الوطنية لأي دولة أفريقية مكون أساسي لتحقيق الهدف الأسمى والأعظم وهو الوحدة الأفريقية.28" كما أصدرت المنظمة في مؤتمرات القمــة التي عقدت في الجزائر في سنة 1968م وفي أديس أبابا في سنة 1969م قرارات تطــالب بيافرا " بالتخلي عن الانفصال وإعادة الوحدة والسلام لنيجيريـــا.29"
    وتجدر الإشارة إلى أنّ المادة 20 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب قد قيدت نطاق تطبيق المصير في إطار الشعوب الخاضعة للاستعمار حيث نصت الفقرة (2) منها على أن من حق الشعوب المستعمرة والمضطهدة تحرير أنفسهم من أغلال السيطرة باللجوء إلى كل السبل التي يعترف بها المجتمع الدولي.30 وفي معرض تعليقه على موقف الدول الأفريقية من تقرير المصير ذكر د.عيسى سيفجي أنّ الدول الأفريقية قد " عزلت أحد عناصر مبدأ تقرير المصير، وهو العنصر المناهض للاستعمار، وصياغته على وجه الإطلاق، كما رفعت عناصر مشتقة، وهى السيادة ووحدة الأراضي، إلى مستوى المبدأ الأساسي.31" وحظرت دساتير العديد من الدول الأفريقية أي محاولات من قبل مجموعات سكانية للانفصال وتهديد سلامة الأراضي والوحدة الوطنية.32
    وينسجم موقف الدول الأفريقية الذي يمنح الأولوية لمبدأ السيادة ووحدة الأراضي في حالة تعارضه مع تقرير المصير ببعده الخارجي مع موقف الدول الأوروبية الذي تجسد في قانون هلسنكي النهائي لسنة 1975م. فرغم إشارة المبدأ السابع للقانون المذكور إلى أن حق تقرير المصير مكفول لكل الشعوب وفي كل الأزمان، إلا أن المبدأ الثالث والمبدأ الرابع قدما أهمية قصوى لمبدأ صيانة الحدود الإقليمية وعدم انتهاكها ومبدأ تماسك ووحدة أراضي الدول.33 وتمّ تقييد الصيغة الفضفاضة لحق تقرير المصير الواردة في قانون هلسنكي في ميثاق باريس الذي صدر بعد الاجتماع الذي عقده مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا في نوفمبر 1990م والذي نصّ على " إعادة تأكيد الحقوق المتساوية للشعوب وحقها في تقرير مصيرها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومعايير القانون الدولي بما فيها تلك التي تختص بوحدة أراضي الدول.34"
    وتعتبر حالة انفصال بنجلاديش من دولة باكستان في سنة 1970م استثناء للقاعدة القانونية التي لا تسمح لجزء من سكان الدولة التي نالت استقلالها من حكم أجنبي بممارسة تقرير المصير مرة ثانية للانفصال منها وتهديد وحدة أراضيها. ولم يكن في واقع الأمر، لمبدأ تقرير المصير أي دور في ظهور دولة بنجلاديش مثلما كان لنشوب الحرب الهندية ـ الباكستانية ودعم الاتحاد السوفيتي للهند 35كما ذكر كريج باكستر: "دخلت بنجلاديش إلى النظام العالمي في سنة 1971م بدون أن تعترف بها معظم الأقطار وغير مرغوب فيها بواسطة الأمم المتحدة. فرغم الإدانة الشعبية شبه الجماعية لقمع الجيش الباكستاني لسكان شرق باكستان، صوتت كل أمم الغرب الديمقراطية إلى جانب باكستان عندما رفعت قضيتها إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية في ديسمبر 1970م."36
    كمــا لا يعتبر استقلال الجمهوريات السوفيتية مثل استونيا وأوكرانيا ومولدافيا وأوزبكستان ....الخ سابقة لممارسة تقرير المصير ببعده الخارجي بعد نهاية الحقبة الاستعمارية. إذ أعلنت هذه الجمهوريات استقلالها في الفترة التي أعقبت فشل الانقلاب الذي قاده الجناح الشيوعي المناهض لإصلاحات جورباتشوف في 20 أغسطس 1991م. ولم يكن هناك وجود لدولة ذات سيادة بعد زوال الاتحاد السوفيتي عملياً وانهيار النظام الشيوعي بعد أن حل يلتسين الحزب الشيوعي وذلك لكي تحتج على انفصال الجمهوريات عنها. كما يرى اسيجورن ايدي أنّ استقلال الجمهوريات السوفيتية هو ممارسة لحق انسحابها من الاتحاد السوفيتي الموجود منذ انضمامها الطوعي للنظام الفيدرالي الشيوعي " والذي كفلته المادة (71) من الدستور الفيدرالي التي تسمح لجمهوريات الاتحاد بالانفصال.37"
    وتشبه الظروف التي أعلنت فيها سلوفينيا وكرواتيا ومقدونيا والبوسنة استقلالها عن جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الفيدرالية في الفترة ما بين ديسمبر 1990م وأكتوبر 1991م38 نفس الأوضاع التي أدت إلى ظهور الدول المستقلة بعد انحلال الاتحاد السوفيتي والنظام الشيوعي كما أسلفنــا-إذ بدأت أعراض انهيــار جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الفيدرالية منذ عام 1986م عندما تولى رئاستها الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش 39 الذي بدأ التخلي عن المبدأ الشيوعي الأممي الذي بشر بزوال الفوارق العرقية القومية حيث تنصهر جميع القوميات في المجتمع الاشتراكي تبعاً لمقولة ماركس بعدم وجود قطر محدد للطبقة العاملة. وظهر هذا جلياً عندما أصدرت أكاديمية الفنون والعلوم الصربية في سنة 1986م مذكرة أبدت فيها التخوف من زوال هوية الصرب الذين يسكنون في كرواتيا والبوسنة والهرسك وأهمية التغلب على ذلك بإحياء أيدلوجية الصرب العظمى " وتأسيس الوحدة الوطنية الكاملة للشعب الصربي بغض النظر عن الجمهورية أو المديرية التي يسكنون فيهـــا.40"
    استغل سلوبودان ميلوسوفيتش الشعور القومي للصرب لاكتساب الشعبية والتمتع بمزيد من السلطة فقام بتعديل الدستور الصربي لضم إقليم كوسوفو وفوجفودينا إلى جمهورية الصرب في مارس 1989م41 وبدأ في تعويق ورفض مطالب بقية الجمهوريات في المجلس الرئاسي الفيدرالي بعد سيطرته على أصوات صربيا، فوجفودينا، كوسوفو والجبل الأسود في نهاية عام 1989م .42 وفي ظل هذا المناخ الذي ظهرت فيه النزعات العرقية التوسعية للصرب، قررّ برلمان سلوفينيا في 27 سبتمبر 1990م عدم الاعتراف بالتشريعات الفيدرالية والتصويت على الاستقلال في 23 ديسمبر 1990م لتبدأ بعدها عملية انهيار يوغوسلافيا بعد أن أعلنت بقية الجمهوريات استقلالها كما ذكرنا.43 وبعد اندلاع الحروب العرقية المريرة بين الجمهوريات اليوغوسلافية أسست المجموعة الأوروبية لجنة التحكيم للنظر في النزاع برئاسة بادنتر والتي قررت في 7 ديسمبر 1991م " أنّ الأجهزة الحكومية لجمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الفدرالية لا تستوفي معيار المشاركة والتمثيل الذي تتسم به الدولة الفيدرالية الأمر الذي نتج عنه أنّ جمهورية يوغوسلافيا تمر في طور عملية الانحلال.44"
    ونتيجة للاعتبــارات السياسيــة مثل حرص الدول الأوروبية على حفظ السلام العالمي ومنع انتشار حروب البلقان إلى بقية أرجاء القارة، اضطرت المجموعة الأوروبية إلى الاعتراف بالدول الجديدة التي ظهرت بعد زوال يوغوسلافيا من خريطة أوروبا السياسية. وكما قال بروفيسور هانوم " اعتبرت كل الدول الأوروبية قبول وضع الاستقلال الذي أعلنته جمهوريتا سلوفانيا وكرواتيا مؤخراً مسألة سياسية أكثر مما هي قانونية ولم تكن استجابة لأمر ملزم بالقانون الدولي.45"كما لاحظ أنّ الإعلان الذي أصدرته المجموعة الأوروبية للمعايير التي تحكم اعترافها بالدول الجديدة في شرق أوروبا بألا يتضمن أي إشارة لحق الانفصال أو حق الشعوب لتقرير المصير46. وتدحض هذه الحقائق ما ذكره بعض الكتاب بأن انهيار المعسكر الشيوعي قد كان إشارة لنجاح دعاوى الانفصال التي تستند على ممارسة حق تقرير المصير.47 أضف إلى ذلك ما ذكره اسيجورن ايدي إلى أن ديباجة دستور يوغوسلافيا قد اعترفت بحق الجمهوريات في الانفصال " وأنّ الانهيار الفعلي للجمهوريات الفدرالية في يوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي لم ينشأ بسبب ممارسة حق الانفصال وإنما لعدم قدرة السلطات الفدرالية أداء وظائفها.48"
    كان من أبرز نتائج ظهور الدول الجديدة بعد انهيار المعسكر الشيوعي إحياء الأقليات العرقية التي تسكن فيها لمبدأ تقرير المصير الأثني القومي الذي استغلته الحركات الفاشية والنازية للتوسع والعدوان في الفترة ما بين الحربين.49 فاندلعت الحروب الإثنية في جمهورية أذربيجان عندما طالب الأرمن الذين يسكنون في إقليم ناغورنو كاراباخ بالانفصال استناداً على حق تقرير المصير وفي جمهورية جورجيا عندما طالب الأبخاز وسكــان أوسيتيا بالانفصال وفي روسيا عندما أعلنت مجموعة الشيشان المسلمين استقلالهم في نوفمبر1991م50 وكــان رد فعل الدول الأوروبية تجاه هذه الحركات الانفصالية الالتزام بالقانون الدولي الذي لا يمنح حق الانفصال للمجموعات العرقية التي تسكن في الدول المستقلة ذات السيادة. فعندمــا أثير السؤال في لجنة بادنتر51عما إذا كان للصرب الذين يسكنون في دولتي كرواتيا والبوسنة (الذين كانوا يخوضون حرباً ضد هذه الدول من أجل الانفصال) حق تقرير المصير، كان الرأي القانوني للجنة " بأن للصرب الذين يسكنون في كرواتيا والبوسنة-الهرسك حق الاعتراف بهويتهم كما ينص القانون الدولي وحق اختيــار جنسيتهم ولكن ليس حق الانفصــال." 52
    كمــا لا يعني ممارسة سكان إريتريا لحق تقرير المصير واستقلالهم عن أثيوبيا في عام 1993م أنّ القـــانون الدولي يمنح هذا الحق خارج نطاق الحقبة الاستعمارية للمجموعات العرقية التي تسكن داخل الدول المستقلة. إذ تمّ وضع مستعمرة إريتريا الإيطالية تحت وصــاية الأمم المتحدة بعد هزيمة الأخيرة في الحرب العالمية الثانية. واستنــاداً على القرار رقم (390) الذي أصدرته الأمم المتحدة في ديسمبر 1950م، تمّ منح إريتريا الحكم الذاتي بمقتضى القانون الفيدرالي والدستور الإريتري الذي أصدره أنزي ماتينزو مفوض الأمم المتحدة في إريتريا53.ونسبة لذلك فقد أصبح القانون الدولي الضامن الأساسي للحكم الذاتي الذي منحته المنظمة الدولية لإريتريا وذلك كما يتضح في رأي اللجنة الأولى للمستشارين القانونيين عند اجتماعها مع مفوض إريتريا في جنيف في الفترة ما بين 23 نوفمبر إلى 20 ديسمبر 1951م وذلك بقولها: " إذا دعت الضرورة إلى تعديل أو تفسير القانون الفدرالي، تكون الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرته الجهة الوحيدة المخولة والمؤهلة لاتخاذ القرار في هذا الشأن وأيضاً إذا ما تمّ خرق القانون الفيدرالي تكون الجمعية العمومية مسئولة للنظر في هذا الشان.54" وأقرّ الأمبراطور هيلاسيلاسي القانون الفيدرالي في 30 سبتمبر 1952م والذي تمّ بمقتضاه منح إريتريا الحكم الذاتي تحت سيادة الامبراطورية الأثيوبية وحماية وضمان القانون الدولي. لذلك يعتبر ضم الامبراطورية الأثيوبية لإريتريا بالقوة في نوفمبر 1962م خرقاً للقانون الدولي " ونهاية للاغتصاب التدريجي لحق إريتريا في تقرير مصيرها.55"كما يمكن القول بأن ممـارسة الشعب الإريتري لحق تقرير المصير في عام 1993م ما هو إلا استمرار للحق الأصلي الذي سلبته الإمبراطورية الأثيوبية عندما ضمت إريتريا بالقوة في عام 1962م، وانتهاكها بذلك للقانون الفيدرالي الذي أصدرته الأمم المتحدة في عــام 1952م.56
    كما يندرج حق تقرير المصير الذي تمتعت به شعوب الصحراء الغربية وشرق تيمور في إطار الحقبة الاستعمارية وحسبما كفله لهم القرار (1514) الخاص بتصفية الاستعمار. فبعد إعلان أسبانيا منح الحكم الذاتي لسكــان الصحراء الغربية في عام 1974م، طلبت المغرب وموريتانيا من الجمعية العمومية إصدار فتوى قانونية للنظر في حقهم بضم الصحراء الغربية.57 وقررت محكمة العدل الدولية في رأيها الفقهي عدم وجود أي أدلة قانونية تثبت سيادة المغرب وموريتانيا للصحراء الغربية لكي تمنع تطبيق القرار (1514) لتصفية الوجود الاستعمــاري منها وتمتع سكانها بممارسة حق تقرير المصير58. وكفل القــانون الدولي لشعب شرق تيمور حق تقرير المصير للاستقلال من الاستعمار البرتغالي بالرغم من غزو إندونيسيا للجزيرة في ديسمبر 1975م لمنع سكانها من ممارسته.59 وبعدما أسست الأمم المتحدة الإدارة الانتقالية لشعب تيمور في عام 1999م60، تمكن شعب شرق تيمور من التصويت في الاستفتاء الذي عقد في أغسطس 1999م لكي تصبح بلادهم دولة مستقلة ذات سيـــادة.61
    تقرير المصير الداخلي وحقوق الإنسان:-
    أشرنـــا فيما سبق إلى أن صيغة الشمول التي تميز بها مفهوم تقرير المصير قد جعلت منه أحد حقوق الإنسان الدائمة مثل الحرية والمساواة. وتمّ ترسيخ هذا البعد لتقرير المصير في المعاهدتين الدوليتين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية.62 ونصت المادة الأولى في كل من المعاهدتين على أن " لكل الشعوب الحق في تقرير المصير لتقرر بحرية أوضاعها السياسية وتتابع بحرية تطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي."63 كمــا ألزمت الفقرة الثالثة من نفس المادة الدول الموقعة على المعاهدتين بالاهتمام بتحقيق تقرير المصير واحترام الحق وفقاً لمواد ميثاق الأمم المتحدة.64 وتعزى صيغــة النص على تقرير المصير على وجه الإطلاق والشمول إلى وروده في معاهدات تختص بحقوق الإنسان والتي تتسم بطبيعتها بالاستمرار والديمومة. ولا يعني هذا بأي حال أنّ تقرير المصير ببعده الخارجي ينطبق على مجموعة سكانية في دولة مستقلة لأن ميثاق الأمم المتحدة قد أكد علو السيادة وسلامة أراضي الدولة كما أسلفنا. وسنجادل في هذا الجزء بان حق تقرير المصير الوارد في المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية لا يتضمن حق الانفصال وإنما يسمح لجزء من سكان الدولة المتعددة الأعراق بممارسة تقرير المصير الداخلي فقط الذي يضمن لهم المزيد من السلطات والمشــاركة الديمقراطية لحمــاية ثقــافتهم ومعتقداتهم.
    توضح منــاقشات لجنة حقوق الإنسان للتقارير المقدمة من الدول مدى التزامها بتنفيذ مواد المعاهدات الدولية للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية65 بأن هناك تمييزاً بين البعدين الخارجي والداخلي لتقرير المصير حيث يحق ممارسته من أجل نيل استقلال الشعوب والأراضي الخاضعة للاستعمار الأجنبي، بينما يتقدم بعده الداخلي بمعنى الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الصدارة في حالة ممارسته بواسطة شعوب الدول ذات السيــادة. فأثنــاء مناقشة اللجنة لتقرير حكومة الهند في سنة 1984م، ذكر مندوبها أنّ حكومته تعتقد أنّ تقرير المصير يطبق فقط على الشعوب الخاضعة للسيطرة الأجنبية ولا يطبق على الدول المستقلة ذات السيادة أو لجزء من الشعب والذي يعتبر جوهر الوحدة الوطنية.66 ولم يوافق مندوبو هولندا وفرنسا وألمانيا على هذا التفسير الضيق. فعارض مندوب هولندا تفسير الهند بقوله: " إنّ تقرير المصير الذي تجسد في المعاهدتين مكفول لكل الشعوب...وأي محاولة للحد من مجال هذا الحق أو وضع شروط غير موجودة في المواثيق سيضعف المفهوم ذاته وصفة شموله.67" ويبدو أن سبب معارضة الدول المذكورة هو تفسير الهند لتقرير المصير من منظور أحادي متجاهلاً بذلك بعده الداخلي الذي يختص بحقوق الإنسان والديمقراطية والتي كانت تلح في المطالبة بها قطـــاعات واسعة من سكان دول المعسكر الاشتراكي مثل تشيكوسلوفاكيا والمجر وبولندة في فترة الثمانينـيـات من القرن الماضي.
    ووصف مندوب جمهورية ألمانيا الفدرالية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 1978م البعد الداخلي لتقرير المصير بإسهاب عندما قال: " لحق تقرير المصير دلالات أوسع من مجرد اعتباره تحرراً من الحكم الاستعماري والسيطرة الأجنبية. فقد عرفت المادة الأولى من المعاهدات الدولية لسنة 1966م حق تقرير المصير بأنه حق مكفول لكل الشعوب لتقرر أوضاعها السياسية بحرية وتتبع تطورها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بحرية. أما السؤال عن كيف تقرر الشعوب أوضاعها بحرية فقد أجابت عنه المادة (25) للمعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية. حق تقرير المصير غير قابل للانقسام عن حق الفرد في المشاركة في سير الشؤون العامة كما يظهر بوضوح في المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فممارسة تقرير المصير تستلزم العملية الديمقراطية التي لا تنفصل بدورها عن الممارسة الكاملة لحقوق الإنسان مثل حق حرية التفكير...68"
    وينسجم هذا الموقف الأوروبي مع قانون هلسنكي النهائي الذي كفل حق تقرير المصير لكل الشعوب على وجه الإطلاق 69 وذلك لاعتبارات سياسات الحرب الباردة ومنح الأمل لشعوب دول المعسكر الشيوعي لكي تمارسه مستقبلاً ببعده الداخلي لتحقيق الديمقراطية وتأمين حقوق الإنسان السياسية في بلدانهم. ولا يمكن بالطبع أن يكون مقصود الدول الأوروبية من ممارسة شعوب الدول المستقلة لحق تقرير المصير حقهم للانفصال عن دولهم مثلما يطالب حزب العصبة الشمالية الإيطالي بانفصال بادانيا، وهو الاسم الذي أطلقوه على النصف الشمالي الغني لإيطاليا، عن بقية أرجاء الدولة.70 وتجدر الإشارة إلى أن سكان جنوب التيرول في إيطاليا الذين يتحدثون اللغة الألمانية قد تقدموا بشكوى إلى لجنة حقوق الإنسان يشيرون فيها إلى انتهاك إيطاليا لحقهم في تقرير مصيرهم.71 وذكر هرست هانوم إنّ حق تقرير المصير المذكور في قانون هلسنكي الأخير لعام 1975م، كما أشير إليه في اجتمــاعات مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا التي عقدت فيما بعد، لا يبرر بأي حال من الأحوال الانفصال بواسطة أقلية مضطهدة.72 ودعم رأيه بذلك بما ذكره فوسلاف ستانوفيتش " يبدو أنّه من غير الممكن تحقيق حق تقرير المصير بسبب وحدة الأراضي وتأمين الحدود، لذلك فانه لا يتضمن حق الانفصال.73"
    وممــا يؤكد أن البعد الداخلي لتقرير المصير هو المقصود ويكون في موقع الصدارة حين ممارسته بواسطة شعوب الدول المستقلة الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان والديمقراطية في العلاقات الدولية منذ أواخر الستينيات من القرن المنصرم. وكما هو معروف فإنّ الرئيس الأمريكي وودور ويلسون قد ركزّ على البعد الديمقراطي لتقرير المصير حين تبشيره بالمبدأ في مؤتمر فرسايل للسلام في عام 1918م. "وكان يعتقد أنّ لكل شعب الحق في اختيار شكل حكومته-وهي فكرة يمكن تسميتها تقرير المصير الداخلي ولكيلا يكون رضا المحكومين ممارسة لمرة واحدة فقط بل حقاً مستمراً، كان لابد أن يكون الشكل المختار للحكومة هو النظــام الديمقراطي.74" وأكدّ المندوب الخاص للجنة الفرعية لمنع التمييز وحمــاية الأقليات أوريليو كريستسكو على أهمية البعد الداخلي لتقرير المصير عندما قال: "يلمح الحق أيضا إلى أن الحكومات تدين بوجودها وسلطاتها إلى رضا الشعب وموافقته، فإرادة الشعب هي الأساس الضروري لسلطة الحكومة. وقد كان هذا في الذهن عندما تمّ تضمين حق تقرير المصير في المواثيق الدولية وليس تشجيع الحركات الانفصالية أو التحريرية الوحدوية أو التدخل الأجنبي والعدوان.75"
    وأوضح بروفيسور توماس فرانك بأن الديمقراطية قد صارت ضرورة لا غنى عنها منذ الربع الأخير للقرن العشرين لكي يكتسب الحكم في أي قطر الشرعية واعتراف المجتمع الدولي.76 وتبعاً لذلك فقد أصبحت الديمقراطية "من متطلبات القانون الدولي، تطبق على الكل وتنفذ بواسطة معايير دولية بمساعدة المنظمات الإقليميــة والدوليـــة.77" كمــا أشار آلان روســاز إلى أهمية قراءة مادة تقرير المصير في سياق أنها جزء من معاهدة تختص بحقوق الإنسان "مما يجعل من الصعب تصور أن تمنح اتفاقية خــاصة بحقوق الإنســان حقــاً لشخص وتقصي في نفس الوقت العلاقة بين المواطنين وحكومتهم."78
    وهنــاك إشارة واضحة في المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية إلى أن حق القانون الدولي لا يسمح بالانفصال لجزء من سكان الدولة ذات السيادة وذلك عندما نصت المادة (27) " بعدم حرمان الأقليات العرقية، الدينية واللغوية من حق التمتع بثقافتهم الخاصة وإقامة شعائرهم الدينية أو استخدام لغتهم مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم.79" ويتضح من هذا النص التمييز بين الشعب أو الأمة في دولة متعددة الأعراق والأقليات أو جزء من سكان الدولة الذين ينتمون إلى مجموعة عرقية معينة. وذكر اسيجورن ايدي أن المادة (15) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص أن لكل شخص الحق لجنسية أو قوميه تعني أن لكل شخص الحق للمواطنة80 والتي يترتب عليها انتسابه إلى الأمة (سوداني أو نيجيري مثلاً) وتمتعه بجواز سفرها لكي يسافر إلى بلدان أخرى . أما الأقليات فهم جزء من سكان الأمة ينتمون إلى مجموعاتهم العرقية التي يشكل مجموعها الأمة. فيمكن للمرء أن يكون سودانياً بحكم حقه في المواطنة " التي تتيح لكل من يعيش داخل الدولة أن يكون جزءاً من الأمة."81 ودنقلاوي في نفس الوقت بالنسبة إلى البجاوي أو الدينكاوي، فمتى ما اختارت المجموعة الإثنية المعيار الإثني كمحدد لهويتها صارت أقلية ولكنها تصبح أغلبية متى ما اتخذت المعيار القومي محدداً لهويتها باعتبارها جزء من الكتلة والكيان الواحد المعروف بالشعب السوداني. فيكون إذن اختيار المجموعة الإثنية لنوع المعيار (إثني أو قومي) هو الذي يجعلها إما أقلية أو أغلبية في نظر الآخرين: فالشايقية أوالمسيرية أو الدينكا يكونون أقلية إذا ما اختاروا المعيار الإثني محدداً لهويتهم، ويتحول وضعهم إلى أغلبية بمجرد اختيارهم للمعيار القومي واعتزازهم بالهوية القومية كمواطنين سودانيين. فلا تناقض أن يكونوا أقلية وأغلبية في نفس الوقت عندما يفضلون المعيار القومي كمحدد لهويتهم وذلك مثل أن يكون الشخص القصير طويلاً في نفس الوقت بالنسبة لمن هو أقصر منه حسب أطروحة هيراقليطس عن تطابق المتضادات.82
    وبمــا أنّ محاولة انفصال أي جزء من سكان الأمة-الدولة تهدد سيادتها ووحدتها الوطنية التي يمنحها القانون الدولي أولوية قصوى لصيانتها، لم تنص المادة (27) الخاصة بالأقليات إلى حق الانفصال ضمن الحقوق التي كفلتها للأقليات العرقية واللغوية والدينية في الدول ذات السيادة.83 وانما نصت بعدم حرمان الاقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة واقامة شعائرهم الدينية واستخدام لغتهم مع الاعضاء الاخرين من جماعتهم. وذكرت بروفسورة روساليند هيغينز أن المعاهدة الدولية للحقوق المدنية قد أشارت إلى حقين مختلفين: حق تقرير المصير للشعوب وحقوق الأقليات التي كفلتها المادة 27، إذ "لا يمكن للمرء أن يقول أن الأقليات هم شعوب ويتمتعون وفقاً لذلك بحق تقرير المصير ... لأنه لم يتم منح الأقليات حق تقرير المصير وإنما حق التمتع بثقافتهم وديانتهم ولغتهم، ويتبع ذلك أن القانون الدولي لا يمنح حق الانفصال للأقليات باسم حق تقرير المصير.( 84) وطبقاً لذلك فقد رفضت لجنة حقوق الإنسان دعوى زعيم قبيلة الميلماق ضد الحكومة الكندية لحرمانها شعبه من ممارسة حق تقرير المصير ولمطالبته الاعتراف بأمة الميلماق كدولة لأن تقرير المصير لا ينطبق على الأفراد وإنما على الشعوب .( (85 لذلك توضح هذه الحقيقة أحقية الأقليات لتقرير المصير الداخلي الذي لا يتضمن الانفصال وتمزيق وحدة أراضي الأمة-الدولة، وذلك مثل التمتع بالحكم الفيدرالي أو الحكم الذاتي بصلاحيات واسعة تكفل لهم المشاركة الديمقراطية في إقليمهم ومؤسسات الدولة المركزيّة لحماية ثقافتهم ومعتقداتهم من هيمنة ثقافة الأغلبية. وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد ذكرت في تعليقها العام على المادة الأولى الخاصة بتقرير المصير في المعاهدات الدولية: " إنّ لتقرير المصير أهمية خاصة لأن تحقيقه شرط أساسي لضمان ومراعاة حقوق الإنسان ولترقية وتقوية هذه الحقوق.86" وعلق آلان روساز على هذه الفقرة بقوله: " النظر إلى تقرير المصير الداخلي كجزء من المادة الأولى يزيده قيمة ومكانة بينما يؤدي حصر المادة في تقرير المصير الخارجي...إلى تهديد الجهود التي تهدف إلى تقوية ومراعاة حقوق الإنسان الفردية.87"
    كمــا يؤكد الإعلان الصادر عن الأمم المتحدة في ديسمبر عام 1992م الخاص بحقوق الأقليــات القومية والإثنية والدينية واللغوية بان القانون الدولي قد منحهم حق تقرير المصير الداخلي الذي لا يتضمن الانفصال وتهديد وحدة أراضي الدولة التي يعيشون فيها. ونوهت ديباجة الإعلان إلى أنها قد استلهمت المادة (27) من معاهدة الحقوق المدنية والسياسية وأكدت " أهمية ترقية حقوق الاقليات لتطور المجتمع ككل داخل الإطار الديمقراطي المستند على سيادة حكم القانون88" واعترافهــا بأن حمــاية الاقليات العرقية يساهم في الاستقرار السياسي والاقتصادي للدول التي يعيشون فيها.89 ونصت الفقرة الثــالثة من المــادة الثانية على " حق الأشخاص الذين ينتمون للأقليات في المشاركة بفعالية في القرارات التي تخص الاقليات والمناطق التي يسكنون فيها على المستويين القومي والإقليمي بحيث لا يتعارض مع التشريع القومي.90" كما نصت الفقرة الرابعة من المادة الثامنة بأن الإعلان لا يسمح بأي نشاط يتعارض مع أهداف الأمم المتحدة بما فيها استقلال الدول ووحدة أراضيهـــا.91
    ونسبة للمخاطر والصعوبات العملية التي تترتب على منح السيادة للخمسة آلاف مجموعة عرقية الموجودة في جميع أرجاء العالم فقد جادل جيمس أنايا " بعدم اعتبار أنّ تقرير المصير يعادل الحق لدولة مستقلة...إذ يمكن فهم تقرير المصير بأنه حق تمتع المجموعات الثقافية بالمؤسسات السياسية التي تؤمن بقاءهم وتطورهم تبعاً لخصائصهم المميزة...وسوف تتفاوت المؤسسات ومدى الحكم الذاتي حسب تنوع ظروف كل حالة...واعتقد أنّ صياغة تقرير المصير على هذا الوجه ستؤدي إلى تطور السلام والاستقرار الدولي بما يتلاءم مع المعايير الدولية.92"
    استجـــابت العديد من الدول لمطالب بعض مجموعاتها السكانية لتوسيع مشاركتهم الديمقراطية لإدارة شؤونهم بسلطات واسعة وذلك لاحتواء النزعات العرقية والجهوية التي قد تهدد استقرار الأمة. فتم منحها تقرير المصير الداخلي بتفويضهم صلاحيات واسعة وذلك عبر الأشكال المختلفة للحكم اللامركزي مثل الفدرالية والحكم الإقليمي الذاتي أو ما اسماه هيرست هانوم " السيادة الوظيفية" التي " تحدد للمجموعات التي في وضع أدنى من الدولة داخل أقطارها السلطات اللازمة للسيطرة على الشؤون السياسية والاقتصادية التي لها صلة مباشرة بهم واضعين في أذهانهم الاهتمامات المشروعة لقطاعات أخرى من السكان والدولة ذاتهــا."93 ومن أمثلة ذلك مطــالبة الحزب الاسكوتلندي القومي في المملكة المتحدة بسلطات سياسية أوسع لإقليم اسكوتلنده والاكتفاء الذاتي الاقتصادي بعد اكتشاف البترول في مياهها الإقليمية منذ أوائل السبعينيات في القرن الماضي. واستجابت حكومة العمال البريطانية بمنحهم حق الاستفتاء على مطالبهم في سبتمبر 1997م حيث صوت أغلبية سكان سكوتلنده لصالح تأسيس المجلس التشريعي الخاص بهم. وتمّ عقد انتخابات المجلس في مايو 1999م ليعقد البرلمان الإسكتلندي أول اجتماعاته في يوليو1999م94. كما قامت أسبانيا وكندا بتوزيع سلطات لامركزية إلى سكان إقليم الباسك في الأولى وسكان كويبك في الأخيرة بعد ازدياد نزعاتهم الانفصالية وذلك للحفاظ على وحدة أراضي بلدانهم.95
    وهكذا نلاحظ أنّ مفهوم تقرير المصير قد دخل مرحلة جديدة في تطوره بعد نهــاية الحقبة الاستعمارية وازدياد اهتمـــام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان منذ فترة السبعينيــات في القرن الماضي. فبعد استنــاده على المبدأ الإثني القومي وحصره على الشعوب الأوروبية بعد تسوية السلام في فرسايل، واقتصاره على الأراضي التي تخضع شعوبها للسيطرة الاستعمارية في فترة ما بعد الحرب العــالمية الثانية، "أصبح تقرير المصير حقاً مكفولاً لكل شخص. كمــا كفّ عن أن يكون مبدأ إقصاء وانفصال ليصبح مبدأ شمول وضمّ: حق المشاركة. ويكفل الحق الآن للشعوب في كل الدول المشاركة الحرة والعادلة والمفتوحة في العملية الديمقراطية للحكم الذي تختاره كل دولة بحرية."96 كمـــا قال بروفيسور هيرست هانوم في هذا الصدد " نتيجة للتوسع الذي طرأ على معايير حقوق الإنسان لتشمل المشاركة السياسية وحماية الهوية (في إطار أكبر للحماية المستمرة لأعضاء الأقلية والأغلبية)، يمكن ممــارسة تقرير المصير بمعنى أفضل خلال خيارات أخرى غير الانفصــال."97
    وصار تقرير المصير الداخلي من المعايير الدولية المعمول بها كما يتضح في القرار (130) الذي أصدرته الأمم المتحدة في عام 1992م لاستئصال نظام الابارتيد أو التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وذلك بتأسيس نظام ديمقراطي يمنح حق التصويت لكل البالغين حتى يتمكن الأغلبية السود من حكم بلادهم.98وتحقق هذا الهدف بعد الانتخابات التي جرت في 27 أبريل 1994م والتي شارك فيها كل مواطني جنوب أفريقيا بغض النظر عن لونهم لتؤول بعدها مقاليد الحكم للأغلبية السود.99
    وينعكس تحول تقرير المصير من بعده الخارجي إلى بعده الداخلي الديمقراطي بعد الحقبة الاستعمارية في اتفاقية كمبوديا للسلام عندما كشف أطراف النزاع "عن رغبتهم لضمان ممارسة الشعب الكمبودي لحق تقرير المصير بواسطة انتخابات حرة نزيهه.100" ويعتقد معظم أساطين القانون الدولي مثل هيرست هانوم واسيجورن ايدي وتوماس فرانك وجريجوري فوكس على سبيل المثال لا الحصر أن البعد الداخلي لمبدأ تقرير مصير الذات هي أنسب صيغة لروح عصر العولمة وحقوق الإنسان.101
    تقود المقدمات التي استند عليها نقاشنا السابق إلى نتيجة لا مفر منها وهى أن القانون الدولي لا يسمح لسكان جنوب السودان باستغلال مبدأ حق تقرير مصير الذات كستار للانفصال عن الدولة الأم وتهديد وحدتها الوطنية وسلامة أراضيها بحدودها الموروثة من الاستعمار. ونختم هذا الفصل بإيراد حجتين أساسيتين لدعم هذه الأطروحة.
    الحجة الأولى: لا ينطبق مفهوم الشعوب الوراد في مبدأ حق تقرير مصير الذات على سكان جنوب السودان حيث لا تجمع بينهم لغة مشتركة أو ثقافة متجانسة أو دين واحد. كما لا يوجد تجانس بينهم في الملامح العنصرية حيث يتميز الدينكا بطول القامة ولون البشرة الأسود الفاحم بينما تتميز مجموعات إثنية أخرى في الإقليم الجنوبي بقصر القامة الشديد أو لون البشرة الأسمر. وينطبق نفس الأمر على سكان أي إقليم جغرافي في السودان إذا ما عزلوا أنفسهم عن مجموع الشعب السوداني. فلا يصح مثلاً وصف سكان غرب السودان بأنهم شعوب (بالمعنى الوارد في مبدأ تقرير المصير) حيث لا توجد لغة واحدة أو ثقافة متجانسة أو دين واحد تجمع بين المجموعات الإثنية التي تسكنه.
    وينطبق وصف الشعوب المذكور في مبدأ حق تقرير مصير الذات في واقع الأمر على كل المجموعات الإثنية التي تسكن السودان بحدوده الإقليمية المعروفة عند خروج الاستعمار الإنجليزي في أول يناير 1956م بسبب التاريخ المشترك التي يجمع بينها منذ عصر ترهاقا وبعانخي وعصر النوبة المسيحية والسلطنة الزرقاء الإسلامية. كما يشتركون في الدم الأفريقي ولون البشرة الأسود الذي يتدرج من الأسود الفاحم إلى الأسمر الفاتح حيث يشتق اسم القطر من اللون الأسود (السودان). هذا إلى جانب اشتراكهم في نمط حياة اقتصادية تعتمد على الزراعة والرعي وسكنهم في إقليم جغرافي منذ أقدم العصور وهو السودان بحدوده الإقليمية المعروفة. ولا يمنع تعدد اللغات وتنوع الثقافات والأديان في السودان من انسجام مفهوم الشعوب مع كل المجموعات الإثنية التي تعيش فيه لأن هذا هو الحال في كل دول العالم.
    ومما يثبت هذه الأطروحة الرأي السائد لتفسير طبيعة الذات التي يتضمنها حق تقرير مصير الذات102 بعد نهاية الحقبة الاستعمارية والذي يعتبر أنّ كل أراضي الدولة هي الذات أو تطابق الذات مع الدولة بأراضيها الإقليمية.103 وبمعنى آخر فإن الذات لا تشير إلى مجموعات إثنية محددة تعتمد على اعتبارات ذاتية لحصر صفة الذات عليها وحدها دون بقية المجموعات الإثنية التي يشكل مجموعها الأمة أو شعب الدولة " خاصة أن إسباغ المذهب القانوني لتقرير المصير هذا الحق على الشعوب يقصي بالضرورة أي مفهوم ذاتي للذات المشار إليها في المبدأ.104"ما يدعم مبدأ الحفاظ على الحدود الموروثة من الاستعمارUti Possidetis Juris هذا التفسير وذلك بحصره مطالب المجموعات الإثنية في إطار الحدود الإدارية الداخلية للدولة الأم كما كانت في اللحظة التي خرج فيها الاستعمار وتحقق الاستقلال.105
    الحجة الثانية: لا يسمح القانون الدولي لسكان جنوب السودان بممارسة حق تقرير المصير الخارجي لأن الأمم المتحدة لا تعترف بالحركات السياسية العسكرية التي تحارب باسمهم كالممثل الشرعي للمجموعات الإثنية التي تسكن الإقليم الجنوبي وسبب ذلك أن القانون الدولي يعترف بأن دولة السودان هي الممثل الشرعي لكل الأقوام الذين يسكنون في حدودها الدولية المعروفة والذين يتمتعون بحق المواطنة والجنسية السودانية وحرية التنقل والاستقرار في أي جهة من جهات السودان الجغرافية. ولم تعترف الأمم المتحدة بأي جهة أخرى غير الشخصية الاعتبارية لدولة السودان كممثل شرعي لسكان جنوب السودان لأن هذا الاعتراف لا يمنح للحركات الوطنية المسلحة إلا في فترة نضالها ضد الاستعمار لتحقيق استقلالها حسبما يقتضيه القانون الدولي وذلك قبل إنجاز هذا الهدف بفترة أو النضال ضد حكم الأقلية العنصري لتحقيق حكم الأغلبية عبر حق تقرير المصير الداخلي الديمقراطي.
    ولهذا نجد أن الأمم المتحدة قد اعترفت بswapo أو الحركة الوطنية لتحرير ناميبيا كممثل شرعي للشعب الناميبي قبل أن تنال ناميبيا استقلالها بفترة وذلك لأهلية شعب ناميبيا لحق تقرير مصير الذات الخارجي بسبب استعمار دولة جنوب أفريقيا لبلادهم.106 كما اعترفت الأمم المتحدة بالمؤتمر الوطني الإفريقي كممثل شرعي لشعب جنوب أفريقيا قبل ممارستهم حق تقرير المصير الداخلي الذي يسمح بحق التصويت لكل البالغين مما يؤدي إلى حكم الأغلبية السود لدولة جنوب أفريقيا.107 وخصصت منظمة الوحدة الأفريقية مقعداً في مؤسستها لحركة تحرير شعب الصحراء الغربية، البوليساريو، في نوفمبر 1985م اعترافاً بها كممثل شرعي لشعبها الذي كانت تستعمره أسبانيا وحاولت المغرب وموريتانيا حرمانهم من ممارسة حق تقرير مصير الذات الخارجي لكي ينالوا استقلالهم بعد خروج الاستعمار.108
    وعلى ضوء النتائج التي توصل إليها نقاشنا لمبدأ تقرير المصير، يصبح من الضروري تبني حق تقرير المصير الداخلي الديمقراطي- لأن القانون الدولي لا يعترف في الوقت الراهن بالانفصال كحق -109 ليمارسه كل المواطنين السودانيين دون تمييز بعد إنجاز اتفاقية السلام. وسيكفل لهم هذا الحق المشاركة في النظام الديمقراطي أثناء الفترة الانتقالية لكي يتمكنوا من إعادة صياغة الوضع الدستوري للوطن بطريقة تمنح المزيد من الصلاحيات اللامركزية لحكومات الأقاليم وتوزيع الثروة القومية بعدل حتى لا يشعر المواطنون الذين يعيشون في الأطراف بالتهميش والظلم الذي أدى إلى ظهور النزعات الانفصالية التي استغلت المذهب القانوني لتقرير المصير لتهديد سيادة السودان ووحدة أراضيه.




    الهوامش


    1- Treaty of St. Germain-en-Laye, Sep.10, 1919. Allied Powers-Aus.226. Consol.T.S.B

    2-Sarah Wambaugh, Plebiscites Since the World War, 1933



    3- Thomas Frank, “Postmodern Tribalism and the right to Secession” in eds.;C .Brolmann, R .Lefeber, M .Zeik Peoples and Minorities in the International Law(The Netherland,1993)p.6

    4- A.J.P.Taylor, The origin of the Second World War (London,1970)

    5- G.A. Res. 1514,UN.GAOR, 15TH Sess., Supp. No.16, at 66,67, UN. Doc. A/L.323 AND add.1-6(1960)

    6- O.Umozurike, Self-determination in the International law(London,1972)p.29

    7- رغم أن التعديل الأول للدستور الأمريكي يمنع الكونجرس بصورة مطلقة من إصدار قوانين تحد من حرية الكلام إلا أن العرف السائد في المحاكم : يمنع الخطب الفاحشة والبذيئة في الأماكن العامة والكتابة التي تحرض على الكراهية العنصرية. انظر كتاب ستانلي فيش S.Fish There is No such thing As Free Speech (1994) فيما يختص بمطالبة الأفارقة الأمريكان الذين ينتمون لأمـــة الإسلام بدولـة مستقلـة عن الولايـات المتحدة الأمريكيــة انظر إلى
    James Baldwin, the Fire Next Time, Vintage Edition (1993) P.48,66
    كما طـالبت الحركة القومية لتأسيس الولاية التاسعة والاربعين بتأسيس ولاية للزنوج الأمريكــان في عام 1935م. انظر
    E.Essien-Udom, Black Nationalism (1971) P. 50












    8- Thomas Franck, Postmodern Tribalism….p.29

    9- تنص المادة السادسة من القرار على الآتي: " لا تتفق أي محاولة للتفكيك الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية وتماسك أراضي أي قطر مع أهداف ومباديء ميثاق الأمم المتحدة." G.A.Res.1514.




    10-Charter of the UN. Article 2.Para.48

    11-UN 6014 Doc.A/8028 (1966)

    12 G.A.RES.2625, U.N.GAOR, 25TH Sess., Supp. No. 28 at 121, U.N.Doc.A/8028 (1970)

    13 B.Heuser, Sovereignty, Self-Determination and security: New World Orders in The Twentieth Century” in Ed-S-Hashmi, State Sovereignty (1997) P.88


    14 K.Shehadi, “Clash of Principles: Self-Determination, State Sovereignty and Ethnic Conflict” P. 183. In ed.S.Hashimi, state Sovereignty (1997).
    كما ذكر جيري سمبسون بــأنه قد " تمّ إخضاع مبدأ تقرير المصير بوضوح إلى منع استخدام القوة وإلى حق وحدة الأراضـي ( المادة 2: 4 من الميثاق) وإلى الالتزام العام بضمان السلام والأمن (الفصل السابع مثلاً) والتي تعتبر كلها القوانين التأسيسية للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية"
    Gerry J.Simpson, the Diffusion of Sovereignty: Self-Determination in the post Colonial Age, 32
    Stanford Journal of International Law, 1996; P.266.

    15 John Humphrey, Human Rights and the United Nation: A Great Adventure (1984) P.129

    61 Lee C.Buchheit, Secession: The Legitimacy of Self-Determination 1978, P.144.
    17 نفس المصدر، صفحة 145

    - UN Doc.S/Res./169; 1961.18

    19 M.Nayar, Self-Determination Beyond the Colonial Context: Biafra in Retrospect 10 Texas International Law Journal, 330 (1975)

    20 نفس المصدر

    21 U.N. Monthly Chronicle, Vol.7. Feb. 1970, P.40

    22 نفس المصدر، صفحة 39. وصف المؤرخ أر نولد توينبي مفهوم تقرير المصير في مقال له عن الموضوع نشره في عام 1925م " تقرير المصير هو مجرد عرض للمشكلة وليس حلاً لها." مشار إليها في مقالة جيري سيمبسون. هامش 12، صفحة 261

    23- For the Republic of North Cyprus , UN Doc.S/Res.-335, 1974.s/Res.367,1975, S/Res.541, 1983 and S/Res./550 of 1984. For Commerian Island of Moyotte from Comoro Archipelago,UN. Doc.A/Res.46/97.

    24 479 UNTS. 39,70 (1963)

    25 المعنى الحرفي لهذا المصطلح اللاتيني هو حيازة الملكية بحق قانوني. ذكر ويليام زارتمان أن الدول الأفريقية قد ولدت تحت ظل هذا المذهب الذي يعترف بشرعية الحدود الموروثة من الاستعمار دون أي نقاش. 1. William Zartman Ripe for Resolution, 1985, P.14 استخدم هذا المذهب لأول مرة بواسطة دول أمريكــا اللاتينية التي نالت استقلالها من الاستعمار الأسباني في القرن التاسع عشر التي اتفقت على عدم إحداث تغيير على الحدود الموروثة من الاستعمار الأسباني. انظر مقالة كمال شهادي في هامش 12، صفحة 137.

    26 I-Brownie, Basic Document in African Affairs, 1971.

    27 L.Buchheit. المصدر المشار إليه في هامش 14، صفحة 108

    28 اشار إليهــا M.Nayar، المصدر السابق هامش 16

    29 نفس المصدر صفحة 329

    30 Issa G.Shivji, the Concept of Human Rights in Africa, 1989. P.77
    كما ذكر برفوسور هرست هانوم أن لدى الدول الأفريقية إحساساً عميقاً بأن مبدأ سلامة الأراضي والوحدة الوطنية يفوق في أهميته وضرورته مبدأ حق تقرير المصير، انظر كتـــابه:
    H.Hannum, Autonomy, Sovereignty and Self-Determination: the Accommodation of conflicting Rights, 1990, P.46-47.

    31 Issa G.Shivji, the Concept of Human Rights in Africa, 1989. P.77

    32 تنص المادة الرابعة من دستور أنجولا "ستكون جمهورية أنجولا الشعبية دولة موحدة غير قابلة للتقسيم تعرف حدودها التي لن تخضع للتغيير بالحدود الجغرافية الحالية لأنجولا، وستتم مقاومة أي محاولة انفصالية أو تفكيك أراضيها بحسم وشدة." انظر أيضاً المادة (2) من دستور السنغال. المادة (4) من دستور غابون. المادة (3) من دستور مصر. المادة 2 من دستور مالي. المادة (1) من دستور جيبوتي. انظر Constitutions of the Countries of the World, eds. A-Blaustein & G.Flanz.
    33 Helsinki Final Act, principles 3, 4, 7 in ed. E.Osmanczyk, Encyclopedia of the United Nations and International Relations 1970, pp.370-72 " تمّ الاتفاق في قانون هلسنكي الأخير على مواءمة مبدأ تقرير المصير مع الأمن والسلام الدولي والحد من الطرق القانونية التي يسمح فيها بممارسته بدون التقليل من شرعيته كمعيار قانوني حاسم في العلاقـــات الدولية " كمال شهادي، المصدر المشار إليه في هامش 12، صفحة 141.
    34 Hurst Hannum, Rethinking Self-Determination, 34 Virginia Journal of International Law, 1993, P .29.
    35 نفس المصدر صفحة 49.

    36 Craig Baxter, Bangladesh: A New Nation in an old Setting, 1984, P.97انظر أيضاً إلــى: Ved P. Nanda, Self- Determination in international Law: A Tragic Tale of two Cities, 66 American Journal of International Law (1972)

    37 Asbjorn Eide, In Search of Constructive Alternatives to Secession, in ed., C.Tomuschat, The Modern Law of Self-Determination, 153-154 (1993)
    38 Gregory H.Fox, Self Determination in the Post Cold War Era, 16 Michigan Journal of International Law, 744-745 (1995).
    39 بعد وفاة الرئيس اليوجوسلافي تيتو في عام 1980م، صارت رئاسة النظام الرئاسي الفدرالي دورية حيث يتولى الرئاسة كل عام أحد أعضاء المجلس التسعة الذين يمثلون أقاليم الجمهورية.
    J.Eller, From Culture to Etnicity to conflict (2002) p.285
    40 نفس المصدر، صفحة 288.
    41 " اعتلى سلوبودان ميلوسوفيتش منصة الخطابة في الاحتفالات التي عقدت فى 28 يونيو 1989م بمناسبة مرور 60 سنة على معركة كوسوفو تحيط به راقصات الفولكلور في أزيائهم التقليدية وبدأ فى توجيه رسالة تحريضية إلى الجماهير فى خطبته مفادها أن الإسلام لن ينجح مرة أخرى في إخضاع صربيا لنفوذه" نفس المصدر. صفحة 289.
    42 نفس المصدر
    43 المصدر السابق فى هامش 34.
    44 Conference on Yugoslavia Arbitration Commission, opinion No.2, Jan 11,1992 Reprinted in I.L.M; 1498-1499

    45 H. Hannun, Rethinking Self-Determination, p.51
    46 نفس المصدر صفحة 53.
    47 إبراهيم علي إبراهيم، الحرب الأهلية وفرص السلام في السودان صفحة 201( القاهرة 2002)
    48 Asbjorn Eide المصدر المشـــار إليه في هامش 12، صفحة 259. A.Eide هـــامش 33 صفحة 144. also: Jonathan Chaney, Self-Determination: Chechnya, Kosovo, East Timor See

    49 انظر النص أعلاه لهــامش 3
    50 Gerry Simpson المصدر المشار إليه في هامش 12، صفحة 259. A.Eide هامش 33 صفحة 144.
    See also Jonathan Chaney, self-determination: Chechnya, Kosovo, East Timor, in http:/ law-Vanderbit. Edu/Journal/Vol.342/Charney-html.
    51 طرح هذا السؤال لورد كــارينجتون رئيس المؤتمر الخاص بيوغوسلافيا في الخطاب الذي أرسله إلى اللجنة في 20 نوفمبر 1991م. A. Eide المصدر السابق صفحة 154

    52 Conference on Yugoslavia Arbitration Commission, opinion no.2, Jan.11, 1992.
    Reprinted in I-L-M, 1498-1499.

    53 Ruth Iyob, the Eritrean Struggle for Independence, 1997, P.82.
    54 نفس المصدر صفحة 85.
    55 نفس المصدر صفحة 94.
    56 قدم بيركيت سيلاسي حجه شبيهة بهذا. انظر
    B. Selasi, Eritréa and the United nation and other Essays, 1989, PP. 73-97
    كما ذكر جريجوري فوكس " أن الحكومة التي وافقت على انفصال أريتريا لم تكن هي نفس الحكومة التي عارضت القومية الإريترية أثناء فترة الحرب الأهلية التي استمرت ثلاثين عاماً، بل أن للحكومة الجديدة روابط قوية مع المجموعة الانفصالية وكان أول قراراتها إصدار ميثاق قومي يوافق على منح حق تقرير المصير للشعب الإريتري "
    G.Fox, Self Determination in the Post Cold War Era: A New Focus? 16 Michigan Journal of International Law, (1995) Footnote 38.
    " يمكن للصراع الإثني أن ينتهي بهزيمة الحكومــة المركزية وزوال سيادتها ليحل محلها نظام جديد مثلما حدث في أثيوبيــا عند ظهور أريتريا في عام 1991م." كمال شهادي، المصدر السابق في هامش 12 صفحة 132.
    57 K.Blay, Self-Determination Versus Territorial Integrity, Indian Journal of International Law, 1985, P.401

    58 International Justice Court. Reports, 1975. P.12
    59 K-Blay المصدر السابق، 395
    60 S.C.Res. 1272, U.N. Scor, 54th Sess., 4057th Meeting, U.N. Doc. S/RES 1272 (1999)
    61 U.N. Doc. SG/SM/7119 SC/6722 (Sept.3, 1999)
    62 International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights, adopted Dec. 16, 1966, 993 U.N.T.S.3; International Covenant on Civil and Political Rights, adopted Dec.19, 1966, U.S.T. 999 U.N.T.S.171.
    63 نفس المصدر
    64 نفس المصدر
    65 تلزم المادة 40 من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية الدول الموقعة عليها بتقديم تقارير دورية إلى لجنة حقوق الإنسان . نفس المصدر في المادة (40) من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية.
    66 Centre for Human Rights, Human Rights-Status of International Instruments 9 (1987), U.N. Sales no. E.87. XIV.2.
    67 نفس المصدر، 19.

    68 Alan Rosas, Internal Self-Determination, in e.d.C-Tomuschat, the ModernLaw of Self-Determination, p.239 (1993)
    69 Principle 8 of the Conference on Security and Cooperation in Europe:
    Final Act, August 1, 1975, 14 I.L.M. 1292

    70 M.Hechtener, Containing Nationalism, 2001; P. 119

    71 Communication NO.413/1990, A-B. V-Italy, Report of the Human Rights Committee, U.N. GAOR, 46th Sess., Supp. No. 40, at 320, UN.Doc.A/46/40 (1990) (decision on admissibility of Nov.2, 1990)

    72 Hurst Hannum المصدر الســابق في هامش 30، صفحة 29.
    73 V.Stanovcic, Legal Safeguards for Political Human Rights, 156, 167. In ed. S.Wells, the Helsinki process and the Future of Europe, 1990.
    74 M. Pomerance, Self-determination in Law and Practice (1982) P. 30
    75 A.Cristescu, the Right of Self-Determination: Historical and Current Development on the Basis of the United Nations Instruments, U.N.Doc. E/ CN4/Sub.2/404/Rev.1, 1981. p.11. par. 685.

    76 Thomas Franck, the Emerging Right of Democratic Governance, 86 American Journal of International Law, 1992
    77 نفس المصدر صفحـــة 47
    78 Alan Rosas المصدر الســابق في هامش 64، صفحة 243.
    79 المادة 27 من المعـــاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية. المصدر السابق في هامش 58
    80 Asbjorn Eide المصدر السابق في هامش 33، صفحة 140.
    81 نفس المصدر، صفحة 143
    82 يرى هيراقليطس أن خضوع الأشياء للتغيير يجعلها تتخلى عن صفة لتكتسب الصفة المضادة لها. فالماء البارد يتخلى عن الدفء ليكتسب صفته المضادة أي البرودة. ويمكن أن نقيس على ذلك تخلي البجا عن صفة الأقلية ليكتسبوا صفتها المضادة أي الأغلبية إذا ما نظر اليهم كسودانيين. ومن الأمثلة الأخرى لفكرة تطابق المضادات حالة اليقظة وحالة النوم، الشباب والهرم والممر فى الجبل الذى يقود إلى أعلى هو نفس الممر الذى يقود إلى أسفل.
    K.Popper, The Open Society and Its Enemies, 1 (Princeton, 1966) pp.16-17

    83-International Covenant of Economic, Social and Cultural Rights ,adopted Decem.16, 1966 ,933. UNT 53, International Covenant on Civil and Political Rights, adopted Dec.19,1966. Article 27



    84-Rosalind Higgins, “Comment on Postmodern Tribalism “in eds., C.Brolmann, R.Lefeber, M.Zeik, Peoples and Minorities in the International Law(The Netherland,1993)pp.32-33

    85-HRC, Communication No.78/1980,UN Doc. A/39/40, P.200.Quoted in T.Franck, op.cit.p.17

    86 Alan Rosas, Internal Self-Determination; in ed.C.Tomuschat, The Modern Law of Self-Determination, 247 (1993)
    87 نفس المصدر
    88 Declaration on the Rights of Persons Belonging to National or Ethnic, Religious and Linguistic Minorities. G.A.Res/47/135

    89 نفس المصدر
    90 نفس المصدر
    91 نفس المصدر
    92 S.James Anaya, the Capacity of International Law to Advance Ethnic or Nationality Rights Claims , 75 Iowa Law Review, 842 (1990)
    93 H.Hannum ، المصدر السابق هامش 30 صفحة 66
    94 http. Encarta. msn-com.
    95 Philip Resnick, toward a Canada-Quebec Union (1991) Montreal. And http.Encarta.msn.com
    96 Thomas Frank المصدر السابق في هامش 72 صفحات 58، 59
    97 H.Hannum ، المصدر السابق هامش 30 صفحة 66
    98 G.A.Res.130, U.N. GAOR, 3RD Comm., 47th Sess., at U.N.Doc. A/RES/47/130 (1992)
    99 South African Vote is First in Twenty Years, N.Y.Times, July 30, 1994 at A6
    100 Final Act of the Paris Conference on Cambodia, U.N.Scor, 46th Sess. Annex, U.N.Doc. A/46/608 & 5/23177; Reprinted in 31 I.L.M. 180,181.
    101 جادل هرست هانوم بضرورة النظر إلى مبدأ تقرير المصير كوسيلة لغاية غير الانفصال " وهذه الغاية هي النظام الديمقراطي للمشاركة السياسية والاقتصادية حيث توفر الحماية لحقوق الأفراد وهوية الأقليات. إذ يجب أن يعني تقرير المصير ممارسة السيادة الوظيفية وليس تأسيس دولة جديدة أو الاستقلال من الدولة الأم." انظر هرست هانوم المصدر السابق في هامش 30 صفحة 66. اسجبورن المصدر السابق في هامش 33. توماس فرانك، المصدر السابق في هامش 72. جريجوري فوكس، المصدر المذكور في هامش 98.
    102 يفترض أن تكون الترجمة الكاملة للمبدأ هي حق تقرير مصير الذات حيث يتم إسقاط كلمة "ذات" في كل الترجمات العربية.
    103 Gregory H.Fox, Self-Determination in the Post Cold War Era: A New Internal Focus? 16 Michigan Journal of International Law, 752 (1995).
    ويعتقد اسيجورن ايدي بضرورة " أن يكون المستفيد من حق تقرير المصير كل الشعب (كل مجموعاته الإثنية) الذي يسكن في إقليم جغرافي معين وليس لمجموعة إثنية واحدة تسكن فيه حتى ولو كانت هي الأغلبية." اسيجورن ايدي، المصدر السابق في هامش 33 صفحة 147.
    104 جريجوري فوكس المصدر السابق في هامش 98 صفحة 737.
    105 نفس المصدر، صفحة 747.
    106 G.A.Res.146.U.N. GAOR, 29TH Sess; Supp, No. 39 at 130, U.N. Doc. A/31/39 (1976)
    107 G.A.Res. 6 (1).U.N. GAOR, 31ST. Sess; Supp, No. 39 at 10, 14, U.N. Doc. A/31/39 (1976)
    108 David Seddon, Morocco at War, in eds-Richard Lawless & Laila Monahan War and Refugees: The Western Sahara Conflict, (1987). 987,111
    109 هيرست هـــانوم، المصدر الســـابق في هامش 30 صفحة 42.





                  

العنوان الكاتب Date
دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin11-13-09, 01:46 PM
  Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين احمد الامين احمد11-13-09, 07:24 PM
    Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin11-15-09, 12:40 PM
      Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin11-16-09, 12:38 PM
        Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin11-16-09, 12:46 PM
          Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin11-19-09, 12:23 PM
            Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin12-17-09, 08:54 AM
              Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin12-17-09, 09:25 AM
                Re: دراسات سودانية : مآلات الوحدة والانفصال(منطقة ابيي).....د.احمدامين زين العابدين adil amin12-18-09, 02:18 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de