كُرَّاسَتَانِ كَبيرتَانِ .. ذَوَاتَا أسْطُـرْ .. ! .

Quote: المحيريبا نضر الله تلك الأيام وهذه الأخرى كانت محطة صعبة التجاوز بعد مناقزا والمعيلق ودار العلوم وصحيفة (الأيام)، بشير محمد سعيد والمحجوبين ومحمد لطيف وعبد الرحمن الأمين، يُقسم أستاذ (مامون يوسف) (وَدْكِرَيْ)، وكان ساخراً، ولمّا يزل، والله ياعبد النور أولاد المدرسة دي (يقصد المحيريبا) كان مسكوهم الحكومة يسوسوها أفضل من هؤلاء، وكان أستاذ عبد الفتاح الجزولي(متعه الله بالصحة والعافية) يسمي الحكومة الجديدة آنئذٍ بعهد (أم قيردون) نسبة ً للجلالات العسكرية التي كانت تسكُّ الأسماع صباح مساء (أم قيردون الحاجة كلُّ سنة داجة)، ومن بعد طال التأصيل كلّ شيءٍ حتى أم قيردون،(أمريكا روسيا قد دنا عذابها عليَّ إن لاقيتها ضِرابها)، وأنّى له ملاقاتُها. في هذه الأجواء قذفت بي الأحداث إلى المحيريبا فهجرت الصحافة إلى التدريس، ولكن ما أعجب الزمن حين تأتلف سداه مع لحمة أحداثه لينسج لك نسيجاً متفرداً ، فجمعتني الأيام بأستاذ خاطر وأستاذ صلاح عبد الله وأستاذ مأمون وأستاذ عبد الفتاح وأستاذ رجب وأستاذ رحمة وأستاذ موسى الزين موسى، وأستاذ معاوية ، وغيرهم كثير يضيق المقام بذكرهم. وفيمن شَرُفْتُ بتدريسه كوكبة ألمعيّة منهم محمد زين الشفيع وأخوان هذا الطراز شهد الله جميعاً محفورين في أعمق أعماق ذاكراتي لن أنساهم ما بقيت كانوا ولا زالوا في غاية النباهة والذكاء والحضور والنشاط والجد والأدب وتحمل المسئولية، خبرتهم عن قرب إبان مسئوليتي عن الداخلية والعمل الثقافي، كنت ألمح فيهم مستقبلاً واعداً ، ذلك أنّ فئة قليلة منهم كانت تسعى في تجنيدهم لنظام جديد ، كانت تغريهم وتحفزهم ، ومع هذا كنت أرقب فيهم تريثاً وتثبتاً، أعجبني ذلك كثيراً، ليس لأنّه صادف هوى في نفسي فحسب ، بل كذلك لأنّي كنت أرى فيه نضجاً فكريّاً واعداً . الكلام كثير والذكريات تترى، والحديث ذو شجون ، وأنا ممنون ممنون لمحمد زين الشفيع وحبيب فضل الله وطارق مضوي وحاتم يوسف ، ومحمدنور قرشي، وكل من ذكرني بالخير، لكم وللمحيريبا أهالي وطلاب ومعلمين وعاملين وأهل وأصدقاء، عاطر الثناء وجميل العرفان على ما أولونا من تقدير وحب تتقاصر دونه هاماتنا، ونسأله تعالى أن يديم الحب والوفاء والعرفان، وأن يجزي كلّ من ذكرنا بخير عنا حسن الجزاء.